نحن من نعلم الآخرين كيف يتعاملون معنا!!

بسم الله الرحمن الرحيم

هل هنالك من يتحكم في حياتك الشخصية ويفرض عليك فلسفاته ومبادئه.. ويتدخل في قراراتك المصيرية كالزواج والعمل والسفر وغيرها؟ وهل هنالك من اعتاد أن يستغل وقتك ومالك ووظيفتك التي تعمل فيها؟ فإذا كنت قد تجاوزت الثامنة عشرة من عمرك وأنت ما تزال تعيش تحت سيطرة الآخرين فلا شَكَّ أنَّ هنالك مشكلة ما.. وأنت وحدك من يستطيع علاج هذه المشكلة.. يقول الدكتور فيل في كتابه استراتيجيات الحياة: ” إذا تورطت في علاقة يكون فيها شخص ما وبصورة مستمرة متعسفاً تجاهك، أو يستغلك، أو متبلد الشعور معك، فابحث عن أسباب ذلك في تصرفاتك التي تشجع على هذا السلوك.. فنحن من نعلم الآخرين كيف يتعاملون معنا “.
لديَّ صديق عزيز يعمل في وظيفة مرموقة ويتقاضى راتباً كبيراً.. وقد لاحظتُ أنه يُصِرُّ دائماً على أن يدفع الحساب عندما نتناول وجبة جماعية.. ولاحظتُ أنه يصر دائماً على توصيل الجميع بسيارته وظننتُ أن ذلك يسعده كثيراً.. ذات مرة جلسنا معاً وكان حزيناً مهموماً.. أخبرني: “أن أقاربه وزملاءه في العمل صاروا يستنزفونه مادياً ويعتمدون على سيارته حتى في مشاويرهم الخاصة.. ولا يتوقف الأمر عند أقاربه وزملائه.. فحتى أفراد أسرته صاروا يستغلونه.. وقال لي إنه صار يتوجس إذا أقبلت عليه إحدى شقيقاته مبتسمة وهي تحمل له كوباً من الشاي.. فذلك يعني أنها تريد أن تاخذ منه بعض النقود”.
استمعت إلى قصته جيداً ثم قلت له: “ولكنك نسيت شيئاً.. فحتى نحن -أصدقاءك- صرنا نعتمد عليك مادياً.. ونعتمد على سيارتك في الوصول إلى بيوتنا.. أليس كذلك؟”.. ابتسم وقال: “هذا صحيح”.. ثُمَّ أخبرني أن بعض أصدقائه المقربين استدانوا منه مبالغ مالية كبيرة ولم يردوها له بعد ذلك.. قلت له: “وهل تظن أن المشكلة في أصدقائك وأقاربك وزملائك في العمل؟ هل أنت الوحيد الذي لديه سيارة في العمل؟ لماذا لا يستغلون سيارة المدير مثلاً؟ فهل كل هؤلاء الناس استغلاليون وأنت وحدك الضحية؟ ألا يمكن أن تكون المشكلة فيك أنت؟”.
وما أزال أذكر جيداً النقاش الذي دار بيننا في ذلك المساء.. وأذكر أنني مَنْ دفعت حساب الشاي يومذاك رغماً عن إصراره أن يدفع هو.. وعندما أردنا الانصراف أقسمت أن أرجع إلى بيتنا بالمواصلات بدلاً من أن أسمح له أن يوصلني بسيارته كالعادة.. ودعته وقلت له مبتسماً: “آمل ألا أكون ممن يستغلونك يا صديقي العزيز”.
وبعد تلك القصة بأيام أخبرني أن كلماتي أزاحت عنه عبئاً ثقيلاً.. فقد كان من قبل يظن أن الجميع يستغلونه.. ولكنه أدرك أنه هو من علمهم ذلك.
والحقيقة أن الآخرين يفعلون ما يأتي معهم بنتائج.. ولن يتوقفوا عما يفعلونه إذا ظللنا نحن نسمح لهم بذلك.. أحياناً نحتاج أن نشعرهم أن ما يقومون به يضايقنا.. وأحيانا يحتاج الأمر إلى حسم فوري.. ولنتذكر أن أفضل وقت لحسم الآخرين يكون في البداية.. إذ لا يمكن أن تظل تسمح لهم بإساءة معاملتك طوال حياتك ثم تنقلب عليهم بين عشية وضحاها.. فذلك سيتسبب في قطع علاقتك بهم.. لأن ما يعتاد عليه الناس يصير حقاً من حقوقهم.. أما عندما تحسم الأمر منذ البداية فإن الآخرين سيتقبلونه سريعاً.
يُحكى أن أحدهم تزوج حديثاً.. وبينما هو في بيته أتاه أقارب زوجته.. فقام باستقبالهم عند باب بيته وطلب منهم أن يتفضلوا إلى الصالون.. ولكنهم تجاهلوا ذلك واتجهوا نحو جانب البيت حيث توجد زوجته.. قالوا له: “نريد أن نسلم أولاً على ابنة خالنا وبعد ذلك سنرجع إلى الصالون” قال لهم في صرامة: “لقد كانت ابنة خالكم قبل أن أتزوجها.. أما الآن فهي زوجتي أنا.. تفضلوا إلى الصالون.. وسأطلب منها أن ترتدي ثوبها وتأتي لتسلم عليكم” فما كان منهم إلا أن رضخوا إلى طلبه وتوجهوا إلى الصالون.. وبعد ذلك كانوا عندما يزورونه يدخلون إلى الصالون مباشرة حيث تأتي ابنة خالهم وتسلم عليهم هناك!
فيصل محمد فضل المولى
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الاستاذ فيصل كما عهدناك تلامس كتاباتك الامور الاجتماعية الهادفه لك منا كل الشكر وأنا من اشد واكثر اعجابنا لمقالاتك.

