شاهد صور وتوثيق ندوة محمود محمد طه في ملتقى عبداللطيف كمرات

كارديف: تلخيص عبدالوهاب همت
تصوير :هاني شداد

في واحدة من اجمل وأمتع الندوات استضاف منتدى عبداللطيف كمرات وتحت شعاره (حيث العقل لايخاف والرأس مرفوعة عاليه ) مساء الاحد 27 أبريل 2014 كل من البروفيسور عصام البوشي مدير جامعة مدني الاهليه والباحث الاستاذ عبدالله الفكي البشير , وذلك في مركز بيوتاون للتأريخ والفنون .افتتح الندوة بتقديم بسيط ومتميز الاستاذ ناصر مهدي , وقف بعد ذلك الحضور دقيقة صمت على روح شهيد الشعب والوطن الشاعر محجوب شريف وعثمان حميدة الناشط في مجال حقوق الانسان اعقبها فيلم قصير عن سيرة ذاتيه للاستاذ و محاكمة الاستاذ الشهيد محمود محمد طه والتي قدم فيها الاستاذ مرافعته القويه امام محكمة الردة ورد القضاة على اعقابهم وحاكمهم وهوداخل قفص الاتهام وجعل اراجوزات الهيئة القضائيه والذين اتى بهم الهالك النميري وقد ضعفوا مهنيا واخلاقيا كما وصفهم الاستاذ الشهيد وهو منتصب القامة ,مرفوع الهامه وظل على تلك الحاله ,بل وزادها بابتسامته الشهيرة محتقرا للجرذان الذين حاكموه والذين وقفوا من خلفهم مساندين من جماعات الهوس الديني والمشعوذين, ومرحبا بالموت الذي استعد له منذ زمان طويل كما ورد في تأريخه عندما اعلن ذلك في بدايات خمسينيات القرن الماضي .
أعقب ذلك الاستاذ عبدالله الفكي البشير مؤلف كتاب (صاحب الفهم الجديد للاسلام محمود محمد طه والمثقفون قراءة في المواقف وتزوير التأريخ) والذي بدأ حديثه بأن مشروع الاستاذ محمود ثوري انساني وأن المثقفون لم يوفوا الاستاذ حقه , وقد استشهد ببعض العلماء الاجلاء الذين تحدثوا عن فكر الاستاذ منهم بروفيسور المزروعي وحسن احمد امين والذي يعتقد انه متى مارتفع مستوى الراي العام عند المسلمين يمكن لهذا المشروع ان ينهض, واستشهد بقول المفكر سمير امين الذي قال انها المحاولة الوحيدة لقراءة الاسلام تجاه التحرر, أما البروفيسور فرانسيس دينق فيعتقد ان القومية السودانيه مرت بحدثين نسفت الاستقرار, الاولى عندما لم يفي المثقف الشمالي بوعوده تجاه ماتم في مؤتمر جوبا, واللحظة الثانيه كانت لحظة اعدام الاستاذ محمود ولو اتيحت الفرصة الكاملة لمحمود كمرشد لتغيرت الظروف , ولخلق ذلك رؤيه جديدة للوطن وكان يمكن تطوير هويه وطنيه متكامله والاستاذ أتيم قرنق يقول ان الاستاذ محمود نادى بالتنوع واحترام التعدد قبل ان تطرح ذلك الحركة الشعبيه بعشرات السنين.
وقال الاستاذ الفكي البشير ان صاحب الفهم الجديد عنى بها الاستاذ محمود الذي رسم مشروعه بالمذهبيه الاسلاميه الجديدة, وان قصده بالمثقف هو ذلك الانسان الحامل للمعرفه والمساهم في كل الحركة الاجتماعيه, اما تزوير التأريخ فقصد به التشويه والبتر الذي حدث لنصوص الاستاذ, وضعف التحري عند الذين نفذوه, وان التنوع الثقافي لامثيل له في الارض كما قالت الدكتورة خديجة صفوت وباحث استرالي, وان التنوع الثقافي متى ما ادير بشكل جيد يمكن ان يتطوروفي كل بيت توجد اشكال مختلفه وألوان متعددة للاخوة من أبوين, وشدد على ان المهيمن والمسيطر السياسي هو الذي يكيف الماضي وفقا لسقفه المعرفي, لذلك غيبت ثقافات كثيرة عن مناهج الدرس لان التاريخ مزور, وان الطلاب حتى على مستوى جامعة الخرطوم آنذاك