تحويلات المغتربين : حين تضيع مدخرات الوطن ..!

الخرطوم:هند رمضان : لايزال الحديث عن سد الفجوة التي خلفها خروج النفط من الموازنة عبر تحويلات المغتربين مجرد اطروحات علي مدي عامين ، في وقت يشكو فيه المغتربون من عقم الاجراءات والتسهيلات المشجعة للتحويل عبر القنوات الرسمية وخلق استثمارات داخل البلاد ، وسط مساعي لرفع تحويلات المغتربين الي 4 ملايين دولار فيما بلغ حجمها في الوقت الحالي «3,178 » مليون دولار وفقا لحديث الامين العام لجهاز المغتربين .

ومايؤكده بعض المغتربين ان سياسات الدولة المصرفية والاستثمارية منفرة حيث يقول عبد الله عبد الحميد، الذي تحدث عن تجربته في مؤتمر اقتصاديات الهجرة في يوليو الماضي ،و بعد ان قرر ان يضع كل حصاد غربته في مشاريع داخل بلده، لم يتمكن من استثمار امواله في السودان، فهذه كانت رغبته الاولى، ولكن الاجراءات العقيمة التي وقفت امام اقامة هذه المشاريع دفعته لتحويل امواله الى دولة اثيوبيا، التي رحبت به واحتضنته كمستثمر ولم يأخذ الموضوع وقتا يذكر وطلب منه رأس مال قدره 50 ألف دولار، بعكس ما وجده هنا، وبحسب ما قال انه ظل لمدة عامين متتاليين، يقف في نقطة واحدة حتى ظن شركاؤه في دولة الامارات انه غير مسؤول تجاه ما التزم به، بعد ان اقنعهم باستثمار اموالهم في السودان، فلماذا لا توفر الدولة هذه المعينات؟، ويقول المغترب عثمان أحمد عثمان انه ظل لمدة تتجاوز 23 عاماً خارج السودان، وطوال هذه الفترة ظل المغتربون يعانون من سوء معاملة السفارات لهم، واضاف يجب عليها ان تحسن من اسلوبها في التعامل مع السودانيين خارج البلاد، مشيرا الى ان كل الجاليات الاخرى وحتى منسوبي الدول الاقل شأنا من السودان ينعمون بحماية كافية من قبل سفاراتهم ، وهنا تقطع الحديث اسئلة: ماذا تفعل السفارات خارج السودان؟ اهي مؤسسات للتباهي واقامة الحفلات الرسمية؟ ام انها انشئت من اجل هؤلاء البسطاء؟ وكيف لهم ان يتحملوا وطأة الغربة مع اهمال الدولة لهم؟ والى متى تمتد معاناتهم والمؤسسات التي تمثلهم تتمدد افقياً ورأسياً؟ واذا استمر الوضع على هذه الشاكلة فهل تتوفر لديهم الرغبة؟
ويوضح الامين العام لجهاز المغتربين في حديث خص به «الصحافة» ان لديهم خطة لرفع تحويلات المغتربين الي اربعة مليارات دولار مؤكدا ان هذا الرقم سيتضاعف اذا تفاعلت مؤسسات الدولة المعنية بالامر وتم انفاذها، وقال ان المغتربين يلجأون الي الطرق غير الرسمية لتحويل اموالهم وايضا عدم وجود قنوات لاستقطاب استثمارات المغتربين ، ووصف التهامي التحويلات انها اسعاف للاقتصاد السوداني.
