أخبار السودان

ليس في قِدْر الإنقاذ غير ماءٍ يغلي حول الحصى … عمر الدقير

شعاع

يُصَنِّف علماء الاجتماع الإنكار كعقدة نفسية يعجز المصاب بها عن رؤية الواقع كما هو، فلا يسمع إلا صدى صوته ولا يرى إلا ما يريد.. هذه العقدة لا تصيب الأفراد فقط، بل قد تتورط بها الجماعات مثل الأحزاب السياسية والنظم الحاكمة، خصوصاً تلك التي تتبنى أيديولوجيات مغلقة لا مكان فيها للجدل والروح النقدية.
ولا جدال في أن نظام الإنقاذ يُجَسِّد مثالاً حيَّاً لعقدة الإنكار، وخداع الذات قبل الآخرين، ويتجلى ذلك في إصراره على تصوير السودانيين بأنهم سعداء ويعيشون تحت استبداده في “يوتوبيا”، ولكن عند الاحتكام لإحصاءات تشمل الشهداء والجرحى والنازحين والمشردين والمعتقلين والمفصولين ومعدلات الفقر البطالة والمرض والبؤس العام ومؤشرات الفساد وعدم الشفافية… إلخ، فإن ما يزعم نظام الإنقاذ أنه “يوتوبيا” هو في الحقيقة “ديستوبيا” أو مدينة الشقاء الراذلة التي تَشِحُّ فيها الكوابح الأخلاقية ويسود فيها الظلم والفساد وكلُّ أنواع الشرور والآثام.
الذين تابعوا المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير المالية ومحافظ البنك المركزي بخصوص الموازنة الجديدة، الأسبوع المنصرم، لاحظوا احتشاد حديثهما بـ”السين والسوف” ونثر ورود “البشريات” – كما في كل عام – وتأكيد انحياز الموازنة للشرائح الضعيفة واهتمامها بقطاعات الإنتاج، مع غياب أي تشخيص لحيثيات الأزمة الاقتصادية وعدم الاعتراف بالفشل في مواجهتها، وهو ذات المنحى الذي ذهب إليه رئيس الجمهورية عشية الاحتفال بذكرى الاستقلال حيث قال: “الاقتصاد القومي لا يعاني من أزمة، بل هي صعوبات تتمثل في اختلال هيكلي منذ إعلان تكوين الدولة الوطنية”، دون أن يتذكروا جميعاً أنَّ حوالي نصف المدة التي انسلخت من عمر “الدولة الوطنية” كانت تحت إدارة نظام حكمهم العضوض.
الحقيقة الفاقعة هي أن الموازنة الجديدة تؤكد اختلال هيكلة بنيان الإنقاذ الاقتصادي وأولويات الصرف وتضغط على الشرائح الضعيفة وتضع العصي في عجلات الإنتاج المتوقفة أصلاً، وأن الطاقم الذي أعدَّها عجز عن تقديم أيَّة رؤية جديدة لإدارة الاقتصاد، ولذلك لجاً للغموض وعدم الشفافية والتحايل في طريقة عرض الأرقام والتقديرات ودلالاتها.. وها هي رياح الواقع تعصف بقارب الموازنة “الكرتوني”، وتقدم بياناً عملياً لـ”بشرياتها” التي تمثلت في الزيادة الكبيرة – غير المعلنة – في أسعار الخبز وغيره من السلع الأساسية.
عندما يُصاب النظام الحاكم بعقدة الإنكار فإنه يصبح عاجزاً عن توجيه بصره إلى المستقبل وقبل ذلك إلى تحديات الحاضر.. وبدلاً عن خطاب المصارحة والاعتراف بالتحديات واستدعاء الإرادة لمواجهتها، فإنه يلجأ لخطاب الأوهام ومحاولة شراء الوقت بأن يقدم لشعبه إشباعاً وهمياً مثل ذاك الذي يُستنام به أطفالٌ جوعى وليس في القِدْر غير ماءٍ يغلي حول الحصى.
ولعلَّ المثال الأوضح لخطابي الحقيقة والأوهام، ونتائجهما، ما حدث خلال الحرب العالمية الثانية.. فقد كان خطاب الزعيم الألماني أدولف هتلر غارقاً في الأوهام والذهول عن حقائق الواقع واندفع إلى تبشير الألمان بضمان اجتياح الرايخ الثالث لأوروبا وسيادته الكاملة عليها لمدة ألف عام، بينما كان خطاب غريمه رئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرشل، واقعياً وهو يرى الجيش البريطاني في أوروبا ينسحب عشوائياً أمام المدرعات الألمانية ويرى هذه المدرعات تجتاح أراضي فرنسا – حليفه الرئيسي – وتسحق العشب والأزهار في حدائقها، إذ نفض يديه بعد خروجه من الباخرة التي عاد بها من جولة خارجية، ليقول لشعبه: “ليس عندي ما أقدمه لكم غير العرق والدم والدموع”.. كان خطاب تشرشل صادقاً في تصوير الحقيقة وأفلح في تعبئة البريطانيين واستدعاء إرادتهم لمواجهة التحدي وتحقيق النصر، أما خطاب هتلر المحتشد بالأوهام فقد انتهى بهزيمة الرايخ الثالث واستسلامه بلا قيد أو شرط.
الشرط الأساسي لمواجهة أية أزمة وتجاوزها هو اجتماع الحقيقة والإرادة في نفس الموقف، خصوصاً إذا الموقف هو أزمة وطنية شاملة، لكنَّ ذلك ليس متاحاً لنظام الإنقاذ – لأن فاقد الشيء لا يعطيه – فهو منذ لحظة ميلاده ظلَّ مستنداً على الزَّيف وإنكار الحقيقة، ولا إرادة له إلا إرادة التشبث بكراسي السلطة واحتكارها.
“ثمة شيء عَطِن في مملكة الدنمارك”، يقول شكسبير على لسان هاملت.. واقع الأمر أن كل شيءٍ في “مملكة” الإنقاذ أصابه العَطَن، ولن يفلح خطاب الإنكار والأوهام في إخفاء رائحته الكريهة، كما لن يفلح مثل هذا الخطاب في تغييب وعي السودانيين أو استئصال امتيازهم الآدمي في الحلم أو يمنعهم من الثورة من أجل تحقيق الحلم.

