مقالات وآراء

التروس والدروس إلى حين إشعار آخر

الباقر علي محمد الحسن 
 

التروس بالرغم من أنها تخنق الواردات الضرورية التي تمس حياة المواطن في الداخل السوداني ، إلا أنها كشفت عن كثير من الخلل العظيم في كافة إجهزة الدولة ، بدءا بالأمني والوزارات المنوط بها إمر الصادر والوارد ، التروس كشفت بصورة فاضحة عن البلد سايبة وما عندها وجيع ، لأن المصلحة الذاتية الخاصة تغلب على المصلحة العامة، كيف يسمح لمصدر إجنبي أن يبيع ويشتري دون علم وزارة التجارة أو تدخل البنك المركزي؟ أين وزارة المالية من كل هذا العبث الذي طال العملة الوطنية تزويرا وطباعة ؟ هل يجري التحقيق في ذلك أم لا ؟ هل تحركت الوزارات المعنية الى مواقع التروس في خطي طريق حلايب وشريان الشمال لمعرفة الإهدار في عائدات الصادر  المفترضة؟ هل هناك تشريعات تحكم العلاقة التجارية بين دول الجوار؟ أم أن هناك  عيوب وخلل بهذه القوانين والتشريعات يجب تداركه ومعالجته على وجه السرعة ؟ هذه التروس كشفت  عن إن دول الجوار سيتأثر إقتصادها إثر هذه الإغلاق، وترتفع نسبة التضخم فيها الى 40% ، في المقابل ، كم تسبب هذا الانفلات في التأثير على الداخل السوداني ، إن كان في قيمة العملة أو الغلاء الوحشي الكاسر والتضخم المتصاعد بالرغم من المعالجات الخجولة والمتواضعة .

 لنلقي نظرة خاطفة وعجلى على حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان والذي شهد ارتفاعا ليصل إلى 5.674 مليون دولار عام 2019 مقارنة بنحو 9.610 ماليين دولار عام 2018 بنسبة ارتفاع بلغت 4.10٪ الأمر الذي يمثل تطورا  إيجابيًّا وملموسا على صعيد المبادلات التجارية بين البلدين ، ورغم ذلك يُعد حجم التبادل التجاري بين البلدين منخفضا مقارنة بعام 2017 بمقدار 9.113 مليون دولار .
وتشير الإحصاءات إلى أن الميزان التجاري بين البلدين قد حقق فائضا لصالح مصر بلغ 7.260 مليون دولار خالل عام 2019 ، حيث بلغ حجم الصادرات المصرية إلى السودان نحو 6.467 مليون دولار خلال عام 2019 مقابل 9.206 ملايين دولار حجم الواردات المصرية من السودان خلال عام  2019  هذه البيانات غير موثوق بها مطلقا ، بالرغم من علاقات الجوار بين البلدين الا أنه لم تنظم عملية التجارة بين البلدين الى إتفاقيات واضحة توضح الآليات وتوضح القوانين التي يخضع لها الصادر والوارد وما أشير إعلاه من قراءات وبيانات وإحصاءات هي بيانات صادرة من الجانب المصري، حيث أن الميزان التجاري حقق فائضا لصالح مصر ، لأن السلع الاستراتيجية السودانية المهربة مثل الذهب ، الماشية ، القطن ، السمسم ، الصمغ ، القمح ، الفول السوداني حتى الرمل الأبيض (السيليكون) لم  تخضع للمضابط الرسمية لدى البلدين وإلا لكان الفرق واضح في الميزان التجاري لصالح السودان
الاتفاقات التي وقعها البلدان ، الكوميسا  منطقة التجارة العربية الحرة أو إتفاقية الحريات الأربع ، كلها تخضع للمزاج السياسي أكثر منها إعطاء للحقوق المتساوية بين البلدين فمثلا الشاحنة المصرية تدخل السوق السوداني عبر الطرق الرئيسة دون رسوم وتحمل فوق الإوزان المسموح بها في طرقنا ويهربون عملة مزورة لشراء بضائع ومنتجات يتم تهريبها أما في الجانب المصري تقف الشاحنات السودانية بالأيام ولايسمح لها بالدخول الى قلب مصر بل تعد شاحنات مصرية يتم عليها شحن المنتجات القادمة من السودان بعد إخضاعها للتدقيق والفحص ودفع الرسوم اللازمة .
من الناحية الاستراتيجية على السودان أن يعمل خلق صناعات تحويلية لكل منتجاته ، على الأقل ذات العائد العالي مثل الذهب واللحوم والسمسم والفول السوداني وأن تعاد المحالج الى سيرتها الأولى.
أن تتم معالجة القصور والخلل في تشريعات وقوانين التجارة  البنية بيننا وبين دول الجوار ، أن تتم مراقبة الحدود منعا للتهريب ومنعا للإتجار بالبشر والحد من تهريب المخدرات ، كل الذي أبتلينا فيه أننا نفتقد الإدارة الوطنية الرشيدة والضمير الحي ، أن نلوم أنفسنا في إفراطنا وتفريطنا ،  منعا للإستغلال المشين علينا نعلي من الوطن فوق كل المصالح الذاتية والخاصة ، السودان يتمتع بثروات متعددة يمكن أن تخرج البلاد والعباد من الكبوات التي يعاني منها ، الى ذلك الحين ، التروس والدروس الى حين إشعار آخر .
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..