التهامي في مؤتمر اقتصاديات الهجرة قبل عام من الان ، كان قد اكد ان ملايين المهاجرين السودانيين ومليارات الدولارات بين ايديهم ، يمكن ان تحدث نوعا من الاستقرار في الموازنة العامة، فالدولة لم تكترث لتحويلات المغتربين التي من المتوقع ان تصل الى 10 مليارات دولار سنوياً خلال الاعوام المقبلة، حيث بلغ حجمها في الوقت الحالي حوالي 3,178 مليار دولار، واعتبرتها الدولة محوراً اساسياً لسد الفجوة التي بلغ حجمها 4 مليارات دولار وستستمرالى ثلاثة اعوام، ولكن كيف لم تضع الدولة هذا المورد الاساسي نصب عينيها؟، ويبدو انها التفتت اليه أخيرا بعد ان ذهب البترول وضعفت عائداته ، فهناك عدد لا يستهان به من المغتربين تصل تحويلاتهم الى ذويهم في الخفاء وبسرية تامة ومن دون علم الدولة، فلماذا لم تهتم الدوله بتنظيم التحويلات من قبل تحسبا لما يحدث الآن؟ ام ان الدولة لا تملك من الخبرات لتقدم قراءات مستقبلية؟، وحتى المغتربين السودانيين الذين اتوا للاستثمار داخل البلاد ، عادوا الى بلاد المهجر بخفي حنين، بعد مماطلة طويلة في الاجراءات من قبل الجهات ذات الصلة .
فهناك كم هائل من التحويلات تتم خارج القنوات الرسمية للجهاز المصرفي للدولة وفقا لتقديرات البنك الدولي للعام 2010 ، وقد يؤدي ذلك الى خسارة كبيرة للاقتصاد السوداني، فهذه التحويلات احد مصادر توفير العملة الصعبة للبلاد، الا انها لا تجد الغطاء التشريعي المناسب، ويقدر البنك الدولي عدد المغتربين بحوالي «967.5 » ألف حيث تشكل زيادة بنسبة 65%من الاعوام السابقة، وبخروج البترول من الصادرات السودانية في النصف الثاني من العام الحالي، فمن المتوقع ان تتزايد تحويلات المغتربين وقد تتجاوز الصادرات السلعية بحلول العام 2012 م، وتصبح بذلك تحويلات المغتربين الجارية اهم مصدر للعملات الاجنبية في ميزان مدفوعات السودان. وقد بلغت تحويلات المغتربين في الاعوام الاخيرة حوالي 5%من اجمالي الناتج المحلي مقارنة بــ8%من عائدات النفط.
وعلى الرغم من ذكر هذه الارقام التي يرتفع الحاجب لها دهشة الا ان هناك نسبة لا يستهان بها، تحول بطرق غير رسمية، وتتم هذه العمليات عن طريق التسليم المباشر والمعرفة الشخصية في كثير من الاحيان، ولم يجد من يمارسون هذا النشاط صعوبة في الاستمرار بينما يجد الطرف الآخر انها عملية غير معقدة، وهي اقصر الطرق .
الجدير بالذكر ان المغتربين لهم مساهمة مباشرة وغير مباشرة في الموازنة العامة، فالرسوم التي يدفعونها مقابل الخدمات المقدمة لهم من قبل السفارات في الخارج، او في داخل السودان من خلال جهاز المغتربين، غير الضرائب الاخرى المفروضة عليهم هي موارد مباشرة للموازنة تخصص في الغالب للمؤسسات الدبلوماسية في الخارج، وايضا توفر تحويلات المغتربين الجارية عملات اجنبية تمكن الاستيراد الذي تفرض عليه رسوم جمركية وضريبية قيمة مضافة، قد تشكل مساهمة كبيرة في الايرادات الحكومية، بجانب استفادتها مما تفرضه على السلع التي يرسلها المغتربون الى السودان .
