الغموض يكتنف مستقبل جنوب السودان بعد خسارة دخل النفط

جوبا (رويترز) – في قاعة عرض مكيفة بها نحو ست سيارات تويوتا بعاصمة جنوب السودان يتساءل تاجر السيارات ديزموند مكيو ما اذا كان وقف انتاج قطاع النفط في البلاد يعني انتهاء الطفرة التي نعمت بها.

ويتراوح سعر السيارات المعروضة للبيع بين 50 ألف دولار لشاحنة صغيرة و 84 ألف دولار للطراز الفاره جي.اكس.ار في8 أضافة الى عشرة الاف دولار مقابل الشحن الجوي.

وقال مكيو “الجميع قلق ولكن في هذه المرحلة لا أعرف كيف سيؤثر ذلك على المبيعات.”

ويبيع معرضه كراون اوتو لتجارة السيارة بين خمس وعشر سيارات من طراز جي.اكس.ار كل شهر ومعظمها لكبار المسؤولين الذين يحصل كل منهم على امتيازات لسيارتين في بلد الطرق الممهدة به لا يزيد طولها على مئة كيلومتر.

لكن بعد سبعة أشهر من اعلان الاستقلال عن السودان بموجب اتفاق السلام المبرم في عام 2005 ربما تكون قد ولت أيام الانفاق ببذخ على السيارات بعدما أوقفت جوبا انتاجها النفطي البالغ 350 ألف برميل يوميا بسبب الخلاف مع الخرطوم بشأن رسوم استخدام خط الانابيب.

وبعد أن فقد جنوب السودان 98 بالمئة من دخله فجأة تهدد مخاوف بشأن تعثر الحكومة في تمويل الاجور أو سداد قيمة الواردات في الاشهر المقبلة استقرار أحدث دولة في العالم.

ويقول جان بابتيست جالوبين المحلل في كونترول ريسكس خلال زيارة لجوبا “لا يعلم أحد الى متي يمكن للحكومة أن تصمد ولكن ليس لي علم بحكومة تمكنت من خفض ميزانيتها بنسبة 98 بالمئة بسلاسة في غضون أشهر.”

ويعتمد جزء كبير من استقرار جنوب السودان على معنويات جيشه المتضخم الذي جمع شتات ميليشيات سابقة ويقدر بعض المسؤولين أنه يضم 200 ألف جندي.

وتصر الحكومة على أنها لن تخفض اجور أفراد الجيش رغم ذلك لدرايتها على ما يبدو بأن مثل هذه الخطوة ربما تكون بالغة الخطورة .

وقال محلل متخصص في الشؤون الدفاعية رفض الكشف عن هويته “تماسك الجيش ضعيف جدا والاجور هي الشيء الوحيد الذي يحفظ ولاء الجنود.”

ويحوم معدل التضخم حاليا حول خمسين بالمئة ومن المرجح أن يرتفع أكثر وربما يؤجج الاضطرابات في بلد يعتمد فيه 2.7 مليون نسمة أو ثلث السكان على المعونة الغذائية.

وقال الصيدلي سايمون فال وهو يحتسي الشاي في مقهى مؤقت على الطرق “قبل الاستقلال كان سعر عقار علاج المالاريا 15 جنيها الان بلغ 35 جنيها.”

ومثل الاغلبية يؤيد فال وقف الانتاج لمنع السودان من مصادرة نفط الجنوب في اطار كفاح الجنوب لتدعيم أركان استقلاله عن الشمال.

وقال “اتفق الجميع على وقف انتاج النفط لان الامر يتعلق بالكرامة. اذا تمكسنا بحريتنا سنحفظ كرامتنا.”

لكن دبلوماسيين يتساءلون اذا كان بوسع جوبا أن تستمر على هذا المنوال لما يزيد على ثلاثة أو أربعة أشهر في حين تتعثر المحادثات بشأن المبالغ التي ينبغي أن يسددها الجنوب الحبيس للخرطوم لاستخدام خط الانابيب وميناء على البحر الاحمر.

وقال اريك سولهايم وزير البيئة والتنمية الدولية في النرويج التي تقدم استشارات لكل من الشمال والجنوب بشأن تطوير صناعة النفط “الوضع خطير. ما هو جلي أن الايرادات ستنخفض بمرور الوقت. سيتعين عليهم تبني اجراءات تقشف قاسية.”

