قواعد التنافس السياسي و اشكال التنازع

عثمان عثمان: ضربت مثلا على التنافس في المجال الاقتصادي في المجال الرياضي، ماذا عن التنافس في العمل السياسي هل هو نوع من أنواع التنازع أم أيضا هناك تنافس سياسي؟

عبد الكريم بكار: أكيد التنافس في المجال السياسي من نوع آخر لأنها السياسة في الأساس هي لا تقوم على النقاء يعني ليست هناك سياسة ليس فيها تقية ليست هناك سياسة ليست فيها مناورة دائما السياسة فيها ظاهر وباطن وهذا له أسبابه طبعا، فالتنافس دائما في المجال السياسي يأخذ أحيانا شكل فضائحي يعني ترتب المؤامرات وترتب التهم وترتب المقالب والأفخاخ فالتنافس في المجال السياسي يغلب عليه دائما السوء، لكن شر لا بد منه لأنه إذا منعنا التنافس في المجال السياسي فهذا يعني أننا سنصير إلى استبداد، في حال الاستبداد أسوء بكثير، نتائج الاستبداد وعواقب الاستبداد أسوء بكثير من نتائج التنافس السياسي.

عثمان عثمان: المعارضة السياسية للأنظمة القائمة هل تعتبر نوعا من التنافس أم تعتبر تنازعا على السلطة؟

عبد الكريم بكار: الأمر قريب من بعضه فيما أرى، نحن لا نعمم أكيد هناك أناس يعارضون من أجل الإصلاح وليس لهم مطامع في السلطة ولكن معظم الأحزاب السياسية تتطلع إلى أن يكون لها دور في السلطة أو أن هي تستلم السلطة لكن كما قلت إذا لم يعجبك شيء فانظر إلى بدائله وحين إذن تستطيع أن تقومه تقويما صحيحا، المنافسة السياسية سيئة ولكن الأسوأ منها أن لا تكون موجودة.

عثمان عثمان: إذا لم تكن موجودة فنتحدث هنا عن استبداد.

عبد الكريم بكار: تماما لأنه في لاعب سياسي وحيد يتصرف كما يشاء لا يخاف من أحد لا يخشى المساءلة وبالتالي السلطة المطلقة فساد مطلق.

عثمان عثمان: لماذا يقع التنازع والخلاف فضيلة الدكتور ما هي الأسباب التي تؤدي إلى ذلك؟

