مفهوم الادخار بين المرأة وثقافة المجتمع

هدى عبد الماجد عبد الرحمن: تعتبر ثقافة الادخار من الثقافات التي لم تنل اهتماماً كبيراً لدى المرأة السودانية بصورة خاصة والمجتمع السوداني بصورة عامة، فمعظم النساء يركزن جل اهتمامهن في ترتيب المنزل من أثاث وديكور المنزل، بالإضافة إلى اتباع الموضة في الملابس والزينة وكل ما هو جديد في عالم التجميل.
ما دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع سبب ما لاحظته في ديار الغربة من مظاهر التبذير وعدم الاهتمام بالادخار عند كثير من النساء والرجال وعند الأسر السودانية بصورة عامة، عكس الأسر من الجنسيات العربية وغيرها من الجنسيات التي تهتم بالادخار بوصفه هدفاً أساسياً للاغتراب.
والمرأة هي العمود الفقري في الأسرة، ونجدها مثلاً إذا اقتنت الذهب فإنها تقتنيه غالباً على سبيل الفخر والتباهي وليس على سبيل الادخار.
والحق يقال إن اتباع الموضة من قبل كثير من النساء يلقي بأعباء مالية كثيرة على الآباء، والأسرة بصورة عامة، فمثلا المرأة في كثير من الأحيان يمكن أن تصر على شراء ثوب حتى ولو تخطى سعره الخمسمائة ريال، بدلاً من حفظ هذا المبلغ وغيره من المبالغ الفائضة كادخار للمستقبل.
أما الاواني المنزلية فيعتبر شراؤها عند كثير من النساء نوعاً من هواية تسوق وليس بسبب الحاجة، فالمرأة السودانية يمكن أن تشتري العديد من الأواني المنزلية لمجرد أنها نالت إعجابها وليس بسبب حاجتها لها.. والملابس عالم آخر تعطيه المرأة الكثير من اهتماماتها، فالعشرات من الملابس بمختلف انواعها نجدها مكدسة في دواليب وشنط داخل الشقة وربما تمر عليها شهور دون أن ترتديها.
واذا نظرنا إلى ثمن كل ذلك من ذهب وعفش وملابس زائدة عن الحاجة لوجدنا أن ادخار ثمنها أجدى وأنفع، ومن هنا نعود ونسأل أين المرأة السودانية من ثقافة الادخار؟ فهل الرجل محق عندما يتهمها بعدم إلمامها بثقافة الادخار؟ ولكن أليس ثقافة عدم الاهتمام بالادخار هي جزء من ثقافة المجتمع السوداني وليس المرأة السودانية فحسب؟ فإذا وافقنا جدلاً على أن الكثير من النساء السودانيات يفتقدن لثقافة الادخار، وذلك بالطبع جزء من ثقافة المجتمع، فلماذا نلوم المرأة السودانية بالذات، ألم تجد هذا الواقع ماثلاً أمامها في مجتمعها؟
المرأة السودانية جزء من المجتمع الذي تعيش فيه، يؤثر فيها وتؤثر فيه، وينبغي ألا نلومها هي فقط، فأزمة ثقافة الادخار هي أزمة مجتمع وليست أزمة المرأة السودانية، والرجل السوداني ليس بعيداً عن عدم إلمامه بثقافة الادخار، فكلانا في الهم سواء.. وثقافة الادخار أكبر من أن تناقش في مقال او في مناقشة عابرة، فهي جزء من عاداتنا وتقاليدنا التي ورثناها وعشناها مئات السنين.. فهل من سبيل إلى التجديد والتغيير؟

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..