نزع سلاح الجيش الشعبي.. الحرب أولها كلام!!

نزع سلاح الجيش الشعبي.. الحرب أولها كلام!!
حسن بركية
[email protected]
قال انشتاين عندما أخترعت القنبلة الذرية(الإنسان الأن يدق باب جهنم بعنف وبعد قليل سوف يصحو الموت ليحصد أرواح الجميع) وفي السودان حاليا أكثر من جهة تدق طبول الحرب وتهدد بإشعالها وتتدهور الحالة السودانية المتأزمة أصلا أكثر وتتبدي ملامح الصراع القادم في عدة مناطق بالبلاد،وفي ظرف أقل من شهر تدحرجت الحالة السودانية وإقتربت من نقطة الخيار صفر مع الصراع العنيف في أبيي والتهديد المتواصل من قبل قيادات عليا في الدولة بالحرب! الحكومة في الخرطوم تبدو غير مستعدة للتنازل عن الوضع الذي حدث بقوة السلاح في أبيي وحكومة الجنوب ترفض أيه حلول قبل إنسحاب القوات المسلحة من أبيي وتمضي حكومة الخرطوم أكثر من ذلك عندما تهدد بنزع سلاح الجيش الشعبي في النيل الأزرق بالقوة.
(1)
التطورات المتلاحقة في المشهد السياسي السوداني هذه الأيام تؤشر بوضوح لحالة من عدم الاستقرار في كل الأصعدة وربما تعمل علي إزالة كل معالم الدولة الحديثة لقطر يسمي(السودان) أو قل سيعتمد السودان بصورة رسمية ونهائية علي رأس قائمة الدول الفاشلة- تعريف الدول الفاشلة لا يزال غامضا و لكن ثمة مقدمات حادة للفشل، منها بعض الدول لا تتمكن من الاحتكار والاستخدام الشرعي للقوة بما يعرضها للاضطرابات. بعض الأنظمة تنقصها السلطة الكافية لاتخاذ قرارات جمعية أو القدرة على تقديم الخدمات المجتمعية. وفي دول أخرى تلجأ الجماهير للسوق السوداء وتفشل في دفع الضرائب وبعضها يلتحق بحركات للعصيان المدني. الدول الفاشلة على المستوى الخارجي، وبعيدا عن حالات التدخل العارض، ربما تكون سيادتها مقيدة تلقائيا من خلال فرض العقوبات الاقتصادية والسياسية أو تواجد قوات مسلحة خارجية على أرضها أو بعض القيود العسكرية الأخرى مثل حظر الطيران في إحدى المناطق داخل المجال الجوي للدولة…الخ ملامح الفشل تتبدي بوضوح في حالة الدولة السودانية.
(2)
وتظل قضية أبيي مع غيرها من المناطق المتلهبة(دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق)من القنابل المقوتة التي قد تنسف الاستقرار النسبي وترجع بالبلاد إلي مربع الحرب الشاملة وخاصة أن جهات كثيرة بدأت تقرع طبول الحرب بعد إجتياح القوات المسلحة لمنطقة أبيي وبالأمس وضع مجلس الأمن النقاط علي الحروف وطالب الحكومة السودانية بسحب الجيش من أبيي بصورة فورية . وحذر مجلس الامن من ان عدم امتثال الخرطوم لاتفاقية السلام المبرمة عام 2005 يمكن ان يعرض المزايا التي من المقرر ان تحصل عليها للخطر.
وقال دبلوماسيون ان المسودة الامريكية الاصلية استخدمت عبارة “التطهير العرقي” ولكن اعضاء اخرين بالمجلس جادلوا بان ذلك قد يؤدي الى المبالغة في القضية. وحذفت العبارة من البيان الاصلي الذي اقره المجلس.
(3)
وفي ذات الاتجاه قرعت طبول الحرب في عدة مناطق منها منطقة النيل الأزرق بعد أمهل المؤتمر الوطني والي النيل الأزرق مالك عقار حتي التاسع من يوليولفك إرتباطه بالجيش الشعبي أو فقدان منصب الوالي ومضي الوطني أكثر من ذلك عندما قال علي لسان هجو قسم السيد نائب رئيس المجلس الوطني(قوات الجيش الشعبي ستخرج من النيل الأزرق بالتي هي أحسن أو بالتي هي أخشن).وبلغ التصعيد قمته عندما قال عقار في تصريحات صحفية ?? قوات الجيش الشعبي ستدافع عن نفسها إذا حاولت القوات المسلحة الحكومية نزع سلاحها بالقوة وأكد أنه أعطى أوامر لقواته بالدفاع عن نفسها إذا اقتربت منهم القوات الحكومية.،،وكان المستشار الصحفي لمالك عقار النزير ابراهيم قد نفي امكانية عزل عقار من منصبه لأنه منتخب لخمس سنوات.
