جراحة المخ والأعصاب عند الأطفال

جدة: د. عبد الحفيظ يحيى خوجة
يعقد بعد غد، في فندق «حياة بارك» بجدة «المؤتمر الرابع للمستجدات في جراحة المخ والأعصاب»، الذي يلقي الضوء في دورته لهذا العام على التطورات في مختلف جوانب الجراحة العصبية والعلل المتعلقة بها لدى المرضى في سن الطفولة.

وفي تصريح حصري لـ«صحتك» أوضح الدكتور طه عدنان سمان، المشرف العام على المؤتمر مدير مستشفى الملك فهد بجدة، أنه سيجري التركيز هذا العام على الأمراض المتعلقة بفئة الأطفال من المرضى وأساليب علاجها في مجال اختصاص دقيق وحساس وهو جراحة المخ والأعصاب.

ونوه بأن أي اعتلال لصحة الطفل لا يجري التعامل معه بالصورة الصحيحة، وأن العلاج المبكر لن ينعكس أثره بصورة مباشرة وغير مباشرة على ذلك الطفل وحسب؛ بل على كامل أسرته ومجتمعه في جميع النواحي النفسية والاجتماعية والمادية.

* مخ وأعصاب الأطفال من جهته، أوضح الدكتور سقاف علوي السقاف، رئيس المؤتمر استشاري ورئيس قسم جراحة المخ والأعصاب بالمستشفى، أنه «لكي نتفهم أهمية هذا التخصص الجراحي، لا بد لنا أولا أن نتعرف على مكونات هذا الجهاز المهم والحساس من جسم الإنسان وتركيبته بصورة مبسطة والتعرف على أهم وظائفه، ومن ثم إلقاء نظرة شاملة على أهم العلل والأمراض التي قد يتعرض لها الجهاز العصبي في سن الطفولة».

يبدأ تكوُّن هذا الجهاز الحساس وتخليقه مع بداية تخليق الجنين، ويتطور تكوينه متدرجا وحسب المراحل المختلفة والمعروفة طبيا وتشريحيا لنمو الجنين.. وتكتمل هذه قرب ولادته، لتبدأ مرحلة أخرى من التطور والنضج له وللأجزاء المحيطة والمتعلقة به في مرحلة الطفولة، وبذا فإن أي اضطراب أو اعتلال قد تتعرض له الأم الحامل أو الجنين/ الطفل في أي من هذه المراحل، قد يجعله عرضة للتأثر السلبي من ذلك، لا قدر الله.

وللتبسيط، يقسم الجهاز العصبي للإنسان إلى قسمين أساسيين هما:

– الجهاز العصبي المركزي، وهو يقسم إلى جزأين هما المخ أو الدماغ بأجزائه المختلفة، ويتركز عمله على المهام الحيوية والحركية والذهنية العليا، أما أجزاؤه فهي المخ العُلوي الأمامي/ المخيخ وجذع الدماغ بمؤخرة الرأس، ولشدة حساسية هذا الجزء فإنه محاط بنظام حماية معقد ومحكم، حيث توجد بداخله سوائل، تساعد في امتصاص الصدمات وتخفيف حدتها، والأغشية المحيطة بها، ومدعم ببناء عظمي قوي.

– الجهاز العصبي الطرفي، وتمثله الأعصاب الطرفية وأدواتها المنتشرة في أعضاء جسم الإنسان، التي تقوم بتلقي المؤثرات وإيصالها للجهاز العصبي المركزي، ثم نقل وإعادة رد الفعل والأوامر من المركز إلى الأدوات والأعضاء المنفذة (العضلات والغدد،…) لها في أنحاء الجسم.

* أمراض الجهاز العصبي يضيف الدكتور السقاف أن الأمراض والعلل التي يتعرض لها الجهاز العصبي ويمكن التعامل معها أو علاجها جراحيا، توزع كالتالي:

– إصابات تنتج عن القوة الميكانيكية المفرطة للحوادث المختلفة، خصوصا التي يتعرض لها المخ أو الحبل الشوكي، حيث هي الأشد تأثيرا وضررا في أكثر الأحيان مقارنة بإصابات الأعصاب الطرفية، والمجال هنا لا يتسع للتبحر فيها، وقد نتطرق لها في مقال منفصل.

– تشوهات أو خلل يحدث في الجهاز العصبي، خلال مراحل تكونه وتخليقه، قد يظهر أثرها على الجملة العصبية (المخ/ الحبل الشوكي) أو على الأنسجة والأغشية والعظام المحيطة بهما. ومثال ذلك النقص العظمي، والفتق، وتكوّن القيلة السحائية، وانحشار الزوائد العصبية المتشوهة التي قد تلاحظ عند الولادة على شكل زوائد كيسية بالرأس أو العمود الفقري من الخلف وأحيانا يجري تشخيصها أثناء عمل فحص بالأجهزة التصويرية التشخيصية أثناء متابعة الحمل. أيضا من الممكن أن تترافق مع نمو متسارع للرأس نتيجة الاستسقاء وتجمع السوائل بصورة أعلى من الطبيعي إذا كان معها خلل بمسالك السائل الدماغي النخاعي.

