خطاب الإسلام السياسي في مصر:منجل الحصاد الأكبر ومكنسة الفناء الأبدي

في كثير من الطبعات يعنون الإنجيل, أي العهد الجديد, بكتاب الحياة. وأحيانا يعرف بكتاب الأخبار السارة لكثرة ما تحدَث فيه السيد المسيح عن الحياة الأبدية.

كتاب الحياة يقابله في أعماق التاريخ الفرعوني كتاب الموتى, وهنا تبدو نقاط الإنقلاب علي دالة الزمان وأختار ماشئت العظمي منها أوالصغري . ويتضح تأثر الكتاب المقدس بشقيه العهد القديم والعهد الجديد بإرث الإنسانية الخالد عبر المغامرة الكبرى للإنسانية كما يذكر المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي.

و تجد فكرة الحياة الأبدية في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ما هي إلا من ملامح أناشيد الفينقيين وأحلام الفراعنة الشداد وفكرة إكسير الحياة كما في ملحمة جلجامش.

إن المغامرة الكبرى للإنسانية يناديها صدى الوجود ولكن يحول مابينها والوجود جبار الصدف كما يقول فردريك نيتشة. اليوم أحداث مصر وحركة تمرد توضح كيف يتمظهر إنقلاب الزمان حيث يولد الحكماء والفلاسفة والأنبياء. وهنا تتضح فكرة مكر التاريخ وحيل العقل كما كان يردد دوما هيغل في فينومنولوجيا الروح.

حيل العقل ومكر التاريخ تجعل من البنيوي والتفكيكي علي إرتياح في نقطة التوازن حيث تتقاطع دوال الأفكار. حيل العقل ومكر التاريخ جعلت من جاك دريدا التفكيكي بنيويا في كتابه أشباح ماركس. فإن حركة تمرد قد صارت لخطاب الإسلاميين كمنجل الحصاد الأكبر ومكنسة الفناء الأبدي.

فلمن إنفتحت شهيتهم, وحاولوا تجميع فلول الإسلاميين في السودان,من أمثال الطيب زين العابدين وعبدالوهاب الأفندي ما حيلتكما مع حيل العقل ومكر التاريخ بعد أحداث تمرد في مصر؟

لا ننتظر منكما إجابة . فإنقلاب الزمان كفيل بميلاد الحكماء والفلاسفة والأنبياء الذين تفوق أفكارهم أفكار أهل القبلة وأفكار الإحياء. إن أفكار الحكماء والفلاسفة والأنبياء ستفوق أفكار عبدالله علي إبراهيم المحابي والمرابي في أفكار الإسلاميين وتغزله في سائحيين بعد زيارتهم له. أن حركة تمرد في مصر قد أدخلت الشباب في المعادلة القديمة الجيش والنخب.فيا شباب السودان عليكم الإمساك بزمام المبادرة. حركة تمرد في مصر تضع الحد الفاصل ما بين الفكرالديني الذي يقوم على الإطلاق والفكر العقلاني القائم علي النسبية.

أثبت الشعب المصري قدرته علي التذكر فهاهو طه حسين يعود ومشروعه النهضوي وإنصافه معذبي الارض ومشروعه القائم علي الشك بدلا عن فكر الإسلاميين الذي يقوم الفكر المطلق.

مع حركة تمرد ستعود فكرة الدولة المدنية, دولة المواطنة, وإنتهاء دولة الفرز المقدس الذي حاول الإسلاميون تكريسه في محاولة أخونة الدولة وإدخال دور المرشد وحكم الأئمة. فمسألة الإشباع الروحي لا تتطابق مع فكر الإسلاميين وفكرة الرجوع الي عهد الخلفاء الراشديين. فقد أصبح للإشباع الروحي أبعاد أخري تستعصي علي فهم الإسلاميين. فعقارب الزمن لا ترجع للوراء كإرضاء لخاطر الإسلاميين. لذلك ضربت المثل أعلاه بكتاب الموتي الفرعوني وحينما تقدم الزمان أصبح العهد الجديد يأخذ إسم كتاب الحياة بدل كتاب الموتى. فعبر التاريخ تنشد مسيرة البشرية المستقبل البعيد.

ففي المستقبل البعيد للعالم العربي والإسلامي ستتحقق فكرة الدولة المدنية وستختفي أفكار الإسلاميين ومحاولتهم فرض فكر المرشد وحكم الأئمة. فما نراه من مظاهرات في تركيا إتضحت معها أن ديمقراطية رجب طيب أردوغان ديمقراطية من الدرجة الثانية. فالإسلام السياسي بنسختيه الأردوغانية والإخوانية في مصر والسودان مآله الزوال. وسيبقي إسلام محمد عبده الذي يرضى بفكرة الدولة المدنية. وسيختفي إسلام الترابي وحتي إسلام الإمام الصادق المهدي سيختفي لأنه يندرج تحت فكرة المرشد وحكم الأئمة.

