قصة قصيرة. احباط محاولة هروب

من المؤكد أنه بغريزته، استطاع أن يتكهن بسر مباحثاتنا مع صاحبه، و سبب تحسسنا لجسده بين الفينة والأخرى. لذا كان ينظر إلينا شذراً متحدياً، وقرونه مشرعة، كأنه يتهيأ للقتال. قال صديقي:
– الخروف ده مِنّو خوف
لم أهتم لذلك كثيرا، تكاثرنا عليه وحملناه قسراً، ووضعناه داخل صندوق السيارة، غير عابئين بهياجه، ورفسه لجوانب الصندوق، وأقفلت عليه. عدم تقديري لخطورة الأمر، جعلني أطلب من صديقي، عدم تكليف نفسه بمرافقتي، وأنني قادر على إنزال الخروف بنفسي.
2-
وصلت إلى البيت، فتحت صندوق السيارة،أمسكت برجليه الخلفيتين. وبما أني قليل خبرة بمثل هكذا مواقف، لم أحكم قبضتي عليه جيداً، فاغتنم الفرصة، وكال لي رفسة أطاحت بي أرضاً، ثم أطلق ساقيه للريح .
من خلف ذهولي، نما خوفي عليه، إن هو اتجه صوب الطريق المزدحم بالسيارات، فيحدث ما يحدث، ويضيع يومنا بين أقسام الشرطة والتحقيقات، وربما يتطور الأمر إلى دفع تعويضٍ لمن يتضرر،إلا أنه، ولحسن حظي، كان (خروف بادية)، نأى بنفسه عن خوض تجربة كهذه، واتجه ناحية الحواري والأزقة الضيّقة.
3-
بيني وبين الركض، عشرات السنين، لكني اضطررت الآن للركض مجبرا، بالرغم من الرطوبة التي أكلت مفاصلي. تتراءى أمامي الجنيهات الألف، التي دفعتها ثمنا له، ويعز علي أن أراها تطير، وسيادة ( الخروف) العزيز، ينفلت مني ويراوغني. ركضت خلفه حتى تقطّعت أنفاسي، أتعثر تارة، وتتداعى مفاصلى، وأكاد استسلم لليأس، لولا خيال جنيهاتي الآيلة للضياع، يلوح لي، فأعاود الركض من جديد.
4-
– يا ابن العم بالله ما شفت خروف جاري من هنا..؟؟
سؤال أردده آليا لكل من يقابلني، وحين أعياني الركض والسؤال. اتصلت بصديقي، متجاوزا ما شعرت به من حرج، وطلبت منه أن يأتي بسيارته ليعاونني.
ومن ثم استكملنا المطاردة راكبين. مشّطنا الحي تمشيطاً دقيقاً، ولا أثر لخروفي العزيز
يعني إيه..؟؟ راح الخروف وطارت الجنيهات..؟؟
استعرضت في ذهني ،كل البدائل والحلول، بداية من اللجوء لمخزون الجنيهات الاستراتيجي الشحيح، وصولا إلى صرف النظر عن الضحية هذا العام . إلا أني تمسكت ببصيص أمل، في إيجاد الهارب العزيز، وفي كل الأحوال لكل حادثة حديث.
5-
– ياعم، أنا شفت حاجة بتتحرك في البيت المهجور هناك
أشار الصبي بيده ناحية البيت المتهدم، حين سألناه إن كان قد رأى خروفنا العزيز.
ركض صديقي ناحية البيت راجلا، وآزرته راكبا. استكشفنا المكان، فوجدنا أن له مدخلاً واحداً، سددته بالسيارة، ودخل صديقي للبحث . بعد فترة سكون، سمعت صوت أقدام وصياح، ثم صوت صديقي يصرخ عالياً:
– ألحق ..مسكتو ليك
أسرعت داخلاً، وبيدي حبل متين، وفي بالي أنها الفرصة الأخيرة، أضحي أو لا أضحي، يا أنا يا الخروف.
هذه المرة، أحكمت قبضتي عليه، ولففنا الحبل، حول ساقيه وعنقه بإحكام مفرط، حتى خفت أن يلفظ أنفاسه.
6-
أحلى لحم مشوي في حياتي، تناولته في هذا العيد. كلما أتيت على طبق منه، أتذكر معاناتي، اتحسس مفاصلي، ثم أطلب طبقاً آخر.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..