ليلة المكاشفة..!!!!ا

بلامنطق


ليلة المكاشفة..!!!!

صلاح الدين عووضة
[email protected]

كلمتنا ليومنا هذا هي محض قصة لا علاقة لها بالسياسة ?لامن قريب ولامن بعيد- وذلك حتى لا يسعى البعض الى صنع (طاقية)منها
(يجربون) مقاسها على رؤوسهم كما درجوا على أن يفعلوا ازاء كل حكاية نحكيها ..
فمن حقنا أن نحكي مثل بقية خلق الله دون أن يقول لنا أحد : أنت تقصد وأنت تعني وأنت تلمّح ..
هي حكاية و(خلاص)..
وقصتنا اليوم عن واحد اسمه ? أو بالأحرى لقبه ? (عجب أمو)..
فهو شخصية ظريفة من شخصيات إحدى قرانا بالشمال بيد أنه أُبتلي بـ(أفعال) كانت حاضرة دوما في مجالس الأنس والسمر والمناسبات.. 
عقلاء البلدة من كبار السن أجمعوا أمرهم يوماً على أن يضعوا حداً لـ(عمايل) عجب أمو هذا عقب سماعهم خطبة (متوعدة) لإمام مسجدهم ذكّرهم فيها بأن الله قد يهلك قرية فسق فيها مترفوها فيحق عليها من ثم العذاب..
ورغم أن (عجب أمو) لم يكن من المترفين، ولم يكن له أشباه كثر إلا أن الكبار هؤلاء وجدوا في ما قاله الإمام رابطة (تبريرية) بين ما كانت تعاني منه زراعتهم في العام ذاك وبين (فعايل) العجب المستهجنة..
فدعوه من ثم ? أي العجب- إلى الاجتماع المشهود، والمشهور، والمحضور بدار شيخ البلدة مساء الجمعة تلك..
وجُرجر (عجب أمو) جرجرة إلى موقع الاجتماع إذ كان عاجزاً عن مقاومة أداء (طقوس كل ليلة!!)..
وماأن أدخل العجب الى المجلس المهيب وأجلس على الأرض حتى تناوب الحاضرون سلقه بألسنة حداد طارحين عليه خيارين ثالثهما الـ(متاواة!!) :
فإما أن يقلع عما يشين سمعتهم وينذر بتفشيه بين ضعاف النفوس منهم..
وإما أن يخرجوه من قريتهم لأنهم أناس (يتطهرون)!!.. 
وكان في المجلس رجل (يعرفه) العجب حق المعرفة..
وما المعرفة التي نعنيها هنا معرفة الظاهر مما يتساوى فيه العامة وإنما هي معرفة (ما وراء الظاهر!!)..
فأراد الرجل هذا أن يدلي بدلوه مع الآخرين حتى لا يفوته (فضل) الإسهام في ما يمكن أن يتمخض عن الجلسة التاريخية سيما وأن أصوات جمع نسائي تناهت إلى مسامعه من وراء حائط حوش الحريم فعلم ? من ثم – أن الـ(قرار) لن ينتظر إلى أن تُغلق على الأزواج أبواب الحجرات، أو أن (تتراص) الفُرُش في الحيشان، أو ينفض (الزبائن) من حول ست النفر..
وطفق الرجل يتحدث ويعظ وينذر ويتوعد؛ وليته لم يفعل..
فقد كان العجب ينظر إليه وعلى شفتيه ابتسامة (غريبة) بدت جلية بفعل ضوء (الرتينة) الباهر حتى إذا أوغل الرجل في الحديث، وفي الوعظ، وفي (الاستحقار) انتفض عجب أمو ورمى بـ(قنبلة) امتد تأثير (شظاياها ) الى النسوة اللائي يقبعن خلف الحائط الفاصل بين حوشي الرجال والحريم..

 وكان مما قاله عجب أمو : (سبحان الله، حتى انت يا ود عشمانة داير تنضم؟ حتى انت يا ود عشمانة عايز تعمل لي فيها واعظ؟ أها حرّم ما دام حشرت خشمك إلا اكشح القدر بالفيهو و(اليحصل يحصل) ..
والذي (حصل) في الليلة تلك بعد مكاشفات العجب كثير، كثير!!… 
كثير إلى درجة أن بعض الحجرات لم تُغلق أبوابها على الذين (يسكنون) إلى بعضهم البعض فيها كما كان يحدث في كل ليلة..
وإلى درجة أن بعض الفُرش استعصت على التراص..
وإلى درجة أن (ست النفر) نسيت واجبها تجاه زبائنها ممن ينشدون الـ(عرق) المميز..
هذا جانب مما حدث في الليلة تلك تحت تأثير كلام العجب ..
ولكن ما تجدر الإشارة إليه أن أحد الخيارين اللذين كان على عجب أمو أن يواجههما صار (قدراً محتوماً!!) أمام كثيرين..
ولزم من لم يصبهم (رذاذ) ما انكشح من (قدر) العجب حدوداً كان يمكنهم تجاوزها لولا (مكاشفات) الليلة الشهيرة!!!..
وأضحى ما يثير (العجب) في البلدة كثير بخلاف (العجب ) .

الجريدة