حركة تمرد في مصر تعيد للأذهان أصداء الماضي البعيد ولحظات القطيعة مع التراث كما رصد المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي ثلاث حالات حاسمة في تاريخ البشرية. فالحالة الأولى في مصر نفسها أيام إخناتون وإعلان فكرة التوحيد ومحاربته لكل ما يخالف ثورته الجديدة. فكالعادة القطيعة مع التراث ربما يصحبها عنف. إن حركة تمرد تعيد تاريخ مصري ضارب في القدم منذ أيام إخناتون وفكرة التوحيد. فحركة تمرد المصرية مبتغاها دولة مدنية يرفضها كهنة العصر الحديث وهم إخوان مصر ومرشدهم.

إن حركة تمرد تعلن عن لحظة تاريخية لم يستطع أحد التنبؤ بها وهي القطيعة مع الإسلام السياسي وهنا ,كما أسلفنا, تتضح حيل العقل ومكر التاريخ. وتفضح جهود المحاوليين تجميع شتات إسلاميي السودان أمثال الطيب زين العابدين وعبدالوهاب الأفندي والمرابي والمحابي لفكر الإسلاميين عبدالله علي إبراهيم.

أما الحالة الثانية فهي أيضا تمثل لحظة قطيعة مع التراث على أيام أشعياء النبي. فعلي أثرها أغلقت كل المعابد إلا معبد أورشليم فقد ظل مفتوحا كممثل للفكر الجديد.

أما الحالة الثالثة وتمثل قطيعة مع التراث الديني فقد جسدها زرادشت و التي تتمحور فكرتها في إنتصار الخير على الشر.

فيا شباب السودان لا مستقبل للسودان إلا في ظل الدولة المدنية ولا تتحقق القطيعة مع الإسلام السياسي في السودان إلا بجهودكم. اليوم تقدم لكم تجربة تمرد في مصر فرصة نادرة لتجسيد حيل العقل ومكر التاريخ لكي تنتصروا على كهنة العصر الحديث وتعيدوا للسودان مجده أيام الفراعنة السود.

إن عزل الرئيس محمد مرسي مقدمة لقيام دولة مدنية أعادت الإعتبار لطه حسين وأحمد لطفي السيد والطهطاوي ولويس عوض وتوفيق الحكيم وفيلسوف مصر عبدالرحمن بدوي والأمام محمد عبده. إن حركة تمرد اليوم بفعلها التاريخي هذا قد ذكرت شعوب العالم بأن الشعب المصري من الشعوب الحية.

وعلي ذكر الشعوب الحية فإن شعب السودان من الشعوب العريقة. و هو سليل حضارة تمتد لسبع إلاف سنة ويستطيع جيله اليوم إنجاز عمل يفوق إنجاز حركة تمرد.

يا شباب السودان, فكوا إرتباط السودان من فكر الإسلاميين القائم على فكرة الخلاص التي تجسد أفكار القرون الوسطى. ففكر الإسلاميين في سودان اليوم قد تجاوز سفوح الشعوذة وبلغ قمم الضلال.

فمن الملاحظ ولأول مرة إنحياز الدول الأوروبية لجانب الشعوب ضد النظم الشمولية. فأوروبا اليوم مشغولة بالأزمة الإقتصادية ولكنها تعي جيدا حالة التخلق للعالم لكي يولد من جديد. فمن الأفضل أن تكون لنا جهودا هادفة وواعية في ميلاد العالم المنتظر.

يقدر الإقتصاديون أنه خلال الأربعة عقود القادمة سوف تتجاوز الطبقة الوسطي في كافة الدول الأفريقية الستمئة مليون نسمة. أي أن العالم بما فيه الغربي والصين تنظر لأفريقيا كسوق مفتوح. فعلي السودانيين وخاصة الشباب التفكير جيدا في نظام يختلف عن نظام الإنقاذ الذي إستخدم سياسة الإفقار لكافة قطاعات الشعب السوداني.

ياشباب السودان انتم علي موعد مع النصر. ففي صفكم تقف حيل العقل ومكر التاريخ حسب رأي هيغل. فالبشرية اليوم عبرت حاجز الإنسانية الأولي القائم علي العقل وحقوق الإنسان ودخلت مجال الإنسانية الثانية. فعلام الإنتظار؟

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هذة الفكرة تبلورت وكانت جامعة السربون محاضا لها وانجبت فلذات اكبادها وعلى راسهم(الاديب طه حسين).ووضعت سموم افكارها فى الانتاج الفنى.ومسخت العقول ورانت القلوب عبر ابداعاتها الماكرة.وحركة(التمرد الشبابية)وليدة هذة السموم التى هى حالقة العقيدة من قلوب الشعوب.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..