أخبار الوطن “تمت مصادرة العدد واعتقال رئيس الحزب الأستاذ عمر الدقير”

تعليق واحد

  1. الإقتصاد السوداني يعاني من صعوبات كبيرة ولكنه لا يعاني من أزمة أو طوارئ ولو نظرت إلي الدول من حولك ستري أن السعودية التي كانت أغني دولة عربية أصبحت تعاني من صعوبات وقد فرضت ضرائب ورسوم وأتاوات لا حصر لها وحتي العمرة والحج أصبحت بالفلوس. العالم كله يعاني من مشاكل وصعوبات إقتصادية ومالية ولكن مشكلة المعارضة السودانية أنها تريد تصوير الوضع السوداني علي أنه هو الإستثناء الكارثي وسط عالم جميل،،، وبالتالي يجب علي الحكومة أن تغور في ستين ألف داهية ثم تأتي المعارضة لتحكم وتحل كل المشاكل بجرة قلم، مع أنها لا تملك أي حلول لأي مشاكل وحتي مشاكلكم الحزبية الداخلية غير قادرين علي حلها أصلاً، ولو كان لديهم حلول لقالوها وكتبوها بدلاً من الشتائم والإهانات. هذا المقال هو شتائم وإهانات للشعب السوداني قبل الحكومة لأن كاتبه الأستاذ عمر الدقير وصف السودان بحالة الديستوبيا أي المدينة الفاسدة والمجتمع الفاسد الذي يأكل بعضه بعضاً، وهو بذلكم يشتم الشعب والمواطنين، ربما لأنهم لا يريدون الخروج للمظاهرات كما يتمني ويشتهي حتي يسقطوا له الحكومة ثم يأتي هو وشرزمته ليحكموا ويتحكموا. وصف الحالة السودانية بالديستوبيا تستحق عليها المحاكمة وقد فعل الأمن خيراً بإعتقالك وأتمني أن يحاكموك ولا يعفوا عنك مثل كل مرة فالحكومة طيبة معكم أكثر من اللازم وتعفو كثيراً.. لا نحتاج منك لتشريح لوضعنا وحال إقتصادنا فالكل يعرف الوضع والحكومة لم تدعي أن الصورة وردية، بل أن رئيس الوزراء بكري حسن صالح نفسه صرح بأن المدرسة الإقتصادية فشلت ونحتاج لمدرسة جديدة.. لم يقل أننا مجتمع يوتوبيا جميل وردي ولم يشتم الشعب مثلك ويصفه بالديستوبيا. أنا مواطن سوداني حزين جداً أن قطعة الخبز الآن أصبحت بواحد جنيه لكني لن ألعن الشعب ولن أسعي لإسقاط الحكومة وإستبدالها بمجموعة من الجهلاء سياسياً والمتخلفين عقلياً حتي يعيدونا لعهد ما قل 89 حيث الظلام الدائم والجوع والمرض وإنعدام الخبز نهائياً. ذلك العهد السحيق كان عهد الديستوبيا والأزمة الحقيقية.

