مقالات وآراء

سلام جوبا ويي

*دنيا دبنقا*
نشط الوسطاء والمهتمون بأمر سلام السودان وإستقراره؛ في الشطر الجنوبي لوطننا الثاني، دولة جنوب السودان؛ وعكفوا علي أن يكونوا خير معين لشركائهم في الظلم والضيم، عندما كانوا جميعا يتأذون من الظلم، وهم في وطن واحد، فشكرًا لهم ولقدرتهم علي تجسير الهوة بين أبناء الوطن، الذي فرقه طمع المستبدين وجشع الطفيليين، فإخوتنا في الجنوب جسدوا لنا أروع معاني المحبة والأخاء، وحققوا ما ظللنا ننادي به منذ أمدٍ بعيد أن: حرية سلام وعدالة، عندما كنا جميعًا في خندق النضال ضد القهر والجبروت.
فشكرًا جزيلًا لشعبنا الأبنوسي وحكومتهم، وجميعهم لم يهِنوا أو يستكينوا، وظلوا هم الأعلون في الصبر، والسعي بالتنظيم، والتوفيق، وتجسير الهوة، بين إخوانهم في وفدي التفاوض؛ وظلوا في إجتماعات مكوكية، حتي جعلوا الطريق سالكًا بين أصدقائهم- رفقاء النضال- وحسنًا فعلوا (ضيو مطوك، وتوت قلواك)، وبقية العقد المنظوم، أدبًا وحبًا لوطنهم الأم، وما صنعوه بين الحكومة الإنتقالية، وحركات الكفاح المسلح، يحفظه ويسجله لهم التاريخ بماء من ذهب.
وحمدًا لله من قبل ومن بعد، الذي جعل السماء بغير عمدٍ نراها، وسهل لوفدينا الدخول في تفاوضٍ، إستطاعوا خلاله تحقيق وإنجاز ما كنا نصبوا إليه من إتفاق؛ وتم عرسنا الأصغر، بالتوقيع عليه بالأحرف الأولي، في (جوبا) عاصمة جنوبنا الحبيب إلي النفس؛ علي أمل العرس الأكبر الذي يجمع كل رفقاء النضال؛ وشكرًا لجوبا التي إحتضنت قوانا الثورية، المؤمنة بشرف القضية، وبأهمية تحقيق السلام؛ وما زالت تمدّ يدها بيضاء من غير سوء، لرفاقهم في النضال (الحلو ونور)، أن هلمّوا إلي السلام والوئام الأشمل.
فالدعوة إلي تحقيق السلام واللحاق بقطاره لن تتوقف أبدًا، لأنه بدونها لن يتحقق الإستقرار، ولن تتحقق الرفاهية والعيش الكريم؛ كما أن أمن بلادنا سيكون في خطر، وربما ستتعرض إلي مزيد من التشظي والإنقسام، بعد العجز الذي لازم نخبنا، التي لم تتمكن من ترميمه ومداواة جراحه؛ بل ظلت تتردد في إتخاذ القرارات والإجراءات؛ وغابت الشجاعة عن حكوماتنا، قولا ومعنى فيما ذهبنا إليه.
فعلينا إذًا تحمل مسؤولياتنا كاملة غير منقوصة، في إنفاذ ما تم الإتفاق عليه، وإستكمال ما تبقي من هياكل السلطة، وحلقاتها المدنية، المنوط بها تحقيق وإنجاز السلام، وإرجاع النازحين واللاجئين إلي حواضنهم، فضلًا عن تحقيق أهداف الثورة المجيدة، في محاربة الفساد ودكّ حصونه، ومعاقبة كل من إرتكب جُرمًا في حق الوطن وشعبه.
لذلك نقول: إن قضيتنا ليست في توقيع الإتفاق فحسب، بقدر ما ندرك أن الركن الفرض فيها، هو تنفيذ ما تم الإتفاق عليه؛ وإستنهاض إرادتنا السياسية، وطاقاتنا الشبابية، في إتخاذ القرارات، وفي تحمل المسؤوليات تجاهها، لكي لا نجعل برغبتنا الفشل عنوانًا، مما يستدعي إحترامنا لكل مكونات الثورة، والجيل (الراكب راسو)، وعدم إفساح المجال لكل من يريد أن يوقع بيننا العداوة، ويضيع بين أيدينا هذا الجهد، الذي فقدنا في سبيله الدماء والدموع، والغالي والنفيس؛ وعلي من يقع عليهم عبئ التنفيذ، نقول: عليكم الإلتزام بما تم الإتفاق عليه.
ولتعملوا كذلك بجد في الجلوس مع من هم خارج الرصة أو منصة الإتفاق، أي رفاقنا في الحركة الشعبية شمال بقيادة، الكمُرُت عبد العزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة، الكمُرُت عبد الواحد نور، للتفاوض واللحاق بقطار الحق والفضيلة، وبالطبع لا ينكر أحد رغبتهم فى إستبدال هذا الواقع، وبإمكانهم وقدرتهم تقديم ما هو أنفع للشعب، لكن بالضرورة طي صفحة الحروب والصراعات، وفتح صفحات أخري تؤمن بالتنوع وحق الآخر في العيش الكريم، وحريّ بنا أن نقول: سلام جوبا ويي.

نور الدين بريمة
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..