اعادة انتخاب الجنرال

يبدو ان دروب السياسة المتعرجة في السودان في عهد (السفكة) الاسلاميين تأخذ مناحي اخري، منها اعادة تأهيل اميرهم المسمي بالمؤمن (عمر البشير) لفترة 5 اعوام اخري ،اعدت بصورة جيدة لاستدامة قوتهم من جديد،وهم لايحتاجون الي ذلك،فهم ورثوها منذ 25 عاما ، حزب المؤتمر الوطني في هذه الفترة،بعد ان فرز الرئيس مجموعة خميرة العكننة من حزبه امثال نافع علي نافع وعلي عثمان محمد طه وعوض الجاز،واسامة عبدالله من منافذ التأثير في حزبه قبل فترة،واعاد امساك الحزب بطريقته العسكرية،وابدال المدنيين بالعسكرتارية ،والصورة الان باتت اكثر وضوحا،والحراك الدائر في الحزب الحاكم هو الاسراع بقيام الانتحاب في شهر ابريل من السنة الجديدة مهما كانت الاحوال،والهروب من المسؤولية تجاه السودانيين في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق،والحراك السياسي الضعيف بسبب القبضة الامنية للاحزاب،وسد اي منفذ لها للتعبير بحرية في الاعلام المقروء والمرئي،والحراك علي الشارع الجماهيري،جهاز الامن من يقود البلاد سياسيا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا،هو من يدير القضاء، يعرف متي يدون البلاغات ضد المعارضين والصحفيين والناشطين،ويعرف متي يعتقل الشباب ورؤساء الاحزاب،ومتي يطلق سراحه،ينتهز الفرصة لاعلان وقوفه خط احمر ضد من يفكر في الخروج معارضا من المؤسسات التعليمية ودور الاحزاب،ويدرك متي يصدق للاحزاب للعمل في الميادين العامة،ويرفض التصديق لها في اوقات محددة،يدركها بطريقته الامنية التي يسيطر بها علي كل شئ،ويعرف متي يسمح للقضاء في الفصل في بعض القضايا المتعلقة بالصحفيين الذين طردهم من العمل في الصحافة بتلفون لادارة الصحيفة او رئيس تحريرها،ليقال ان النهاية ان القضاء فصل في قضية ما،كان جهاز الامن هو الضلع الاول فيها والشاكي الرسمي…
من يضع في اعتباره ان الحزب الحاكم سينسي فكرة الانتخابات القادمة،لان الحروب الي الان مستمرة،عليه ان يستبعد هذا الكلام من عقله،وهو الان يحركه وفوده للتفاوض مع فصائل الجبهة الثورية في اديس ابابا العاصمة الاثيوبية،الا ان الحراك نوع من الخداع للقوي الاقليمية والدولية ان السعي وراء السلام والاستقرار في السودان من اولويات حكومة البشير،وان اعادة انتخابه لفترة 5 سنوات اخري ماهي الا تكلمة لهذا المشروع الانساني،المجتمع الدولي يعلم والقوي الاقليمية في المنطقة تعلم جيدا،ان المصالح الامنية التي يوفرها لهم حزب المؤتمر الوطني في المنطقة الافريقية،من تعاون استخباراتي قد يكون خفيا،هي ماتجعلهم يسكتون عن التجاوزات الخطيرة للخرطوم،وانتهاكاتها المتكررة وسجلها السئ في ملفات حقوق الانسان،وتري الولايات المتحدة الامريكية ذلك وتشجب،وتري فرنسا وبريطانيا ذلك وتدين،ويري مجلس الامن التقارير المرفوعة اليه من المنظمات الدولية العاملة في الامم المتحدة،وماتقوله يجب ان تحسن الخرطوم سياستها في القضايا الانسانية والسياسية،لا حراك قوي تقوده القوي الدولية تجاه الخرطوم،وما هي الصلحة التي تجمع القوي الدولية مع حكومة الخرطوم التي تمارس نفس مايقوم به الرئيس السوري بشار الاسد تجاه شعبه،وهل الحرب علي الارهاب الدولي؟ تكون خصما علي حياة الذين يعيشون تحت طائرات الموت في السودان،وسياط الاعتقال،وهراوات القمع الامني في كل المدن السودانية،وهل الحرب علي الارهاب،تؤسس علي سياسة المصلحة السياسية الضيقة ،وتنسي حقوق الاخرين في العيش في سلام،وما الذي يوفره نظام حكومة البشير بقيادة رئيسه عمر حسن احمد البشير للنظام الدولي الان؟،وما هي معايير التدخل الدولي لحماية الشعوب من الموت؟ تدخلت القوي الدولية في مالي ،وتدخلت في ليبيا لاسقاط حكومة الرئيس السابق الراحل معمر القذافي،وحكومته في حينها لم تمارس سياسة الابادة الجماعية ضد الشعب الليبي،وكذلك تدخلت في افريقيا الوسطي بعد انفراط الاستقرار السياسي،وتحولت الي حرب دينية بين مسلمين ومسيحيين في انجمينا وبعض اقاليمها؟،كل هذه التدخلات كانت في دول لم تشهد حربا اهلية تشرد سكانها،وكان التدخل بأمر من مجلس الامن الدولي..
