ملامح من امبراطورية الفساد الطبي: وزير الصحة الولائي ومستشفى حاج المرضي محي الدين

يعتبر التدريب العملي بالمستشفيات من أهم المقومات في دراسة الطب لأنه الأكثر إرتباطاً بما سوف يمارسه طلاب الطب بعد التخرج، حيث لا يمكن تخريج الأطباء دون خضوعهم للتدريب العملي بالمستشفيات، مما يستوجب ارتباط كليات الطب بمستشفيات تدريبية. وتواجه كليات الطب المختلفة مشكلة حقيقية في توفير فرص التدريب العملي لطلابها و ذلك لعدم وجود مستشفيات كافية لاستيعاب الاعداد المتزايدة من طلاب كليات الطب. لذلك ، قامت حكومة ولاية الخرطوم في عام 1996 ، بتجربة بناء شراكات بين وزارة الصحة والجامعات، حيث تتعاقد وزارة الصحة الولائية مع الجامعات لإدارة وتشغيل بعض المستشفيات التابعة لها بغرض الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الكوادر الطبية التابعة للجامعات في مقابل حصول الجامعات على فرص التدريب العملي لطلابها بتلك المستشفيات . استمر العمل وفق هذه التجربة منذ العام 1996 و حتى عام 2007 . في عام 2011 قامت الوزارة بتقييم هذه التجربة و خلصت إلى أنها غير مرضية و لذلك قررت فض الشراكة مع الجامعات على أن تتكفل الجامعات بدفع رسوم محدده للمستشفيات لتدريب الطلاب . وبناء على ذلك صدرت في العام 2012 لائحة تدريب طلاب الجامعات والكليات الخاصة بالمؤسسات الصحية الحكومية بولاية الخرطوم.
انتهز البروفيسور مأمون حميدة ، مالك جامعة العلوم الطبية والتكنلوجيا، و وزير الصحة بولاية الخرطوم فرصة بناء تلك الشراكات مع المؤسسات التعليمية ، ليتعاقد مع مستشفى لتدريب طلاب كليته. ففي يونيو من العام 1997(قبل أن يتولى منصبه الوزاري) قام بتوقيع عقد مع وزارة الصحة بولاية الخرطوم ، حتى تتمكن كليته من إدارة مستشفى حاج المرضي محي الدين بحي إمتداد الدرجة الثالثة بمدينة الخرطوم لمدة (10) سنوات، ولاحقاً ، في العام 2000 ، تم تمديد فترة سريان هذا العقد لمدة (20) عاماً، وبموجب ذلك التمديد تكون جامعة (آكاديمية حينها) العلوم الطبية والتكنلوجيا قد حصلت على استثناء من تطبيق لائحة تدريب طلاب الجامعات والكليات الخاصة بالمؤسسات الصحية، استناداً على الفقرة (ب) من اللائحة التي تنص على صحة ونفاذ جميع الاجراءات التي أُتخذت بموجب اللوائح السابقة، وتبعاً لذلك استمر طلاب أكاديمية العلوم الطبية والتكنلوجيا، في تلقي التدريب العملي بالمستشفى المشار إليه دون أن يكون للأكاديمية أي التزامات مالية جديدة تجاه وزارة الصحة بولاية الخرطوم.
شاب تمديد العقد الذي وقعته أكاديمية العلوم الطبية والتكنلوجيا مع وزارة الصحة الولائية لإدارة مستشفى حاج المرضي الكثير من مظاهر الفساد وعدم الشفافية، وظهرت هذه المظاهر في العديد من التقارير المنشورة بالصحف الورقية والإلكترونية، إلا أن التفاصيل الدقيقة لهذه القصة أوردها المراجع العام في تقريره الصادر بتاريخ 12مارس 2014 و الذي حمل عنوان (مخالفات عقد وزارة الصحة بولاية الخرطوم وأكاديمية العلوم الطبية والتكنلوجيا في إدارة المستشفى المقام على قطعة اأارض بالرقم (14/1) مربع 9 بإمتداد الدرجة الثالثة بالخرطوم)، و إحتوت أهم الملاحظات التي أوردها المراجع العام على النقاط الاتية:
– تم الحصول على عقد التمديد الصادر في 19/11/2000 ، المسمى (عقد تعديل المستشفى الاكاديمي الخيري التعليمي) وتمديد فترة سريان العقد الأول الصادر في العام 1996 من (10) أعوام الى (20) عاماً، دون إظهار أو تقديم العقد الأول الذي تم تمديده، كما أشار المراجع العام في تقريره إلى أن ذلك العقد قد تم إخفائه ولم يقدم إليه، رغماً عن مخاطبته لكافة الجهات المعنية بما فيها الإدارة القانونية بولاية الخرطوم بإعتبارها الجهة التي وثقت العقد الجديد.
– عدم تسمية الأطراف بعقد التمديد رغم أهمية ذلك في كل العقود المبرمة، إذ كانت ترد فقط عبارات مثل إتفق الطرفان.
– تم إبرام عقد التمديد بتاريخ 19/11/2000 بينما ظهر خاتم التوثيق على الوثيقة بتاريخ 5/5/1999، أي أن تاريخ توثيق العقد سابق لتاريخ إبرامه، مما يعتبر مخالفة جسيمة تنطوي على فساد و ضياع للحق العام.
– فرض مسمى جديد للمستشفى ليكون (مستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي) بدلاً عن الاسم الصحيح الوارد في العقد (مستشفى حاج المرضي محي الدين) .
– تحويل المبنى الذي تم تصديقه كقسم مخصص لطب وجراحة الأسنان بالمستشفى، إلى كلية لطب وجراحة الاسنان تتبع لأكاديمية العلوم الطبية والتكنلوجيا، و فصل تبعيته الإدارية للمستشفى، مما يعتبر تغييراً للغرض ويخالف شروط عقد إنشاء المستشفى وذلك لعدم استصدار الاكاديمية لموافقة وزارة الصحة لبناء هذه الكلية.
– إيجار الصيدلية المرفقة بالمستشفى للدكتور عبد المنعم محمد نور بتاريخ 15 يونيو 2012 دون الحصول على موافقة وزارة الصحة.
– إيجار المعمل الملحق بالمستشفى إلى السيد عوض عبد الوهاب والإتفاق معه على تقاسم الارباح مناصفة، دون توثيق العقد أو موافقة وزارة الصحة.
و استنادآ على الملاحظات الوارده أعلاه ، جاءت توصيات المراجع العام بشان هذه القضية على النحو الآتي :
– أن يتم التحقيق في إجراءات تعديل العقد الخاص بمستشفى حاج المرضي محي الدين ومساءلة المتسببين فيه.
– إعادة المستشفى إلى المنظومة الإدارية لوزارة الصحة بولاية الخرطوم.
– حصر جميع ما تحصلت عليه أكاديمية العلوم الطبية والتكنلوجيا من مبنى قسم طب وجراحة الأسنان الذي تم تحويله إلى كلية لطب الاسنان تتبع للأكاديمية دون وجه حق، وإعادته لوزارة الصحة بولاية الخرطوم.
– تطبيق لائحة تدريب طلاب الجامعات بالمؤسسات الصحية على جميع طلاب أكاديمية العلوم الطبية والتكنلوجيا الذين تم تدريبهم فى مستشفيات وزارة الصحة بأثر رجعي ، منذ تاريخ سريان تلك اللائحة، وحصر التكلفة وتحصيلها لصالح وزارة الصحة بولاية الخرطوم.
الجدير بالذكر أن المراجع العام كان قد أرسل هذا التقرير بكل ما يحتويه من ملاحظات وتوصيات واضحة الى وزارة الصحة الاتحادية، وأمين عام مجلس ولاية الخرطوم التشريعي، و لجنة الصحة بالمجلس الولائي، و وزير الصحة بولاية الخرطوم، وأمين عام حكومة ولاية الخرطوم، و رئيس الإدارة القانونية بالولاية، ونيابة الأموال العامة، ولكن رغم ذلك ، لم تقم اي من هذه الجهات بأي إجراءات عملية بشأن تنفيذ التوصيات الواردة في هذا التقرير منذ تاريخ استلامه في العام 2014 وحتى الآن .
تم تعيين البروفيسور مأمون حميدة وزيراً للصحة بولاية الخرطوم في العام 2011 ، وهو يعٌد من أكبر المستثمرين في القطاع الصحي، فهو يمتلك جامعة العلوم الطبية والتكنلوجيا بالإضافة إلى العديد من المستشفيات الخاصة. في مواجهة ذلك ، فقد شًن العديد من الأطباء نقدآ عنيفاً على تعيينه وزيراً للصحة، وقالوا بأن تعيين أكبر مستثمر في المجال الصحي بولاية الخرطوم وزيراً للصحة بذات الولاية، سيخلق تعارضاً واضحآ بين مصالحه الإقتصادية و الإستثمارية ومسئولياته الرسمية، و لقد اتضحت صحة هذه المخاوف في الكيفية التي تم بها التعامل مع تقرير المراجع العام بشأن مستشفى حاج المرضي محي الدين، حيث تم تجاهل التقرير أو حبسه بأدراج وزارة الصحة الولائية والجهات الأخرى التي أُرسل اليها، حيث لا يعقل أن يحاسب مأمون حميدة نفسه، حينما أصبح بعد تعيينه وزيراً للصحة بولاية الخرطوم ، يمثل طرفى العقد المشار إليه، فالعقد أبرمته الوزارة التي هو وزيرها مع الأكاديمية التي يملكها.
كذلك يعد مامون حميدة أحد أهم كوادر النظام في المجال الصحي، فعلاوة على أنه من كبار المستثمرين الذين توفر لهم الحكومة السيولة التي يحتاجها ، فهو كذلك يعمل على الحد من تحركات اللجان المطلبية فى القطاع الصحي ، كلجان الاطباء والصيادلة وغيرها من اللجان الموازية للنقابات التي يسيطر عليها النظام. لكل ذلك أصبح حميدة من الكوادر التي تتمتع بحماية واسعة من قبل الحكومة و أجهزتها الأمنية ، ولقد سبق أن دافع رئيس النظام عن قرار تعيينه في المنصب الوزاري مشيراً إلى أن اختياره للمنصب كان بسبب انه من (عينه مليانه (ثرية) وما محتاج قروش) . كما سبق ان خاطب النائب بمجلس ولاية الخرطوم التشريعي ،كمال حمدنا الله ،إحدى جلسات المجلس التشريعى بولاية الخرطوم و التي خصصت لمناقشة تقرير عن أداء وزارة الصحة قائلاً بأنه ( اثناء نومه ،حين أداءه للعمرة ، راى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال له أبلغ مامون حميدة التحية وقل له جزاك الله خيراً فيما تفعله)، لترتفع في أعقاب ذلك تكبيرات النواب في ظل برلمان ضعيف و غياب الأجهزة الرقابية المستقلة.
عدم المساءلة و هذا النوع من الحماية ، قد مهدت الطريق لمأمون حميدة ليتمادى في الفساد . فقد وجه ، بصفته وزيراً للصحة بالولاية، بتشييد قسم للحوادث بالمستشفى الأكاديمي حتى يتيح الفرصة لطلاب أكاديميته للتدريب على الحوادث . وبالفعل تم تشييد القسم بمواصفات حديثة غير متوفرة بمستشفيات الولاية الأخرى ، و لقد أنفقت وزارة الصحة الولائية على تشييده ما يقارب ال (3) مليون جنيه خصمآ على مال التنمية بالولاية، و تم اسناد إدارته بعد إكتماله إلى جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا وانخرط طلابها في التدريب فيه. في أغسطس من العام 2015 ، أصدر المراجع الداخلي بولاية الخرطوم تقريراً أشار فيه إلى أن هذا المبنى غير مدرج ضمن المباني التي إستأجرتها الأكاديمية من وزارة الصحة، وطالب بنزع المبنى من إدارة الأكاديمية وإعادته إلى وزارة الصحة الولائية.