– اضطرابات وخلل مراحل الطفولة التالية، وطبيعتها في الأغلب لها علاقة بعملية النمو والنضج. ومثالها التشوهات الناتجة عن الالتحام المبكر لعظام ودرز الجمجمة التي تكون مفتوحة ومنفصلة عند ولادة الطفل لإعطاء الدماغ فسحة للنمو والمد الطبيعي وتأخذ في الإغلاق تدريجيا وعلى مراحل سنيّة معروفة ومثبتة لدى أطباء الأطفال، وهذه العلل غالبا ما تترافق مع تشوهات في نمو وتكوين عظام الوجه وأحيانا تكون مرتبطة بمتلازمات جينية وراثية.

– عدوى والتهابات الجهاز العصبي، مثله في ذلك مثل باقي أجهزة الجسم الأخرى، وهذه قد تتطور إلى حدوث عواقب وتبعات لها قد يُضطر فيها إلى العلاج الجراحي في حال حدوث تجمع صديدي، أو إنتانات في بطينات الدماغ وارتفاع الضغط داخله بسبب استسقاء الدماغ.

– تكوّن كتل ورمية، مثلها في ذلك مثل مختلف أجزاء الجسم، ومن الممكن أن تكتشف داخل الجهاز العصبي، وهي من ناحية المنشأ والطبيعة النسيجية التشريحية، قد تكون خلقية من بقايا الجهاز العصبي البدائي الجنيني، أو من النسيج الليفي والسحايا المحيطة بالأعصاب، كما يمكن أن تتكون خلايا خبيثة من خلايا الأعصاب أو الخلايا المحيطة بها، وتختلف أعراضها ونمط ظهورها سريريا اعتمادا على عوامل عدة؛ منها: حجمها، وموقعها في الدماغ، والسن.

– الصداع المزمن غير المستجيب للمسكنات البسيطة، وهو يظهر في شكل أعراض ارتفاع الضغط داخل الرأس لاحقا، مثل القيء المندفع المستمر، أو اختلال التوازن أو النظر.

– أمراض ناتجة عن التغييرات الفسيولوجية والكهربائية للمخ وقشرته، وهي قد تنتج عنها اختلالات تودي إلى التشنجات والصرع، كما تحدث أنواع مختلفة من الاضطرابات الحركية الوظيفية، وهذه الأمراض تعالج في أغلبها بالأدوية، إلا أنه في العقود الأخير أمكن علاج البعض منها جراحيا وبنجاح مشجع.

* تطورات الجراحة شهدت جراحة المخ والأعصاب، في العقود الأخيرة، تطورا كبيرا ومضطردا في جميع فروعها، بما فيها الجراحة العصبية للأطفال، سواء في طرق وتقنيات التشخيص والعمليات الجراحية، أو التقنيات المساعدة لها، أو الأجهزة المساعدة للمراقبة والمتابعة للأعصاب أثناء الجراحة، كدخول الأجهزة والتقنيات المساعدة في التخطيط والتوجيه الجراحي الدقيق مثل أجهزة التصويب العصبي المجسم العالي الدقة في عمل الإجراءات محدودة التدخل والمساعدة في تحديد الأهداف والنقاط الجراحية العميقة داخل مراكز ونويات المخ.

كما حدث توسع في استخدام أجهزة الملاحة العصبية وتدعيمها بتقنيات التصوير داخل العمليات سواء بالموجات فوق الصوتية، أو الأشعة المقطعية، أو الرنين المغناطيسي. لهذا تدرج عمل الجراحات العصبية من الطرق التقليدية إلى استخدام الجراحات المجهرية والتنظيرية والعمليات محدودة التدخل وقليلة المخاطر.

وختاما يجب التنويه بوجود مؤسسات طبية في السعودية مجهزة بأحدث هذه التقنيات، وطاقم طبي وطني مدرب على أعلى المستويات، مثل «البرج الطبي» بمستشفى الملك فهد بجدة الذي جرى تزويده بأحدث غرفة عمليات رقمية تخصصية لجراحة الأعصاب (Digital Brain Suit) مزودة بأحدث أجهزة التصوير بالأشعة المقطعية المتحركة أثناء الجراحة لتخدم مركز الجراحة العصبية، وتعد الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط. وسيجري البدء في تشغيلها قريبا لتسهم في رفع مستوى الأمان والدقة لعمل أطباء مركز جراحة المخ والأعصاب بالمستشفى.
الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..