اوباما الوديع و بوتين الحاذق

إشتد الصراع الاميركي الروسي مؤخراً بشدة مما اعاد للاذهان فترة الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي و التي بدورها افسح المجال لامريكا لتقود العالم كقوة وحيدة دون منازع ، وتاسس بموجبه النظام العالمي الجديد بزعامة الولايات المتحدة الامريكية على انقاض النظام العالمي القديم ، بينما إنكفات روسيا الى الداخل لاعادة البناء وترميم روسيا التي اُنهكت وتفككت و فقدت قوتها .
وبعد سيطرة امريكية وحيدة للعالم لفترة من الزمن تعيث فيها فساداً تحتل العراق دون إن يتحدث احد وكذلك تفعل في افغانستان ، بوش يرهب العالم بكلماته الشهيرة ? من ليس معنا فهو ضدنا ? مما جعل قادة العالم يلتفتون الى حيث يقفون واختار الجميع إن يقف مع بوش الثاني دون شروط إلا إن تلك الحروب منذ العام 2001م في افغانستان و2003م في العراق ارهقت الاقتصاد الاميركي بشدة و التي انتهت بالازمة المالية في العام 2008م .
الازمة المالية في العام 2008م جعل اوباما مكتوف الايدي فهو لم يعد يستطيع إن يفعل شيئاً سوى الثرثرة دون إن يقدم على خطوة حقيقية نحو روسيا و بوتين ففي احد المرات وصف اوباما بوتين بالطفل الغير مبال يجلس في اخر الحجرة الدراسية لكن بوتين إختار إن يتجاهل اوباما كلياً ، واعتبر بعض المراقبين أن إرسال بوتين برقية أبدى فيها تمنياته بالصحة للرئيس الاميركي السابق جورج دبليو بوش ، بعد أن أجرى أطباء جراحة تركيب دعامة بعد فتح انسداد في أحد شرايين قلبه ، علامة على أن بوتين يرسل رسالة ضمنية لأوباما .
اوباما اصبح في موقع الدفاع ينتظر ماذا يفعله بوتين من ثم يقرر هو ماذا يفعل ! فبعد إن منح روسيا حق اللجوء السياسي لإدوار سنودن المطلوب من امريكا لتسريبه ملفات استخباراتية متعلقة بتصنت وكالة الامن القومي الامريكي على العديد من الدول ومسئوليه وهو ما اغضب العديد من الدول الاوربية والتي شملتها عمليات التصنت وابرز هولاء هي المستشارة الالمانية انجيلا ميركل الحليفة القوية للولايات المتحدة و التي تعرضت هاتفها للتصنت . رداً على موقف روسيا بمنح اللجوء لادوارد سنودن إتخذ اوباما قرار عدم حضور قمة كان مقرر لها في بداية شهر سبتمبر 2013م ؛ ولقد ظلت الولايات المتحدة تهدد كل من سيمنح اللجوء السياسي او يستضيف سنودن وبلغ به الامر اعتراض طائرة الرئيس البوليفي ايفو موراليس الذي كان قادماً من روسيا بعد إن عقد قمة بينه ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد الاشتباه بوجود سنودن في طائرته والغت كل من البرتغال وفرنسا وايطاليا تصاريح الطيران الخاصة بطائرة الرئيس البوليفي وتغيير مسار الطائرة الى اسبانيا ولقد كان العديد من الدول قد ابدت استعدادها لمنح حق اللجوء السياسي لاسنودن لكن من يستطيع تحمل الغضب الاميركي غير روسيا و التي في النهاية منحته حق اللجوء وهددت امريكا بفرض عقوبات على روسيا لكن لم تبال موسكو بتلك التهديدات .
بوتين يعلم يقيناً إن اوباما لا يستطيع إن يفعل شيء خلال فترته الاخيرة في البيت الابيض و الاولى لذلك هو يريد الاستفادة من فترة الحجر الصحي الذي وضع فيها الاقتصاد الامريكي و الجيش حتى يتعافى تماماً ، ووقتها لن تستطيع موسكو فعل شيء لذلك بوتين يريد الاستفادة بقدر الامكان من تلك الموقف ليحقق بها اهداف استراتيجية مهمة جداً .
عندما لوح إدارة اوباما بالتدخل العسكري في سوريا تدخل بوتين بقوة رافضاً اي عمل عسكري يقوم بها الولايات ضد سوريا سوى منفردة او بقرار من مجلس الامن الدولي لكنه في نفس الوقت اخرج اوباما من احراج كبير بعد إن تقدم بمشروع التخلص من الاسلحة الكيميائية السورية وامريكا وافقت على مضض والتي وافق عليها الرئيس السوري بشار الاسد لكن هل سيؤدي التخلص من الاسلحة الكيميائية الى ايقاف الحرب في سوريا و الاطاحة ببشار الاسد ؟ و الاجابة هي لا بالتاكيد ، لم يكن مهماً بالنسبة لاوباما هل فعلاً سيتخلى سوريا عن اسلحتها الاستراتيجية فقط كانت تبحث عن سبب يبعدها عن الحرب ؛ وفي هذا خرج بوتين منها وهو يضحك وحظي بالاضواء واختاره مجلة فوربس الامريكية كأكثر الشخصيات تأثيرا في العالم للعام 2013م بين قادة الدول ورجالات المال والأعمال الذين يديرون العالم .
في قضية اوكرانيا تابع بوتين الولايات المتحدة وهي تنفق 5 مليار دولار لإسقاط الرئيس المنتخب فيكتور يانكوفيتش ، و زيارات السفيرة فيكتوريا نولاند المتكررة إلى اوكرانيا وكاثرين اشتون دون مبالا لكن عندما تم تجاوز الخطوط الحمراء بعزل رئيس منتخب ومنع اللغة الروسية وجه بوتين قواته بإجراء مناورات عسكرية اعقبها بالاستيلاء على عدة مؤسسات حكومية من ثم إجراء الاستفتاء التي انتهت بانفصال القرم و إنضمامها الى روسيا ومازال اوباما وحلفائه الاوربيين مكتوفي الايدي لا يستطيعون القيام باي شيء حتى العقوبات الاقتصادية لان ضررها اكثر من نفعها .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..