لمواجهة قصة فساد العقد المشار إليه ، فانه يجب على المنظمات والأجسام المطلبية بالقطاع الصحي ، كلجنة الاطباء وغيرها من الأجسام الوطنية، العمل على اثارة هذه القضية أمام كافة الجهات القانونية والتشريعية، وتكليف مستشارين قانونيين مؤهلين لمتابعتها إستنادآ على تقرير المراجع العام، والإستمرار في المطالبة القانونية بتنفيذ التوصيات الواردة بذلك التقرير و التي يأتي على رآسها فسخ العقد بين وزارة الصحة الولائية و جامعة العلوم الصحية والتكنلوجيا، وإعادة سلطات إدارة المستشفى الى الوزارة.
كما يجب على الأجسام المطلبية بالقطاع الصحي والمنظمات الوطنية المعنية بمكافحة الفساد، التنظيم والحشد لتنفيذ وقفات
كذلك يجب الإستمرار في فضح هذه الممارسات في الاعلام، وإثارة الرأي العام حولها، والمطالبة بوضع حد للفساد المتمدد فيها، وعقد المؤتمرات الصحفية التي تبرز حقيقة هذا الفساد، وفضح المتورطين فيه والمطالبة بمحاسبتهم وإقالتهم من مناصبهم.
كما يجب التركيز والإهتمام بقضية مستشفى حوادث التميُز التي أثارها المراجع الداخلي بولاية الخرطوم، والمطالبة بتنفيذ توصياته بشأنها، بنزع إدارة هذا القسم من أكاديمية مامون حميدة، لأن منشئات ومباني هذا القسم ليست من ضمن المنشآت المؤجرة للأكاديمية حتى بموجب العقد الفاسد الذي أفتى المراجع العام بشأنه.
كما يجب على المنظمات المهتمة والإعلام القيام بحملة جماهيرية ضخمة تخاطب سكان منطقة الإمتداد بالخرطوم، لرفض هيمنة مامون حميدة على المستشفى الذي شيًد على قطعة الأرض التي أوقفها حاج المرضي محي الدين، وإشراك هيئة الأوقاف وأسرة الواقف في هذه الحملة، والمطالبة بإعادة تسمية المستشفى باسمه القديم (مستشفى حاج المرضي محي الدين) بدلاً عن المستشفى الاكاديمي الذي أطلقه عليه مامون حميدة.
ويمكنك الانضمام لقائمة الديموقراطية اولا البريدية لتصلك كافة إصداراتها بادخال بريدك الالكتروني على الرابط التالي:
[url]https://tinyurl.com/SDFG-ar[/url]
المجموعة السودانية للديمقراطية اولا
[email protected]
نرجو من إدارة الراكوبة تثبيت هذا المقال وعدم ترحيله للإرشيف حتى يتمكن كل السودانيين – أطباء وغير طباء – من تسجيل وجوه فساد وزارة الصحة – ولاية الخرطوم- تحت إدارة مأمون حميدة.
يكاد الغير مأمون من أبشع حماثم الانقاذ اللاهثة خلف الجيف و المال المسكوت عنه .. فقد فعلها من قبل و استولي علي ارض وقف مسجد التقوي بصك بيع ايجاري لمدة خمسون علمآ و اقام عليها مشفي الزيتونة ليكررها و يستولي علي ارض وقف مشفي حاج المرضي ليؤسس عليها مستشفي الاكاديمي لخدمة طلاب اكاديمية حميدة لمدة عشرون عامآ .. و الطامة الكبري هي تمدده شمالآ بشجر الدمس سريع النمو و يضع يده علي اراض حكومية شمال الاكاديمية و شرق المطار دون اي عطاء حكومي !! لدرجة ان وزير التخطيط السابق المرحوم عبد الوهاب محمد عثمان قد حفيت قدماه في الوصول لتسوية بشأن تلك الارض التي استولي عليها حميدة و آلت ملكيتها له رغم انف الحكومة اللاهية
اللهم أحسن خلاصنا بأحسن حال
اللهم عليك بآكلي السحت والحرام فإنهم لا يعجزونك
ذكر أعلاه يعد قشره من افعال مأفون حميضه تاجر الصحه. ولَك ان ترى ألطريقه التي يتكلم بها مع المتصلين به في برنامجه الدعائي في التلفزيون لتعرف ان هذا المأفون يستخف بعقول الشعب السوداني ويعتبرهم اغبياء وهو السيد كامل العقل والفهم
كيف لا وهاهو قد سرقهم جهارا نهارا ودمر مستشفياتهم واحده تلو الاخرى بما في ذلك مستشفى الخرطوم العريق وظل هذا الشعب ساكتا وباردا وهو يرى كل ذلك والادهى والامر ان ذلك يحدث بتزكيه من رئيس الدولة وبحمايته
بل ويسميه ببلدوزره الذي يحطم الأطباء والذي شرد واذل أطباء كبار في السن والمكانة والخبرة وبل يعدوا من القلائل في الكون في مجالاتهم
كل هذا زاد من سفه ذلك الشخص وداد من تسفيهه للشعب السوداني
أيها الشعب السوداني ان كنت تنتظر المعجزة وانت نائم في سريرك فلن تحدث لا الله تعالى يقول ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم) ولَك ان تبدأ العمل ولتبدأ باجتثاث هذا المأفون الذي يرى الناس.تموت وهو لا يهمه شئ غير منصبه وزياده امواله في البنوك
وَيَا مأفون حميضه أقول لك ستراها في نفسك وعيالك في الدنيا وسنراها في الاخره فان الله يمهل ولا يهمل
اوافق على حديث الثلج الساخن
لزلزال (1)
ضمن مستندات حصلنا عليها خطاب من ديوان المراجع العام بولاية الخرطوم معنون لمدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم وموضوعه: مخالفات عقد وزارة الصحة ولاية الخرطوم وأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا في إدارة المستشفى المقام على قطعة الأرض
?الزلزال? 1 ضمن مستندات حصلنا عليها خطاب من ديوان المراجع العام بولاية الخرطوم معنون لمدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم وموضوعه: مخالفات عقد وزارة الصحة ولاية الخرطوم وأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا في إدارة المستشفى المقام على قطعة الأرض
الخرطوم: شوقي عبد العظيم
يوم أن عُيّن مأمون حميدة، وزيراً للصحة في حكومة ولاية الخرطوم، استنكر البعض ذلك التعيين، وتساءلوا: مأمون أحد أكبر المستثمرين في مجال الصحة فكيف يعين وزيراً للصحة؟ وكيف سيشرف على مؤسسات واستثمارات ضخمة مملوكة له، ليحاسب نفسه؟ في الصحافة كتب كلام كثير في ذات الاتجاه، وتخوف البعض من نشوء حالة من تضارب في المصالح بين حميدة الوزير، وحميدة المستثمر، الذي يمتلك عدداً من أكبر المستشفيات الخاصة في العاصمة. المؤكد أن مأمون لم يأبه لتلك الآراء، وظل يدافع عن نفسه بقوة، ويصادم منتقديه بشراسة، ويجر بعضهم إلى قاعات المحاكم، ويستدل بأنه يعمل في الوزارة متطوعاً بلا مقابل، ولا يتقاضى راتباً عن عمله كوزير، فهل يكفي ذلك لتنقيته من شبهة تضارب المصالح؟
يستهدف هذا التحقيق الاستقصائي تحديد ما إذا كان (تضارب المصالح) بين حميدة الوزير وحميدة المستثمر في مجال الصحة قد حدث أم لا؟، وللأمانة ما عثرنا عليه كان مذهلاً، فاق أسوأ الظنون والتوقعات.. المحصلة: تغول على حق عام، ومخالفات كبيرة في عقود صحية، وتضارب مصالح تعضده مستندات رسمية، تكشف الكثير المثير، لذا سمينا هذا التحقيق ?الزلزال?.
1
مصطلح ?تضارب المصالح أو تعارض المصالح? معروف للغالبية، مع ذلك لا ضير من شرحه لمزيد من الفائدة، لأن ?تضارب المصالح? يمثل المرتكز الأساسي لهذا التحقيق، وهي الفكرة التي ظل الكل يتمحور حولها، منذ تعيين مأمون وزيراً للصحة بالولاية، وسنستشهد هنا بحديث رئيس لجنة الأطباء الاختصاصيين أحمد الأبوابي، تعليقاً على ذلك التعيين في نوفمبر (2011) حين قال في تصريح صحافي: ?إن تعيين مستثمر في مجال الصحة وزيراً للصحة سيخلق تعارضاً بين المسؤولية والمصلحة ولا أتوقع منه التوفيق بين مصالحه الشخصية ومهامه باعتباره وزيراً وهذا التعيين يعتبر امتحاناً عسيراً بالنسبة له على المستوى الشخصي?، وما قاله هو عين تضارب المصالح.
بلدان كثيرة سنت قوانين خاصة تمنع تضارب المصالح، غير أن القانون المصري، يشرح المعنى أكثر ويضعه في إطار قانوني محكم الإغلاق، وقد صدر مؤخراً في أعقاب إطاحة الرئيس مبارك، أي بعد الثورة المصرية التي قامت أصلاً في وجه الفساد والمفسدين، ويعرف القانون المصري تضارب المصالح: (كل حالة يكون للمسؤول الحكومي أو الشخص المرتبط به، مصلحة مادية أو معنوية تتعارض تعارضا مطلقاً أو نسبياً، مع ما يتطلبه منصبه أو وظيفته، من نزاهة واستقلال وحفاظ على المال العام، أو تكون سبباً لكسب غير مشروع، لنفسه أو لشخص مرتبط)، وفي حالات التعارض المطلق وهي حالات شبيهة بحالة وزير الصحة مأمون نص القانون المصري على الآتي: (في حالة قيام إحدى حالات التعارض المطلق، يتعين على المسؤول الحكومي إزالة هذا التعارض إما بالتنازل عن المصلحة أو بترك المنصب أو الوظيفة العامة)، من الطبيعي أن نسأل: لماذا القانون المصري؟، وماذا عن القانون السوداني؟ في الحقيقة لا يوجد قانون يمنع التضارب في السودان، إلا استدراك بسيط في الدستور في المادة (75) المتعلقة بإقرار الذمة، وهو إجراء بروتوكولي أكثر من كونه قانونيا، لا يجدي نفعاً وحتى أن الدستور نفسه هزم الفكرة، عندما جعل إقرار الذمة سرياً وليس للتداول، أي لا يمكن التحقق منه، ولم نسمع بأن مسؤولاً تمت مراجعة إقرار ذمته عند مغادرته المنصب، لذلك اعتمدنا على شرح القانون المصري لتقريب الفكرة.
