“نحرق الإنجيل ونتبوّل عليه”

“نحرق الإنجيل ونتبوّل عليه”

د. محمد بدوي مصطفى
[email][email protected][/email]

كنت أشاهد بعض القنوات التي اهتمت لأحداث أثارتها مقاطع الفيلم الذي أساء إلى سيد الخلق وللأحداث التي انبثقت عنها. كلنا يعلم يا سادتي أن تلك المقاطع بعثت، دون أدنى شك، غضبا أعمى وأثارت تهورا دامٍ في نفوس الكثيرين من أولئك الذين أبت أنفسهم أن لا يكون الرد عليها إلا بحدّ السيف. شهدنا في كل المدن العربية تظاهرات منها السلميّة المستحكمة ومنها المغوليّة المستهجنة وكيف أتت هذه الأخيرة على الأخضر واليابس، فما دمّرت حين دمّرت إلا ممتلكات الشعوب وما قتلت عندما استقتلت إلا فلذات الأكباد. لكن المثير الذي أدهشني من بين كل هذه التظاهرات، تلك التي ترأسها الشيخ المعروف بمصر أبو إسلام وجماعته. وكانت تلك التظاهرة في بؤرة الكاميرا عندما مزّق أبو إسلام أمام جمهوره الضاري – على مسمع ومرأى من الدنيا – كتاب الإنجيل إرباً إرباً وترك باقي صحائفه تلتمها ألسنة اللهب. لم يكتف بذلك فحسب إذ إنه قال: “نحرق الإنجيل ونتبوّل عليه”. وريثما انتهى من فعلته هذه قامت الدنيا وقعدت، كما تنبأ الشيخ به وكما أسرّه ضميره التوّاق، أن يكون “هو” البطل في هذا اليوم ولا أحد غيره. فشملته الصحف والإذاعات بقربها إذ تصدّر ? هو ولا أحد غيره – صفحاتها وشاشاتها دون منازع. أشار خلال مداخلة هاتفية على قناة المحور في برنامج “تسعين دقيقة” مع الإعلامية ريهام السهلي، أنه “لا يوجد على وجه الأرض ما يسمى بالإنجيل، والموجود هو كتاب محرف”، وأن ما قام بتمزيقه كان كتاب الإنجيل الخاص بالأمريكان وليس الإنجيل الخاص بالأقباط في مصر، حيث أن هذا الإنجيل به العديد من التحريف والتأليف”. لقد حامت هذه الصور العالم قاطبة تاركة أثراً لا يستهان به، إذ أنها هزّت صورة الإسلام المتمثلة في استهتار رجل ملتحٍ يَمثُل لغير المسلمين – سيما للمسيحيين من إخواننا – في شكل صورة نمطية للمسلم المتدين المتهور أو قل المتطرّف. لم يترك أهل مصر من الأقباط والمسلمين على السواء هذه الحادثة دون تعليق إذ أنهم انبروا ليصححوا ما أصاب سماحة ديننا الحنيف من سوء كان السبب الأول فيه هذا المتشيِّخ أبو إسلام. علّقت نخبة من أهل الرأي والدين على هذا الصنع ومن بينهم تحدث السيد إبراهيم نجم، مستشار مفتي الديار المصرية، في أن “حرق الإنجيل محرم شرعا، ولا يجوز في الإسلام، وما حدث من قبل أبو إسلام غير مقبول، بخاصة أن المجتمع يرفض وجود الأفعال التي تسيء للأقباط”، مطالبا بضرورة “أن نرسل الرسائل الإيجابية التي تؤكد سماحة الدين الإسلامي وسماحة الرسول الكريم بدلا من الرسائل السلبية”. يطرح هذا الصنع أسئلة عديدة:
– أيجوز تمزيق كتاب ذكره القرآن بين كتبه السماوية؟
– هل ينبغي علينا أن نؤمن بالإنجيل – كتاب الأقباط – ككتاب سماوي ينبغي علينا أن نُكنّ له كل احترام؟
– أليس علينا أن نحمي الأقليات الغير مسلمة لأنها جزء لا يتجزأ من أوطاننا وتراثنا؟
– كيف كان تعامل الرسول (ص) مع الأقليات في ذاك الزمن؟ أليس تلك قدوة نمتثل إليها؟
– كيف عاملت الدولة الإسلامية في صدر الإسلام وفي العصر الأموي والعباسي هذه الأقليات؟
كلنا على علم أن الذكر الحكيم أتى يوافق ما جاء بالتوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الأنبياء في الخبر عن الله تعالى، وعن اليوم الآخر، وزاد ذلك تفصيلا وبيانا. فالقرآن جاء مقرراً لنبوّة الأنبياء والرسل كافة ومستأمنا لتلكم الشرائع التي بعث الله بها رسله. بل أن آي القرآن فيها من البيان الصريح والحجج القاطعة التي استهدفت مجادلة من كفروا بلاهوتيات أهل الكتاب. (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ)؛ هذا يعني أن القرآن جاء مصدقا لما بين يديه. كما قال الله تعالى: (الم، اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ). وذلك أقوم القول في مسائل الفتنة وفي شأن الشيخ أبو إسلام. أوزعنا الله أن نشكر نعمته علينا.