يتلقون جرعات تعليميه ذات توجه معين, ومتى ماخرج التعليم عن سلطة الدوله يصبح الناس اكثر مقدرة للنهل من المعارف المختلفه والتحدي الاكبر الذي يواجهه المفكر هي لحظة تجسيده لمعارفه وهذا شرط حققه لنا الاستاذ محمود وهو عندما عمل في عطبرة عقب تخرجه دعى لاقامة الجمهورية السودانيه , وفي ذلك الوقت كانت دعوته لتحرير العقل والفكر السياسي لمواجهة المستعمر عن طريق الجماهير, وقد اعلن الاستاذ محمود للفهم الجديد للاسلام بعد اعتكافه لمدة من الزمان وقد كان ذلك في العام 1951 وكما ذكر ان هذا المشروع كبير وخطير وكتب وصيته حال مواجهته المجهول وذاك الحديث كان يعني انه قد أعد العدة لكل شئ وبدأت المؤامرات تحاك ضده إلى ان اكتملت فصول المؤامرة في العام 1968 وأهم كتب الاستاذ كتاب الرسالة الثانية والذي يقول فيه ان التخلف هو السبب في الجهل بالدين وهو يرى ان الرق وعدم المساواة بين الرجل والمرأة والحجاب والرأسمالية هذه كلها ليست أصلاً في الإسلام وقد نشر الاستاذ 36 كتاباً هناك واحد مفقود وهو بعنوان خيانة المثقفين, وانه نظم أكثر من 150 محاضرة عن الإسلام والسلام وكان يجمع وثائقه ويهتم بها منذ أن كان طالباً وقد أصدر صحيفة الجمهورية وأشرف على عدد من المؤتمرات وكان أول مؤتمر للحركة الجمهورية في العام 56 وأخرها في يناير 1985 وكانت اخر مخطوطة له سماها الديباجة في 30/10 /84 في السجن أما شعار الحرية لنا ولسوانا فقد اطلقه منذ منتصف الخمسينيات وقال الاستاذ عبد الله الفكي ان هناك بعض الوثائق تمم سحبها من دار الوثائق السودانية وقد وجد فكر الاستاذ ومشروعه الاهتمام في الخارج بينما قوبل بالهجوم داخل السودان وأن هناك أكثر من 25 اطروحة ماجستير تناولت الفكر الجمهوري.
بدأ العداء للاستاذ بعد اعلان مشروعه في العام 1951 وكانت مشيخة معهد امدرمان العلمي اول من أطلقت مدفعيتها ضد الفكرة في الاعوام 57و 58 والحدث الاول كان عن الاشتراكية في الإسلام وقد رفضت المشيخة ذلك ومنذ ذلك الحين بدأت فكرة التسامح في السودان تتكلس وقد كان معهد المعلمين العلمي هو ازهر السودان و لعب هذا المعهد دوراً كبيراً في معاداة المثقفين والاغتيال المعنوي لعدد من الافذاذ منهم التجاني يوسف بشير ومحمد عبد الوهاب قاضي وابراهيم يوسف وأحمد العجب وقد تحلى قادة ومشايخ المعهد بالكسل الذهني ومحاربة الفكر الجديد وقد شكلوا تحالفاً عريضاص مع الازهر والسعودية لا سيما رابطة العالم الاسلامي ولم تقف داخلياً الاحزاب الطائفية وقد تجلى ذلك في التحالف العريض في محاكمة الاستاذ في العام 1968 وتم استدعاء ذلك في العام 1985 وقف خلف ذلك المعهد البعض منهم الامين داؤود وسار على نهجه المكاشفي والمهلاوي ومن لف لفهم وقد تحلوا جميعاً بعدم الورع الاخلاقي والديني واصطحب قول الاستاذ في أن كتب هؤلاء الناس كانت بعيدة عن الامانة العلمية والاخلاق ويضاف إليهم محمد نجيب المطيعي وهوو فقيه مصري له صولات وجولات في نقد الاستاذ وكان يحيك الأكاذيب ضد الجمهوريين والاخوات الجمهوريات, وسار على نهجه قاضي الطواريء المكاشفي طه الكباشي والذي اصدر كتاباً يفتقد لكل ما هو علمي وأخلاقي عندما راح يعدد كتابات مجموعة من المتطرفين الدينيين, وددت القول ان الحزب الجمهوري هو أول من أدخل المطبعة السرية كما أفادني الدكتور أحمد خوجلي.