2
المراجع العام: منفعة دون وجه حق
قبل كل شيء، ضمن المستندات التي حصلنا عليها خطاب من ديوان المراجع العام ? ولاية الخرطوم، معنون لمدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم، تاريخ الخطاب 12/ مارس/2014، ومأمون حينها وزير ونافذ، والحقيقة الخطاب يشير ويؤكد على أنه في قمة السطوة والنفوذ، وموضوع الخطاب: (مخالفات عقد وزارة الصحة ولاية الخرطوم، وأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا، في إدارة المستشفى المقام على قطعة الأرض 14/1، مربع (9)، امتداد الدرجة الثالثة الخرطوم) ? وأشار المراجع للمستشفى الذي تديره أحد مؤسسات المستثمر مأمون حميدة، برقم القطعة لأسباب ستتضح لاحقاً ? ولكن الخطاب رصد مجموعة من المخالفات والتجاوزات، التي ? بحسب الخطاب ? يجب أن يقدم المتسببون فيها للمساءلة والمحاكمة القانونية؛ وقطعاً وزير الصحة واحد من هؤلاء المتسببين، بل أولهم وصاحب المصلحة الحقيقية بينهم. المراجع حصر تلك التجاوزات بالتفصيل، وبين رأيه القانوني فيها، لذا سنفصلها بدقة، ثم نستعرض المستندات الأخرى، والتي تؤكد جميعها حدوث تضارب المصالح بشكل سافر.
3
?قوة عين?
هنا سنرى، كيف يتم التلاعب بالعقودات الرسمية والعبث بها لتحقيق المصالح الشخصية، العقد المذكور طرفاه (وزارة الصحة ولاية الخرطوم) و(أكاديمية العلوم الطبية)، الشهيرة بجامعة مأمون حميدة، المملوكة للبروف مأمون حميدة، والعقد يعرف باسم عقد (إدارة مستشفى حاج المرضي محيي الدين) قطعاً لا يعرف أحدكم اسم مستشفى حاج المرضى محيي الدين ? وفي هذه أيضا حكاية ومخالفة ? ولكن باختصار هو المستشفى الأكاديمي الكائن في امتداد الدرجة الثالثة مربع (9)، العقد أبرم في يونيو 1997، أي قبل أن يتولى مأمون الوزارة. ووقع عن وزارة الصحة د. محمد يس، وعن الأكاديمية د. مأمون حميدة، فترة سريان العقد (10) سنوات، حتى هذه المرحلة لم تبدأ المخالفات بعد، غير أن المراجع لاحظ أثناء مراجعته للأداء المالي لوزارة الصحة في 2014، وجود عقد ثانٍ اسمه (عقد تعديل مستشفى الأكاديمي الخيري التعليمي) تم إبرامه في 19/11/2000، ومن هذه النقطة بدأ العبث. أولى المخالفات التي أشار إليها المراجع القومي (لم يتم تسمية الأطراف في هذا التعديل وأُشير فقط بعبارة اتفق الطرفان)، ونبه مباشرة إلى أن الإجراءات الأصولية في العقود تسمية الأطراف في مقدمة العقد، أما المخالفة الثانية فتتعلق بعقد تعديل، ومددت فيه فترة سريان العقد من (10) سنوات إلى (20) سنة، إلا أن الشيء الذي لم يجد له تفسيرا حتى المراجع القومي، أنه عند تمديد فترة العقد تمت الإشارة في العقد الجديد إلى تعديل العقد المبرم في 13 ديسمبر1996، وفي الحقيقة هذا العقد لا وجود له أو هكذا أراد أن يقول المراجع، وقبل أن نورد الجدل الذي دار حول العقد المخفي، سنشير إلى ملاحظة مهمة، أورها المراجع القومي وذكر فيها ما يلي: (لوحظ أن تاريخ إبرام التعديل هو 19/ 11/ 2000، تم توثيقه بذات التاريخ، إلا أن تاريخ خاتم التوثيق أتى بتاريخ 5/ مايو/ 1999) أي أن تاريخ الختم يسبق توقيع العقد، وقال المراجع إن ذلك لا يتسق، وترتبت على تمديد العقد مخالفات جسيمة، أقلها ضياع للحق العام.
4
?من هذا الباب دخل مأمون?
الباب الذي دخل منه مأمون حميدة على المستشفى، كان عبر تجربة أطلقتها الدولة، تتلخص في بناء شراكات بين وزارة الصحة والمؤسسات التعليمية بالولاية، بغرض تبادل المنفعة، في مجال التدريب والأداء الطبي، وكانت التجربة فرصة سانحة لمأمون الذي لم يكن يتوفر لكليته مستشفى تدريبي ? ولاحقا سيحقق منافع تتعدى التدريب ? وانحصرت هذه التجربة ما بين عامي 1996 و2007، وفي 2011 أخضعت الوزارة التجربة للتقييم، وجاءت النتيجة أن التجربة فاشلة، وكانت التوصية فض الشراكات مع المؤسسات التعليمية، وصدر قرار بأن يتم تدريب الطلاب في مستشفيات الولاية بالقيمة، وعلى ضوء ذلك صدرت في 2012، لائحة باسم (لائحة تدريب طلاب الجامعات والكليات الخاصة بالمؤسسات الصحية الحكومية التابعة لولاية الخرطوم) وجاءت اللائحة ممهورة بتوقيع وزير الصحة مأمون حميدة، وبالفعل تم فض الشراكة مع معظم الجامعات، وتأكد أن الجامعات والكليات الخاصة تدرب طلابها بالقيمة، إلا أن جامعة مأمون حميدة وطلابها استثنوا من ذلك، أولا ضمنت اللائحة فقرة وهي الفقرة (ب) ونصت على (تظل جميع الإجراءات التي اتخذت بموجب اللوائح السابقة صحيحة ونافذة إلى أن تعدل أو تلغى وفقا لأحكام اللائحة) ومأمون كان أول المستفيدين من هذه الفقرة، معتمدا على العقد الباطل الذي سينتهي في 2020، وهو عقد تم تمديده بطريقة غير سليمة ? بحسب المراجع العام ? وعليه لم يدفع طلاب جامعة العلوم الطبية التي تتبع للوزير، كغيرهم من طلاب الجامعات الخاصة، مقابل تدريبهم في مستشفى حاج المرضي محيي الدين أو مستشفى الأكاديمية كما أراد له مأمون، وفي نهاية الأمر، قال المراجع العام في خطابه للوزارة (فإن الإبقاء على أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا في إدارة هذا المستشفى، بموجب الاستثناء الوارد في اللائحة حسب ما أشرنا إليه آنفا، يعد إجراء غير سليم) وأوصى المراجع بتطبيق اللائحة فورا على طلاب الأكاديمية، وبأثر رجعي منذ تاريخ إصدار اللائحة، ولكن هل تم تنفيذ هذه التوصية؟
5
استغلال النفوذ.. العقد المخفي
آنفاً، أشرنا إلى أن خطاب المراجع، الذي عنونه لمدير عام وزارة الصحة، كان بتاريخ 12/ مارس/2014، وبطبيعة الحال المراجعة لأداء وزارة الصحة في الخرطوم كانت في 2013، وفي التاريخين مأمون حميدة ظل متربعاً على قمة الوزارة، ولما كان العقد المعدل الجديد الذي حصلت فيه الجامعة المملوكة للوزير على عشر سنوات إضافية في المستشفى المذكور أعلاه، (ميزة تترتب عليها منافع كثيرة لاحقا)، استنادا إلى تعديل العقد المبرم في 13/ ديسمبر/1996، كان من الطبيعي أن يطالب المراجع بهذا العقد، إلا أن مطالباته ذهبت أدراج الرياح، وقال صراحة: (لم يقدم للمراجعة العقد الذي بني عليه عقد التعديل، تحت مسمى عقد تعديل المستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي لسنة 1996م)، ثم شرح المراجع المحاولات التي بذلها للحصول على نسخة من العقد في مكاتبات متتالية لوزارة الصحة الولائية لم تجد فتيلاً، لأن الوزارة لم تستجب لها مطلقاً، علماً بأن المراجع خاطب الإدارة القانونية بولاية الخرطوم، باعتبارها الجهة التي قامت بتوثيق عقد التعديل في عام 2000، والمدهش أن الإدارة القانونية نفسها لم تمده بالعقد المطلوب، ولكن ماذا ترتب على ذلك؟.
6
تحايل وبطلان منفعة
في هذه الفقرة، سنستخدم عبارات المراجع العام، التي وردت في الخطاب، دون التدخل منا قدر الإمكان، لأنها تصف الحالة توصيفاً دقيقاً. وقبل أن يسرد المراجع الواقع الذي ترتب على تعديل العقد، أكد أن العقد الذي استند عليه التعديل (لا وجود له)، وخلص إلى أن الإجراءات التي اتبعت (تمت بصورة غير سليمة وأوجدت واقعاً باطلاً) ? أوجزه المراجع في نقاط، وهي في الحقيقة من أهم النقاط وأخطرها في خطاب المراجع وجاء فيها ما يلي:
* أولا فرض اسم مستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي، بدلا عن الاسم الصحيح بموجب عقد إدارة حاج المرضي محيي الدين ? والأكاديمية المعرفة بالألف واللام لمن فاتهم هي أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا التي يمتلكها مأمون حميدة.
* ثانيا التحايل على مدة سريان العقد من (10) سنوات إلى (20) سنة، (أي أن الأكاديمية ? الجامعة لاحقاً ? نالت ميزة إدارة المستشفى لمدة عشر سنوات إضافية، بلا وجه حق، وبإجراءات مخالفة للقانون) تم كشفه بأمر المراجع في عهد تولي مأمون حميدة للوزارة، لأن المراجع أفتى بما يلي: ?وعليه عدم مشروعية وجود أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا في إدارة المستشفى، من تاريخ عقد التعديل ويستوجب فسخ العقد في ذات التاريخ والمساءلة القانونية للمتسببين?، وبدورنا نسأل: هل انتهى وجود أكاديمية العلوم الطبية في المستشفى؟ وهل تم فسخ العقد؟ وهل تمت مساءلة المتسببين في كل هذه المخالفات قانونياً؟ هل حولوا إلى المحاكمة؟ هل اتخذ الوزير حيالهم أي إجراء لتصحيح الوضع غير المشروع؟
* والسؤال الأخير، هل نحن بحاجة إلى أن نذكر بتضارب المصالح الذي أشرنا إليه مسبقاً!؟ والمراجع بعدها، يعمد إلى نتائج وخلاصات وقبل أن ينتقل إلى مخالفات أخرى كتب في تقريره ما يلي: ?وأن ما ترتب عليه من تبعات وتصرفات بموجب هذا التعديل لا تعطي المشروعية لأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا، في إدارة المستشفى، وتعتبر باطلة، وأي منفعة تحصلت عليها الأكاديمية تعتبر دون وجه حق?، ويجمع كل من اطلع على هذا الخطاب، أن التهمة الأخيرة التي ختم بها المراجع تهمة تستوجب أن يخضع المتهم بها إلى مساءلة من جهات عدة، غير أن المخالفات التي ضبطها المراجع لم تنته عند هذا الحد وهنالك المزيد، وهو لا يقل خطورة عن ما ذكرنا وربما أخطر.