  2. كلامك درر وكله حكمة وحقيقي انا مرت بي ظروف لمت فيها نفسي لتعاملي بأسلوب لم يفهمه او يقدره بعض الناس . الطيبة تفهم على انها سذاجة والبسمة تفهم على انها تمثيل والمجاملة تفهم على انه فرض وواجب عليك وكظم الغيظ يفهم على انه جبن ووو. عني فقد اخترت التعامل بالرجوع الى نقطة البداية يعني شغل رسميات لكن مع عمل الواجب ومع ما يرضي الله عز وجل . أخي الكريم في هذه الايام ما يرضي الله ورسوله لا يرضي الناس والحال بقى معكوس ونسأل الله السلامة لكن في الآخر بقول لك ان رضا الناس غاية لا يمكننا إدراكها والأفضل هو أن نرضي أنفسنا وألا نتغير بحسب أهواء الآخرين . . فقط يمكننا عمل بعض الحدود والحواجز الأمنية وسنشعر بالسعادة وبالراحة النفسية . وشكرا.

  3. هذا حديث طيب ونحتاج مزيد من هذه المقالات المتعلقة بمشاكل المجتمع السوداني والسلبيات التي يجب على المجتمع السوداني الوقف عندها واهمها الوقت ( الوقت مهم جدا في حياتنا ) وللأسف اكثر من 80% من الشعب السوداني يتعامل مع الوقت بشكل سلبي ، واستطيع أن اقول أن الذي يكون حريصاً في السودان على وقته لا يحترم أوقات الاخرين ، لدينا كثير من المشاكل الإجتماعية ونريد تسليط الضوء عليه بشدة لا بشكل خافت ، كما يجب أن نتوقف عند هذه المشاكل لأنَّ حلها يبدأ بالفرد والفرد هو احد مكونات المجتمع لذلك دعونا نتحد ونعالج اهم مشكلة في حياتنا الإجتماعية وهي الوقت نحترم وقتنا ونحترم اوقات الأخرين حتى نسموا ونرتقي لأن الوقت كالسيف .
    قال حكيم : من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه ، أو فرض أداه ،أو مجد أثله ، أو حمد حصله ، أو خير أسسه ، أو علم اقتبسه ، فقد عق يومه ،وظلم نفسه !

