مقالات وآراء

تتعدد أسباب الموت ،، والفقد واحد !

ما وراء الخبر
حسن الجزولي

* الجمعة الماضیة ھزً خبر حزین مجتمعات ولایة سنار بغرق المركب الذي كان ینقل 29 مزارعاً ، لیغرق منھم نحو 23 جلھم من صغار الفتیات العاملات في حصاد الطماطم . وبینھن 17 من
أسرة واحدة .
* 29 مزارعاً ومزارعة تزاحموا على مراكب بدائیة صغیرة ومحدودة العدد ، وكل راكب من ھؤلاء الضحایا یحرص على البكور لمكان عملھ بالحواشات ! .
* تخرج أولئك الصبایا الصغیرات في صبیحة الجمعة الجامعة وھن یودعن ذویھن وفلذات أكبادھن والأمل بسام یداعب أخیلتھن الصغیرة بالعودة الظافرة من حقول الحصاد بعد جني المحصول والمال الذي بالكاد سیسد الرمق ، فتعود جثامینھن محمولة لقریة تریرة بمنطقة السوكي التي غادروھا والجمع یغذ سیره نحو
حواشات عملھ.
* ما یؤسف لھ أن تلك المراكب لا توفر الحد الأدنى من السلامة
النھریة ، التي تضمن وصولاً آمناً للشط الآخر !.
* وما یؤسف لھ أن تقاریر آلیات الانقاذ أشارت لازدیاد أعداد الضحایا والمفقودین بسبب تأخر وصول فرق الانقاذ النھریة.
* وما یؤسف لھ أن المسؤولین بالولایة لم یحرصوا في الأساس
على توفیر طواقم وآلیات الانقاذ بجانب نھر شھد ویشھد في كل حین تكرار مثل ھذه الحوادث في مناطق متفرقة بالبلاد . وذاكرة الناس تتجھ نحو غرق 22 طالباً بسد مروي بولایة نھر النیل قبل
سنوات قلیلة ، والذین مات ضمنھم خمسة أطفال من أسرة واحدة !.
* وما یؤسف لھ غیاب وسائل متعددة وحدیثة للنقل النھري توفر خدمات تعد من أھم ضروریات الحیاة التي كان یجب أن تقوم بھا الولایات تجاه مواطنین من حقھم الاستمتاع بعوائد ما یدفعوه من ضرائب بشق الأنفس من عرق جباھھم ومستقطعات لقمة عیش
أطفالھم .
* وما یؤسف لھ ھو الغیاب الكامل لضرورة توفیر مثل ھذه الخدمات من قبل المسؤولین ، وما كانت الصعوبة بمكان في مسألة توفیر ناقل نھري حدیث لكل منطقة بالبلاد ، إن كانت للولایات ھمة
وعزیمة وطنیة خالصة لتوجیھ میزانیات الدولة المتوفرة فیما ھو أھم ، وحتى لا یدخل الناس في مغالطات مع المسؤلین حول محدودیة المیزانیة في ظل ظروف الدولة الاقتصادیة ، أما كان من
الممكن جداً تجنیب بعض المال (الوفیر) الذي انتزعتھ لجنة إزالة
التمكین من حرامیة ولصوص الانقاذ لمثل الصرف على مثل ھذا
العمل؟!.
* أسفنا أنھ بینما نرى في دول أخرى كالمغرب مثلاً كیف یتم توظیف إمكانیات الدولة بما فیھا الدیوان الملكي ، أولئك الذین وقفوا وھبوا من أجل إنقاذ طفل واحد (ریان) الذي سقط في بئر ، تتجاھل عندنا السلطات مجرد الاھتمام الفائق بحادث یعتبر صادم على
المستوى الوطني !.
* وآخر أسفنا فإن الدول التي یقع فیھا مثل ھذا الحادث ، تحرص على إعلان الحداد الوطني وتنكیس الأعلام !.

* لقد أصبح الموت عند السودانیین متعدد ،، بینما الفقد واحد !.
فالرحمة للضحایا.
ـــــــــــــــــــــــ
* لجنة التمثیل كانت تمثلني وستمثلني لاحقاً أیضاً.

 

[email protected]

حسن الجزولي

دكتور حسن الجزولى هو قاص و اديب و سياسى و عضو باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني انتخب في الدورة الخامسة لمؤتمر الحزب الذي انعقد بالخرطوم و يكتب عامود راتب بجريدة الميدان الجريدة الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني كما يكتب بعدة صحف سودانية أخرى.
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..