7
* تضارب المصالح أو تغليبها
ما كشفه المراجع العام، هذه المرة، يتجاوز تضارب المصالح إلى تغليب المصلحة الخاصة بسهولة، وهو ما قال إنه يمثل ?اعتداءً على الحق العام? من قبل الجامعة المملوكة للوزير، وهي أولى المخالفات التي برزت للمراجع على أساس عدم مشروعية إدارة أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا للمستشفى، وتتلخص في تغيير مأمون حميدة لغرض أحد أقسام المستشفى، وإن شئت الدقة، وفقا للمستندات المتوفرة فإن المسألة يمكن الحكم عليها بأنها أكثر من تغيير غرض، وإليكم الوقائع:
خاطبت أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا وزارة الصحة ولاية الخرطوم ? أي جامعة مأمون حميدة ? عبر مدير المستشفى، للحصول على موافقة لإنشاء مبنى لطب وجراحة الأسنان، الوزارة كطرف أول في العقد الأساس، وافقت على بناء قسم لعلاج مرضى الأسنان، بمرجعية العقد فقرة التزامات الطرف الثاني، وافق الطرف الثاني (أكاديمية العلوم الطبية)، والتزم أن يكون من حيث المواصفات والعمل بنفس نظام وزارة الصحة، ولكن ماذا حدث؟.. عند الزيارة الميدانية لفريق المراجعة فوجئ بأن المبنى الذي تم تصديقه كقسم أسنان أصبح (كلية لطب وجراحة أسنان)، تتبع للأكاديمية، وهي خارج المنظومة الإدارية للمستشفى، أي أنه نكوص عن الشروط التي تم بموجبها بناء القسم، وتحويل غرضه من علاج المرضى إلى تعليم طلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا وأكد خطاب المراجع أن مدير المستشفى اعترف لهم بذلك شفاهة، ثم أورد الخطاب المخالفات التي ترتبت على ذلك التصرف، وأشار أولاً إلى مخالفة العقد، الذي ينص على عدم تحويل العقد أو نقله أو التصرف فيه أو التنازل عن التزاماته لأي طرف إلا بموافقة مكتوبة من الطرف الأول، ولم تتحصل الأكاديمية على موافقة الوزارة على إنشاء الكلية، وإنما مبنى يضم قسم طب وجراحة الأسنان، والمخالفة الثانية كانت للمادة (2) التي تنص على استخدام إيرادات المشروع في تسيير العمل بالمستشفى، وهذا ما لم يحدث، ويخالف أيضا المادة (13) الإحالة من مرشد إبرام العقود الحكومية لوزارة العدل بالرقم 1/2008، المهم في ضبط المراجع العام لهذه المخالفة حكمه الذي أصدره عليها إذ ورد نصاً: ?وبالتالي فإن هذا التصرف، يعد تغييراً للغرض، واعتداءً على الحق العام، وتحويل ريعه إلى المنفعة الخاصة?، وقطعا أي واحدة من هذا التهم سترسل أعظم المحتالين إلى غياهب السجون ولو كان خلفه جيش من المحامين.
8
حوادث التميز.. مخالفة جديدة
المستند الذي بطرفنا يشير إلى أن هذه المخالفة حديثة نسبياً، أو على الأقل ضبطها، وهو خطاب جديد، موجه أيضا لمدير عام وزارة الصحة، من مساعد مدير المراجعة بالولاية شروق حسن عثمان، وتاريخه 5/8/2015، أي قبل أقل من عام، ويتعلق بإنشاء قسم حوادث بالمستشفى الأكاديمي محل الجدل، وتعود القصة إلى أن وزير الصحة مأمون حميدة اهتم بتأسيس قسم طوارئ في مستشفى الأكاديمية، الذي يتدرب فيه طلاب الطب بالجامعة المملوكة له، ولا شك أن تدريب طالب الطب على الحوادث أمر لا غنى عنه، وبالفعل تم بناء قسم حوادث بمواصفات حديثة لا تتوفر في معظم مستشفيات الولاية، حتى أنهم أطلقوا على القسم (حوادث التميز) وللأمانة هي حوادث متميزة في مستشفى تتبع إدارته لمؤسسات وزير الصحة. المهم بمجرد افتتاح حوادث التميز انخرط طلاب الأكاديمية فيها، ووضعت الجامعة يدها عليها، ولما أرسلت (شروق حسن) فريقا من المراجعة لوزارة الصحة، اكتشف أن هنالك ما يقارب الـ(3) ملايين جنيه، أو تحديداً مبلغ (2.775.567.70) تم صرفه (من مال الوزارة) على إنشاء مبنى حوادث بالأكاديمي، وعلق فريق المراجعة بأن هذه الأموال التي صرفت هي من مال التنمية، والمبنى الذي أنشئ غير مدرج ضمن المباني التي سلمت لجامعة العلوم الطبية بموجب العقد المبرم في 2007، وعلى ذلك طالب المراجع بنزع الحوادث من المستشفى الأكاديمي التابع لجامعة مأمون حميدة فوراً، وأن يعاد مبنى الحوادث الجديد للوزارة، ولم يكتف بذلك بل طالب بإفادته بما تم من إجراء هو والجهات التي أرسل لها الخطاب وهي مدير جهاز المراجعة بالولاية ووزير المالية وشؤون المستهلك.
9
التمسك بمساءلة المتسببين
ضمن المراجع القومي في خطابه لوزارة الصحة، عددا من التوصيات واجبة التنفيذ، وهي توصيات واضحة وجلية لا يشوبها لبس، ومن بين هذه التوصيات، التحقيق في إجراءات عقد التعديل (عقد تعديل مستشفى الأكاديمي الخيري التعليمي، الذي وقع فيه التمديد) ومساءلة المتسببين فيه، وكذلك أوصى على إعادة المستشفى إلى المنظومة الإدارية للوزارة، وحصر جميع ما تحصلت عليه الأكاديمية من مبنى طب وجراحة الأسنان والتي حولت إلى كلية طب أسنان تابعة للأكاديمية دون وجه حق، وإعادته للوزارة، وأوصى أيضا بتطبيق لائحة التدريب بمستشفيات الولاية على طلاب الأكاديمية من تاريخ توقيعها، وحصر التكلفة وتحصيلها لصالح الوزارة، وذلك لبطلان العقد، ثم أوصى المراجع باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة لتنفيذ توصياته، ثم أرسل الخطاب للجهات المعنية بتنفيذه وهي المراجع العام، ومكتب وزير الصحة (مأمون حميدة نفسه) وأمين عام مجلس الولاية (لجنة الصحة) ووزير المالية، وأمين عام الحكومة ورئيس الإدارة القانونية بالولاية وأخيرا نيابة الأموال العامة، الجدير بالذكر أن خطاب المراجع وتوصياته هذه مضى عليها أكثر من عامين.
10
مسلسل تضارب المصالح مستمر
تضارب المصالح، الذي نتحدث عنه يبلغ عمره خمس سنوات.. غدا وفي الحلقة الثانية من هذا التحقيق، سنكشف عن عينات ونماذج جديدة لتضارب المصالح، كلها تعضدها مستندات رسمية لا يتطرق إليها الشك، ولا يمكن نقضها مطلقاً.
كونوا معنا.. وتحملوا تبعات (الزلزال)!
**
* ما بين عامي 1996 و2007 جاءت تجربة بناء شراكات بين وزارة الصحة والمؤسسات التعليمية بالولاية.
* في يونيو 1997 تم توقيع عقد (إدارة مستشفى حاج المرضي محيي الدين) طرفاه (وزارة الصحة ولاية الخرطوم) و(أكاديمية العلوم الطبية). وفترة سريان العقد (10) سنوات.
* في 19/11/2000 تم إبرام عقد ثانٍ اسمه (عقد تعديل مستشفى الأكاديمي الخيري التعليمي)، حسب ما لاحظ ديوان المراجع العام ? ولاية الخرطوم، أثناء مراجعته للأداء المالي لوزارة الصحة في 2014.
* في 2014 أولى المخالفات التي أشار إليها المراجع القومي (لم يتم تسمية الأطراف في هذا التعديل وأُشير فقط بعبارة اتفق الطرفان (ونبه مباشرة إلى أن الإجراءات الأصولية في العقود تسمية الأطراف في مقدمة العقد).
* المخالفة الثانية تتعلق بعقد تعديل، ومددت فيه فترة سريان العقد من (10) سنوات إلى (20) سنة.
* الشيء الذي لم يجد له تفسيرا المراجع القومي أنه عند تمديد فترة العقد تمت الإشارة في العقد الجديد إلى تعديل العقد المبرم في 13 ديسمبر1996، وفي الحقيقة هذا العقد لا وجود له.
* بحسب المراجع القومي فقد: ?لوحظ أن تاريخ إبرام التعديل هو 19/11/2000، تم توثيقه بذات التاريخ، إلا أن تاريخ خاتم التوثيق أتى بتاريخ 5/مايو/1999?.. أي أن تاريخ الختم يسبق توقيع العقد..!!
* من الملاحظات أيضاً أنه لم يقدم للمراجعة العقد الذي بني عليه عقد التعديل، تحت مسمى عقد تعديل المستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي لسنة 1996م.
* أكد المراجع أن العقد الذي استند عليه التعديل (لا وجود له)، وخلص إلى أن الإجراءات التي اتبعت (تمت بصورة غير سليمة وأوجدت واقعاً باطلاً):
? أولا فرض اسم مستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي، بدلا عن الاسم الصحيح.
? ثانيا التحايل على مدة سريان العقد من (10) سنوات إلى (20) سنة، (أي أن الأكاديمية ? الجامعة لاحقاً ? نالت ميزة إدارة المستشفى لمدة عشر سنوات إضافية، بلا وجه حق، وبإجراءات مخالفة للقانون) ? أفتى المراجع بـ: ?عدم مشروعية وجود أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا في إدارة المستشفى، من تاريخ عقد التعديل ويستوجب فسخ العقد في ذات التاريخ والمساءلة القانونية للمتسببين?.
? بحسب المراجع فإن ما ترتب عليه من تبعات وتصرفات بموجب التعديل ?لا تعطي المشروعية لأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا، في إدارة المستشفى، وتعتبر باطلة، وأي منفعة تحصلت عليها الأكاديمية تعتبر دون وجه حق?.
2
* بتاريخ 5/8/2015 خطاب من مساعد مدير المراجعة بالولاية موجه لمدير عام وزارة الصحة يتعلق بإنشاء قسم حوادث بالمستشفى الأكاديمي.
* مبلغ (2.775.567.70) تم صرفه (من مال الوزارة) على إنشاء مبنى حوادث بالأكاديمي، حسبما اكتشفه فريق من المراجعة لوزارة الصحة.
* يعلق فريق المراجعة بأن هذه الأموال التي صرفت هي من مال التنمية، والمبنى الذي أنشئ غير مدرج ضمن المباني التي سلمت لجامعة العلوم الطبية بموجب العقد المبرم في 2007.
* يطالب المراجع بنزع الحوادث من المستشفى الأكاديمي التابع لجامعة مأمون حميدة فوراً، وأن يعاد مبنى الحوادث الجديد للوزارة.
* يطالب المراجع بإفادته بما تم من إجراء هو والجهات التي أرسل لها الخطاب وهي مدير جهاز المراجعة بالولاية ووزير المالية وشؤون المستهلك.
* ضمن المراجع القومي في خطابه لوزارة الصحة، عددا من التوصيات واجبة التنفيذ، منها التحقيق في إجراءات عقد التعديل، ومساءلة المتسببين فيه.
* أوصى على إعادة المستشفى إلى المنظومة الإدارية للوزارة، وحصر جميع ما تحصلت عليه الأكاديمية من مبنى طب وجراحة الأسنان والتي حولت إلى كلية طب أسنان تابعة للأكاديمية دون وجه حق، وإعادته للوزارة.
* أوصى بتطبيق لائحة التدريب بمستشفيات الولاية على طلاب الأكاديمية من تاريخ توقيعها، وحصر التكلفة وتحصيلها لصالح الوزارة، وذلك لبطلان العقد.
* أوصى باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة لتنفيذ توصياته.