.
وعندما يأتي الدور علي السودانيين الذي يشهد مسلسل متكرر من البؤس التهجيري،والاغتصاب الممنهج،ثم مواصلة الطيرات طلعاته علي المدنيين،وتدمير المدارس والمستشفيات ودور العبادة من كنائس ومساجد،لاتري من يناقش ذلك في مجلس الامن الدولي،ولو بطريقة دبلوماسية،ثم سياسة حظر الطيران في مناطق المدنيين في جبال النوبة النيل الازرق ودارفور،هل الغنيمة التي تقدمها الحكومة السودانية للقوي الدولية هي اغلي من دماء السودانيين الابرياء في هذه المناطق،وما نوع العمل المقدم لواشنطن وغيرها من دول العالم ؟،كي تقايض به حياة الاخرين وحرياتهم،واكرر،هل الحرب علي الارهاب في هذه الفترة،هو الخطة الوحيدة التي تتبناها القوي الدولية،ولو بمساعدات استخباراتية سرية من دول هي نفسها ارهابية تجاه شعوبها،وبعض منظمات المجتمع المدني في الدول الغربية والافريقية والعربية تعمل بكل اخلاص علي كشف الحقائق،وتمليكها للعالم،الا ان اليد الواحدة مع سياسة الغاية تبرر الوسيلة،هي في نهاية الامر خصما علي الشعوب والمكونات السودانية المتضررة من الصمت الدولي،فهم يرون ما تقترفه حكومة عمر البشير في السودان،يكتفون فقط بالادانة والاستنكار،دون عمل واضح علي الارض،فالعقوبات يجب ان تنزل نتائجها علي الارض،لا تكتب علي الورق وحده…
.
بعد الرؤية الضبابية للمجتمع الدولي في السودان من مسيرة مليئة التعدي علي السودانيين من جانب حكومة البشير ، فانتظار الانقاذ والتحرير من الدول الكبري والاقليمية ،يعتبر مسرح عبثي،فالمشاهد يري المشهد الذي ينفعل معه،دون ان يحدث ذلك عملا فعليا علي الواقع،ان تحالف سري بين الدول المالكة للسلطة الاقتصادية في العالم في كل المجالات،والديكتاتورية العسكرية في دول العالم الثالث،ومنها السودان ،هو ليس استثناءا،العقوبات المفروضة يستفيد منها النظام الحاكم وحده،باتباع طرق جديدة لادارة اقتصاده وسرقت الثروات القومية،وترحيلها الي دول كبري،يفترض انها تمارس النزاهة والشفافية،ومجموعات موالية للحكومة تنهب الاموال لاستثمارها في دول كبري،وهم معروفون لديها،لان في الحلقات الاخيرة ينتصر الطاغية الديكتاتور عمر البشير،لانه الحليف الاستراتيجي للقوي الدولية من خلف بوابة المصلحة الاستخباراتية،فالشعوب وحدها من تحقق حريتها وعدالتها وكرامتها وتقود الي تنمية اقتصادية الي الامام،وعلي كل الشعوب السودانية ان تسعي الي تحقق حلم الوطن الكبير عن طريقة التخلص من حكومة الاسلام السياسي بواقعها هي،ولا تنتظر من قوي دولية ذلك،ان حقيقة العدالة والديمقراطة تشعر بها الشعوب السودانية عندما تصنعها هي وحدها دون انتظار قرارات من مجلس الامن الدولي والامم المتحدة والاتحاد الافريقي…
.
واعادة انتخاب الجنرال عمر حسن احمد البشير مرة اخري هو خدمة جيدة للقوي ذات المصلحة في بقاءه في الحكم فترة اخري،باعتباره النموذج الامثل للرئيس الذي يضحي بشعوبه من اجل بقاءه في الحكم الي ان يأتي السيد المسيح بعد قرون طوال لانقاذ ما يكمن انقاذه،وانتظار عودة محمد المكي من سوق عكاظ لانقاذ الشعوب السودانية من قبضة حكم القتلة الاسلاميين في الخرطوم ،والتغيير الحقيقي من يقوده الشعوب وحدهم ،لايريدون تدخل من واشنطن ولا مجلس الامن الدولي،فالرئيس البشير هو الضامن للوحيد للمصالح الاستراتيجية للتنظيم العالمي للاخوان المسلمين الذي تدور حوله الشكوك الكثيرة،هم جماعة تستخدم شعوبها ضد التنمية والتغيير الديمقراطي الحقيقي ضد شعوبها ،فاعادة انتخاب البشير هي في الاساس اخر الطرق التي ينتظرها التنظيم الدولي للاخوان ليقتل الجميع ليبقي وحده ويموت الجميع في السودان
..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..