ويقول الباحث في وكالة المعرفة للدراسات والبحوث الدكتور الكندي يوسف ، ان تصدير العاملين الى الخارج يحتاج الى التنظيم بشكل خاص، ويجب اخذ تجربة دولة بنغلاديش في الاعتبار، فهي تعتمد على عائدات المغتربين من ابنائها بجانب الخيش، وكلا النشاطين لديه وزارة مختصة، ويتم تأهيل هذه الشريحة بشكل مباشر لملاءمة سوق العمل العالمي، ونحن نحتاج الى استراتيجيات مبتكرة للاستفادة من تحويلات المغتربين السودانيين، خاصة واننا نشكو البطالة بشكل كبير ومن المفترض ان ندفع بهؤلاء الناس الى الاسواق العالمية بعد تأهيلهم ، ليليه في الحديث بلهجة احتجاجية البروفيسورابراهيم الصباحي قائلاً : كل ما يدور الآن من حديث حول تحويلات المغتربين، قيل من قبل في بداية التسعينات، والآن بعد خمسة عشر عاما وبعد ان اصبح العالم مفتوحاً ، ورأس المال البشري متاحا بشكل مباشر يعاد نفس الكلام ، واعتقد ان الرقم الذي يتحدث عنه المسؤولون يساوي 50%فقط لأنهم لم يأخذوا في الحسبان ان هناك عددا كبيرا من المغتربين الجنوبيين قد خرجوا من دائرة الحساب، واظن انهم كانوا مساويين للشماليين بنسبة تصل الى النصف .
وبدت اهمية تحويلات المغتربين بعد ان وضعت من بين ستة محاور لسد الفجوة التي تواجهها البلاد بعد انفصال الجنوب وغياب اهم الموارد ، وفقاً لما قاله محافظ بنك السودان المركزي محمد خير الزبير ، بان تحويلات المغتربين من بين المحاور الستة التي تضمنها البرنامج الاسعافي لمدة ثلاث سنوات، واضاف انها ستسهم في سد فجوة الموارد الخارجية وخروج النفط، وكشف الزبير عن مراجعة حالية لقانون الاستثمار، حتى يصبح جاذبا للسودانيين المقيمين في الخارج، وبالتالي هي خطوة لاستقطاب مدخراتهم الضخمة الى داخل البلاد .
وتتجه اصابع الاتهام بشكل مباشر نحو جهاز تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج، لكونه من المساهمين في ابتعاد المغتربين عن الاستثمار داخل السودان، نسبة للضرائب المفروضة على المغتربين بجانب الضرائب المفروضة على الاستثمارات من الجهات الاخرى، فأمينه العام طالب بنك السودان المركزي ووزارة المالية بتكوين لجنة مشتركه لدراسة تحويلات المغتربين، التي توقع ان تصل خلال الاعوام المقبلة الى 10 مليارات، مشيرا الى ان هناك فئة كبيرة من المغتربين تحتفظ بالاموال في بنوك عالمية خارج السودان، وان هنالك تسويات خاصة لاستقطاب هذه الاموال، واضاف اذا تم اعفاء المغتربين من الضرائب والجبايات فان العائد من هذه الخطوة سيكون اكبر بكثير من هذه الضرائب، فهذا المبلغ الذي رصده البنك الدولي لتحويلات المغتربين السودانيين قابل للزيادة من دون شك ولكن في حال وضع استراتيجيات واضحة في هذا الاتجاه الذي بات من اهم موارد الجمهورية الثانية وفقا لما ذكره خبراء مختصون في هذا المجال .
والشاهد ان افقر الدول في العالم تعتمد على العمالة التي تصدرها خارجيا الى الاسواق العالمية بعد تأهيلها بشكل مناسب، فعلى الرغم من الكم الهائل من العمالة التي تخرج من السودان بشكل غير منظم ، الا اننا لا نستفيد منها، ويبدو ان الدولة تعيش في حالة توهان فهي الى الآن لم تتمكن من تنظيم هذا النشاط المربح، والآن بعد ان بات السودان يعيش تحديا بعد ذهاب البترول في كيفية تعويض هذا الفارق بدأت تنتبه الى ان هناك موارد بشرية يمكن الاستفادة منها، فكم من الوقت نحتاج لتثبيت هذا المورد؟ فلسان حال الدولة يقول ان تأتي متأخرا خير من ألا تأتي .

