مقالات متنوعة

ارض الورش وبلاد اللجان!

ا د / علي بلدو

خواطر طبيب

بعد ان ارعدت سماء الثورة السودانية و ابرقت’ و تنقلت غيومها كسفين ذي شراع في لُجين ذي عباب’ و بعد ان مارت جبالها و تمادت اطوادها كعمالقة الجن في غياهب ليل الشجون و ريب المنون و شك الظنون’ كما امتدت طواحين الهواء ليرتفع صوت الطحن و يعلو اوارهُ و تشتٌدُ نارهُ و يخشى الكُماةُ غمارهُ ’ و تشرئب الاعناق و تتمدد الافاق و يفرحُ بها الرفاق’ الا ان الظن لا يغني عن الحق شيئا’ و كما ان الامر اظهر عند غير المستريب.

فقد تبين تماماً أن حادي الركب لا علم له بالعير و لا بالنفير ’ و لم يسمع عن الملك و لا الفقير’ و لازمه قوم و رهط يفسدون في الارض و لا يصُلحون و لا ياتون الباس الا قليلاً’ من وزراء مهاجرون ووكلاء غافلون و مدراء (داقسون) ووزيرات لهن اعمال دون ذلك هم لها عاملون.

كابينة تخلو من كل ابداع و عتمة بلا شُعاع و صُحف بلا يراع و متعة بلا متاع.’ و فوق كل ذلك كلام بلا عمل و وعود بلا اجل’ و شؤم بلا امل و زاد الامر ضحك بلا زعل و (حوامة) في الفاضي بلا كسل.

لتنقشع السماء عن دخان بلا مطر و ضؤ بلا مدر’ و يخبو صوت الطحن بلا طحين ’ سوى الانين في صفوف الخبز و البنزين’ و تضع الجبال حملها ليكون حملا كاذباً و فجرا كذوباً و سراباً بقيعة حسبوه ثورة ’ فوجدوا الشعب عنده بمواكبه و وقفاته و هتافاته ’ وجدوه براياته و اعلامه و شعاراته’ ليذكرهم ان نسوا ’ و يبصرهم لو تعاموا’ و يسمعهم لو صموا:

انتوا لو نسيتوا نحنا ما نسينا

دمنا و عرقنا ولعوا الرتينة

ميري فكرينا و عشة ذكرينا

مع بالغ الاسف و خالص التعازي ’ لا تزال حكومة الثورة في ضلالالها القديم من بث الوعود و الاحلام و التطمينات و اضغاث المواعيد ’ و التاكيد و التطمين و حكاية( قريبا) و ( في القريب العاجل) و 0 ( في المستقبل المنظور) و غيرها من الفرمالات القديمة المتجددة و التي ظل الشعب الممكون و المقهور يسمعها بكرةٌ و عشياً’ و لم يغيض له احد نجياً او سرياً.

لا يزال الوزراء السارقون في حال المشي في الطرقات و الاكل في الاسواق و ذرف الدموع بسبب و بدون اسباب’ لا يزالون في اللقاءات الضاربة و الخطابات الممجوجة و السقيمة و الخالية من كل محتوى و مضمون ’ سوى الدهشة و السهر ’ في ليل بهيم و ليس الصبحُ منه بامثل.

لازلنا نشكل لجنة لكل شئ يحدث او حدث’ وورشة عمل لكل صغيرة و كبيرة’ و مؤتمر حنيذ و حاشد لمواضيع لا تحتاج لاكثر من رجل شجاع في بلاد نامت نواطيرها عن ثعالبها’ فبشمن و لم تفنى العناقيدُ.

لقد ادمنا اللقاءات التفاكرية و ما يصاحبها من لجان منبثقة و متردية و نطيحة’ و ركنا شئيا عظيماً للاجتماعات التشاورية و المؤتمرات الصحفية المضحكة اجرائيا و برتوكوليا و زمانيا و مكانيا و حتى في الاخراج و المونتاج’ بعد ان صعدت الشلة و البُطانة الفاسدة و عديمة الخبرة و التاهيل لمناصب الاعلام و مكتب رُبان السفينة المتهالكة’ و التي تخلو من الانذار و زوارق النجاة ’ و البحارة المهرة’ بل و حتى من محرك قوي او صاري ممشوق ’ و بلا دفة او وقود كافي ’ و فوق كل ذلك لم ينتبه احد الي انها تبحر نحو الميناء الخطأ .

دونما شك ’ ان غياب اجهزة الحكم المحلي و المجلس التشريعي و منظومة الدولة الحديثة ’ الي جانب ضعف الطاقم الحكومي و بعده عن ملامسة الواقع المعاش و المواطن البسيط و عدم المامه بالثقافة السودانية الحالية و انغماسه في تهويمات لا تسمن و لا تغني من جوع,جنبا الي جنب مع فقدان الارادة السياسية و كاريزما القيادة و التردد و الشك و الضعف الشديد في المهارات الخطابية و الشخصية و ضبابية الرؤية لدى اقزام الحكومة بدءا من رئيسها و الذين تقدموا علي حين غفلة من الزمان ليقودوا ثورة عملاقة و شعب عظيم’ و كأنه قدراً مقدوراً على شعبنا العملاق ان يقوده دوماً الاقزام!

هل يا ترى سنقضي باقي عمرنا في انتظار التقارير من اللجان و التوصيات من الورش و المؤتمرات و خلافه’ بينما اعداء الثورة يتربصون بها ريب المنون’و هل نظر احدهم في الارشيف و سابق الابحاث و التوصيات’ بدلا من اضاعة الوقت الثمين و هدر الطاقات بلا طائل.

من الواضح ان حجوة ام ضبيبينة في طريقها للدوران الممل مجدداً’ من في السودان’ و يسمونها ارض الورش و بلاد اللجان, كان ياما كان’ و حتما سوف يكون’ فهل انتم منتهون!
ا د / علي بلدو

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..