في العام 1958 قال الاستاذ بضرورة الحكم الفيدرالي ودعم التنوع لأن ذلك يحقق حيوية الامة وموقف الاستاذ من الدستور الاسلامي عندما قال انه من الداعين للفيدرالية في جميع السودان وان الحرية لا يمكن تعلمها الا بالحرية, وكان للاستاذ راي واضح نشر بيانه مطالباً بضورة الانسحاب من جامعة الدول العربية ونحن أفارقة وأن الجامعة أصبحت تابعاً لجمهورية مصر. وقد استدل الاستاذ عبد الله الفكي بنماذج لكلما قاله واورد تجربة طالب في رسالة ماجستير كتب اهداءً للاستاذ محمود وما كان من اللجنة الا وأن طالبته بحزم أن يحذف الاهداء وكل ما يتعلق بالاستاذ وإلا فان مصير اطروحته سيكون في مهب الريح ويعتبر ان محمد ابو القاسم حاج حمد أشهر من تبنوا افكار الاستاذ ومشروعه وقد لاحظ البروفسير إبراهيم محمد زين ذلك, هناك من حاول أن يقارن بين المهاتما غاندي والاستاذ محمود وقد أبدى الاستاذ عبد الله الفكي امتعاضه من كتاب التاريخ وقال كل من يكتب التاريخ في فترة الاربعينيات يرجع الى الاستاذ أحمد خير المحامي لكنهم يكتبون ما قبل محمود وما بعده.
أعقبه البروفسير عصام البوشي مدير جامعة مدني الاهلية والذي تحدث عن دور للدكتور مالك حسين ومحاولته لانقاذ الموقف ومحاولته للتوسط بين الاستاذ محمود وتلاميذه بعد صدور قرار نميري بحقهم وانه ذهب معه لمقابلة الاستاذ محمود وأنهم التقوا بالاستاذ محمود في سجن كوبر وكان واضحاً ان الاستاذ لن يتنازل عن أفكاره ومعتقداته والذي قال أنا عاجز فعلاً عن شكركم في منتدى عبد اللطيف كمرات وسعيد بأن أكون مطوقاً بعبد الله الفكي وناصر مهدي وهذه نقلة حقيقية, وناصر عندما كان يتحدث عن الايام التي سبقت تنفيذ الحكم بحق الاستاذ محمود وهو قاصر كان يعتقد بضرورة حدوث شئ وقد حمل جيل والده ما حدث وقد تزايدت حركة الاخوان الجمهوريين وقال لهم ان أهل الطين قد جاءوا وهم أسياد هذه الفكرة لذلك اعتقد أن دوري قد انتهى وأنا أدعو لفهم الاستاذ وفكره فقد تجدوا ما تتفقوا معه وما تختلفوا وكان يتحدث الاستاذ عن الثورة الثقافية وهي فهم قائم من أجل كل الوطن وتحويله إلى جامعة شعبية والسياسيين يكتبوا ما يودونه ولا بد من تحرر الجامعات ليستلمها أصحاب الشأن والاخلاق ويجب إحالة السودان لجامعة سقفها السماء وقاعاتها المنابر يتحدث الناس في المساجد والأندية والشوارع والطرق والاذاعة وفي مثل هذا المجلس يستطيع الناس أن يتحدثوا عن شخص كمحمود والذي طوق بالالاعيب والاكاذيب وهو يخرج من خلوته الثانية وهذه دعوة ليست لتبني قضايا وقال البروفسر البوشي نحن تحملنا وزر اعدام الاستاذ وان كتاب عبد الله الفكي تميز بغزارة المادة ورغم تميز علاقتنا واحتكاكنا المباشر مع الاستاذ لكننا وجدنا في هذا الكتاب مواد كثيرة والاستاذ كان مهتم بالكثير من الاشياء ونحن لا ندعو اي شخص لاعتناق الفكرة ما لم يقتنع بها.وقال في الحقيقة هذه واحدة من امتع الندوات التي حضرتها وشاركت فيها لقوة وحيوية ماقدم فيها من طرح راق ومتقدم ومن جانبي آثرت التمتع بالاستماع بدلا عن التحدث.
هذا وقد تفاعل الحضور المتميز بمداخلات واسئلة عبرت عن وعي متقدم حول الموضوع مثار النقاش وقد استمرت الندوة لمدة خمس ساعات لم يكل أو يمل كل الحضور وظلوا اذنا صاغيه لكل ماقيل