(4)
وبعيدا عن جبهة أبيي وعقار دخلت الحكومة السودانية في جبهة صراع أخري مع بعثة الأمم المتحدة وقوات اليونميس وطالبت برحيل تلك القوات مع حلول فجر التاسع من يوليو القادم في حين إعتبرت البعثة الأممية أن أمر بقائها أو رحيلها بيد مجلس الأمن وليس الحكومة السودانية،ولكن الحكومة السودانية وعبر العديد من الواجهات التابعة لها صعدت من لغة خطابها مع البعثة الأممية ووصلت مرحلة التهديد بالحرب وأعلن اتحاد عام طلاب ولاية الخرطوم عن تشكيل كتائب قتالية لمواجهة قوات بعثة الأمم المتحدة بالسودان (يونميس) إذا لم تغادر حسب الموعد الذي حددته الحكومة.
(5)
وتظل الحالة السودانية مرشحة لمزيد من التدهور في ظل التيارات العديدة التي ظهرت إلي سطح الأحداث تتوعد وتهدد مع سيطرة لغة الحرب والقتال علي المشهد السياسي ويري عدد من المراقبيين أن هذه التنظيمات والجماعات التي تتحرك بتوجيه من المؤتمر الوطني لن تفيد البلاد في شيئ وخاصة الحرب وسيلة مجربة وغير مفيدة ومن الأفيد للشمال والجنوب حل كل النزاعات بالطرق السلمية.ويقول البروفيسور صلاح الدومة أستاذ العلاقات الدولية أن الحلول السلمية والعقلانية هي الأفضل ويضيف مايقال عن الحرب ونزع السلاح بالقوة وغيرها من الشعارات هي مجردإنفعالات لحظية.
ومع إقتراب التاسع من يوليو موعد فك الارتباط النهائي بين الشمال والجنوب تظل عملية نزع أو تسريح قوات الجيش الشعبي في جنوب كردفان والنيل الأزرق من القضايا الشائكة التي لاتحل عبر التصريحات والخطب الحماسية وخاضة أن حوالي 45 ألف مسلح من أبناء تلك المناطق لا يزالون في قوات الجيش الشعبي وقال فليب أقوير الناطق الرسمي باسم الجيش الشعبي أن السلاح الذي بحوزتهم لايخص الجيش الشعبي ولذلك لن ننزع سلاحهم.أنتهي حديث أقوير والخلاصة أن أيه محاولة لنزع سلاح أبناء(جبال النوبة والنيل الازرق)في الجيش الشعبي بالقوة ودون وضع إعتبار لتعقيدات الاوضاع هناك هو بمثابة قرع لطبول الحرب
نعم أيها السودانيون الأماجد نقترب رويداً رويداً نحو نقطة الصفر إما أسود وإما أبيض، إما سودان أفريقي عربي مسلم ومسيحي ومتعدد الديانات وإما سودان عربي مسلم فحسب، بدت الحكاية منذ عقود خلت ونحن نسير نحو نقطة الصفر بدايةً بالجنوب حيث كانت البداية هناك بحركات صغيرة جداً متمردة ونمت قليلاً قليلاً ورغماً عن ما وجهتها هذه الحركات الصغيرة من حروب ضروسة استخدمت فيها كل الأسلحة من البندقية أم طلقة ومروراً بالبندقية أم عشرة طلق و …و .. وحتى سلاح الدبابين تحت مسمى الجهاد الإسلام المقدس….. لكن ماذا كانت النتيجة؟ إنفصال الجنوب. وياليت الأمر انتهى بإنفصال الجنوب ….. ، لكن القضية اتسعت حتى وصلنا محطة دارفور حيث كانت المشكلة أيضاً في بدايتها لا تتعدى عصابات نهب مسلح ثم شيئاً فشيئاً حتى أصبحت القضية قضية عالمية بامتياز والاتهامات الموجهة لرأس النظام الحاكم في الخرطوم ….. وما إلى ذلك. ثم اقتربنا أكثر من نقطة الصفر بظهور معضلة النيل الأزرق وما يحيط بهذا الملف من تعقيدات مميتة حتى أصبحنا على مرمى حجر من ساعة الصفر عندما وصلنا إلى محطة جنوب كردفان فبالتالي الموضوع قرب يخلص ، ألا ترون أن الأراضي السودانية تتآكل شيئاً فشيئاً لصالح القبائل الأفريقية وأن الأمر سيحسم لصالحهم في النهاية