مقالات وآراء

أليس بين طاقم حمدوك مستشار رشيد؟!

منعم سليمان

نِصف الحقيقة أخطر من الباطل

“رئيس الوزراء يُصدِر قراراً بعزلِ والي كسلا صالح عمّار”، كان هذا الخبر عنواناً رئيساً لصحفِ أمس، وهو قرار تناول نِصف الحقيقة، إذ أن عدم التعامل مع الحقيقة الكاملة – أي مع جذور المشكلة – يعني النظر إلى العرض دون علاج المرض، ويكشف عن أن بلادنا لا تعاني أزمة موارد مالية فحسب بل تعاني أزمة موارد بشرية أيضاً، وقد استقر في قلبي كما عقلي ان معظم من يحيطون برئيس الوزراء، لا يقدمون له المشورة الصحيحة، ليس لأنهم يقصدون تضليله، بل لأنهم لا يعرفون شيئاً، لا عن جغرافية هذا البلد ولا تاريخه ولا تركيبته السكانية، فقد ساقتهم الأقدار كما حظنا العاثر إلى هذا الموقع – وإنا لله!
وحتى لا يجهلن أحداً علينا ويرمينا بإسقاطاتِ ذاته وسخائمَ نفسه؛ أقول: إن تعيين “صالح عمّار” – وهو صديقي بالمناسبة- وأيضاً تعيين ولاة آخرين، كان منذ بدايته خطأ جسيماً، وكأني بالخائن الذي رشحهم يجلس الآن واضِعاً رجله على الأخرى مبتسماً وبيده قداحة (زِناد) لإشعال السودان وحرقه، وكأنه نفس من اختار طاقم العاملين برئاسة الوزراء، الذين إذا استثنينا منهم مستشار أوإثنين؛ إضافة إلى مدير المكتب التنفيذي، نُصبح أمام لوحة عنوانها البشاعة والفشل والفوضى!

لم يثُر السودانيون ضد المعزول “البشير” لكراهية شخصيِّه أو سأماً من وجهه، بل لأنه بدل أمنهم خوفاً وجعل معاشهم جحيماً مُستعراً، وشخصياً لم تكن لدي أي ضغينة شخصية ضد البشير، وتكرس غُبني الشخصي تجاهه لاحقاً كنتيجة طبيعية لإجرامه ورعونة سياساته، وعلى أي حال لم تتولد الثورة بدواخلي لأسباب شخصية، بل كنتُ أنظر إلى النصف الملآن من كوب مشهد وجود “البشير” في حياتنا، إذ كان آخر أدوات الترفيه والتسلية في بلادنا بعد تدمير المسارح ودور السينما، وكان الرجل راقصاً ماهراً في نسخة الرقص الأكثر بدائية وابتذالاً، ولا شك انه قد حفر اسمه بمخزون الفلكلور الشعبي في بلادنا!
والناظر للقرارات التي تصدر عن رئاسة الوزارة الانتقالية؛ لن يخونه ذكاءه في اكتشاف ضعفها واضطرابها، إذ دأبت على اتخاذ القرارات الخاطئة وإعلانها في الأوقات الخاطئة، واعتادت على اتخاذ القرار اليوم وسحبه غداً، وظلّت تُكرر نفس الأخطاء وتتوقع مِنها نتائجاً مُختلفة، ولولا احتراماً عميقاً بداخلي لرئيس الوزراء، ولولا أن ثقتي بِه لا تزال راسِخة، ولولا إيماني العميق بوطنيته وتفانيه من أجل خدمة بلاده، لولا ذلك، وبصيص أمل لا يزال يتحرك بين جوانحي ، لقلتُ إن ما تقوم به هذه الحكومة تعجز عنه كل القوى الإقليمية والدولية التي تريد تمزيق وتقسيم البلاد!

قرارانِ أخيران لحمدوك يشيِانِ أن من يستشيرهم ثلة من ضاربي “الودع”، ألم يكن أجدى وأوفق لحمدوك الصبر أسبوعا فقط ليستبدل جميع الولاة وفقاً لاتفاق السلام الأخير؛ بدلاً من اتخاذ قرار فردي غير مدروس يتعلق بولاية مأزومة وإقليم فوق صفيح ساخن، ليعطي المبررات لتفُسيره بأنه انحيازاً لقبيلة ضد أخرى، فيصب الزيت في النار ويدفع إلى مزيد من القتل والحرق والدمار!