تعليق واحد

  1. استخلص من الفكرة الجمهورية مبدأ -وهو ليس تلخيصا لها فهي اوسع, غير انى اراه مبدأ يعالج بعضا مما اعتبره ازمة الفكر الاسلامي المعاصر.
    مبدأ فصل التوحيد من التشريع, باعتبار ان التوحيد باقي والتشريع يتبدل يختلف من زمن وبيئة لاخرى.
    لا يبدو ان هذا الفصل صحيح وكفى , بل هو ضروري لانقاذ التوحيد من مال الشريعة, حيث نراها تبرز استحالة تطبيقها يوما بعد يوم.

  2. عذرا لكاتب المقال ولكني كفرد من الناس كنت في المرحلة الابتدائية حين تم الحكم عل ما يسمى بالاستاذ محمود محمد طه بالاعدام والذي قراته وعرفته بعد ذلك انه اتى بحديث ومقولات لا يقبلها شرع الله عز وجل مثل رفع الواجبات والاوامر المكلف بها العبد من صلاة وصوم وزكاة وحج عن احد عباد الله عند وصوله مرحلة معينة من العبودية لله عز وجل فهل هذا الكلام عنه صحيح؟؟ وهل انكر هذا الاستاذ في بعض كتبه ذبح الاضحية في عيد الاضحى المبارك؟؟ واسئلة كثيرة نرجو من متبعي هذا الفكر ان يوضحوها لنا لاننا سمعنا من طرف واحد كما اننا لانفهم العميق من اللغة فنجو ان يكون الايضاح بلغة بسيطة وشكرا.

  3. التحية لك عبد الوهاب همت علي هذه التغطية الحية ..و المرء سعيد جدا أن يري هذه الأشعاعات المعرفية التي تأتي في ظل وطن يغطي الظلام جنباته ..و السودانيين أجدر بالأحتفاء من غيرهم بقامة كقامة الأستاذ محمود ، لأنه ببساطة بفكره رفع السودان الي مصاف النجوم و رفع السودانيين الي أرائك الملائكة ..أحبهم حتي مضي في سبيلهم و هو يبتسم لهم بان فجركم آتٍ و أن طالت الغربة ..أقف مع أستاذ البوشي في دعوته للسودانيين للبحث و التعمق بتجرد في هذه التركة العميقة و الكبيرة التي تركها لهم الأستاذ الجليل محمود ..هم أحق بها من غيرهم ..أيضا أستاذ عبد الله الفكي باحث ماجد و صبور علي التقصي و البحث و هذا السفر يعبر بصدق عن مجهود لا يقوم به الا نفرٌ أستأنسوا في أنفاسهم الأبحار العميق ..سعيد أنا أري أبناء السودان في تلك البلاد الحرة ، ذات الأفراد الأحرار كما قال الطيب صالح أن يشاركوا مواطنيهم طعم الحرية المفتقد عندهم في بلدهم الأم السودان .. و شكرا للراكوبة أن وضعتنا في مستوي الحدث .

  4. الشكر للأخ والصديق الصحفي عبد الوهاب همت لهذا التلخيص والصور.. ياريت تكون الندوة قد سجلت بالصورة والصوت ليتم نشرها عبر اليوتيوب..

    هذه ندوة للأخ عبد الله البشير في مدينة كالقري في كندا يوم السبت 19 أبريل 2014 وضعت في اليوتيوب:
    https://www.youtube.com/watch?v=gU08UOxAWII

    https://www.youtube.com/watch?v=s5MxDbxKvSI

    https://www.youtube.com/watch?v=Qjw1o1rWvTA

    وهذه ندوة أخرى في مدينة أدمينتون في كندا بتاريخ الأحد 20 أبريل 2014

    https://www.youtube.com/watch?v=0eQJsW4TG28

    https://www.youtube.com/watch?v=GGptlcBheAQ

  5. لماذا تزوير التاريخ…محمود محمد طه تحالف مع النميرى حتى جاءت قوانين سبتمبر…وقد ناهضت جميع الاحزاب حكم النميرى واودع قادتها السجون…الا محمود الذى كان يناصر حكم النميرى الشمولى…ثم جاءت قوانين سبتمبر والتى تكفر محمود…من هنا بدأ رفض محود لقوانين سبتمبر التى تستهدفه …ثار محود من اجل حياته التى سوف تهدرها قوانين سبتمبر …ولم يثور على حكم النميرى الشمولى…وقوانين سبتمبر وراءها الاخوان المسلمون وليس النميرى (العامل سفتو الكبيرة)…محمود خاف على نفسه فقط ولم يثور من اجل حرية الشعب …الذى دفع ثمنا باهظا للتخلص من النميرى…وبعد دا يأتينا من يقول ان محود شهيد…ليست الذاكرة السودانية دائما خربة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..