مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي تنذر بزعزعة الاقتصاد العالمي

تصاعدت المخاوف بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد العالمي مع اقتراب موعد الاستفتاء الشهر المقبل. ويؤكد خبراء أن هجمة التحذيرات توجه ضربة لمعسكر المناهض للوحدة الأوروبية بعد أن رسم معظم الشركاء التجاريين والمؤسسات المالية العالمية صورة قاتمة للاقتصاد البريطاني إذا قرر البريطانيون الانفصال.

العرب
لندن – انضمت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إلى الأصوات المحذرة من انفصال بريطانيا عن التكتل الأوروبي، وذلك قبيل أسابيع قليلة من توجه البريطانيين إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في استفتاء أثير حوله جدل كبير.

ومع رفض أي اتهام بالتدخل في الشؤون الداخلية البريطانية، شددت لاغارد أمس على أن خبراء المؤسسة المالية الدولية ?أتموا عملهم? وحللوا بالتفصيل العواقب المتوقعة للخروج من الاتحاد. وقالت معلقة ?لم نجد أي نقطة إيجابية?.

وحذرت في مؤتمر صحافي في لندن من مغبة خروج بريطانيا من التكتل واعتبرت أن الخطوة قد تشكل ?خطرا كبيرا? على الاقتصاد العالمي، مشددة على العواقب الوخيمة التي ستترتب عليها هذه الخطوة.

وقالت إن ?قرار مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي ليس شأنا داخليا، بل هو شأن دولي?، مؤكدة أن ?الكساد التقني (في المملكة المتحدة) هو إحدى فرضيات السيناريو الذي نراه في حال التصويت على مغادرة الأتحاد الاوروبي?.

وقدر الصندوق في تقرير تم الكشف عنه بمناسبة زيارة لاغارد لبريطانيا تراجع إجمالي الناتج الداخلي البريطاني ما بين 1.5 بالمئة و9.5 بالمئة في حـال التخلي عـن الاتحـاد.

في المقابل، إذا قرر البريطانيون البقاء في الاتحاد، فقد يرتفع النمو البريطاني من أقل من 2 بالمئة بقليل هذا العام إلى 2.2 أو 2.3 بالمئة على الأمد المتوسط.

وأشارت لاغارد إلى أن التصويت لصالح الخروج قد يثير ?رد فعل عكسي في السوق على المدى القصير? ما يهدد بدوره ?الأسعار على المدى الطويل?.

وتشكل زيارة لاغارد إلى لندن لعرض هذه الخلاصات مبادرة دعم كبيرة لأنصار البقاء في الاتحاد لا سيما رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون ووزير ماليته جورج أوزبورن، فيما مازالت الاستطلاعات تتنبأ بنتائج متقاربة جدا في الاستفتاء.

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد حذر خلال زيارته إلى لندن الشهر الماضي من أن بريطانيا قد تخسر الرخاء والنفوذ اللذين تنعم بهما إذا اختارت الخروج من الاتحاد.

وفي خطاب وصف بالعاطفي قال أوباما حينها إن ?بريطانيا ستكون في مؤخرة القائمة عند إتمام الصفقات التجارية مع الولايات المتحدة لو اختارت مغادرة الاتحاد?، ما تسبب في موجة غضب من المناهضين للوحدة الأوروبية.

وتتزامن تحذيرات صندوق النقد الدولي مع قيام البنك المركزي البريطاني بتخفيض توقعات النمو للاقتصاد البريطاني إلى 2 بالمئة خلال هذا العام من 2.2 بالمئة التي توقعها منذ ثلاثة أشهر.

كما قام أيضا بتخفيض توقعات النمو خلال العام المقبل لتصبح بنسبة 2.3 بالمئة بعد أن كانت بنسبة 2.4 بالمئة فعلامات عدم التأكد قد تزايدت بشأن خروج الاقتصاد البريطاني من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المقرر في 23 يونيو القادم.

وأبدى مارك كارني محافظ البنك المركزي مخاوفه من الصورة الضبابية للوضع وقال إن ?خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يوقعها في حالة من الركود ويمكن أن يؤدي ذلك إلى هبوط قيمة الجنيه الإسترليني وارتفاع نسبة البطالة في البلاد?.

وتراجع الجنيه الإسترليني دون مستويات 1.44 خلال التداولات الصباحية متأثرا بالمخاوف التي أشار إليها كارني، ومن المحتمل أن تشهد إغلاقا أسبوعيا دون مستويات 1.44 مما قد يفتح أمام المزيد من التراجعات خلال الأسبوع القادم.

وأشار وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن في وقت سابق إلى أن الخسارة التي ستلحق بالاقتصاد في حال الانفصال ستكون بمثابة خسارة كل أسرة 4300 جنيه إسترليني (6100 دولار) سنويا بحلول 2030.

وفي ظل هذا الوضع، أبدى شركاء بريطانيا الاقتصاديون مخاوفهم من إقدام البريطانيين على ?الانفصال?. وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في وقت سابق إن هذا الأمر سيجعلها ?أقل جاذبية? للمستثمرين اليابانيين.

وأوضح بعد محادثات مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون في لندن أن ?نحو ألف شركة يابانية تعمل في بريطانيا توظف 140 ألف شخص، إضافة إلى أن العديد من الشركات اليابانية أقامت مكاتبها في بريطانيا تحديدا لأنها بوابة الى الاتحاد الأوروبي?.

وأكد شينزو آبي أنه ?من الأفضل للعالم? أن تبقى بريطانيا في الاتحاد. وقـال إن ?أولوية اليابان هي التفاوض على اتفـاقيات التجارة مع الاتحاد الأوروبي، ومع منطقة تجارة كبيرة بدلا مـن دول منفـردة فـي أوروبا?.

وبلغت الاستثمارات اليابانية في بريطانيا نحو 55 مليار دولار في عام 2014، ولعبت دورا كبيرا في إنعاش صناعة السيارات. ويعتبر مصنع شركة نيسان في مدينة سندرلاند أكبر مصنع سيارات في بريطانيا.

ويقول مراقبون إن هذا الإجماع الواسع بين الشركاء التجاريين وتأييد قطاع الأعمال والشركات والبنوك يجعل من المستبعد أن يصوت البريطانيون للخروج من الاتحاد الأوروبي.

كما انضمت أيرلندا إلى قائمة المحذرين، حين قال رئيس اتحاد الأعمال الأيرلندي داني ماكوي إن ?خروج بريطانيا سيضع أيرلندا وبريطانيا وأوروبا في موقف مجهول وغير مأمون?. وأضاف أن ?عضويتها في الاتحاد الأوروبي ذات أهمية استراتيجية كبيرة لمؤسسات الأعمال الأيرلندية?.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..