  2. نعم يا استاذ عمر لقد فسرت وشرحت حالة الوهم والضلال الكبير الذي تعيش فيه الانقاذ منذ مجيئها للسلطة وهذا المرض ظل يلازمهم وستفحل في مخيلتهم وأصبح عضال لا شفاء منه . البشير نفسه مريض نفسياً ومكانه الطبيعي هو مستشفى الامراض النفسية وليس حكم ولا راسة بلد ناهيك عن فهم اقتصادي ولا حتى التفكير الصحيح في حل مشكلة بين أطفال أذن نحن أمام حالة من الجنون والضلال والتوهان لبشر يدعون الصلاحية والقدرة في كل زمان ومكان وهم في الواقع غارغون في الفشل الكبير .

  3. المهندس الشاطر والمفكر الثقاقب عمر الدقير أنت الرئيس القادم لسودان نحلم بيهو يوماتي أنت المنصف السويسي السوداني ربنا يحفظك من هؤلاء الغيلان

  4. الإقتصاد السوداني يعاني من صعوبات كبيرة ولكنه لا يعاني من أزمة أو طوارئ ولو نظرت إلي الدول من حولك ستري أن السعودية التي كانت أغني دولة عربية أصبحت تعاني من صعوبات وقد فرضت ضرائب ورسوم وأتاوات لا حصر لها وحتي العمرة والحج أصبحت بالفلوس. العالم كله يعاني من مشاكل وصعوبات إقتصادية ومالية ولكن مشكلة المعارضة السودانية أنها تريد تصوير الوضع السوداني علي أنه هو الإستثناء الكارثي وسط عالم جميل،،، وبالتالي يجب علي الحكومة أن تغور في ستين ألف داهية ثم تأتي المعارضة لتحكم وتحل كل المشاكل بجرة قلم، مع أنها لا تملك أي حلول لأي مشاكل وحتي مشاكلكم الحزبية الداخلية غير قادرين علي حلها أصلاً، ولو كان لديهم حلول لقالوها وكتبوها بدلاً من الشتائم والإهانات. هذا المقال هو شتائم وإهانات للشعب السوداني قبل الحكومة لأن كاتبه الأستاذ عمر الدقير وصف السودان بحالة الديستوبيا أي المدينة الفاسدة والمجتمع الفاسد الذي يأكل بعضه بعضاً، وهو بذلكم يشتم الشعب والمواطنين، ربما لأنهم لا يريدون الخروج للمظاهرات كما يتمني ويشتهي حتي يسقطوا له الحكومة ثم يأتي هو وشرزمته ليحكموا ويتحكموا. وصف الحالة السودانية بالديستوبيا تستحق عليها المحاكمة وقد فعل الأمن خيراً بإعتقالك وأتمني أن يحاكموك ولا يعفوا عنك مثل كل مرة فالحكومة طيبة معكم أكثر من اللازم وتعفو كثيراً.. لا نحتاج منك لتشريح لوضعنا وحال إقتصادنا فالكل يعرف الوضع والحكومة لم تدعي أن الصورة وردية، بل أن رئيس الوزراء بكري حسن صالح نفسه صرح بأن المدرسة الإقتصادية فشلت ونحتاج لمدرسة جديدة.. لم يقل أننا مجتمع يوتوبيا جميل وردي ولم يشتم الشعب مثلك ويصفه بالديستوبيا. أنا مواطن سوداني حزين جداً أن قطعة الخبز الآن أصبحت بواحد جنيه لكني لن ألعن الشعب ولن أسعي لإسقاط الحكومة وإستبدالها بمجموعة من الجهلاء سياسياً والمتخلفين عقلياً حتي يعيدونا لعهد ما قل 89 حيث الظلام الدائم والجوع والمرض وإنعدام الخبز نهائياً. ذلك العهد السحيق كان عهد الديستوبيا والأزمة الحقيقية.

  5. نعم يا استاذ عمر لقد فسرت وشرحت حالة الوهم والضلال الكبير الذي تعيش فيه الانقاذ منذ مجيئها للسلطة وهذا المرض ظل يلازمهم وستفحل في مخيلتهم وأصبح عضال لا شفاء منه . البشير نفسه مريض نفسياً ومكانه الطبيعي هو مستشفى الامراض النفسية وليس حكم ولا راسة بلد ناهيك عن فهم اقتصادي ولا حتى التفكير الصحيح في حل مشكلة بين أطفال أذن نحن أمام حالة من الجنون والضلال والتوهان لبشر يدعون الصلاحية والقدرة في كل زمان ومكان وهم في الواقع غارغون في الفشل الكبير .

  6. المهندس الشاطر والمفكر الثقاقب عمر الدقير أنت الرئيس القادم لسودان نحلم بيهو يوماتي أنت المنصف السويسي السوداني ربنا يحفظك من هؤلاء الغيلان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..