أخبار السودان

المهدي والبشير : العلاقة الملتبسة بين الاحسان والجحود

حسن احمد الحسن

في اواخر حقبة التسعينات قبيل لقاء جنيف وجيبوتي كانت المعارك لاتزال محتدمة بين القوات المسلحة وقوات الجيش الشعبي بقيادة د جون قرنق آنذاك بعد انتقالها الي شرق السودان التقيت لامام الصادق المهدي في مكتبه بمدينة نصر في صباح يوم من تلك الايام ووجدته مهموما جدا وهو يطالع بعض الاخبار التي وردته من شرق السودان والتي تفيد بتمكن قوات الجيش الشعبي من الحاق خسائر في الارواح وخسائر مادية بوحدة من قوات الجيش السوداني واستيلائها على اسلحة وعدد من الدبابات والعربات والانقاذ في اوج عدائها للمعارضة التي على رأسها الامام الصادق المهدي في تلك الفترة . سألته ماسر همه فقال لي :” أيا كان موقفنا من النظام الحالي فإن اضعاف القوات المسلحة او هزيمتها ليس بالخبر السار حتى وان كنا نحن من على مرمى نيرانها . وأن قوة الجيش الشعبي على حساب القوات المسلحة ليس في مصلحة وحدة السودان او امنه لأن لها اجندتها “.

هذا وحده يفسر وطنية وحرصه على القوات المسلحة التي تحافظ على قومية البلاد ووحدتها وهناك فرق واضح بين حرصه على سلامة القوات المسلحة وقوميتها ونقده لمليشيات القتل خارج القانون والدستور.

ايضا فعندما اندلعت الحرب الاثيوبية الارترية واصبح على قوات فصائل المعارضة المنتشرة على الاراضي الاثيوبية والارتيرية على الحدود الشرقية ان تختار الى اي جانب تنحاز قال ” انه يجب البحث عن مخرج سياسي يحفظ للمعارضة استقلالية قرارها ولتفادي دفع فاتورة تواجد المعارضة في تلك البلدان ” .
لذا لم يكن مستغربا ان يقتنص اول فرصة للقاء الترابي في جنيف وما اعقبه من لقاء البشير في جيبوتي بعد مفاصلتهما الشهيرة للبحث عن افق وطنى للمعارضة في داخل البلاد بعيدا عن الضغوط الخارجية .

البشير الذي كان سعيدا باللقاء في جيبوتي مع المهدي لم يكن من اجل حل سياسي شامل بل كان بهدف الإجهاز على لقاء جنيف وخصمه الترابي في اطار الصراع الناشب بين الجناحين كان ايضا يعاني من عقدة الشرعية في مواجهة المهدي بحسبه القائد الانقلابي الذي نفذ مخطط الاخوان ووجد نفسه رئيسا فجأة للبلاد وفق مقولة الترابي ان ” ان اذهب انا للسجن حبيسا وان يذهب هو للقصر رئيسا في اكذوبة الاسلاميين التاريخية ومؤامرة الثلاثين من يونيو ضد حكومة منتخبة كان يرأسها المهدي من يشاطره طاولة التفاوض في جيبوتي .

البشير عدما يعود الى سودانيته وبساطته يقر داخل نفسه بأن المهدي رجل متسامح ونظيف وعفيف اللسان الا ان هذه الحالة النفسية وتداعياتها سرعان ماتتلاشى بسبب معاناة عقدة الشرعية تجاه المهدي بوصفه رمز النظام الديمقراطي الذي هدمه في صبيحة الانقلاب على الشرعية من ناحية كما ان احساس البشير وقناعته بوطنية المهدي ونزاهته وقدراته السياسية ومنزلته الاقليمية والدولية كمفكر اسلامي له اسهاماته التجديدية في مجال الفكر الاسلامي ظلت تشكل ايضا للبشير مواقف ملتبسة في علاقته مع المهدي خلال فترة تلك الاتفاقات التي لم تثمر الا كسب الوقت للنظام فقط .