عبد الكريم بكار: حقيقة الأسباب مركبة وكثيرة وكثير من هذه الأسباب موضوعي يعني أولا اسمح لي أفصل فيها قليلا لأنه بعض الناس يظن أن كل تنافس وكل تنازع وكل خلاف هو شر، الحقيقة في أنواع كثيرة من الخلاف هي شيء لابد منه شئنا أم أبينا العقل البشري حين يتعامل مع الأشياء لا يتعامل بطريقة مباشرة وإنما يتعامل عبر أدوات أدوات، أدوات العقل أدواته في الفهم في التحليل في الإدراك أدواته هي المفاهيم المصطلحات التعريفات وهذه كلها للأسف مصابة بالقصور الذاتي وهي جزء من قصور نظم اللغة، نظم اللغة في التعبير وفي الشرح وفي التفسير وفي الفهم وفي الإدراك كل نظم اللغة في كل اللغات مصابة في القصور وبالتالي نريد أشياء ولا نجد التعبيرات المناسبة عنها، ومن هنا سوء الفهم في الخطاب وفي الحديث وفي إدراك الأشياء سوء الفهم ليس شيئا نادرا وإنما شيء شائع جدا في عندنا قضية لما نحن نأتي لنقيم الواقع يعني لما أقول نحن والله نتنافس في الإصلاح وهذا من أجمل أنواع التنافس أنه الواحد يقدم لبلده شيء جيد حسب ما يستطيع، دائما التنافس في الإصلاح يقوم أساسا على تشخيص الواقع، الواقع المعيش هو ذو طبيعة زئبقية تحاول أن تمسك به ولكن في الحقيقة أنت لا تحصل على شيء مع أننا نستخدم الأرقام والمسوحات والإحصاءات ولكن هذه كلها في النهاية نتائجها نسبية، لما نختلف في فهم الواقع يترتب عليه الخلاف في علاج الواقع تماما كما يختلف طبيبان في تشخيص حالة مريض النتيجة للخلاف في التشخيص هي الخلاف في المعالجة وفي الأدوية التي ستكتب، أيضا الجهل من أكبر أسباب التنازع والتنافس الأمم لما تكون في حالة تخلف وفي حالة بدائية ما بصير في تفريق لدى الناس بين الحقائق المطلقة أو خلينا نقول الحقائق الثابتة وبين وجهات النظر فالذي معرفته محدودة يتعامل مع وجهات النظر على أنها حقائق ثابتة وبالتالي فهو يتعصب لها ويدافع عنها ومستعد أن يقاتل من أجلها، هلأ حين الإنسان لما ينضج لما يفهم يعرف أن هذه هي تنويعات على الحقيقة وتلوينات على الحقيقة وليست هي الحقيقة، الحقيقة المشتركة موجودة ولكن أيضا لما ندخل بالتفاصيل فطبيعي أن نختلف وأعذرك وتعذرني بل أحيانا لما ندخل، أنا أقول لما ندخل بالتفاصيل لا مناص من الخلاف أبدا وهناك قاعدة في هذا الموضوع هي أننا كلما اتجهنا باتجاه الأصول والكليات والمشاهد الكبرى يكون الخلاف نادرا، حين نأتي إلى الفرعيات وإلى الجزئيات وإلى التفاصيل يصبح الاتفاق نادرا بل يصبح دليل مرضي يعني إذا نحن كنا نتفق إذا اتفقنا بالتفاصيل فهذه مشكلة معنى ذلك أننا لا نجتهد ولا نفكر وهذا يعني أن بعضنا يقلد بعضا، طبعا الاستبداد أيضا هو سبب من أسباب أيضا النزاع لأن المستبد يعتمد على طائفة يعتمد على طبقة يعتمد على قبيلة يعتمد على حاشية ويغدق عليها الخير ويظلم الباقين فيؤجج الأحقاد بالإضافة انه في الاستبداد تنعدم الشفافية، يصبح تدفق المعلومات قليلا وهنا يبدأ التحليل السطحي، يعني العقل بدون معرفة هباء لا شيء، أنا أشبه العقل بطاحون تدور هذه الراحة التي كانت تطحن بها النساء في البيوت والمعرفة هي الحب الذي نضعه في تلك الراحة فطبعا في حالات الاستبداد تكون المعلومات شحيحة والمنشور منها لا يكون موثوقا لدى الناس لأن الذين ينشرون معلومات لهم مصلحة في كيفية معينة منها.

عثمان عثمان: لكن دكتور يعني حين يصبح هذا التنازع صفة من صفات كل شرائح المجتمع أو الحالات السياسية الموجودة هنا أو هناك كيف يمكن تفسيره؟

عبد الكريم بكار: تفسيره أنه في مجتمع مريض يعني النخب حقيقة أول شيء طبعا الحكومات بتتحمل مسؤولية كبيرة تجاه هذا الأمر لأن من واجب الحكومات ومن واجب النخب والصفوات من واجبهم هو تكتيل المجتمع بمعنى جعل المجتمع يسير في تيارات ثقافية وفكرية سياسية راشدة تقوم على اجتهاد لكن كلها إطار منطق معقول ومقبول، لما الحكومات لا تقوم بهذا الواجب وتحمل الناس على لون واحد من الاتجاه ومن التفكير هذا بهذه الحالة يعبر الناس عن الإكراه عما أكرهوا عليه يعبرون عنه بنقد لا معنى له بفوضى فكرية لا أحد يرضى عن أحد ولا أحد يرضى عن أي شيء والسبب أنهم منعوا من أن يعبروا تعبيرا حرا عما يعتقدون وعما يرون، أيضا موضوع النخب وهذا كان المؤرخ العظيم آرنولد توينبي كتابه المختصر دراسة التاريخ أشار انه يبدأ انهيار الحضارة حين تعجز النخب عن يعني حين تفقد النخب الجاذبية لا تستطيع أن تجذب الجماهير إليها، فالإنسان أما ليس عنده فكر كافي لجذب الآخرين أو ليس عنده أمانة أو ليس عنده خلق يعني غير قادر فلما تضعف جاذبية النخب وجاذبية المفكرين والمثقفين حينئذ يصبح الناس تائهين لا يعرفون ماذا يصنعون؟ وحينئذ أيضا يكثر النقد غير المؤسس وغير المؤصل وتكثر الأقوال التي لا تستند إلى أي حقيقة فهذا الحقيقة وأنا أعتبر لما يسود التنازع هو ليس سببا هو نتيجة، إذا أصلحنا في الشأن السياسي وأصلحنا أيضا في شأن النخب وفي شأن الثقافة، طبيعي الإنسان سيقدر قيمة الكلمة ويعرف متى ينقد ويعرف متى يكف عن النقد.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..