* خطاب المراجع وتوصياته مضى عليها أكثر من عامين..!!
?????????..
الزلزال (2)
مالك الامتياز الاحتكاري بالمستشفى الأكاديمي هو ابن الوزير..
?اليوم التالي? تطلع على عقودات باسم محمد علي مأمون للكافتريا والبقالة
?الزلزال? ?2? اجتهدنا في العثور على مالك الامتياز الاحتكاري بالمستشفى الأكاديمي لنجده شخصاً قريب الصلة بالوزير.. وبعيداً عن التشويق هو ابن الوزير.. ?اليوم التالي? تطلع على عقودات باسم محمد علي مأمون للكافتريا والبقالة الأول أ
الخرطوم ? شوقي عبد العظيم
في الحلقة الأولى، من هذا التحقيق، أوردنا أمس عدداً من المخالفات والتجاوزارت التي كشفها المراجع القومي بولاية الخرطوم، في مؤسسات تتبع لوزير الصحة مأمون حميدة؛ وهي مخالفات نجمت عن عقد اشتمل على تجاوزات ومخالفات قانونية، للدرجة التي وصفه فيها المراجع بـ(الباطل)، والعقد المشار إليه بين أكاديمية العلوم الطبية والتكنلوجيا التي تتبع لمأمون حميدة ووزارة الصحة، في الشراكة الشهيرة بين مستشفى الأكاديمي (حاج المرضي محيي الدين) سابقاً، وجامعة العلوم والتكنلوجيا، ومن بين المخالفات التي عرضناها في الحلقة الأولى أيضاً، تغول أكاديمية العلوم الطبية على قسم الأسنان بالمستشفى الذي شيد من الأموال العامة وتم تحويله إلى كلية خاصة تتبع لجامعة مأمون حميدة وطالب المراجع القومي بإعادتها فوراً للمستشفى وإخلاء الكلية، مشيراً إلى تعدٍّ على مال عام، وكل ذلك اتخذناه دليلاً على تضارب المصالح والتي ستتجلى وتبلغ ذراها في هذه الحلقة، من إجارة محلات ?بغير وجه حق? لأقاربه، ومنع أهالي الحي من استثمار المحال في منازلهم، ومنع صيدليات من العمل، كما أننا سنستمر في عرض خطاب من المراجعة القومية وما به من تجاوزات وتضارب مصالح، ومخالفات صريحة في الصيدلية والمعمل والكافتريا والسوبر ماركت، وفي تدريب طلاب جامعة العلوم الطبية، وفي منعه لأهل حي الامتداد مربع (9) المجاورين للمستشفى من مزاولة أي نشاط تجاري، لأسباب ستتكشف خلال هذه الحلقة.
استثناءات مأمون
قديماً قالوا: ?الماسك القلم ما بكتب رقبتو شقي?، وهذا الكلام يتوافق مع مأمون حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم، للحد البعيد، وحتى لا نتهم الرجل جزافاً -وحاشا لله أن نفعل- سنقدم عدداً من الأمثلة، بينما واحد منها كفيل ليؤكد تضارب المصالح ومن هذه الأمثلة؛ استثناؤه صيدلية المستشفى الأكاديمي من التبعية لإدارة صندوق الدواء الدوار. ويشير الخطاب الصادر عن المراجع العام بالولاية إلى أنهم أثناء مراجعتهم لوزارة الصحة ولاية الخرطوم، عثروا على قرار وزاري بالرقم 43/2012، صادرفي مطلع 2012، ويقضي بإيلولة جميع الصيدليات بمستشفيات الولاية الحكومية إلى صندوق الدواء الدوار، إلا أنهم وجدوا استثناء حدث لصيدلية في أحد المستشفيات الحكومية، ولم يطبق القرار عليها فوراً، وهي صيدلية المستشفى الأكاديمي، الذي يتبع لوزير الصحة. مراجع سأل لماذا؟ حجة المستشفى الأكاديمي في عدم تنفيذ القرار أن الصيدلية بها خلافات ومشاكل بين إدارة المستشفى ومستأجر الصيدلية، وعدم تضمين الصيدلية في صندوق الدواء الدوار صرح به مدير إدارة الصيدلة. وهل يحق للأكاديمي تأجير الصيدلية لمشغل من الخارج؟ ولكن إجابة مدير المستشفى نبهت لمشكلة جديدة ومخالفة لم تكن في الحسبان، وهي إجارة الصيدلية بالباطن ودون وجه حق..!!
إجارة الصيدلية
دون أن تكلف إدارة المستشفى الأكاديمي التي تتبع في ملكيتها لمأمون حميدة نفسها الالتزام بالقوانين واللوائح عمدت إلى استثمار الصيدلية والانتفاع منها مباشرة، وبالفعل عثرت إدارة المستشفى على مستأجر ووقعت عقداً مع (ع.م.ن)، وتحصلت مقابل ذلك على (60) ألف جنيه في السنة، أي بعقد شهري قيمته (5000) جنيه. المراجع في خطابه المعنون لمدير عام وزارة الصحة وضح التجاوز، بأن المستشفى وقعت العقد مع الصيدلي على أساس أنها طرف أول والمستأجر طرف ثاني، ولكن بحسب العقد الأساسي، والذي هو بين الأكاديمي والوزارة وهو عقد معيب في حد ذاته، الوزارة هي الطرف الأول، وأشار إلى أن إدارة المستشفى فعلت ذلك دون الحصول على موافقة الطرف الأول، وربما تعجب أحدكم للطريقة التي حقّرت بها إدارة المستشفى القانون، واستخفت فيها باللوائح، ولكن لا عجب حينما تعلم أن العقد جرى توقيعه في 15/ 6/ 2012، أي وقع ومأمون وزير للصحة، وهذه الصيدلية كما أسلفنا لم تؤل إلى الدواء الدوار، وكما قال مدير المستشفى بها إشكالات إدارية، ولكن هنالك صيدلية أخرى، وهي من تقول المصادر إنها تم تتبيعها للدواء الدوار، وإن كان ذلك كذلك فهذا يعني أن إعادة الصيدلية المستأجرة للصيدلي (ع.م.ن) سيطول أمده، كما أن وجود صيدلية تجارية بالقرب من صيدلية الدواء الدوار أو كلاهما داخل حرم المستشفى، أمر ربما يتنافى مع قرار وقع عليه مأمون نفسه يتعلق بمسافات الصيدليات من بعضها البعض، وبهذه المناسبة سنذكر حادثة قريبة من هذا الجدل.
صيدلية درويش
في نهاية العام المنصرم، تقدم شاب صيدلاني، اسمه معتز معاذ درويش بطلب للمجلس القومي للأدوية والسموم، لفتح صيدلية قبالة مستشفى الأكاديمية، وفي 12/11/2015 حصل معتز على تصديق مبدئي للصيدلية، وموافقة من المجلس، وطلب منه أن يكمل الشروط والمواصفات المطلوبة في مدة أقصاها (45) يوماً، ودرويش بحسب ما ذكر لـ(اليوم التالي) انفق كل ما لديه لتكملة المواصفات استعداد للزيارة النهائية، وفي غضون أسابيع وقبل انقضاء المهلة خاطب درويش المجلس واللجنة، وطلب منهم الزيارة مؤكداً أنه أكمل المواصفات والشروط، غير أن هذه الزيارة لم تتم، ولما تأخرت الزيارة ذهب درويش للمجلس مستفسراً.. أبلغوه أنهم في شهر ديسمبر مشغولون بتجديد التصاديق القديمة في نهاية العام، ولكن مؤكد ستتم زيارة صيدليته في يوم 3 يناير 2016. ولما لم يحضروا ذهب مرة أخرى ليجد أن هنالك صراعاً بين إدارة الصيدلة بالوزارة والمجلس القومي للأدوية والسموم ويقول درويش: ?فرق إدارة الصيدلة كانت تطوف الصيدليات تتحصل رسوم التجديد وكذلك فرق المجلس القومي للصيدلة?.. الصراع احتد، وقالوا إن هنالك لجنة وفاق أو حل للمشكلة.. المفارقة التي ذكرها درويش أن مجموعة من أفراد المحلية جاؤوا لنزع لافتة صيدليته، ولما اعترضهم أكدوا له أن شخصية نافذة في وزارة الصحة أخطرت المعتمد بأن صيدلية درويش غير مصدقة، ومن الضرورة نزع لافتتها. ولما أكد لهم أنه حصل على تصديق مبدئي، تركوه في حاله، ولكنه مازال ضحية لصراع إدارة الصيدلة ومجلس الصيدلة على حد تعبيره، ولكن هل مشكلة درويش في صراع المجلس والإدارة فقط، أم أن مشكلته الحقيقة أن الصيدلية تقع أمام مستشفى الأكاديمي؟ الإجابة على هذا السؤال سنجدها في الفقرة التالية.
?لا دكان ولا كافتريا ولا كشك?
في بادرة غريبة، خاطب مأمون حميدة معتمد محلية الخرطوم، بصفته وزيراً للصحة، طالباً من المحلية عدم التصديق لأي محال تجارية، لا دكان ولا كافتيريا ولا كشك، في الشارع المؤدي للمستشفى، وبالذات الشارع الذي يمر على الحوادث، وفي خطاب محشو بالشكر والثناء على المعتمد، حصلت اليوم التالي على نسخة منه، أشار مامون على أن ذلك تطبيقاً للقرار الذي يقضي بأن تكون المحال التجارية على بعد (500) متر من المستشفى، وقال إن القرار جاء منعًا للزحام أمام المستشفيات. القرار والخطاب يبدوان جيدين في ظاهرهما، ولكن أهالي المنطقة وأصحاب الكافتيريات القديمة الموجودة أصلاً لهم تفسير آخر لخطاب مأمون، ولكن من المهم إلى أن نشير هنا إلى أنه كانت هنالك كافتيريا تعمل منذ وقت طويل، في حرم المسجد، وتقع مباشرة أمام مستشفى الأكاديمي، ولم يجدد لها التصديق، وقال صاحبها ?ذهبنا لنجدد التصاديق قالوا التصديقات موقوفة، ولا نملك حتى كروتاً صحية?. قلنا له إن هنالك قانوناً يحظر تصديق الدكاكين والأكشاك إلا على بعد (500) متر قال: ?لم يأت أحد لقياس المسافة، والتصديق الذي نعمل به قديم?، ثم قال رأيه في حقيقة الأمر: ?المستشفى بداخلها كافتيريا وبقالة ضخمة تفتح أبوابها على الشارع والمريض والمرافق لا حيلة له غير أن يشتري منهما?. ولكن لمن هذه الكافتيريا ولمن البقالة الضخمة التي تفتح منافذها على الشارع العام لخدمة نزلاء المستشفى من الداخل والسابلة في الطريق العام من الخارج؟ الإجابة تمثل مفاجأة، ولكن سنؤجلها قليلاً من باب التشويق أولان ولأن هنالك مخالفات مرتبطة يجب أن نذكرها.