  4. استاذ فيصل حيك الله…في مثل معناه اذا لم تطأطئ لن يتستطيع احد يعتلي ظهرك ، و اخر : الموالف ركوبك…….الخ

  5. تسلم يا استاذ والله دائما كتاباتك جميلة وتجد فيها ضالاتك لانها تدعوك لتتامل نفسك واين اخطات واصبت. والشي المهم الثاني انه مقالاتك تبعدنا من وجع الراس بتاع السياسة الكيزان. بس تعقيبي انه الشخص يحافظ علي الوسطية في كل اموره. وخصوصا عدد الناس المستغلين اصبح كبير جدا واي واحد ينتظر المبادرة تاتي من الاخر. وربنا يهدي الناس. وشكرا يا استاذ علي مقالاتك الرائعة.

  6. الاستاذ فيصل كما عهدناك تلامس كتاباتك الامور الاجتماعية الهادفه لك منا كل الشكر وأنا من اشد واكثر اعجابنا لمقالاتك.

  7. كلامك درر وكله حكمة وحقيقي انا مرت بي ظروف لمت فيها نفسي لتعاملي بأسلوب لم يفهمه او يقدره بعض الناس . الطيبة تفهم على انها سذاجة والبسمة تفهم على انها تمثيل والمجاملة تفهم على انه فرض وواجب عليك وكظم الغيظ يفهم على انه جبن ووو. عني فقد اخترت التعامل بالرجوع الى نقطة البداية يعني شغل رسميات لكن مع عمل الواجب ومع ما يرضي الله عز وجل . أخي الكريم في هذه الايام ما يرضي الله ورسوله لا يرضي الناس والحال بقى معكوس ونسأل الله السلامة لكن في الآخر بقول لك ان رضا الناس غاية لا يمكننا إدراكها والأفضل هو أن نرضي أنفسنا وألا نتغير بحسب أهواء الآخرين . . فقط يمكننا عمل بعض الحدود والحواجز الأمنية وسنشعر بالسعادة وبالراحة النفسية . وشكرا.

  8. هذا حديث طيب ونحتاج مزيد من هذه المقالات المتعلقة بمشاكل المجتمع السوداني والسلبيات التي يجب على المجتمع السوداني الوقف عندها واهمها الوقت ( الوقت مهم جدا في حياتنا ) وللأسف اكثر من 80% من الشعب السوداني يتعامل مع الوقت بشكل سلبي ، واستطيع أن اقول أن الذي يكون حريصاً في السودان على وقته لا يحترم أوقات الاخرين ، لدينا كثير من المشاكل الإجتماعية ونريد تسليط الضوء عليه بشدة لا بشكل خافت ، كما يجب أن نتوقف عند هذه المشاكل لأنَّ حلها يبدأ بالفرد والفرد هو احد مكونات المجتمع لذلك دعونا نتحد ونعالج اهم مشكلة في حياتنا الإجتماعية وهي الوقت نحترم وقتنا ونحترم اوقات الأخرين حتى نسموا ونرتقي لأن الوقت كالسيف .
    قال حكيم : من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه ، أو فرض أداه ،أو مجد أثله ، أو حمد حصله ، أو خير أسسه ، أو علم اقتبسه ، فقد عق يومه ،وظلم نفسه !

  9. استاذ فيصل حيك الله…في مثل معناه اذا لم تطأطئ لن يتستطيع احد يعتلي ظهرك ، و اخر : الموالف ركوبك…….الخ

  10. تسلم يا استاذ والله دائما كتاباتك جميلة وتجد فيها ضالاتك لانها تدعوك لتتامل نفسك واين اخطات واصبت. والشي المهم الثاني انه مقالاتك تبعدنا من وجع الراس بتاع السياسة الكيزان. بس تعقيبي انه الشخص يحافظ علي الوسطية في كل اموره. وخصوصا عدد الناس المستغلين اصبح كبير جدا واي واحد ينتظر المبادرة تاتي من الاخر. وربنا يهدي الناس. وشكرا يا استاذ علي مقالاتك الرائعة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..