مقالات سياسية

السلمية هي من وضعت قادة الحراك المسلح في قيادة البلد

معتز الجعلي

انا استغرب ولا زالت دهشتي قائمة بالسلمية التي انتجتها ثورة ديسمبر وما زالت تحافظ عليها حتى تاريخ هذا اليوم، وتظل ايضاً هذه السلمية أهم ملحمة والمظهر الأكثر قدسية داخل الفعل الثوري، لكن الآن ومع زيادة العنف واستخدام القوة المفرطة وغير المبررة من قبل القوات النظامية بدأ قلة من الثوار والوطنيين من أبناء بلادي بفقدان الثقة في سلاح السلمية.

لا ارغب في الحديث كوصي فلست وصياً على أحد، وأحترم هذه الآراء واتفهم اسبابهم ونبل نواياها، ولكني اختلف معها جملة وتفصيلاً، ولا بد من التشديد على قصر هذا الخلاف في الآراء على الوسائل فحسب فجميعنا مؤمن ومتفق حول ضرورة ارساء دعائم الحكم المدني القائم على المساواة المطلقة بين أفراد المجتمع دون تمييز بسبب الدين او الفكر او الجنس او العرق او القبيلة او حتى الحزب السياسي الى آخرها من عوامل التباين الطبيعية داخل المجتمعات متعددة الاعراق والثقافات.

ان اكبر واقوى عامل تأسيسي اطلق العنان للثورة السودانية الحالية هو السلمية، وحول هذه السلمية اجتمع ابناء الشعب السوداني وحول هذه السلمية ايضاً وبسببها الحركات المسلحة نشاطها المسلح وانخرطت داعمة لهذه الثورة، وقد نالت وحققت هذه الثورة اميالاً عديدة في مسار التحول الديمقراطي ومدنية الدولة، وما الانقلاب العسكري الحالي الا محاولة مقاومة بائسة من قبل قادة المؤسسة العسكرية قصدها الوحيد هو استمرار حكم السودان الفردي من قبلهم، فهذه المؤسسة قد اعتادت حكم البلاد واصبح لهؤلاء القادة في اشخاصهم بعيداً عن المؤسسة للأسف مصالح اقتصادية كبيرة يصعب التخلي عنها، وبسبب ذلك يستمر التصدير المتكرر لشعارات زائفة القصد الأوحد منها هو الحفاظ على هذه المواقع التاريخية لهؤلاء القادة، مُعتقدين ومراهنين على أمرين أولهما: سذاجة التابع داخل هذه المؤسسة، والثاني هو خمود جذوة الثورة، متناسين في ذلك محدودية التبعية المذكورة فيهي ليست تبعية شخصية في أصلها بقدر رمزيتها وما ان يفتضح فعلهم حتى تهتز وتضعف هذه التبعية، أما بالنسبة لجذوة الثورة فواهم من يعتقد ذلك فإن جذوة الثورة حية وباقية في قلوب من قاموا بها.

انا لا استطيع أن أضمن سلامة أي شخص واتألم لألم أي شخص يتعرض لأي شكل من أشكال الإعتداء من قبل القوات النظامية بسبب مشاركته في الثورة، ولكني مؤمن بسلمية هذه الثورة ولا ننسى أن الفوضى التي ستحدث بسبب العنف الذي يطالب به بعض الثوار هي غاية مطلقة ومنشودة بالنسبة للعسكر ليس لسبب سوى أنها تصريح مطلق بالقتل وسيتولد عن هذا الأمر مزيداً من الموت والإعتداءات والألم على كل أبناء الشعب السوداني.
أخيراً، ان كان العنف أو رفع السلاح وسيلة ناجحة او فعالة كنّا لنتحدث اليوم عن نجاحها في تحرير السودان من كافة أشكال الحكم الاستبدادي على مر التاريخ الحديث في السودان، فالساحة السودانية ملأى بالعديد نماذج الحراك المسلح التي لم تنجح في تحقيق ما انجزته ثورة ديسمبر المستمرة.

#الردة_مستحيلة
#الديسمبريون
#السلمية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..