من خطاب المراجع: المعمل
بالعودة لخطاب المراجع القومي ? التاريخي ? سنجد مخالفة جسيمة أخرى شبيهة بمخالفة الصيدلية وتتفوق عليها قليلاً، وهي عقد تشغيل معمل المستشفى ليصبح معملاً تجارياً بإمتياز، وأيضاً هذه المرة دون الرجوع للوزارة مالكة المستشفى، ونجد أن المراجع قال الآتي:
في هذا العقد تظهر مستشفى الأكاديمية طرفاً أول وطرفاً ثانياً (ع.ع)، العقد تاريخه 1/1/2010، العقد المشار إليه هو عقد شراكة، يحصل فيه الطرف الثاني (ع.ع) على 50% ومستشفى الأكاديمية 50%، أي شراكة أرباح، وبالفعل اشتغل المعمل بهذه الصيغة، دون علم الوزارة كما أسلفنا، أي لا يعلم أحد من الوزارة أين ذهبت الـ50% ولا كم هي، ولكن هل استمر هذا العقد بهذه الصيغة أم تحول إلى صيغة أخرى. مؤكد لا أحد يعلم لأن العقد المشار إليه لم يغيب الوزارة وحدها، بل حتى إدارتها القانونية، وانظر ماذا وجد فريق جهاز المراجعة القومية؟ وجد أن العقد الذي أبرمه المستشفى الأكاديمي مع مستثمر المعمل غير موثق أصلاً أمام أي موثق عقود في تحقير أمضى وأشد للقانون، وقال: ?تم هذا الإجراء دون الحصول على موافقة الوزارة (الطرف الأول) في العقد الأساسي، ولم يتم توثيق العقد?، ثم ذكر المراجع صراحة أن في العقدين ?الصيدلية والمعمل- إجارة بالباطن، لأنك لم تحصل على موافقة المالك والذي هو الوزارة التي وزيرها مامون حميدة، بل هنالك سؤال أكبر الإجابة عليه ستدخل الجميع في تعقيدات عظيمة، تستوجب أن يحال الملف فوراً إلى نيابة المال العام؛ وهو هل كانت الوزارة تعين فنيي معامل للمستشفى الأكاديمي؟ وهل كان هؤلاء يعملون في المعمل الذي يتناصف ريعه مستثمر مع الوزارة؟ هذا ما سنجيب عليه لاحقاً.
الكافتيريا والبقالة: ابن الوزير
في بداية هذا التحقيق أو في حلقته الأولى قلنا إن تضارب المصالح هو مرتكزه الأساسي، في مقدمة الحلقة الثانية من التحقيق قلنا إن تضارب المصالح سيبلغ ذراه، وهو ما سنورده هنا عن حكاية منع الكافتيريات والبقالات والمحال التجارية، ولو تذكرون كلام صاحب الكافتيريا أن كافتيريا وبقالة المستشفى لهما منافذ على الشارع وتحتكر الزبائن بالداخل والخارج، اجتهدنا في العثور على مالك هذا الامتياز الاحتكاري لنجده شخصاً قريب الصلة بالوزير.. وبعيداً عن التشويق؛ هو ابنه مباشرة.. أي لا كافتيريات لا أكشاك لا معامل لا بقالات، وابن الوزير هو صاحب امتياز الاحتكار..!!
?تغيير المنفعة?
كون أنها تتبع لمامون حميدة، كلام يتردد بقوة في أوساط المستشفى الأكاديمي وما جاوره، لم نصدق ذلك، ثم نجد من يملكنا المعلومات الحقيقة، ويقول: ?هي قانونياً باسم ابن الوزير?، ثم أرشدنا إلى مكان العقد.. المفاجأة كانت العقودات باسم محمد علي مأمون محمد علي، لكليهما، الكافتريا والبقالة، العقد الأول أبرم في مطلع أبريل والثاني في مايو وكلاهما في العام 2015، لا أحد يعلم إن كانت الوزارة المالك الأصلي يعلم بذلك أم لا؟ ولكن المؤكد أن المراجع لا يعلم شيئاً عن هذه الإجارة لكون أنها لم ترد في خطابه.
حسناً؛ المعلومة المهمة التي أفادت بها المصادر أن ابن الوزير أو مستشاريه وفي أعقاب الحملة الإعلامية على وزير الصحة نصحوه بتغيير عقد المنفعة، باسم شخص آخر، وفعلاً استمع مأمون للنصيحة، ودفع بالعقودات إلى محلية الخرطوم، لتكملة الإجراء، وربما اكتمل وربما غير ذلك، ولكن المؤكد أن أهالي المنطقة بصدد تصريح عريضة يضمنونها ما لحق بهم من ضرار جراء كل ذلك، وهذا أحد أحداث الأيام المقبلة.
ونواصل
* ما بين عامي 1996 و2007 جاءت تجربة بناء شراكات بين وزارة الصحة والمؤسسات التعليمية بالولاية.
* في يونيو 1997 تم توقيع عقد (إدارة مستشفى حاج المرضي محيي الدين) طرفاه (وزارة الصحة ولاية الخرطوم) و(أكاديمية العلوم الطبية). وفترة سريان العقد (10) سنوات.
* في 19/11/2000 تم إبرام عقد ثانٍ اسمه (عقد تعديل مستشفى الأكاديمي الخيري التعليمي)، حسب ما لاحظ ديوان المراجع العام ? ولاية الخرطوم، أثناء مراجعته للأداء المالي لوزارة الصحة في 2014.
* في 2014 أولى المخالفات التي أشار إليها المراجع القومي (لم يتم تسمية الأطراف في هذا التعديل وأُشير فقط بعبارة اتفق الطرفان (ونبه مباشرة إلى أن الإجراءات الأصولية في العقود تسمية الأطراف في مقدمة العقد).
* المخالفة الثانية تتعلق بعقد تعديل، ومددت فيه فترة سريان العقد من (10) سنوات إلى (20) سنة.
* الشيء الذي لم يجد له تفسيرا المراجع القومي أنه عند تمديد فترة العقد تمت الإشارة في العقد الجديد إلى تعديل العقد المبرم في 13 ديسمبر1996، وفي الحقيقة هذا العقد لا وجود له.
* بحسب المراجع القومي فقد: ?لوحظ أن تاريخ إبرام التعديل هو 19/11/2000، تم توثيقه بذات التاريخ، إلا أن تاريخ خاتم التوثيق أتى بتاريخ 5/مايو/1999?.. أي أن تاريخ الختم يسبق توقيع العقد..!!
* من الملاحظات أيضاً أنه لم يقدم للمراجعة العقد الذي بني عليه عقد التعديل، تحت مسمى عقد تعديل المستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي لسنة 1996م.
* أكد المراجع أن العقد الذي استند عليه التعديل (لا وجود له)، وخلص إلى أن الإجراءات التي اتبعت (تمت بصورة غير سليمة وأوجدت واقعاً باطلاً):
* أولا فرض اسم مستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي، بدلا عن الاسم الصحيح.
* ثانيا التحايل على مدة سريان العقد من (10) سنوات إلى (20) سنة. أفتى المراجع بـ: ?عدم مشروعية وجود أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا في إدارة المستشفى، من تاريخ عقد التعديل ويستوجب فسخ العقد في ذات التاريخ والمساءلة القانونية للمتسببين?.
* بحسب المراجع فإن ما ترتب عليه من تبعات وتصرفات بموجب التعديل ?لا تعطي المشروعية لأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا، في إدارة المستشفى، وتعتبر باطلة، وأي منفعة تحصلت عليها الأكاديمية تعتبر دون وجه حق?.
2
* بتاريخ 5/8/2015 خطاب من مساعد مدير المراجعة بالولاية موجه لمدير عام وزارة الصحة يتعلق بإنشاء قسم حوادث بالمستشفى الأكاديمي.
* مبلغ (2.775.567.70) تم صرفه (من مال الوزارة) على إنشاء مبنى حوادث بالأكاديمي، حسبما اكتشفه فريق من المراجعة لوزارة الصحة.
* يعلق فريق المراجعة بأن هذه الأموال التي صرفت هي من مال التنمية، والمبنى الذي أنشئ غير مدرج ضمن المباني التي سلمت لجامعة العلوم الطبية بموجب العقد المبرم في 2007.
* يطالب المراجع بنزع الحوادث من المستشفى الأكاديمي التابع لجامعة مأمون حميدة فوراً، وأن يعاد مبنى الحوادث الجديد للوزارة.
* يطالب المراجع بإفادته بما تم من إجراء هو والجهات التي أرسل لها الخطاب وهي مدير جهاز المراجعة بالولاية ووزير المالية وشؤون المستهلك.
* ضمن المراجع القومي في خطابه لوزارة الصحة، عددا من التوصيات واجبة التنفيذ، منها التحقيق في إجراءات عقد التعديل، ومساءلة المتسببين فيه.
* أوصى على إعادة المستشفى إلى المنظومة الإدارية للوزارة، وحصر جميع ما تحصلت عليه الأكاديمية من مبنى طب وجراحة الأسنان والتي حولت إلى كلية طب أسنان تابعة للأكاديمية دون وجه حق، وإعادته للوزارة.
* أوصى بتطبيق لائحة التدريب بمستشفيات الولاية على طلاب الأكاديمية من تاريخ توقيعها، وحصر التكلفة وتحصيلها لصالح الوزارة، وذلك لبطلان العقد.
* أوصى باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة لتنفيذ توصياته.
3
* خاطبت أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا وزارة الصحة ولاية الخرطوم، للحصول على موافقة لإنشاء مبنى لطب وجراحة الأسنان.
* عند الزيارة الميدانية لفريق المراجعة فوجئ بأن المبنى الذي تم تصديقه كقسم أسنان أصبح (كلية لطب وجراحة أسنان)، تتبع للأكاديمية، وهي خارج المنظومة الإدارية للمستشفى.
* أكد خطاب المراجع أن مدير المستشفى اعترف لهم بذلك شفاهة، ثم أورد الخطاب المخالفات التي ترتبت على ذلك التصرف.
* أشار إلى مخالفة العقد، الذي ينص على عدم تحويل العقد أو نقله أو التصرف فيه أو التنازل عن التزاماته لأي طرف إلا بموافقة مكتوبة من الطرف الأول.
* المراجع العام جاء حكمه: ?هذا التصرف يعد تغييراً للغرض، واعتداءً على الحق العام، وتحويل ريعه إلى المنفعة الخاصة.
?????????..
الزلزال (3)
من أهم حسنات رد ?الصحة? الولائية أنها لم تشكك في مستندات حصلت عليها ?اليوم التالي? واستعرضتها في الحلقات السابقة.. بل دفعت بمعلومات جديدة سنتناولها لمن فاته الاطلاع على إعلان دفعت به الوزارة لعدد من الصحف
الزلزال ?3? من أهم حسنات رد ?الصحة? الولائية أنها لم تشكك في مستندات حصلت عليها ?اليوم التالي? واستعرضتها في الحلقات السابقة.. بل دفعت بمعلومات جديدة سنتناولها لمن فاته الاطلاع على إعلان دفعت به الوزارة لعدد من الصحف
الخرطوم ? شوقي عبد العظيم.
في الحلقة الثانية من (الزلزال)، كشفنا عن الاستثمارات في مستشفى الأكاديمية، وأشرنا إلى أن هناك استثمارات في قلب المستشفى كانت لابن الوزير، وأنه بصدد تحويل منفعتها باسم شخص آخر حتى قبل أن تنتهي مدة العقد، وأظنه قد فعل، وهي كافتيريا وبقالة في الوقت الذي تحارب فيه المحلات التجارية والكافتيريات حول المستشفى، ومخالفات أخرى عديدة مجتزأة من تقرير المراجع العام، وهذه الحلقة كانت معدة منذ أيام، غير أن مكوناتها خضعت لتعديل، بسبب ما نشرته وزارة الصحة أمس الأول، كتوضيح أو بيان مدفوع القيمة في عدد من الصحف، وفي الحقيقة يمكن أن تقول إنها فقدت شيئا من سبقها الصحفي لجهة أن ما نشرته الوزارة كان هو مرتكز حلقة اليوم، بعد أن حصلنا على ردها للمراجع العام بمشقة شديدة، ولو أن الوزارة صبرت حتى نفرغ من حلقات هذا الزلزال، أو من هذه الحلقة على الأقل لكفيناها إعلانا مدفوع القيمة ولوفرت الكثير من أموال الدولة، ولكن للأمانة يجب أن نقول إنها حسناً فعلت ? إذا استثنينا مسألة هدر الأموال في إعلان ? وذلك لعدد من الأسباب، سنفصلها لاحقاً، ولكن من أهم حسنات رد الوزارة أنها لم تشكك في المستندات التي حصلنا عليها واستعرضناها في الحلقات السابقة، بل دفعت بمعلومات جديدة سنتناولها هنا لمن فاته الاطلاع على الإعلان الذي دفعت به وزارة الصحة لعدد من الصحف.