وقد تزيد الضغوط الاجتماعية في الاسابيع القليلة المقبلة مع عودة 700 ألف سوداني جنوبي من السودان حيث تنتهي اقامتهم القانونية هناك في ابريل نيسان.

وينبغي أن توفر جوبا مساكن ووظائف للعائدين مما يضغط على الموارد في وقت تجد فيه الحكومة صعوبة في بناء وزارات فاعلة.

وحتى ان توصل الجانبان لاتفاق بشأن النفط فان جنوب السودان ربما يحتاج معونات ضخمة في جميع الاحوال لان استئناف انتاج النفط يتطلب فترة تصل الى ستة أشهر نظرا لغمر الانابيب بالماء لتجنب تكوين رواسب.

والنفط شريان الحياة لاقتصاد البلدين ولكن الجنوب أكثر تعرضا للمخاطر لانه ليس لديه صناعات أخرى تقريبا يمكنه الاعتماد عليها عدا قطاع النفط. كما أنه يعتمد الى حد كبير على السلع المستوردة التي يشتريها بعلاوة كبيرة عبر طرق غير ممهدة من أوغندا وكينيا والسودان. وتصل أكثر من 90 بالمئة من السلع عبر هذه الطرق.

ولا توجد بيانات منشورة عن الاحتياطيات الدولارية ومنذ يوليو تموز تعاقد الجنوب على مبيعات نفط تصل قيمتها الى ثلاثة مليارات دولارات ولكنه لم يذكر مصارف الايرادات ولم يذكر الاحتياطيات في ميزانية 2011.

وحين أعلن وزير الاعلام بارنابا ماريال بنيامين اجراءات تقشف عقب اجتماع الحكومة الاسبوع الماضي رفض السماح للصحفيين بالاطلاع على مسودة ميزانية عام 2012 التي كانت بين يديه.

وأبدت الحكومة ثقتها بقدرتها على تحمل خسارة دخل النفط بفضل برنامج تقشف وتحسين جمع الضرائب. ولكن بدت أول بوادر التوتر بالفعل.

وقال مصرفيون ان البنك المركزي خفض كميات الدولارات المخصصة للبنوك المحلية الى النصف وقيد التحويلات النقدية لاوغندا وكينيا.

وقال مصرفي بارز في جوبا “ثمة شعور بالفزع بين مسؤولي البنك المركزي والحكومة المركزية الذين يجتمعون مع البنوك الخاصة كل يوم لبحث جمع تمويل جديد.”

وأضاف المصرفي الذي رفض نشر اسمه “ليس لديهم خبرة تذكر بالادوات المالية مثل أذون الخزانة وينبغي ان يتعلموا الان بشق الانفس.”

وتنوي الحكومة خفض الانفاق فيما عدا الاجور بنسبة 50 بالمئة ولكن قد لا يكون هذا كافيا لتعويض خسارة ايرادات النفط لان الـجور تمثل نحو نصف الميزانية أي أن اجمالي خفض الانفاق لا يتجاوز 25 بالمئة من الحجم الفعلي.

وقالت دانا ويلكنز من مجموعة الشفافية جلوبال ويتنس “ثمة قلق بالغ من أنه سيجري أولا خفض تمويل أنشطة الرقابة مثل غرفة المراجعة والبرلمان وهي المؤسسات الاكثر الاهمية خلال فترات التقشف أو الازمات.”

وأعاق تفشي الفساد والمحسوبية التنمية في جنوب السودان حيث لا توجد طرق تذكر خارج جوبا وتتركز السلطة في أيدي حفنة من المقاتلين السابقين الذين يمقتون الرقابة.

ويقول السكان في شوارع جوبا المتربة انهم يساندون وقف انتاج النفط ويثقون بقدرتهم على التكيف مع ذلك نظرا لان الامم المتحدة ووكالات المعونة توفر الكثير من الخدمات الاساسية.

وقال القس مالاكال دوال “لا يصل النفط للناس العاديين فليس لدينا كهرباء أومياه نظيفة ولا شيء لذا لن نتأثر بوقف (انتاج النفط).”

وأضاف “سيؤثر على مؤسسات الحكومة والقلة التي تمتلك سيارات.”

لكن بقالا من أصل عربي من شمال السودان يعمل في جوبا حذر قائلا ” ستسوء الامور كثيرا بدون النفط .”

