الجنائية في منامي

في إحدي الليالي الشاتية جنيت علي نفسي وشاهدت مقاطعاً من الفيديو مبثوثة علي اليوتيب تظهر فيها قري أمنة مطمئنة بجنوب كردفان صبية وصبايا يرددون ألحانا من أغاني التراث وهم يقمون بحصاد محصولهم وجدة تصنع طحينا وأماً حنونة تصنع طبيخا وأطفال صغار يتناولون طعاما ورجال يؤدون فريضة الصلاة في جماعة إنهم مسلمون إنهم سودانيون إنهم مدنيون إنهم مبتسمون يعيشون حياتهم بصورة طبيعية وفجأة تحلق طائرة حربية وتسقط قنابلا ومتفجرات ووابل من قزائف المدافع الهاون يحول المكان إلي جحيم و ركام و أشلاء من الأجساد المتفحمة وينتهي كل شئ في لمحة بصر كأن لم تكن هنالك حياة أوإنسان يكابد ليجد ما يقتاته من خشاش الأرض تحت الهجير وفي عتمة الليل وشدة الزمهرير.
إمراة ناجية تقول إن الطيران يأتي ليلا ونهارا فتكتم الأنفاس ويتوقف الكل عن الحركة ثم يفعل الطيران فعلته ويولي هاربا بعد إنفاذ مهمته البشعة في الإبادة والقتل وتخليف الخراب والدمار. ياتري هل هذا هو جيشنا الوطني؟ أم أنها مجرد مشاهد مدبلجة ؟ أم أنها أخطاء في التصويب والتدقيق؟ إن هذه الصور الغريبة البشعة التي تظهر فيها ألتنا الحربية آلة جيشنا الوطني وهي تعمل قتلا في المدنيين تترك آثارا في النفس لايمكن أن تمحوها يد الزمن بالقدم والنسيان وتورد تساؤلات كثيرة وعنيدة لماذا يحدث كل هذا؟ ولمصلحة من؟ ألسنا شركاء في الوطن ؟ ألسنا أصلاء في الوطن؟ ألم نستجب للنداء في الصلوات والملمات؟ ألم ننافح ونكافح مثل غيرنا لينال وطنا الإستقلال؟ألم نواجه الأعداء والمستعمرين بصدور مكشوفة وثبات تحسدنا عليه شوامخ الجبال؟ ألم نعمل مثل غيرنا ليزدهر الإنتاج ويعم الخير؟ ألم نبايع قائدنا الهمام؟ ألم نصبر علي أذاه ؟ ألم نصبر علي بؤسنا وسغبنا وظمأنا؟ أم ماذا.
إن الجيوش الوطنية سواء في وطننا الصغير أو وطننا العربي الكبير أصبحت أداة بطش فعالة في يد الأنظمة الشمولية البغيضة التي تديرها نفوس مريضة ما عرفت يوما حرمة الدماء ولا حرمة الأعراض ولا حرمة الأموال ولا حرمة الأعراض تفعل كل ما تفعل بإسم الوطن تارة وبإسم الدين تارة أخري وبإسم هيبة الدولة تارات عدة. ولكنها في حقيقة الأمر تحمي مصالح الحاكمين وتقهر الكادحين والأحرار المتطلعين للحرية وللعدل والمساواة في أوطانهم التي لم يبخلون عليها بشئ فقد قدموا وظلوا يقدمون في سبيها الغالي والنفيس ويشحذون الهمم لتظل أعلامها ترفرف وأيامها تمتد.
لا بدّ من يقظة ضمير لهذه المؤسسات الوطنية ولا بدّ من صحوة للقائمين علي أمرها لأننأ يوم الحساب كلٌ أتيه فردا فهو رحيم غفار ولكنه لا يغفر حقوق الأخرين وهومنتقم وجبار ينصر المظلوم ولو بعد حين وإن في صراخ الأطفال ويتمهم لشكوى وإن في صياح الثكالي وترملهم لشكوى وإن في أنين الجرحي والمكلومين لشكوي شكوى ليست لبعض من قضاتنا الذين ربما نفلت من قبضتهم بحيلة أو شبهة شكوى لقاضي القضاة وأحكم الحاكمين الذي لا تخفي عليه صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها في كتاب مبين.
شاهدت هذه المقاطع وتسريبات لصور ضحايا التعزيب في سجون النظام السوري وتابعت ما يفعله جيش المالكي في العراق فأصبت بالقلق والإحباط وفارق النوم عيني ولكنني غفوت ورأيت رؤيا سأقصصها عليكم كما هي دون تفسير أو تأويل أو زيادة أو نقصان.
رأيت مجموعة من التنفيذين لا أعرف أحدا منهم ولكنني أقف معهم وهم يودعون البشير وعربة فخمة تنتظره لتوصله المطار في طريقه لتسليم نفسه للجنائية وهؤلاء التنفيذيون قد زينوا له هذه الفكرة فكرة تسليم نفسه للجنائية فداء للوطن وقد ضمنوا له علي ما يبدوا البراءة فقد كان متحمسا وفجأة تبين له أنهم يخادعونه ويسخرون من سزاجته في تصديقهم وأنه في طريق اللاعودة للوطن فينهار ولا يقوى علي الوقوف وتوضع نقالة ويحمل عليها وهو يرتدي بزلته العسكرية وتبدو ممزقة ويظهر جيبه مشروطا وبه ورقاتان من عملتنا هذا كل زاده في هذه الرحلة علامات الزل تكسو وجهه فأشفقت لحاله وقبضت علي يده قائلا الله يعينك!! وأدخل بالنقالة علي العربة إدخالا وإنطلقت به في سرعة رهيبة نحو المطار الذي تقبع عليه طائرة في إنتظار البشير.
هذا ما رأيته ولكن لا أدري ما علاقة هذا الأمر بمشاهدتي تلك لمشاهد الفيديو والصور السورية المسربة عن ضحايا التعزيب؟ أفتوني في رؤياى إن كنتم للرؤيا تعبرون.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. رفع الله البلاء عن اهل السودان
    وازاح الكابوس عنهم
    والمهم النهاية قد يذهب للدولية وقد يذهب تطارده لعنات الفقراء
    بشرك الله بالجنة
    والخدعه التي رأيتها يخادعون الله وهو خادعهم ……قضي الامر الذي فيه تستفتيان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..