أمر آخر حدث أمس الأول يمكن أن نظن أنه شديد الصلة بما نشر في حلقات الزلزال السابقة، وهو البلاغ الذي حركه المراجع العام في مواجهة المدير العام لوزارة الصحة السابق د. صلاح عبد الرازق الذي كان خبراً في عدد من الصحف، ولكن ظنونها هذه لها مؤيدها فقط قليلا من الروية ونفصح عن ما اعتور..
الوزارة ترد
خيرا فعلت الوزارة عندما ضمنت إعلانها المدفوع، ردها على المراجع العام في وقت سابق، بجانب توطئة لردها على ما نشر في حلقات التحقيق الماضية، استعرضت فيه تاريخ علاقة حميدة بالمستشفى، وقالت إنه من قام بتكملة المستشفى الخيري، الذي شرع في تأسيسه رجل البر والإحسان حاج المرضي محيي الدين، وفي رأي الوزارة أن مأمون حميدة الذي بناه كان يجب أن يحصل على ميزات خلاف الآخرين، ثم تطرقت للقانون وما جاء في خطاب المراجع واستعرضته الصحيفة، لكن هذا الجانب سنتركه لردها الذي دفعت به للمراجع القومي رسميا، وسنهتم بالجديد في ردها الحديث على ما نشر ممهورا بتوقيع د. بابكر محمد علي، غير أن المطلع الجيد على الرد سيتكشف أنه مليئ بالثغرات والثقوب التي من اليسير أن تسقط من خلالها الحقيقة، وسيلاحظ كذلك أن الرد حرص على أن يظهر الامتيازات والحظوظ التي حصل عليها مأمون، حصل عليها وهو رجل من غمار الناس ? وما هو بكذلك -، يستثمر في العلاج، ولم يكن نافذا وقتها ولا يحزنون، ومن بين الثغرات التي أشرنا إليها، عندما تطرقت لقسم الأسنان الذي وضعت عليه لافتة كبيرة كتب عليها (جامعة العلوم والتكنلوجيا ? كلية الأسنان)، قالت إن من حق مأمون أن يفعل ذلك وفق العقد، ولكنها كشفت عن نقطة تستحق الانتباه، وهي أنه يدرب الطلاب ويعالج المرضى بالرسوم المجازة من المجلس التشريعي، أي أن إدارة المستشفى الأكاديمي تتحصل أموالاً، لذا يستوجب أن نناقش فكرة المستشفيات الجامعية في حد ذاتها ومن ثمة جائحة المستثمرين التي اجتاحتها والدولة غافلة..
الفكرة والاستهبال
فكرة أن يكون هنالك مستشفى جامعي قديم، أو سمه مستشفى تعليميا، ومن وقت يعرف الناس مستشفى سوبا الجامعي، ومستشفى الخرطوم التعليمي، غير أن هذه المستشفيات تقوم على ضوابط، أهم ضوابطها أن المرضى في هذه المستشفيات ظلوا يتلقوا العلاج مجانا، ولماذا مجانا؟ لسبب بسيط وهو أن المريض يتنازل ويتحول بمحض إرادته إلى عينة للدراسة، ومن العدل أن لا يدفع فلسا واحدا، ولكن هل المشافي التي يتعلم فيها طلاب الجامعات الخاصة الذين يدفعون لأصحاب الجامعات بالدولار يتلقى فيها المرضى العلاج مجانا؟ الأجابة أول الأمر سنقتبسها من رد وزارة الصحة نفسه، وجاء فيه: (مبنى الأسنان المشار إليه ? هو ما تحول إلى كلية جامعية ? قامت ببنائه الجامعة إشراف الوزارة وزودته ب75 ماكينة أسنان ويقدم خدماته للمرضى بالأسعار المجازة من المجلس التشريعي) أي أن هنالك أموالا تُحصل، ولكن بواقع الحال ومن يرى اللافتة الموضوعة في المستشفى، يمكن أن يصوغ هذه الفقرة في رد الوزارة بالطريقة التالية: كلية الأسنان المشار إليها قامت ببنائها الجامعة لتعليم طلابها ولا ضير من أن تتحصل أموالا من المرضى الذين يتعلم فيهم الطلاب مهنة علاج الأسنان، ولا يكون قد فارق الحقيقة شبرا.
وبالعودة إلى ما سبق، وعلينا أن نضع في الاعتبار أن جامعة العلوم والتكنولوجيا سبق وأن تحصلت من الطالب رسوما طائلة ضمنها تكاليف التدريب، وهي بذلك اصطادت عصفورين أو أكثر، أولا وفرت لطلابها قاعة درس ومرضى للتعليم، ثانياً عظمت موارد المستشفى والذي كان عليها أن تو
نرجو من إدارة الراكوبة تثبيت هذا المقال وعدم ترحيله للإرشيف حتى يتمكن كل السودانيين – أطباء وغير طباء – من تسجيل وجوه فساد وزارة الصحة – ولاية الخرطوم- تحت إدارة مأمون حميدة.
يكاد الغير مأمون من أبشع حماثم الانقاذ اللاهثة خلف الجيف و المال المسكوت عنه .. فقد فعلها من قبل و استولي علي ارض وقف مسجد التقوي بصك بيع ايجاري لمدة خمسون علمآ و اقام عليها مشفي الزيتونة ليكررها و يستولي علي ارض وقف مشفي حاج المرضي ليؤسس عليها مستشفي الاكاديمي لخدمة طلاب اكاديمية حميدة لمدة عشرون عامآ .. و الطامة الكبري هي تمدده شمالآ بشجر الدمس سريع النمو و يضع يده علي اراض حكومية شمال الاكاديمية و شرق المطار دون اي عطاء حكومي !! لدرجة ان وزير التخطيط السابق المرحوم عبد الوهاب محمد عثمان قد حفيت قدماه في الوصول لتسوية بشأن تلك الارض التي استولي عليها حميدة و آلت ملكيتها له رغم انف الحكومة اللاهية
اللهم أحسن خلاصنا بأحسن حال
اللهم عليك بآكلي السحت والحرام فإنهم لا يعجزونك
ذكر أعلاه يعد قشره من افعال مأفون حميضه تاجر الصحه. ولَك ان ترى ألطريقه التي يتكلم بها مع المتصلين به في برنامجه الدعائي في التلفزيون لتعرف ان هذا المأفون يستخف بعقول الشعب السوداني ويعتبرهم اغبياء وهو السيد كامل العقل والفهم
كيف لا وهاهو قد سرقهم جهارا نهارا ودمر مستشفياتهم واحده تلو الاخرى بما في ذلك مستشفى الخرطوم العريق وظل هذا الشعب ساكتا وباردا وهو يرى كل ذلك والادهى والامر ان ذلك يحدث بتزكيه من رئيس الدولة وبحمايته
بل ويسميه ببلدوزره الذي يحطم الأطباء والذي شرد واذل أطباء كبار في السن والمكانة والخبرة وبل يعدوا من القلائل في الكون في مجالاتهم
كل هذا زاد من سفه ذلك الشخص وداد من تسفيهه للشعب السوداني
أيها الشعب السوداني ان كنت تنتظر المعجزة وانت نائم في سريرك فلن تحدث لا الله تعالى يقول ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم) ولَك ان تبدأ العمل ولتبدأ باجتثاث هذا المأفون الذي يرى الناس.تموت وهو لا يهمه شئ غير منصبه وزياده امواله في البنوك
وَيَا مأفون حميضه أقول لك ستراها في نفسك وعيالك في الدنيا وسنراها في الاخره فان الله يمهل ولا يهمل
اوافق على حديث الثلج الساخن
لزلزال (1)
ضمن مستندات حصلنا عليها خطاب من ديوان المراجع العام بولاية الخرطوم معنون لمدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم وموضوعه: مخالفات عقد وزارة الصحة ولاية الخرطوم وأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا في إدارة المستشفى المقام على قطعة الأرض
?الزلزال? 1 ضمن مستندات حصلنا عليها خطاب من ديوان المراجع العام بولاية الخرطوم معنون لمدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم وموضوعه: مخالفات عقد وزارة الصحة ولاية الخرطوم وأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا في إدارة المستشفى المقام على قطعة الأرض
الخرطوم: شوقي عبد العظيم
يوم أن عُيّن مأمون حميدة، وزيراً للصحة في حكومة ولاية الخرطوم، استنكر البعض ذلك التعيين، وتساءلوا: مأمون أحد أكبر المستثمرين في مجال الصحة فكيف يعين وزيراً للصحة؟ وكيف سيشرف على مؤسسات واستثمارات ضخمة مملوكة له، ليحاسب نفسه؟ في الصحافة كتب كلام كثير في ذات الاتجاه، وتخوف البعض من نشوء حالة من تضارب في المصالح بين حميدة الوزير، وحميدة المستثمر، الذي يمتلك عدداً من أكبر المستشفيات الخاصة في العاصمة. المؤكد أن مأمون لم يأبه لتلك الآراء، وظل يدافع عن نفسه بقوة، ويصادم منتقديه بشراسة، ويجر بعضهم إلى قاعات المحاكم، ويستدل بأنه يعمل في الوزارة متطوعاً بلا مقابل، ولا يتقاضى راتباً عن عمله كوزير، فهل يكفي ذلك لتنقيته من شبهة تضارب المصالح؟
يستهدف هذا التحقيق الاستقصائي تحديد ما إذا كان (تضارب المصالح) بين حميدة الوزير وحميدة المستثمر في مجال الصحة قد حدث أم لا؟، وللأمانة ما عثرنا عليه كان مذهلاً، فاق أسوأ الظنون والتوقعات.. المحصلة: تغول على حق عام، ومخالفات كبيرة في عقود صحية، وتضارب مصالح تعضده مستندات رسمية، تكشف الكثير المثير، لذا سمينا هذا التحقيق ?الزلزال?.
1
مصطلح ?تضارب المصالح أو تعارض المصالح? معروف للغالبية، مع ذلك لا ضير من شرحه لمزيد من الفائدة، لأن ?تضارب المصالح? يمثل المرتكز الأساسي لهذا التحقيق، وهي الفكرة التي ظل الكل يتمحور حولها، منذ تعيين مأمون وزيراً للصحة بالولاية، وسنستشهد هنا بحديث رئيس لجنة الأطباء الاختصاصيين أحمد الأبوابي، تعليقاً على ذلك التعيين في نوفمبر (2011) حين قال في تصريح صحافي: ?إن تعيين مستثمر في مجال الصحة وزيراً للصحة سيخلق تعارضاً بين المسؤولية والمصلحة ولا أتوقع منه التوفيق بين مصالحه الشخصية ومهامه باعتباره وزيراً وهذا التعيين يعتبر امتحاناً عسيراً بالنسبة له على المستوى الشخصي?، وما قاله هو عين تضارب المصالح.
