جورج كلوني … ممثل ومخرج ومنتج في فيلم تاريخي جديد عن الحرب العالمية الثانية

ستظل الحرب العالمية الثانية بمثابة منجم دهب أو معين لا ينضب بالنسبة لهوليوود، حيث أثبت هذا الحدث التاريخي الرهيب (1939 ? 1945) في أكثر من مناسبة أن بإمكانه إنقاذ هوليوود من مأزق العثور على قصة تاريخية مناسبة.

مع اقتراب موسم الأوسكار، الذي يقدر بشكل كبير هذه النوعية من الأفلام التي تحرك العاطفة الوطنية لدى المشاهد الأمريكي، تبرز أهمية هذه النوعية من الأعمال، وكيف لا وهذه الحرب تحديدا، كانت بمثابة تدشين الولايات المتحدة كقوة عظمى، والوريث الشرعي للإمبراطورية البريطانية. ومن ثم اهتمت بها السينما بصفة خاصة منذ منتصف الأربعينيات تأكيدا لمكانة الإمبراطورية الجديدة من خلال بوق دعائي ضخم ينطلق من شاشة السينما لمختلف أرجاء المعمورة.

آخر إنجاز سينمائي عن الحرب العالمية الثانية كان للمخرج المثير للجدل كوينتين تارانتينو بعنوان “الأوغاد الشائنون” ولعب دور البطولة براد بيت، وشاركه العمل الفنان الألماني كريستوف فالتز، والذي حصل عن دوره في الفيلم على أوسكار أفضل دور ثان. تناول الفيلم من منظور مختلف كيف انتقمت عصابة من المجرمين والقتلة استخدمهم الجيش الأمريكي من جيش هتلر، بسبب جرائمه ضد اليهود.
هذه المرة يقدم جورجي كلوني، رؤية جديدة عن الحرب، تمثل نقلة في مشواره الفني، حيث لأول مرة نجد أشهر عازب في هوليوود لا يكتفي فقط بالوقوف أمام الكاميرا بل يقف خلفها ويمولها، فهو هذه المرة ممثل ومنتج ومخرج فيلم “رجال الآثار” والذي يضم كوكبة من النجوم في مقدمتهم كيت بلانشيت ومات ديمون، على غرار أفلامه السابقة مثل ثلاثية “عصابة أوشن”.

يدور الفيلم حول واحدة من تلك القصص، التي على غرار النبيذ الجيد يحتاج لوقت طويل لكي يتعتق، بمعنى أنه ظل العمل عليها مستمرا لفترة طويلة حتى خرجت للنور. ومن المثير للدهشة بالرغم من ذلك، توقيت عرضها في فترة تعرض فيها أفلام من نوعية سينما المؤلف، حيث لا يوجد أي هامش للمخاطرة بعرض أفلام تاريخية.
أراد كلوني أن يقدم شيئا غير مألوف، يخلو من أي جانب استخفاف، وهي الملامح السائدة على صناعة السينما الهوليوودية، ومن ثم بدا له كتاب روبرت م. اديزل “رجال الآثار: حلفاء أبطال، نازيون لصوص وأعظم صيد كنز في التاريخ”، الحل الأمثل لتقديم دراما كوميدية تاريخية.

شارك كلوني في كتابة السيناريو جرانت هزلوف، الذي ساعد بن أفليك العام الماضي في إعداد قصة فيلم “أرجو”، الحائز على جائزة أوسكار أفضل فيلم لعام 2012 عن قصة تهريب دبلوماسيين أمريكيين من إيران عقب اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979. هذه المرة يساعد كلوني في وضع الإطار التاريخي لقصة تدور أحداثها حول فريق من خبراء الفنون والآثار مكلف بحماية واسترداد قطع فنية وأثرية نادرة من أيدي النازي، حتى لا يتعرض للدمار في نهاية الحرب.
يصف كتاب إيدزل كيف شكل مجموعة من المؤرخين ومسؤولي المتاحف وهواة اقتناء الأعمال الفنية والأثرية تحالفا لإنقاذ الأعمال الفنية والأثرية ذات القيمة الكبيرة من ألمانيا النازية عندما كانت الحرب على وشك الانتهاء.

استوعب كلوني الأهمية التاريخية لهذه القضية، ولكنه لم يتردد في أن يضيف إليها عنصر الكوميديا، حيث حرص على أن يضم فريق الخبراء ممثلين مثل بيل موراي، وهو كوميديان من نوع خاص وجون جودمان جنبا إلى جنب مع مات ديمون وبوب بالابان وجين دوياردين وبوب.

يقوم جورج كلوني بأداء شخصية الملازم فرانك ستوكس، فيما تلعب كيت بلانشيت، صاحبة البطولة النسائية في الفيلم، دور روز فالاند، قائدة المقاومة الفرنسية ضد النازي، أثناء احتلال الألمان لباريس، كما أنها في الوقت نفسه مؤرخة وخبيرة فنون.
في مقابلة صحفية، يقول كلوني إن المهمة لم تكن سهلة على الإطلاق، خاصة فيما يتعلق بفريق عمل ذي ملامح خاصة يضم من بين أعضائه ممثلين من نوعية بيل موراي. يحكي النجم الشهير “اعتاد موراي التردد على منزلي كل صيف بصفة دورية، وتجمعنا صداقة قوية، وفي إحدى المرات عرضت عليه الانضمام لفريق عمل الفيلم”، مشيرا “كنت أعلم أنه بلا وكيل أو مدير أعمال وأن موافقته يعني التزامه بالعمل معي لمدة أربعة أشهر”.

جرى تصوير معظم أحداث الفيلم في ألمانيا وإنجلترا، بناء على اقتراح المخرج، الذي كان حريصا على إضفاء أكبر قدر من الواقعية على الفيلم، وفي هذه الأماكن، وللسبب ذاته أشرك الآلاف من ممثلي المجاميع في مشاهد المعارك الحربية.

عن هذه التجربة يقول كلوني بفخر شديد “في النهاية أنجزنا العمل قبل موعده بخمسة أيام، كما وفرنا خمسة ملايين دولار من الميزانية”، مؤكدا إصراره بعد بلوغه الـ52 من العمر على إنجاز الأفلام التي تروقه، بصرف النظر عن العائد المادي أو الشهرة التجارية الهوليوودية.

يؤكد كلوني أن فيلمه “عمل مهلم بلا شك”، وهي نفس العبارة التي رددها في أحد المشاهد لتوضيح الدافع وراء مهمة هذا الفريق الذي ألقى بنفسه في أتون معركة دامية مستعرة، مشيرا “إن تدمير ثقافة جيل يعد بمثابة تدمير وإبادة لهذا الجيل وكأنه لم يوجد من قبل على الإطلاق”.
وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..