عودة هجليج: ولد راح وأهله لقوهو

عودة هجليج: ولد راح وأهله لقوهو
أسامة أحمد خالد
[email][email protected][/email]
أجتمع ثلاثة رجال على مائدة طعام فاتفق اثنان منهم على الاحتيال على ثالثهم بشغله عن الأكل بالحديث ليأكلوا أكبر كمية منه فقال أمكر الاثنين للثالث: يا شيخنا ما تحكي لينا قصة سيدنا يوسف، لكن الرجل الألمعي أحس بالمكر في طلب الرجل وإنه يريد شغله عن الأكل بسرد هذه القصة الطويلة فمد يده إلى الطعام وهو يقول للرجل المكار: والله سيدنا يوسف دة ولد راح وأهله لقوهو.
لا شك إن الشعب السوداني الصابر الكظيم أبيضت عيناه حزناً على ذهاب هجليج لذا كانت فرحته بعودتها كفرحة يعقوب بلقاء ابنه وهو شعور طبيعي لكل ذي وجدان وطني سليم وحس قومي رفيع. لكن السلوك غير السوي هو المحاولة البائسة للنظام الحاكم وقادته للاستثمار السياسي في ذهاب وعودة هجليج إلى حضن الوطن بعد أن الفشل الذي ضرب مشاريع الخرباش وجمعة الجمعة وأحمد بهجت ومشروع الجزيرة وترعة الرهد وكنانة والنهضة الزراعية والنفرة الخضراء وسكر النيل الأبيض والمشروع الحضاري العظيم الذي جاءت مخرجاته دغمسة ولغوسة وحرجمة وخداره عدار وودار وبلاوي كتار.
فالنظام الذي فرط بالأمس في الجنوب وهجليج كما فرط إخوة يوسف في يوسف وأخيه جاءوا اليوم بمكرهم المعهود ليخلقوا من عودة هجليج قصة طويلة يشغلوا بها الشعب السوداني عن الثورة والتغيير ومساءلة المقصرين والمحلقين ولكن الشعب الألمعي الذي وقف وقفة الأب الذي فجع بفقد ابنه فلم يهدأ له بال حتى عادت هجليج ليعبر بفرحه الغامر عن بهجته بالعود الأحمد بالقطع لن يترك النظام المكار يشغله طويلاً وسوف يرد عليه غداً بالقول: هجليج مدينة راحت ورجعت لحضن الوطن، ولن يجعلهم يمارسون عادتهم في تحويل الاضطرار إلى فضيلة والتقصير إلى إنجاز والغفلة إلى استدراج فالتفريط في هجليج سيكون بداية الحساب.
وأول ما يسأل عنه النظام يوم الحساب هو تفريطه في تراب الوطن الذي يعد عماد السيادة الوطنية فإن بطلت بطل كل عمله وسيسأل وزير الدفاع الذي أذاع بيان العودة عن كيف ولماذا سقطت هجليج ابتداءً؟ ففي تقديرنا إن سقوط هجليج في أيدي قوات جنوب السودان كان أسوأ من سقوط طالب جامعي في امتحان مكشوف وضع أسئلته طالب أساس وأعطى المسئول ثلاث خيارات متطابقة لتحديد الإجابة الصحيحة من بينها.
