الدكتوراة … ودال الدكتوراة

إنني مع الذين يشجعون العلم والمعلمين والمتعلمين … و ﻻ يتوقف الحصول على العلم في سن معينة … بل يجب أن يتواصل من المحبرة إلى المقبرة … أي ﻻ نهاية له إلا بالموت … وحيث هنالك يقبر صاحبنا في المقبرة … بس ليس على شاكلة ( مقبرة جماهير الهلال ) …وإذا مات ابن آدم ؛ فإن علمه الصالح يكون رصيده يوم القيامة … ﻻ أقول هو العلم الديني فقط … بل أي علم ينتفع به في هذه الحياة الدنيا وتلك الأخرى … والدنيا مطية الآخرة ، نعمل فيها ما يصلح لآخرتنا …فالذي يكتشف وسيلة لمنع تأثر الإنسان من جراء مكالماته عبر الهاتف المحمول فهذا أمر دنيوي … ولكنه أيضا أمر أخروي ، لأنه حافظ على سلامة الإنسان وبالتالي بوسع هذا الإنسان أن يؤدي الأعمال المفروضة عليه كالصلاة فهو سليم العقل والجسم …والذي يكتشف اﻷلياف الصناعية الراقية والتي نصنع منها ملابسنا فهو أمر دنيوي .. ولكن كونه يلبسها وهو متجه ه إلى لقاء ربه وعند ذهابه إلى المساجد .. أليس ذلك مما يحبه الله ؟؟؟!!!! إذا ذلك الإبتكار عمل أخروي ….إن العلم لا يتوقف بالحصول على الشهادات الجامعية : البكالوريوس ، والدبلوم ، والماجستير ، والدكتوراه … فعلى الإنسان أن يسعى لكل ما ينفع الناس إلى أقصى نطاق … وقد كنت حريصا أن أواصل دراستي في مجال تخصصي إلا أنني لم أجد تشجيعا من حكومتي … ولا من أهلي … على الرغم من أنني كنت متفوقا على أقراني … فاتجهت إلى الحياة العملية … ولما حانت لي فرصتين للمواصلة في الدراسة في سنوات متأخرة ، وكنت قبلها قد قررت مجاورة بيت الله الحرام … فواصلت قرار المجاورة ، على أمل أن أحقق لأبنائي مواصلة تعليمهم إلى أقصى حد … وتشجيعهم على ذلك ….
أما دال الدكتوراة … فهذا مما أبيتلينا به في هذا العصر … فيحرص كل من نال درجة الدكتوراة أن يوسم تعريفه بهذه الدال كتابة .. أو لفظ دكتور … سواء هو من يقوم بذلك … أو الذين يخاطبونه …وإذا لم يفعلوا ذلك كأنهم قد إنتقصوا من حقه … وذات مرة كنا في عشاء مع أحد الأخوان الذين نالوا درجة الأستاذية ( بحيث يخاطب بعبارة بروف … وهي إختصار للفظ بروفيسور ) … فسهى أحدنا مخاطبا هذا البروف … فقال يا دكتور .. وتدارك سريعا .. فقال يا بروف !!!! ما هذا التكلف ؟؟ خلوا الأمور عادية … وخلوا الشهادات العلمية في أماكنها …بالله عليكم في واحد سمع بالرئيس الأمريكي (أوباما ) يوسم ب ( دكتور أوباما ) مع أنه حامل على شهادتي دكتوراة … أو سمع برئيس الوزراء البريطاني يقال له : ( دكتور كمروني ) أيضا حاصل على الدكتوراة !!!! وغيرهما كثير … إلا أننا العرب مولعين بهذه الألقاب فنسمع … دكتور حسن الترابي … و دكتور المالكي … و دكتور يوسف الكودة … ودكتور السنيورة …وغير ذلك تماما كالرتب العسكرية والنياشين والأنواط .. أصبحت فخرا ومباهاة والعياذ بالله …. أذكر في السعودية أحد المشايخ نال درجة الدكتوراة في علم من العلوم ، فكره لنفسه أن يوسم ب ( دكتور ) … وظلت كتاباته كلها بدون هذا الموسم ، بل عاب على