البشير وقادة حزبه يدركون ان لا حوار وطني يمكن ان ينجح باقرار القوى السياسية المختلفة ويكون له قيمة بدون وجود المهدي وحزبه فيه وان اجتمعت جميع القوى بعض لبعض ظهيرا للانقاذ ، لكنه في نفس الوقت يقر ويجيز اعتقال المهدي باسباب ملفقة استجابة لنوازع السادية السياسية وبضغوط من الجناح الأمني الممسك بالسلطة واحيانا لاجترار احساس بالنصر راوده صبيحة الثلاثين من يونيو حينما قضى على نظام المهدي الديمقراطي.

هذا الاحساس بالسادية السياسية الذي يغذيه صقور الانقاذ لدى البشير من الامنيين والمدنيين من الانقاذيين الذين يخشون ملاحقات الفساد ويدركون خطورة سياسة المهدي السلمية لتفكيك النظام يفسر صمت البشير ازاء اعتقال المهدي وهو ما يناقض في نفس الوقت حالات الحفاوة بالمهدي في مواضع اخرى من قبل البشير نفسه.

مايزيد من حرج النظام الذي يحتمي بالشعارات الاسلامية كلما استحكمت الحلقات ايضا هو وعي الحركات الاسلامية المستنيرة والقيادات الوسطية التجديدية الاسلامية التي تواجه الغلو والتطرف والمتحصنة بقيم حقوق الانسان والقيم الديمقراطية تلك التي تدين سلوك الانقاذ القمعي وتؤمن بسلامة موقف المهدي السياسي والفكرى وباهمية موقعه كداعية للاسلام اللبيرالي ولعل هذا مايفسر اهمية الخطاب الذي بعث به ثلة من هؤلاء المفكرين والقادة للبشير يحثون فيه البشير على الاسراع بالافراج عن المهدي.

البشير ايضا وفق العديد من التقارير لم يعد آمنا من القوات المسلحة نفسها بعد بدأ الشك يتعاظم تجاه ولائها له في ظل رفضها المستمر للمليشيات التي تنتهطاك الاعراض باسم القوات المسلحة وهذا مايدفع البعض لتفسير مغزى حشد قوات المليشيات المتهمة هذه والتي تعمل لحساب جهاز الامن الوطني حول الخرطوم لحماية النظام .

و هذا مايفسر بدوره لماذا لايقبل النظام الذي يسيطر عليه النافذون الامنيون اي نقد يوجه لتلك المليشيات او التشكيك في وطنيتها ويعتبره خطوط حمراء على رأي احمد بلال رغم ان تقارير كثيرة محلية واممية واقليمية تؤكد ماذهب اليه المهدي ومن بعده ابراهيم الشيخ في انتقاد تلك القوات.
هذا الالتباس في العلاقة بين المهدي والبشير او بين احسان المهدي وجحود البشير ونظامه الذي لم يحفل بتسامح السودانيين وبغضهم لحوارات الدماء هو ما حول وثبة البشير الى الامام الي ردة الى الخلف بصورة غير مسبوقة حيث لم يتبقى من الحوار الا تصريحات تؤكد ان الموؤود الذي دفن لايزال حيا .
كل الشواهد السياسية تقول ان البشير قد اكل صنم عجوة الحوار الذي صنعه بيده وعليه ان يعيد قراءة موقفه وان يتجنب الهاوية التي يدفعه اليها اعوانه ممن يخشون على انفسهم من شمس الحرية والتحول القادم طوعا او كرها بحكم سيرة التاريخ والتحولات التي تشهدها المنطقة من حولنا وبحكم الاهتمام الذي ابداه المجتمع الدولي مؤخرا في ضرورة عقد حوار جاد لامجال فيه للاحتيال من جانب البشير او التراجع .

