مقالات سياسية

الحكومة ضد الإنتاج

اليوم لا يمكن للحكومة المسماة زوراً إنقاذ، أن تنكر إنها هي السبب وراء مأساة الفقر والجوع وضنك المعيشة الذي ظل يعيشه السودان، فهي رغم أنها اليوم تكمل عامها الثلاثين إلا إنها لم تقدم للسودان شيئاً يذكر، بل خسَّرته الكثير جداً وأعظم خسارة تسببت فيها هي تدمير حلمه العظيم في أن يصبح سلة غذاء العالم وأن يظل بلداً يملك قوته وقراره فحولته إلى بلد يتسول من كان يطعمهم، بالرغم من أن الله وفر له كل المقومات ليصبح فعلاً سلة غذاء العالم، ولم تسعَ الإنقاذ لتدمير ذلك الحلم إلا لأنها تعلم جيداً إنها غير مؤهلة لحكم وطن عظيم مثل القديم وبدلاً من أن ترتقي بنفسها إلى مكانته أضعفته ليهبط إلى مستواها.

الأمر المؤسف حقاً هو إنها حتى الآن غير مستعدة لإعادة ذلك الحلم للسودان رغم أنه ما زالت الفرصة قائمة ليصبح سلة غذاء العالم ولكن يبدو أن الحكومة فعلاً لا تريد له ذلك، لا نقول هذا الكلام افتراءً عليها وإنما هي الحقيقة التي يثبتها الواقع الآن، وما الخبر الذي نقلته صحف الأمس إلا دليل يثبت إنها هي من تعمل على تجويع السودان عمداً. يقول الخبر أن الغرفة الغذائية باتحاد الغرف الصناعية كشفت عن تراجع إنتاج وتصنيع الأغذية بنسبة 50% وعزت ذلك إلى السياسات المتبعة من قبل الجهات الرسمية مما أثر سلباً على العمل وأفرز عجزاً في مدخلات الإنتاج وحذرت من أن الاقتصاد سيكون اقتصاد ندرة مما يتسبب في زيادة أسعار السلع الغذائية المصنعة خاصة بعد فتح الحدود مع الجنوب، وناشد رئيس الغرفة الحكومة بتغيير هذه السياسات المتخبطة لأن الدولة فشلت في خلق وضع اقتصادي سليم، هذه شهادة حق واضحة تؤكد أن الحكومة هي من تقف عائقاً أمام الإنتاج، وهي ليست الشهادة الوحيدة فجهات إنتاجية كثيرة ظلت تشكو من العقبات التي تضعها الحكومة أمام الإنتاج والمنتجين من خلال سياسات تدمر الإنتاج وتشرد المنتجين رئيس الغرفة الغذائية باتحاد الغرف الصناعية عبد الرحمن عباس بشر الحكومة بأنهم على استعداد لتوفير إنتاج يغطي حاجة شمال وجنوب (شريطة) أن تفتح الحكومة الباب لمدخلات الإنتاج بعيداً عن تعقيدات سياسة بنك السودان المركزي.

الأسئلة التي تفرض نفسها هنا لماذا هذه السياسات والتعقيدات القاسية التي تتسبب في تراجع الإنتاج إلى النصف وهو سبق له أن تراجع بأكثر من النصف؟ ولماذا لا تريد الحكومة منح القطاعات المنتجة التسهيلات لتضاعف الإنتاج بأكثر من النصف بدلاً من العكس؟ ولماذا لا تسهِّل على المنتجين ليحققوا الاكتفاء الذاتي للسودان ويصدروا للدول المجاورة ويسعوا إلى العالمية.؟ وإلى ماذا ترمي من هذه السياسات المدمرة للإنتاج؟ ألا تكفي هذه السياسات الرسمية لإدانة الحكومة بأنها هي من تعمل على تجويع الشعب وإفقار السودان مع سبق الإصرار والترصد؟ نعم إنها الحقيقة. الحكومة أن منحت القطاعات المنتجة التسهيلات فهذا يحقق للسودان الإنفراج ويجعلها تحصل لاحقاً على ضرائب أفضل وباستمرارية ودون تهرب وترفع من مستوى معيشة المواطنين وترخص السلع والمنتجات وترتفع قيمة العملة الوطنية وتتوفر الوظائف لأعداد كبيرة من العاطلين عن العمل، فماذا تريد الحكومة أكثر من هذا؟.

عموماً لا أجد سبباً يفسر استمرار الحكومة في سياسات شل القطاعات المنتجة إلا لتفسح المجال أمام تجارها ليستوردوا منتجات بديلة ولتجد لها سوقاً في ظل غياب المنتجات الوطنية، وعليه الحكومة إن لم تغير سياساتها الرسمية المضرة بالإنتاج فوراً ستؤكد إنها العقبة الأساسية التي تعوق الإنتاج ومصلحته ولا بد من إزالتها.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..