إذا كان عزل والي كسلا سيطفئ النار المشتعلة في الشرق، ألم يكن من الحصافة أن تتم إقالته ضمن كل الولاة الذين سيغادرون قريباً، بل ألم يكن أفضل لحمدوك ان ينتظر ما تبقى من وقت قليل فتتغير الولايات إلى أقاليم، فنرتاح نفسياً من ثقل الاسم (والي – ولاية) ويرتاح الوطن من أزمات الولاة والولايات وترهلها المادي والإداري!
الخطأ الثاني الذي ارتكبه حمدوك هو تصريحه الأخير بخصوص إزالة اسم السودان من لائحة الإرهاب، وهو تصريح يشي وكأن رئيس الوزراء لا يثِق بأن أمريكا سترفع عنّا العقوبات، كما يشي بأن ثمة أزمة مستفحلة بين البلدين تجعل هذا الأمر غير ممكنٍ، وهذا غير صحيح، ولم يكن حمدوك بحاجةٍ إلى الخوض في الأمر بهذه الطريقة، خصوصاً وإن أي تصريح حكومي عن هذا الشأن تتداعى له “طفيليات” سوق العملة بالخراب والدمار، فما بالك إن كان صادراً عن حمدوك نفسه، الذي جعل بتصريحه جنيهنا يتقزّم أكثر أمام الدولار، إذ ارتفع 35 جنيهاً في يوم واحد ليصل 275 جنيها، لا تفصله عن حافة الهاوية سوى جنيهات قليلة.
أليس بين طاقم حمدوك مستشارٌ رشيد؟!

‫4 تعليقات

  1. أنا أجيبك نعم ليس بينهم رجل رشيد لأن حمدوك نفسه لم يكن على قدر المسئولية إذ كيف يصر على التعامل مع نفس الأشخاص ويتوقع كما قلت أن يحصل على نتيجة مختلفة. كما أن حمدوك يتصرف وكأن هذا البلد ضيعة خاصة وهو بهذا المفهوم مستعد للتضحية بمصير أربعين مليون عشان خاطر طاقم وزاري فاشل بجدارة وكومة من المستشارين لا تصلح إستشارتهم في شأن قرية صغيرة من قرى الجزيرة . يا جماعة كيف تستعين برجل أن يدلك على شوارع الخرطوم وهو غائب عنها 30 سنة. أنا شخصيا أغيب عن الخرطوم كل سنتين ولم أرجع لا أستطيع أن أمشي لوحدة ولا أستطيع حتى أعرف كم المبلغ لم يقولي أحدهم أن مثلا هذا الشيء بتسعة ألف هل هو يقصد الجنيه القديم أم الجديد. شئتم أم أبيتم (بالمناسبة السيد حمدوك زميل دراسة) ولكن إذا استمر ستصيع البلد على يديه.

  2. ولماذا الافتراض الدائم بأن حمدوك يجهل كل هذا!! وإن كان يجهله فعلاً فهل هو جدير بأن يكون رئيس وزراء حكومة ثورة بهذه العظمة!!! وكيف أصلاً استعان حمدوك بمستشارين كيزان وبلا معلومات ومعرفة بمناطق بلدهم!! معقول بس يفوت على حمدوك الدكتور والخبير الدولي أن إقالة عمار صالح كان ممكن أن تتم بكل هدوء ضمن تغيير كافة الولاة!!! ليه بنتجاهل الحقائق دائماً وهي واضحة جداً وبنداري كل شيء بدل ما نقوله بصراحة ووضوح!!!

  3. يا عزيزي منعم : حمدوك رجل رشيد وكذلك مستشاريه علي مااعتقد .. لان راعي الضأن في الخلا .. يعلم ان السادة الولاة ذاهبون الي مثواهم قريبا جداً دعك من مستر حمدوك…
    # أذا غير الرشيد هو.. الاجهزه الامنيه التي (اوحت) والأصح (ضللت) مستر حمدوك بأنها توصلت الي ذلك الحل بالتراضي مع كل الاطراف وامرتهو باصدار قرار الاقالة .. وبلع مستر حمدوك الطعم .. شفته كيييييف الرشد مستر بيجو

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..