وقال الوزير النرويجي سولهايم ان اجراءات التقشف ستؤثر على كثيرين.

ومضى قائلا “كثيرون يعتمدون على ميزانية الدولة بشكل غير مباشر لان من يتقاضون أجورا من الدولة يعولون أسرهم واخرين وربما يؤثر أيضا على الزراعة.”

ولا يتوقع الدبلوماسيون انفراجة سريعة في محادثات النفط في اديس أبابا التي تستأنف في السادس من مارس اذار نظرا للفجوة الكبيرة في مواقف طرفي التفاوض. فالجنوب مستعد لدفع دولار واحد كرسوم عبور عن كل برميل بينما تطالب الخرطوم بسداد 36 دولارا.

ويريد جنوب السودان مد خط أنابيب بديل الى كينيا أو جيبوتي لانهاء اعتماده على السودان ولكن سولهايم يشك في جدواه.

وقال خلال زيارة للخرطوم “أرى عددا قليلا للغاية من الاشخاص في المجتمع الدولي ممن يعتبرون هذا المشروع يمكن تنفيذه في الامد القصير.”

وبما أن الخرطوم افرطت في ضخ النفط من الحقول قبل الاستقلال فان خط الانابيب لن يكون مجديا على الارجح الا في حالة وجود اكتشافات جديدة.

وتأمل الحكومة أن تتوصل توتال الفرنسية لاكتشافات جديدة في جونقلي. ولكن العنف القبلي في المنطقة يعرقل أعمال التنقيب ومن المرجح أن تقل مساهمة الدولة في تمويل التنقيب في أماكن لم تنل قدرا كافيا من التنمية مثل جونقلي في ظل خطة التقشف الجديدة.

ويشكك الخبراء في خطط الاقتراض من الخارج بضمان النفط لان النفط لا يمكن بيعه حاليا.

وقال هاري فيرهوفن الخبير في الشؤون السودانية “لن يكون ذلك ممكنا الا بسعر فائدة باهظ جدا.”

من أولف ليسينج وهيروارد هولاند

تعليق واحد

  1. صدقونى انشاء خط جديد ناقل لبترول الجنوب مش حا ينجح .؟
    الجنوب اصبح مثل السمين الذى ربط داخل زريبه بها القليل من العشب …وكل ما مر يوم يقل العشب تدريجيا الى ان يصل مرحله ينضب تماما …ثم ماذا بعد ذلك……السؤال مش محتاج لاجابه .وشكرا

  2. للأسف بات من الواضح أن جنوب السودان سيمر بفترة عصيبة للغاية سيزداد بها التضخم إلى ما فوق المئة بالمئة و ستنهار العملة إلى قرابة السبعة أو ثمانية جنيه للدولار ما لم يأتي دعم في صورة مليار أو مليار و نصف دولار قريباً! بالاضافة للفساد، فإن وجه الشبه الوحيد بين سياسيي الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني هو التهور و الإنفعال في إتخاذ القرار!

  3. تحليل واقعى و سليم من الغرب الذى يدعم الجنوب و فحواه ان الجنوب او بالاحرى الدولة فى الجنوب فى طريقها الى الفشل لسوء ادارة القادة و ذلك من خلال حديث صاحب وكالة السيارات بأن المشترين هم فقط من كبار المسؤلين و كذلك حديث احد المواطنين بأنهم لم يروا اثر بيع البترول فلا كهرباء و لا خدمات لديهم من هذا البترول و اخيرا حديث الصيدلى و الذى بين ارتفاع الاسعار بشكل رهيب و عليه سوف تنهار الدولة او يتم طرد الحاكمين الان بثورة شعبية و الكل يعلم الان اوروبا و امريكا جميعهم فى ازمات مالية و مشاكل لا حصر لها لذلك سوف لن يدعموا حكومة الجنوب بالقدر الذى يمكنها من الاستمرار .

  4. الجنوبيين طبزوا عينهم باصبعهم
    الجنوبيين يقودهم حقدهم تجاه الشمال لارتكاب اى عمل انتحارى
    والدليل على ده العداء الشديد تجاه حكومة الشمال على الرغم من انو هذة الحكومة فى الشمال هى التى مكنتهم من الانفصال وهى التى استخرجت البترول الذى اصبح عندهم موضوع للكرامة َ!!

