المعايش جبارة… أحد المواطنين يبيع دولاب ملابسه لتسجيل ابنائه في المدرسة..وآخر يبيع السرائر لأن رمضان على الابواب

الخرطوم : يوسف دوكة
(عارف ليك زول عايز يشتري موبايل)…؟..هكذا دلق جاري هذا السؤال علي وجهي بصوت تخنقه العبرة، لم اجبه، ولكنني تجاذبت معه اطراف الحديث، وبهجمة مرتدة سالته سؤالا مفاجئا مفاده: (مالك عايز تبيع الموبايل )، ليرد على بصوت خفيض: (عايز اسافر البلد وارجع..خلاااص تعبتا)..ولعل حديث جاري الذى جاء من احدى الولايات للعاصمة بغرض انجاز بعض المهام، اوحى إلى ان العودة لبلدته اضحت حلماً صعب المنال، وتحتاج لأن يقوم بالتضحية ببيع بعض ممتلكاته من أجل ذلك، في ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة الاخيرة..لكن المثير للدهشة أن كثيرين اقبلوا هذه الايام على بيع (العفش) وادوات المنزل، وهو الامر الذى يعتبر جديداً على المجتمع السوداني، و(تنازلاً) جديداً من ربات البيوت السودانية، ربما لم يتوفر لعقود مضت.!
قراية الدولاب:
ويقول عبد الرحمن احمد انه قبل يومين قام ببيع دولاب (اربع ضلف) لتسجيل ابنائه في المدرسة التي طلبت منه التسديد، مما جعل حله الوحيد بيع شئ يمتلكه، لأنه ان لجأ الى شخص آخر ليحصل على سلفية، لن يجد من يعينه، ليس بسبب غياب التكافل، ولكن لأن كل الناس اصبحت ظروفها متقاربة لذلك كان حله الوحيد التضحية بـ(الدولاب)..!

سراير رمضان:
والتقيتا به بسوق الكلاكلة اللفة وهو يعرض اثنين من سرايره للحداد، ويقول المواطن محمد علي: (يوجد بمنزلنا اكثر من سرير.. لذلك قررت ان ابيع هذه السراير.).. وعن السبب الاساسي لبيعها قال : (رمضان على الابواب وتبقت له ايام معدودات وانا بحاجة لمستلزمات كثيرة، واضاف: (اناعامل بسيط يعني (دخل اليوم باليوم ).. واضاف ضاحكا :(ممكن تقول دا تقشف ).!

الوقع بيناتنا بنسندو:

ويقول المواطن عثمان علي انه الى هذه اللحظة يقاوم الظروف، ولكنه لايدرك ماذا سيحدث في مقبل الايام، واضاف: (والله اذا دعت الضرورة ببيع اشياء من المنزل، مثل المروحة او التلاجة او المراتب، خصوصا انه لدي مراتب كثيرة لم استعملها، ومن المفترض الناس تواجه مثل هذا الغلاء بكل السبل التي يمكن ان تتخلص منها).. ويضيف : (السودانيون لديهم تكافل في ما بينهم وزي ماقال الفنان (الوقع بيناتنا بنسدو) لذلك السودانيين من اكثر الشعوب صبرا وجلدا على الظروف الاقتصادية.
معادلة صعبة:
ويشير الموظف علي عبد اللطيف انه قبل فترة ليست بالطويلة عرض بعضا من اثاثات منزله بسوق الشجرة، ولكن لم يحصل على السعر المناسب الذي يقارب قيمة هذا الاثات، لان السوق اصبح بالعكس، خصوصاً عندما تأتي للبيع، وليس للشراء، ويضيف:(انا عندما عرضت بعضا من اثاثاتي كانت لدي ضائقة مالية، وهي تسديد ايجارالمنزل ومع افتتاح المدارس وشهر رمضان وارتفاع تعريفة المواصلات، واجهتني صعوبة في تسديد ايجار المنزل لذلك كان هذا هو الشئ الوحيد الذي يخلصني من هذه (الورطة)-علي حد تعبيره- ويضيف : (انا موظف في شركة مرتبي ما يقارب 800 جنيه ولدي ثلاثة ابناء في المدارس وبنت تدرس في الجامعة، ومأجر بــ 500 جنيه اليست هذه معادلة صعبة …؟؟؟

السوداني

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..