مقالات وآراء

تصريحات قادة الانقلاب.. محاولة لإضعاف الاتفاق النهائي

 

نقوش

لؤي قور

عُرف قادة الانقلاب بتصريحاتهم المُتضاربة والمربكة في عهد الحكومة الانتقالية المنقلب عليها، وفي مناسبات عديدة، وتجمعات كان يصنعها العسكر خصيصاً لإلقاء الخطابات الجماهيرية تلك على طريقة المخلوع البشير، بهدف إضعاف المدنيين في حكومة (الشراكة) والتقليل من شأنهم، تمهيداً للانقلاب على الوضع الانتقالي.
معظم تلك التصريحات في معظمها يأتي تحت عناوين زائفة منها: (توسيع قاعدة المشاركة)، و(الوقوف على مسافة واحدة من الجميع)، أو (الحرص على التوافق). وكان لجميع هذه العبارات معنى واحد، هو إصرار العسكر على إغراق الفترة الانتقالية بالفلول وأعداء الانتقال، لزيادة فُرص العسكر في الانفراد بالسُلطة وقتها، تحت غطاء مدني كاذب.
اليوم، وبعد أن مرت مياه كثيرة تحت الجسر، وتم التوقيع على الاتفاق الإطاري الذي أبعد العسكر عن كامل العملية السياسية، وصارت البلاد على كف عفريت بفعل الانقلاب من التفلتات الأمنية وفوضى السلاح، يكرر قادة الانقلاب ذات المناورة تحت عنوان: (توسيع قاعدة المشاركة) للمرة الألف لإضعاف الاتفاق، فهل ينجحون؟
تصريحات قادة الانقلاب هذه المرة، لم تخرج عن (المُعتاد)، من محاولات لتصوير السياسيين على أنهم منشغلون بـ (أشياء لا تهم المواطن في معاشه)، مثل حديث البرهان الأسبوع الماضي، عن (أن على السياسيين في الخرطوم الاهتمام بمعاش الناس، والانصراف عن الخوض في موضوعات لا تخدم هذا الجانب)، مُتجاهلاً الحقيقة الماثلة أمامه، وهي أنه (وحده) المسؤول عن معاش الناس، باعتباره سلطة (أمر واقع) قائمة حالياً، بخلاف هؤلاء السياسيين.
ومضى (البرهان) في إرسال تطمينات لمناصريه، من جماعة (الموز) وفلول النظام البائد، مُوحياً بأن للعسكر سلطة سياسية خلال فترة الانتقال، تتيح لها مناصرة أو معاداة فصيل سياسي. يتجاهل البرهان في تصريحاته الاتفاق الإطاري بالكامل، ويواصل انتقاد العملية السياسية الجارية لإنهاء الأزمة في البلاد، مُطالباً بتوسيع مظلة المشاركين فيها.
لكن اللافت هذه المرة هو تصريحات شمس الدين كباشي أولاً، والبرهان ثانياً، عن ضرورة دمج الدعم السريع في الجيش. ففي الأسبوع الماضي، تحدث كباشي، في ولاية جنوب كردفان، عن دمج قوات الدعم السريع في الجيش، بجانب حركات الكفاح المسلح. فيما قال قائد الانقلاب في تصريحاته، إن الاتفاق نص بوضوح على دمج الدعم السريع، والحركات المسلحة في الجيش. ومن الواضح أن هناك انقساماً في جبهة العسكر يجعل قادة الجيش أقرب إلى محاولة الإبقاء على الاتفاق والمضي فيه، مع إضعافه.
الحرية والتغيير من جانبها، وبحسب تصريحات صحفية، وصفت تصريحات البرهان بـ (المناورة السياسية)، وقالت إنها (تهدف لوضع العراقيل أمام الاتفاق النهائي). وقال التحالف إن حديث البرهان وكباشي عن ضرورة دمج الدعم السريع في الجيش، يهدف للضغط على قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، للتراجع عن دعم الاتفاق الإطاري، وتهديده بما أورده الاتفاق، والذي نص على دمج قوات الدعم السريع والقوات الأخرى في الجيش.
وأشار ناطق باسم التحالف، إلى محاولاتهما المستمرة، برهان وكباشي، لعرقلة التوصل إلى اتفاق نهائي، من خلال خطاباتهما الجماهيرية، مشيرًا إلى أن الحرية والتغيير ماضية في الاتفاق، ولن تنتظر أحداً، وصولاً للتوقيع النهائي.
تأتي محاولات العسكر للمناورة بعد أن ضاق مجالها للحد المتناهي بتوقيع الاتفاق نفسه، وفي ظل ظروف أمنية بالغة التعقيد. فقد كشف تقرير لفريق خبراء تابع لمجلس الأمن الدولي، أن الحركات المسلحة السودانية الموقعة على اتفاق السلام، لديها مراكز احتجاز موازية للشرطة، بجانب نقاط تفتيش لتحصيل الأموال من التجار والمدنيين. وبحسب الفريق ، فقد احتجز ما لا يقل عن (12) مدنياً في هذه المرافق، حتى نوفمبر من العام الماضي.
وكشف التقرير عن تورط الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، في ممارسة أنشطة (إجرامية)، بينها تهريب الأسلحة والمخدرات إلى السودان. كما أكد التقرير أن بعض الحركات تشارك في أنشطة تهريب الأسلحة والمخدرات والسلع التجارية، وفي توفير الحماية لقوافل مهربي البشر، بالتعاون مع الجماعات الإجرامية في المنطقة.
وأشار التقرير إلى أن دولة ليبيا خلال الفترة الماضية كانت المصدر الرئيسي لتمويل الحركات المسلحة في دارفور، من خلال العمل لصالح (الجيش الوطني الليبي)، المدعوم من دولة الإمارات العربية، وتأمين المناطق وحراسة نقاط التفتيش.
البلاد على كف عفريت إذن، وهي معرضة للتفكك أكثر من أي وقت مضى. إذ لا يزال الانقلاب ينخر في عظمها، ولا زال عسكر الانقلاب يبحثون عن (هامش) للمناورة، ولا يزال الفلول يحاولون الوقوف في وجه حركة التاريخ، (إنه البوم الذي يعجبه ويل الخراب).
حفظ الله السودان وشعب السودان..

الديمقراطي

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..