الصحافة

تعليق واحد

  1. سبحان الله !!!
    ينظرون إلي جيوبنا وما نملكه في أيدينا …
    ينظرون إلي ما جنيناه بعرقنا وجهدنا وراحتنا وبعدنا عن أسرنا وأهالينا!!!
    كل الكلام أعلاه ينحصر في كيفية جلب أموال المغتربين لأجل الميزانية العامة للحكومة الفاسدة والتي بالطبع ستذهب لمخصصاتهم ورواتبهم وشراء السلاح لقتل المواطنين السودانيين في النيل الأزرق ودارفور وكردفان وغيرها…

    لم يذكر المقال أعلاه أي شيئا عن المغترب نفسه كـ بني آدم من حقه (علي الأقل) إيجاد الرعاية والمعاملة المهذبة من قبل السفارات حتي لو بابتسامة لطيفة بعيداً عن رفع الصوت والتهديد بعدم تجديد الجواز أو إضافة مولود أو التشديد في دفع الرسوم …. لم يذكر المقال أعلاه الأشياء التي يطلبها ويتمناها المغترب كإرسال سيارة ومقتنيات هو في أشد الحاجة لها مجانياً أو برسوم رمزية!!!!

    لو تم تقييم ما جري في كارثة الأمطار والسيول الأخيرة لوجدنا أن نصف المضررين من هذه الكارثة هم من المغتربين الذين باعت لهم الحكومة الأراضي في المناطق المنخفضة أو في مجري السيول.

    لذلك من الصعب مصالحة المغترب لأنه لدغ من جحور الحكومة وجهاز المغتربين والسفارات أكثر من مرة, ولم يعد يثق في النظام ولا في الجهاز ولا في السفارات مهما كانت المغريات.

    أكثر ما يؤلمنا عدم تدخل جهاز المغتربين وسفارة السودان بالمملكة العربية السعودية في موضوع ( الفحص الطبي للإيدز السنوي ) الذي يقوم به المغترب السوداني عند تجديد إقامته.. نسبة الأيدز في بعض الدول التي توجد بها عمالة بالمملكة أكبر من الموجودة في السودان ولا ندري بأي قياس تم ذلك ؟ هناك شكوك أن سفارة السودان متفقة مع جهة ما بالمملكة في هذا الموضوع ووراءه العائد المادي فقط لا غير.ولا أدري صحة هذا الموضوع إلا أن السفارة التي أوحت إلي إدارة الجوزات بالمملكة بربط تجديد الإقامة بالجواز حتي تجبر المغترب السوداني بتجديد جوازه لدفع ما عليه من الرسوم والضرائب … هذه الظاهرة لا نجدها إلا عند السفارة السودانية تجاه مواطنيها ورعاياها… وسفارة بهذا المستوي من الإنحطاط ليست ببعيدة أن يكون لها يد في ربط الفحص الطبي بتجديد الإقامة بالمملكة.

  2. انا مغترب لكن البلد بياخذ مني اكثر من ما يعطيني فائدتي شنو انا ببيع في السوق الاسود 7500والبنكي بديني كم اذا حاولت عبر البنك غير دليل في ذلك بنك النيلين اكل اموال مغتربين العراق

  3. نأمل من المغترب يحول فلوسه بالعملة الصعبة ولكن عند إستلامها من البنك يفاجأ بأن يستلمها بالعملة المحلية التي لاتساوي صفراً وهذه هي الطامة الكبرى … لماذا يحول المغترب عملة صعبة مثل الدولار والإسترليني أو الريال السعودي … إلخ ليستلمها أوراق مضغوطة لاقيمة لها تنوء بحملها أضخم الجوالات . إن عصابة المؤتمر الوطني تعودت دائماً أن تستهلك الفرد وتسلب حقوقة المشروعة … نرى في كل بقاع العالم أن مهما كبر حجم تحويلاتك فإن الدولة لاتطميع في سلب عرق جبينك. أنصح كل المغتربين إن كان لهم فلوس أن يحولوها إلى أرتيريا أو أثيوبيا أو الصومال حتى يتستطيعوا أن يستردوها كما هي دون تزييف أو سلب فلتذهب عصابة المؤتمر الوثني للجحيم … ألم يكفيكم دولارات نفط الجنوب المغلوب على أمره ؟!!!

  4. يا ناس الدولة السودانية الفاشلة جعلت الواحد يخجل يقول انه سوداني بالله شوف من الجواز ده جواز فضيحة تقدموا لأي سفارة تنال كم من السخرية الناس الآن كلها عندها جوازات إلكترونية الأسماء واضحة و مطبوعة مش زي ما عندنا خط يد و خط عجيب مسؤول الجوازات في أي مطار يفضل يقلب و يقلب عشان يعرف اسمك و تاريخ ميلادك و بالمناسبة تاريخ الميلاد في جوازنا السنة بس ما فيش يوم ولا شهر يعني حاجة مسخرة قال سودان قال

  5. بسم الله الرحمن الرحيم
    الفشل بداء من 1989 كل امرء في السودان يحتل غير مكانه المال عتد بخيله والسيف عند جبانه اين القطن اين اين الفول اين الصمغ اين اين اين التعليم الصحة المصانع المدارس النتيجه هربت العقول والسواعد بل طردت من الجهلاء حسبي الله وتعم الوكيل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..