تعليق واحد

  1. لو كان هناك مسلمين لوجب ضرب هذا المستهزئ بكتب الله ، بل يجب الحكم بردته ، لان الإيمان بالكتب السماوية ركن من أركان الإيمان ، و التوراة سواء محرفة أو لا فهي من الكتب السماوية المنزلة و الكفر بها قد يخرج من الملة ، و الله اعلم

  2. دون مزايدات فإن ما فعله هذا الشخص هو خطاء وحتى المتشددين قالوا بخطاؤه. ولا مزايدة في أنه يجب إحترام الاقليات.

    ولكن إحذر أنت الخلط والمزايدة يا حضرة الكاتب، فسؤالك:
    “هل ينبغي علينا أن نؤمن بالإنجيل – كتاب الأقباط – ككتاب سماوي ينبغي علينا أن نُكنّ له كل احترام؟”

    هو سؤال غريب، فنحن نؤمن بالانجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام ونحترمه، ولكننا نعلم (ولا نشك) بأن الانجيل الموجود الآن هو كتاب محرف، وعليه فالقول بأنك تؤمن به يتنافى مع العقيدة!

    وقلنا مراراً بأنه ليس هناك دبلوماسية في العقائد وأنا أحترم المسيحي ولكني لا أؤمن بكتابه الموجود لأنه محرف، كما أؤمن بأن عقيدة التثليث التي يؤمنون بها هي شرك.
    وهو أيضاً يؤمن بأنني (كافر) بالفداء والخلاص ولست محباً للمسيح لذا فلا نجاة لي، ويؤمن بأن القرآن ليس كلام الله وأن محمد (صلى الله عيه وسلم) هو من أّلفه!

    وعليه فالاحترام المتبادل لن يجعله يجاملني ويقول لي لا بأس فأنت ناج حتى ولو لم تؤمن بالخلاص، ولن يجعلني أقول له بأنني أؤمن بكتابك الذي يقول بأن الله ثالث ثلاثة (الاب والابن والروح القدس). فدعكم من هذه المزايدات والانبطاح!!

    و الأغرب من سؤالك أعلاه هو إستشهادك بآيات القرآن في أنه لا أعتراض على لاهوتيات الكتاب المقدس، وبالنسبة للآيات التي إستشهت بها فهي تتحدث – كما يعرف الطفل المسلم الصغير – عن أن القرآن يتوافق مع جاء في هذه الكتب قبل تحريفها. والقرآن نفسه طالما أنك تقراءه وتستشهد منه يقول:

    ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [المائدة : 73]

    ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) [التوبة : 30]

    أرجو أن لا تكون أنت ومقالاتك دعاية جديدة لعقيدة إبن عربي و لما يسمى بـ “دين الحب”، والتي بداء بالدعاية لها من قبل بالراكوبة كاتب آخر ولكن بحمد الله رد عليه القراء بما جعله يبتلع سمومه ويكتب في ما يفيد فقط ويحتفظ بالغثاء لنفسه!!

  3. تحياتي د. محمد,حاله كحال الظواهري و العريفي والكليبي والعيعوروالقرضاوي من سفله اراقه الدماء ليشفي غليله بالمساكين. فمن خلال تجاربي مع أصناف مختلفة وأديان متعددة من البشر وجدت الكثير من الأخلاق عند التعامل مع الأمريكي والايطالي والفرنسي وغيرهم ووجدت الكثير من الأخلاق الراقية حتى أنني تمنيت لو أن الرب كان قد خلقني في تلك أحد تلك المجتمعات بغض النظر عن دينها لأن أخلاقها تؤهلها لدخول الجنة.

  4. و هكذا يفعل بالقرأن بعض من المسيحيين من امثال ذلك الشيخ الغبي. و الحقيقة هي ان حرق اي كتاب او علم لن ينتقص شئ من قيمة الكتاب و ذلكم العلم

  5. حتي كعنوان لم تكن موفقا فيه عزيزي الكاتب فقد اتخذت ضدك موقفا سلبيا لمجرد انك وضعته كعنوان لانك جعلت الملايين يكررون هذه المعصية فوضعتك والشيخ المتأسلم في موقع واحد ولكني قرأت ما كتبته لاري ما تريد ان تقول كان بأمكانك ان تقوله بدون هكذا عنوان يحمل كفرا صريحا والله من وراء القصد

  6. إنا نزلنا الذكر و إنا له لحافظون ، قيام الشيخ بحرق نسخة من الإنجيل حتى و لو محرفاً لن و لم يضر المسيحية بشئ ، كما ان الذين قاموا بنشر الفلم المسئ للإسلام و الرسول (ص) لم يسيئوا الا لأنفسهم لان الله هو الحافظ .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..