مقالات سياسية

القوى السياسية و مطلوبات المرحلة (١/٢)

د. محمد حمد حامد مفرح

اجمع المحللون السياسيون و المفكرون و كذا المهتمون بالشأن السياسي السوداني على أن الفشل ظل ملازما لمسيرة الحكم الوطني بالسودان، بدرجات متفاوتة و ذلك برغم بعض النجاحات التي تحققت هنا و هناك عبر مسيرة الدولة السودانية. و تبعا لذلك فقد اتسمت حقبة الحكم الوطني منذ فجر الاستقلال حتى وقتنا الحاضر بالعجز عن تحقيق الأهداف الوطنية National objectives و تلبية طموحات الشعب.. و قد تمثلت محصلة ذلك في الفشل في تحقيق الاستقرار السياسي و النهضة و الرفاه الاجتماعي و ذلك لدرجة جعلت البلاد تراوح مكانها من حيث التطور ثم تسقط في مستنقع التخلف الذي طال كل اوجه الحياة. و قد اتسمت هذه الفترة من مسيرة الدولة السودانية بالنزاعات و الحروب المستمرة ما ضاعف من تدهور الأحوال على نحو مدمر.

و يؤكد التاريخ السياسي للبلاد ان مظاهر الفشل المشار إليه تتجلى في عدم الاتفاق على رؤية وطنية National Vision تعبر،بصورة مجمع عليها، عن المصالح العليا للبلاد ما ادى الى عدم وضع دستور دائم يتضمن هذه الرؤية و يعبر عنها.

الجدير بالتأكيد أن فترات الحكم الديموقراطي تعد جد قصيرة مقارنة بفترات الحكم العسكري او الشمولي. و لما كانت الدكتاتورية هي سيدة الموقف خلال فترات الأنظمة الشمولية، فقد أطلت الحروب في بعض أجزاء الوطن برؤوسها نتيجة ظهور الحركات المسلحة Armed Movements التي تطالب بالتنمية و وضع حد للتهميش في الجنوب و الغرب و الشرق علاوة على سعيها لكسر طوق مركزية السلطة و مركزية القرار Centralization of power and decision- making الذي افرز ما اسماه الاستاذ الفاتح النور، مؤسس جريدة كردفان عليه الرحمة ب(جمهورية المدن الثلاثة).

الا انه، و بدلا من وضع الامور في نصابها الصحيح من خلال اللجوء للحل السياسي الرامي الى ازالة التهميش و انهاء الظلامات التاريخية Historical grievances التي قادت الى الحروب، فقد عمدت الأنظمة الشمولية الى المواجهة العسكرية للحركات المسلحة معتمدة على أسلوب البطش و القهر دون الجنوح الى الحلول السلمية الجادة.

و قد استمر نهج المواجهة العسكرية خلال كل العهود الشمولية حيث بلغ ذروته في فترة حكم الانقاذ. و بذا فقد تدهور الوضع السياسي بالبلاد حتى أدى الى فصل الجنوب و افرز ارثا من الازمات المركبة التي جعلت البلاد تواجه نذر التفكك.

و عقب سقوط الانقاذ قاد توازن القوى Balance of power الى تكوين حكومة انتقالية تتكون من شق مدني و اخر عسكري اصطلح على تسميته باللجنة الأمنية التي تعد امتدادا لحكم الانقاذ، برغم تظاهر مجموعة عسكرها بالوقوف الى جانب الثورة و دعمها.

و لا شك في أن هذا الوضع جعل الحكومة الانتقالية مهيضة الجناح ما ادى لاحقا الى اختلات جمة. ذلك انه جرت مياه كثيرة تحت جسر الواقع السياسي السوداني خلال هذه الفترة حيث حدثت العديد من الخلاقات بين مكونات الحكومة ثم حرى انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م.

و قد قادت كل هذه الممارسات و التفاعلات السياسية المختلة الى الحرب الدائرة حاليا، مؤكدة على ترك الحبل على الغارب خلال الفترة الانتقالية و ذلك على نحو فوضوي Anarchistic manner ادى الى غياب القانون و سيادة وضع اللادولة الحالي. و قد خلق هذا ازمة مركبة تحتاج الى تفكيك قبل ان تؤول الأمور الى ما لا تحمد عقباه أكثر مما هي عليه حاليا.

و يقول المنطق السليم أن المخرج من هذه الأزمة يتمثل في العمل بكل الوسائل لوقف الحرب ثم المضي في الحل السياسي المفضي الى اقامة نظام حكم ديموقراطي. و هذا يستدعي، دون ريب، قيام القوى السياسية السودانية بدورها حيال إيقاف الحرب فورا ثم مواصلة الحل السياسي بهدف
توطين و ترسيخ الديموقراطية.

و يستلزم هذا الأمر، بطبيعة الحال، ان تكون الاحزاب السودانية و التي تمثل عماد الحكم الديموقراطي، في كامل الجاهزية،Total preparedness حتى تؤسس لديموقراطية حقة بعد إيقاف الحرب.

و تأتي أهمية هذا الدور من أن الفشل في توطين الديموقراطية و العجز .عن تحقيق تطلعات الشعب بالإضافة إلى الراهن المتمثل في الحرب يمثل، في وجه من الوجوه، المعادل الموضوعي لافتقار بعض أحزابنا السياسية للاساسيات التي تجعل منها كيانات يعول عليها في تحقيق الغابات الوطنية المنشودة، مع حاجة بعضها الاخر لعملية تأهيل شامل هادفة الى كل ما من شانه ان يخلق منها كيانات ديموقراطية فاعلة و مؤهلة Qualified & efficient democratic entities.

لذا، و بالرغم من الاخذ في الاعتبار الكثير من العوامل الخارجية المعوقة لعملية التطوير الذاتي للاحزاب، الا أنه يلزمها التفكير خارج الصندوق و اعتماد منهج نقد ذاتي يهدف الى التطوير و التحديث حتى تكون مؤهلة بحق و حقيقة لمواجهة الازمة الحالية و المضي قدما في ارساء دعائم الحكم الديموقراطي.

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. قوي سياسية شنو يا زول ديل كلهم جبناء وكانوا اول الفارين.. من يتصدى لخدمة الشعب لا يهاب الموت فهل هؤلاء قادة ام رقاصة..لعنة الله تخشاكم دنيا وآخره.

  2. Sudan independence 1956
    52 years military rule
    transitional periods 6 years
    political parties ruled for less than 8years

    How the political become the problem

    the problem is the army
    that what maths says

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..