الكاتب الساخر محمد محمد خير كتب في أيام الجاهلية الأولى، قبل أن يهديه الله إلى أخذ طريق المشروع الحضاري الذي لا يمر ببيت عطانة، عن حوار دار بينه وبين إحدى بنات الذوات كانت تدرس بمدرسة الألسن بالقاهرة فأوضح أن الفتاة البلورية لشغته بكلمتين لا قبل له بهما وبعد أن أخبرته بأن والدها موظفاً كبيراً في منظمة دولية رفيعة فاجأته بسؤال زاد حساباته لخبطة على لخبطتها، إنت باباك بشتغل إيه؟ ولكن محمد حاك الأمر في قلبه وكره أن يطلعها على مهنة والده الجزار فهو في تلك اللحظة لم يكن يهمه بقاء الحقيقة بقدر ما كان يهمه عدم انهيار بيارة السوكي، فقال محمد فكرت بسرعة وعملت ليها إرباك تكتيكي وقلت ليها أبوي مات وكأن الموت يجُب ما قبله فانشغلت الفتاة عن المهنة بالموت. فالنظام يحاول استغلال فرح الشعب بعودة هجليج ليربكه تكتيكياً لينسيه السؤال المهم كيف ولماذا سقطت هجليج ومن يتحمل وزر ما حدث في هجليج هل هو الشيخ الأشعري الذي خلع الوحدة في نيفاشا ليثبت مفاوض الحركة الانفصال أم المحارب المستريح الذي استمرأ الاستراحة وهو على رأس العمل فسرى الاسترخاء في جميع مفاصل القوات المسلحة؟ وهل سيقال أي منهما أم سيستقيل كليهما؟ وماذا سيفعل الرئيس بالطبع لن يكتفي بغض النظر عن إقالة رفقاء الدرب والسلاح بل قد يذهب إلى أبعد من ذلك برفض الاستقالة إن تمت كما عودنا دائماً. كنت سأقترح على الرئيس من باب الوفاء والحماية للرفاق من هجمات الجنائية أن يقوم بتعيين وزير الدفاع الذي أعلى شأن بناء الأبراج على بناء الجيش وتسليح المباني على تسليح القوات وزيراً للأشغال العامة والتشييد ولكني تذكرت إن سجله لا يسعفه فانهيار عمارة الرباط نقطة سوداء لن يمحوها الفضل بين الناس.
بصرت ونجمت كثيراً ورجمت بالغيب لعلي أجد عبارة غير مسبوقة أخاطب بها من تسببوا في كارثة هجليج ولكن يبدو أنه ليس بالإمكان أحسن مما كان فلم أجد عبارة أصدق من عبارة المشجعين المصريين في مدرجات إستاد كرة القدم (قاعدين ليه ما تقوموا تروحوا).
مقالك والذي قبله عن عثمان ميرغني، ذكرني باحد قادة الحزب الشيوعي الذي كان يلعن سنسفيل اليوم الذي ابتكروا فيه فكرة (الجبهة الديمقراطية)، لانها كانت وكرا خصبا لتفريخ الأنتهازيين، فهمهم كله بناء أمجاد شخصية علي أكتاف غيرهم، فهم كما جاء في ذلك الوصف، يعيشون مع الأسود ويكتسبون كل مهارات الاسود (جاذبية التعبير والكلام)، ولكن غاية همهم أن يكون ضبعا، يقتات علي ما أصطاده الاسد. عزيزي أترك كل هذه ألانتهازية وابني تاريخك بنفسك، بعبارة أخري لو ما كان في عثمان أو كيزان كنت حا تتفاصح في شنو؟ عيب – واقطع ضراعي لو ما كنت جبهة ديمقراطية، لا شيوعي عديل ناضلت لمبادئك ، ولا احترمت نفسك وقعدت مع الناس ألعاديين. عيب وخلينا من الفصاحة الفارغة دي.
مقال رائع كالعادة و في الصميم و الدليل تعليق المعلق ويدا ود البلد الذي ترك التعليق الموضوعي على المقال و ذهب للمهاترة.
لم يحن الوقت بعد للحساب و سوف تستفيد الحركه الشعبيه التي تقود الجنوب حاليا بخلافتنا اذا تم فتح ملف الاصلاح و المحاسبه و ماينتج منه من تمزق لازالت هناك قضايا عالقه كثيره يجب ان يوعي شعب دولة السودان ليس حبا في الانقاذ و لكن السياسه فن الممكن الوقت الان لاتحاد الجبهه الداخليه ضد اي اطماع خارجيه
نفس اللت والعجن الذي تداوله جميع الكتاب الذين يشبهونك من أمثال عثمان ميرغني التيار والطاهر ساتي وغيرهم من المطبلاتية ، ومتى فرح الشعب بهجليج، من فرح بهجليج هم قطيع المؤتمر الوطني لانهم المستفيد الأول والأخير من عودة هجليج.