مقالات وآراء سياسية

الضربة الإسرائيلية هل وحّدت الإيرانيين وأعادت السلطة للتيار المتشدد؟

ظِلَال القمــــــر

عبدالرحمن محمـــد فضــل

 

في مفارقة لافتة تكاد تختصر المشهد الإيراني المعقد، جاءت الضربة الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي الإيرانية لتعيد رسم الخريطة السياسية الداخلية، وتذيب ما كان يبدو فجوة متسعة بين المحافظين والإصلاحيين. هذا الهجوم، الذي أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين بينهم أطفال، لم يكن مجرد عمل عسكري عابر، بل نقطة تحوّل داخلية مفصلية في المزاج الشعبي الإيراني، وربما في مستقبل السياسة الإيرانية ككل يبدو ان الإصلاح مقابل التشدد .. معادلة مختلّة لطالما كانت السياسة الإيرانية محكومة بالتوازن الهش بين تيارين رئيسيين “الإصلاحيون” ، الذين يدعون إلى الانفتاح على الغرب وتحسين العلاقات الدولية، “والمحافظون” ، الذين يرون في التصعيد والمواجهة وسيلة لحماية الثورة ومكتسباتها خلال العقود الماضية، كانت الإدارات الأمريكية تميل إلى التعامل مع إيران حين تكون بيد إصلاحيين، وتتحفظ عن أي تصعيد في ظل حكم المحافظين المتشددين. من هنا، سعى المرشد الأعلى علي خامنئي، بقدر من البراغماتية، إلى ترجيح كفة الإصلاحيين في بعض المراحل، وتحديداً عبر استبعاد أسماء ذات نبرة تصادمية كالرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، لكن ما أحدثه الهجوم الإسرائيلي الأخير، يمكن تشبيهه “بزلزال سياسي” أعاد ترتيب الأحجار في رقعة الشطرنج الإيرانية. فبمجرد سقوط الصواريخ الإسرائيلية، انقلبت المزاجات، وتوحدت الأصوات، بل واختفى مؤقتاً ذلك الخط الفاصل بين من ينتقد “ولاية الفقيه” ومن يدافع عنها.

فإن توحيد الصفوف لحظة نادرة في الداخل الإيراني، المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي الإيرانية خلال الساعات الأخيرة، سيجد مشهداً غير معتاد أصوات معارضة، طالما نددت بالحرس الثوري والقيادة العليا، تحولت فجأة إلى أبواق تعبئة واستنفار، وكذلك مغردون وناشطون كانوا يهاجمون خامنئي، باتوا يدعون للوحدة والثأر، مدفوعين بمشاهد مؤلمة لأطفال ونساء قضوا في القصف. الإعلام الرسمي، من جهته، التقط اللحظة وبدأ في نشر صور الضحايا بشكل مكثف، في ما يبدو أنه توجه مقصود لحشد الجماهير، واستنهاض غرائز الغضب والكرامة .

وايضا برز الحرس الثوري في صدارة المشهد حيث نجد المكاسب السياسية الأولى لهذا التحول السريع تعود بلا شك إلى التيار المحافظ، وعلى رأسه “الحرس الثوري الإيراني” فمع تصاعد مناخ الحرب، يصبح صوت الأمن أقوى من صوت السياسة، وتعلو نبرة المواجهة على حساب الدعوة للحوار. لقد منحت هذه الضربة” المتشددين” شرعية جديدة، وربما أخرجتهم من زاوية النقد إلى مركز القرار من جديد

ويبدو أن ما عجزت عن فعله سنوات من الدعاية والتعبئة، فعله الصاروخ الإسرائيلي خلال دقائق،إذ أعاد صياغة المزاج الشعبي وفتح المجال أمام خطاب تعبوي، يرفض الانفتاح ويؤمن بأن السلام لا يُنتزع إلا من فوهات البنادق وهل وجود ترامب في البيت الابيض اعاد وبأثر رجعي غير مباشر خطته نحو ضرب ايران .

المفارقة الأبرز أن هذا التحول قد لا يكون بعيداً عن سياسات الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة دونالد ترامب في فترة حكمه الاولي، فقد كان ترامب يؤمن بسياسة “الضغط الأقصى” والانسحاب من الاتفاق النووي، وهذا بالطبع يغذي بيئة التوتر ويدفع إيران شيئاً فشيئاً نحو التشدد واليوم، يبدو أن مفعول ذلك النهج بلغ ذروته، وإن كان بعد سنوات، حيث يجد المحافظون أنفسهم في موقع “المنقذ” في لحظة مواجهة وجودية، وقد سلّم لهم الشارع عن قناعة لا عن قهر، لا شك أن المشهد الإيراني مقبل على تصعيد داخلي وخارجي داخلياً، من المتوقع أن تتراجع نبرة الانفتاح لصالح خطاب الحرب والثأر، وتُمنح المؤسسات العسكرية مساحة أوسع في القرار السياسي. وخارجياً، فإن الرد الإيراني سواء أكان مباشراً أم غير مباشر سيعيد خلط الأوراق في المنطقة، ويهدد بنسف كل جهود التهدئة الأخيرة، الضربة الإسرائيلية، على قسوتها، لم تقتل مدنيين فقط، بل ربما وأدت مشروع الانفتاح الإيراني الوليد، وأطلقت العنان لحالة تعبئة شاملة قد لا تنتهي إلا بصراع مفتوح أو تسوية كبرى تُفرض بشروط جديدة، عنوانها “إيران التي توحّدت خلف الراية المتشددة، والجميع ينتظر ماهو رد ايران علي اسرائيل وهل ستظهر ايران الامبراطورية الفارسية القوية ام تكون ايران مجرد نمر من ورق وتثبت انها مجرد صناعة إسرائيلية صهيونية لزعزعة الاستقرار في المنطقة والمحافظة علي امن إسرائيل وهل ستكتفي برشقات صاروخية محددة وتضرب اهداف ليست ذات قيمة استراتجية وعسكرية لاننا حتي الان نسمع جعجعة ولا نري طحين.

 

[email protected]

تعليق واحد

  1. إيران الفارسية المتشيعة مجرد نمر من ورق كانت ومازالت.
    بالعكس هذه الحرب كشفت مدى هشاشة الجبهة الداخلية في إيران ومدى الاختراقات لها.
    بلغت الاختراقات درجة تركيب مسيرات في داخل بلاد فارس وإطلاقها على المؤسسات الحكومية.
    إيران دولة مخترقة إستخباراتياً حتى النخاع ومفككة بسبب سيطرة عنصر واحد على الدولة هناك مما يجعل المكونات الأخرى تتربص بها وتتحين فرص الانقضاض عليها.
    حتى بالنسبة للأجيال الجديدة من الشيعة فإن التحديث والتطور قد وصلهم ولم يعودوا يؤمنون بولاية فقيه أو قدسية له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..