اما الموتمر الشعبي وقادته الذين قالوا في البشير مالم يقوله مالك في الخمرينظرون للحوار الوطني من زاوية وحدة الاسلاميين لمواجهة ما يسمونه بالتحولات في المنطقة وهم ازاء ذلك لامانع لديهم وفق براغماتية الترابي بيع علاقاتهم مع قوى الاجماع بثمن بخس والاصطفاف الى جانب حلم جمهورية الاسلاميين الثانية بعد الانتخابات القادمة التي يسرعون الخطى نحوها بنوايا التزوير وحماية منشئات الفساد ومؤسساته برغم مطالب الشعب السوداني بشروط الحريات الاساسية وتهئية المناخ وكف الحزب الحاكم عن توظيف موارد الدولة في تمويل نشاطاته السياسية الحزبية وهي حتما ستكون انتخابات مزورة تفسر الماء بالماء ان هي قامت بارادة الموتمر الوطني وحده وليس برضاء اهل السودان .

هل يعي البشير خطورة الموقف ويعيد قراءة اوراقه لصالح الشعب السوداني بعد ربع قرن من الانانية السياسية هذا ما نأمل لوقف نزيف الدم واكل اموال الناس بالباطل .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الفرق بين حكومة الصادق والملعون البشير ان الصادق ابقا علي وحدة السودان ولاكن هذا البغيض المافون قسم السودان ولا يزال ماضيا وساعيا في تقسيمه فهو ليس سوداني اصيل ومعه الشيخ الدجال باسم الدين الاسلامي الحنيف الترابي عليه لعنه الله ومن معهم

  2. *بالأختصار كدا لمتين يا حسن أ.الحسن تستمر تكسّر تلج؟ كلامك وكلام ناسا آخرين بقى يثير الغثيان.
    *ألأمام زمانو فات وشكّارو مات مما عبدالرحمن فرح اتحدث والحكايه بقت فيها ركوب عجله وحلاقة دقون!!
    * كسر ايد مريم خلّو .. اعتقال ألأب وسجنو واولادو مشاركين فى الحكومه .. دا يقولو فيهو شنو..
    الليله اعتقال ألأخوات كووولهن بسلامتّن مالك ما جبت سيرتو؟

  3. لو ناراً نفخت بها أضاءت
    و لكن أنت تنفخ فى رمادِ
    لقد أسمعت إذ ناديت حياً
    ولكن لا حياة لمن تنادى

  4. لعنة الله على حارقي البخور وماشحي الجوخ أينما كانوا..
    دجل وكتابة فطيرة في محاولة لتجميل صورة المعُعين الأول للنظام

  5. الفرق بين حكومة الصادق والملعون البشير ان الصادق ابقا علي وحدة السودان ولاكن هذا البغيض المافون قسم السودان ولا يزال ماضيا وساعيا في تقسيمه فهو ليس سوداني اصيل ومعه الشيخ الدجال باسم الدين الاسلامي الحنيف الترابي عليه لعنه الله ومن معهم

  6. *بالأختصار كدا لمتين يا حسن أ.الحسن تستمر تكسّر تلج؟ كلامك وكلام ناسا آخرين بقى يثير الغثيان.
    *ألأمام زمانو فات وشكّارو مات مما عبدالرحمن فرح اتحدث والحكايه بقت فيها ركوب عجله وحلاقة دقون!!
    * كسر ايد مريم خلّو .. اعتقال ألأب وسجنو واولادو مشاركين فى الحكومه .. دا يقولو فيهو شنو..
    الليله اعتقال ألأخوات كووولهن بسلامتّن مالك ما جبت سيرتو؟

  7. لو ناراً نفخت بها أضاءت
    و لكن أنت تنفخ فى رمادِ
    لقد أسمعت إذ ناديت حياً
    ولكن لا حياة لمن تنادى

  8. لعنة الله على حارقي البخور وماشحي الجوخ أينما كانوا..
    دجل وكتابة فطيرة في محاولة لتجميل صورة المعُعين الأول للنظام

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..