الذين يقدمون أسماءهم لفظ ( دكتور ) فقال : ( وزاد في الزمان علة ، وفي الطين بلة ،أن صار غالب الحاصلين عليه يقدمون أسماءهم في محراتهم تصريحا بلفظ ” دكتور ” أو رمزا إليه بحرف ” د ” ويتلفظون به عند التعريف بأشخاصهم ، وما هذا إلا من الذوق الهالك ، والمناكدة لأهل اللسان العربي وعلى أرضيته ) …وزاد رحمه الله : ( وهل هذا إلا إثر إعجاب بالنفس ، وما الإعجاب بالنفس إلا أثر ضعف ، ولم تتناوله التربية بتهذيب ، وإنه من باب العتب الجميل ….. وما هذا إلا من إستبدال الأدنى بالذي هو خير ..وذلك الخير هو لقب أب في شأنه : أبونا إبراهيم شيخ الأنبياء ) … وقال الشيخ عبد الله بن حميد شيخ الحرم المكي في زمانه :
استبدلوا لفظ الفقيه بغيره
ومن الغريب محدثون دكاترة
والله لو علم الجدود بفعلنا
لتناقلوها في المجالس نادرة
وتكلم كثيرين عن هذه الدال ” د ” فقال البيروتي : أما هذا اللقب فهو مضطرب الدلالة …وقال الشيخ علي جواد طاهر : إن هذا اللفظ مستورد من عدو لنا …وقال الشيخ : إن هذا اللفظ ﻻ يمت اللسان العربي بصلة … فهو أتي ﻻ أصل له … والأتي هو الغريب …وقال عبده زايد : إن إغراء هذا اللقب جعل الكثيرين يتمسحون به بحق ، وبغير حق ، فالطبيب يصدر اسمه به ، والصيدلي كذلك حتى الحاصلين على الدكتوراة الفخرية يصدرون أسماءهم بلقب ( د / أو دكتور ) فاختلط الحابل بالنابل …وظهر في زماننا هذا التسابق لنيل هذا اللقب من أجل الأبهة والعظمة من قبل الكثيرين مما أصبح السوق محموما ورهيبا ، حيث ظهرت معمعة التزييف … بدءا بتزييف الأوراق الأختام والتوقعات … إلى تزييف المادة العلمية والبحث العلمي نفسه …وكنت في سبعينات القرن الماضي أتابع سهرة في تلفزيون السودان مع الإذاعي المرموق(حمدي أولاد ) فتقدم أحد المشاركين بتعريف اسمه ، فقال : دكتور ….فما كان من بولاد إلا إن ( يحكها ) شوية … فقال له : دكتور في إيش ؟؟؟ فقال أخونا : طبيب !!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. نفس الموضوع طرح في مساحات الراكوبة ولكن طرح بطريقة اخرى ، فتغيرت فقط لغة التعبير ولكن نفس الخلاصة.

    اتذكر طرح من قبل الكاتب ( احمد محمد ) رغم الهجوم الكثير الا الموضوع كان حافل بالعديد من الاخطاء اليومية في التعامل السوداني .

    مع امنياتي لك بالتوفيق وان تتطرق لمواضيع الساعة العالمية والمحلية وهي كثيرة …

  2. دائما ما تأتي أمثال هذه الكتابات من الذين تخلو أسمائهم منها ، لو كان يسبق أسمك حرف الدال لما كنت كتبت ماكتبت …حاسد ….قال أما دال الدكتوراة … فهذا مما أبيتلينا به في هذا العصر … فيحرص كل من نال درجة الدكتوراة أن يوسم تعريفه بهذه الدال كتابة …
    لم كنت تعرف التعب الذي يسبق هذه الدال .؟؟؟؟

  3. انت ماسمعت بان احد القدمين للبروف التجانى حسن الامين(احد الذين لا يجيبك الا ان تنعته بها)الن انه نسى كلمة بوف فقدمة بكلمة (الكربريتر التجانى )….

    فعلا كربريتر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..