  5. { قال صحفي بريطاني في ثنايا تقرير نشرته إحدى صحف «لندن» حول تغطيته لعملية الاستفتاء على تقرير المصير في (9) يناير عام 2011م: (إن الجنوبيين يظنون أنهم سيجدون أنفسهم يعيشون في «سويسرا» في اليوم التالي لإعلان الانفصال)!!
    { ولهذا بدت المشاعر مختلفة في «جوبا» تجاه (الشماليين) عشية إعلان دولة الجنوب (أمس)، عن ما كان عليه الحال (قُبيْل) و(بُعيْد) الاستفتاء على تقرير المصير!!
    { المشاعر كانت (عدائية) في يناير الماضي.. ولكن – الآن – وبعد أن مضت (6) أشهر على إعلان النتيجة بالانفصال، تأكد غالبية الجنوبيين من أنهم خُدعوا، وغُرِّر بهم.. وأنهم مازالوا يعيشون في إقليم المسافة بينه و«سويسرا».. مئات السنين (الضوئية)!!
    { المشاعر اختلفت، عدا تلك المزيفة و(المصنوعة) التي يعبِّر عنها جماعة باقان في تلفزيون الجنوب (S.S.TV) أو قناة «أبوني» الناطقة (بعربي جوبا)!!

  6. [SIZE=4]
    [FONT=Times New Roman][B]و قبل ان ينضب الاحتياطى النقدى تجدهم يندفعون الان هم و حركات التمرد كالثور الهائج لاجل احراز مكاسب عسكرية على الارضن كما يحدث الآن الشىء الذى سيؤدى الى زعزعة الثقة الشعبية فى نظام الخرطوم حيث يضغط التمرد فى الاطراف و المعارضة فى المركز لتغيير النظام و اعادة انتاج عرمان و عقار و عبدالعزيز من جديد .
    لكنهم جميعا يعلمون ان جوبا مرمى حجر و هى عن الخرطوم ليست بعيد[/B]ة[/FONT].[/SIZE]

  7. [SIZE=3]هذه امانيكم ايها الكيزان وتتمنون فشل دولة جنوب السودان ولكن هيهات .. ان شاء الله ستكون دولة يشار اليها بالبنان .. اما انتم فالدمار و الفساد الذي سببتوه في السودان لم يسببه احد من قبل ..وقد آن الاوان لكنسكم الى مزبلة التاريخ .[/SIZE]

  8. اريد ان ارد على kual يبدو لى واضحا ان العيش فى راكوبة بالشمال افضل من العيش في جنة الله فى الارض (الجنوب) وإلا لماذا كنت تعيش بالراكوبه فى الشمال ولم تعيش بالجنوب وهل انت الآن فى جنات النعيم نحن نعلن تماما ان وقف تصدير النفط يضر بالجنوب ضررا بالغا لكن الحقد الدفين على الشمال والاحساس بالمراره لانكم مضطرون لدفع رسوم عبور للشمال لذلك تفضلون ان يموت شعبكم جوعا على ان يستفيد السودان من قرش واحد من نفط الجنوب على اى حال انتم احرار اردتم التصدير عليكم بالدفع ما دايرين براحتكم ووالله اسمعها منى قريبا جدا سيعود السودان لانتاج كميات من النفط اكثر مما كان وانتم بسبب حقدكم ستذهبون لبناء خطوط اخرى وبعد خسارة المليارات من اجل بناء خطوط اخرى ستفاجؤوا بأن تلك الدول ليست كما تظنون من انها ستساعدكم بل ستطلب منكم رسوما ربما تفوق ما طلبه الشمال وقتها ستعلمون انكم انتم وحدكم الخاسرون

  9. وقال “اتفق الجميع على وقف انتاج النفط لان الامر يتعلق بالكرامة. اذا تمكسنا بحريتنا سنحفظ كرامتنا.”
    كرامتكم… أى كرامة يا استاذ وانتم تمنعون تدفق النفط والاستفادة منه .. انتم تدفنون راسكم فى الرمال … غدا ستدفعون اكثر من ال 36 دولار .. عليكم بتغيير قيادتكم التى تبث فيكم الحقد والكراهية لكل ما هو شمالى وكذلك ابعدوا عن الاملاءات التى تسير قياداتكم … … الشمال ينتج ويستفيد بما ينتجه ولديه من الموارد ما يعينه … وايقاف تدفق نفطكم … اعتقد لن يركع الشمال ولربما لكل ضارة نفع …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..