بلدان كثيرة سنت قوانين خاصة تمنع تضارب المصالح، غير أن القانون المصري، يشرح المعنى أكثر ويضعه في إطار قانوني محكم الإغلاق، وقد صدر مؤخراً في أعقاب إطاحة الرئيس مبارك، أي بعد الثورة المصرية التي قامت أصلاً في وجه الفساد والمفسدين، ويعرف القانون المصري تضارب المصالح: (كل حالة يكون للمسؤول الحكومي أو الشخص المرتبط به، مصلحة مادية أو معنوية تتعارض تعارضا مطلقاً أو نسبياً، مع ما يتطلبه منصبه أو وظيفته، من نزاهة واستقلال وحفاظ على المال العام، أو تكون سبباً لكسب غير مشروع، لنفسه أو لشخص مرتبط)، وفي حالات التعارض المطلق وهي حالات شبيهة بحالة وزير الصحة مأمون نص القانون المصري على الآتي: (في حالة قيام إحدى حالات التعارض المطلق، يتعين على المسؤول الحكومي إزالة هذا التعارض إما بالتنازل عن المصلحة أو بترك المنصب أو الوظيفة العامة)، من الطبيعي أن نسأل: لماذا القانون المصري؟، وماذا عن القانون السوداني؟ في الحقيقة لا يوجد قانون يمنع التضارب في السودان، إلا استدراك بسيط في الدستور في المادة (75) المتعلقة بإقرار الذمة، وهو إجراء بروتوكولي أكثر من كونه قانونيا، لا يجدي نفعاً وحتى أن الدستور نفسه هزم الفكرة، عندما جعل إقرار الذمة سرياً وليس للتداول، أي لا يمكن التحقق منه، ولم نسمع بأن مسؤولاً تمت مراجعة إقرار ذمته عند مغادرته المنصب، لذلك اعتمدنا على شرح القانون المصري لتقريب الفكرة.
2
المراجع العام: منفعة دون وجه حق
قبل كل شيء، ضمن المستندات التي حصلنا عليها خطاب من ديوان المراجع العام ? ولاية الخرطوم، معنون لمدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم، تاريخ الخطاب 12/ مارس/2014، ومأمون حينها وزير ونافذ، والحقيقة الخطاب يشير ويؤكد على أنه في قمة السطوة والنفوذ، وموضوع الخطاب: (مخالفات عقد وزارة الصحة ولاية الخرطوم، وأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا، في إدارة المستشفى المقام على قطعة الأرض 14/1، مربع (9)، امتداد الدرجة الثالثة الخرطوم) ? وأشار المراجع للمستشفى الذي تديره أحد مؤسسات المستثمر مأمون حميدة، برقم القطعة لأسباب ستتضح لاحقاً ? ولكن الخطاب رصد مجموعة من المخالفات والتجاوزات، التي ? بحسب الخطاب ? يجب أن يقدم المتسببون فيها للمساءلة والمحاكمة القانونية؛ وقطعاً وزير الصحة واحد من هؤلاء المتسببين، بل أولهم وصاحب المصلحة الحقيقية بينهم. المراجع حصر تلك التجاوزات بالتفصيل، وبين رأيه القانوني فيها، لذا سنفصلها بدقة، ثم نستعرض المستندات الأخرى، والتي تؤكد جميعها حدوث تضارب المصالح بشكل سافر.
3
?قوة عين?
هنا سنرى، كيف يتم التلاعب بالعقودات الرسمية والعبث بها لتحقيق المصالح الشخصية، العقد المذكور طرفاه (وزارة الصحة ولاية الخرطوم) و(أكاديمية العلوم الطبية)، الشهيرة بجامعة مأمون حميدة، المملوكة للبروف مأمون حميدة، والعقد يعرف باسم عقد (إدارة مستشفى حاج المرضي محيي الدين) قطعاً لا يعرف أحدكم اسم مستشفى حاج المرضى محيي الدين ? وفي هذه أيضا حكاية ومخالفة ? ولكن باختصار هو المستشفى الأكاديمي الكائن في امتداد الدرجة الثالثة مربع (9)، العقد أبرم في يونيو 1997، أي قبل أن يتولى مأمون الوزارة. ووقع عن وزارة الصحة د. محمد يس، وعن الأكاديمية د. مأمون حميدة، فترة سريان العقد (10) سنوات، حتى هذه المرحلة لم تبدأ المخالفات بعد، غير أن المراجع لاحظ أثناء مراجعته للأداء المالي لوزارة الصحة في 2014، وجود عقد ثانٍ اسمه (عقد تعديل مستشفى الأكاديمي الخيري التعليمي) تم إبرامه في 19/11/2000، ومن هذه النقطة بدأ العبث. أولى المخالفات التي أشار إليها المراجع القومي (لم يتم تسمية الأطراف في هذا التعديل وأُشير فقط بعبارة اتفق الطرفان)، ونبه مباشرة إلى أن الإجراءات الأصولية في العقود تسمية الأطراف في مقدمة العقد، أما المخالفة الثانية فتتعلق بعقد تعديل، ومددت فيه فترة سريان العقد من (10) سنوات إلى (20) سنة، إلا أن الشيء الذي لم يجد له تفسيرا حتى المراجع القومي، أنه عند تمديد فترة العقد تمت الإشارة في العقد الجديد إلى تعديل العقد المبرم في 13 ديسمبر1996، وفي الحقيقة هذا العقد لا وجود له أو هكذا أراد أن يقول المراجع، وقبل أن نورد الجدل الذي دار حول العقد المخفي، سنشير إلى ملاحظة مهمة، أورها المراجع القومي وذكر فيها ما يلي: (لوحظ أن تاريخ إبرام التعديل هو 19/ 11/ 2000، تم توثيقه بذات التاريخ، إلا أن تاريخ خاتم التوثيق أتى بتاريخ 5/ مايو/ 1999) أي أن تاريخ الختم يسبق توقيع العقد، وقال المراجع إن ذلك لا يتسق، وترتبت على تمديد العقد مخالفات جسيمة، أقلها ضياع للحق العام.
4
?من هذا الباب دخل مأمون?
الباب الذي دخل منه مأمون حميدة على المستشفى، كان عبر تجربة أطلقتها الدولة، تتلخص في بناء شراكات بين وزارة الصحة والمؤسسات التعليمية بالولاية، بغرض تبادل المنفعة، في مجال التدريب والأداء الطبي، وكانت التجربة فرصة سانحة لمأمون الذي لم يكن يتوفر لكليته مستشفى تدريبي ? ولاحقا سيحقق منافع تتعدى التدريب ? وانحصرت هذه التجربة ما بين عامي 1996 و2007، وفي 2011 أخضعت الوزارة التجربة للتقييم، وجاءت النتيجة أن التجربة فاشلة، وكانت التوصية فض الشراكات مع المؤسسات التعليمية، وصدر قرار بأن يتم تدريب الطلاب في مستشفيات الولاية بالقيمة، وعلى ضوء ذلك صدرت في 2012، لائحة باسم (لائحة تدريب طلاب الجامعات والكليات الخاصة بالمؤسسات الصحية الحكومية التابعة لولاية الخرطوم) وجاءت اللائحة ممهورة بتوقيع وزير الصحة مأمون حميدة، وبالفعل تم فض الشراكة مع معظم الجامعات، وتأكد أن الجامعات والكليات الخاصة تدرب طلابها بالقيمة، إلا أن جامعة مأمون حميدة وطلابها استثنوا من ذلك، أولا ضمنت اللائحة فقرة وهي الفقرة (ب) ونصت على (تظل جميع الإجراءات التي اتخذت بموجب اللوائح السابقة صحيحة ونافذة إلى أن تعدل أو تلغى وفقا لأحكام اللائحة) ومأمون كان أول المستفيدين من هذه الفقرة، معتمدا على العقد الباطل الذي سينتهي في 2020، وهو عقد تم تمديده بطريقة غير سليمة ? بحسب المراجع العام ? وعليه لم يدفع طلاب جامعة العلوم الطبية التي تتبع للوزير، كغيرهم من طلاب الجامعات الخاصة، مقابل تدريبهم في مستشفى حاج المرضي محيي الدين أو مستشفى الأكاديمية كما أراد له مأمون، وفي نهاية الأمر، قال المراجع العام في خطابه للوزارة (فإن الإبقاء على أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا في إدارة هذا المستشفى، بموجب الاستثناء الوارد في اللائحة حسب ما أشرنا إليه آنفا، يعد إجراء غير سليم) وأوصى المراجع بتطبيق اللائحة فورا على طلاب الأكاديمية، وبأثر رجعي منذ تاريخ إصدار اللائحة، ولكن هل تم تنفيذ هذه التوصية؟
5
استغلال النفوذ.. العقد المخفي
آنفاً، أشرنا إلى أن خطاب المراجع، الذي عنونه لمدير عام وزارة الصحة، كان بتاريخ 12/ مارس/2014، وبطبيعة الحال المراجعة لأداء وزارة الصحة في الخرطوم كانت في 2013، وفي التاريخين مأمون حميدة ظل متربعاً على قمة الوزارة، ولما كان العقد المعدل الجديد الذي حصلت فيه الجامعة المملوكة للوزير على عشر سنوات إضافية في المستشفى المذكور أعلاه، (ميزة تترتب عليها منافع كثيرة لاحقا)، استنادا إلى تعديل العقد المبرم في 13/ ديسمبر/1996، كان من الطبيعي أن يطالب المراجع بهذا العقد، إلا أن مطالباته ذهبت أدراج الرياح، وقال صراحة: (لم يقدم للمراجعة العقد الذي بني عليه عقد التعديل، تحت مسمى عقد تعديل المستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي لسنة 1996م)، ثم شرح المراجع المحاولات التي بذلها للحصول على نسخة من العقد في مكاتبات متتالية لوزارة الصحة الولائية لم تجد فتيلاً، لأن الوزارة لم تستجب لها مطلقاً، علماً بأن المراجع خاطب الإدارة القانونية بولاية الخرطوم، باعتبارها الجهة التي قامت بتوثيق عقد التعديل في عام 2000، والمدهش أن الإدارة القانونية نفسها لم تمده بالعقد المطلوب، ولكن ماذا ترتب على ذلك؟.
6
تحايل وبطلان منفعة
في هذه الفقرة، سنستخدم عبارات المراجع العام، التي وردت في الخطاب، دون التدخل منا قدر الإمكان، لأنها تصف الحالة توصيفاً دقيقاً. وقبل أن يسرد المراجع الواقع الذي ترتب على تعديل العقد، أكد أن العقد الذي استند عليه التعديل (لا وجود له)، وخلص إلى أن الإجراءات التي اتبعت (تمت بصورة غير سليمة وأوجدت واقعاً باطلاً) ? أوجزه المراجع في نقاط، وهي في الحقيقة من أهم النقاط وأخطرها في خطاب المراجع وجاء فيها ما يلي:
* أولا فرض اسم مستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي، بدلا عن الاسم الصحيح بموجب عقد إدارة حاج المرضي محيي الدين ? والأكاديمية المعرفة بالألف واللام لمن فاتهم هي أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا التي يمتلكها مأمون حميدة.
* ثانيا التحايل على مدة سريان العقد من (10) سنوات إلى (20) سنة، (أي أن الأكاديمية ? الجامعة لاحقاً ? نالت ميزة إدارة المستشفى لمدة عشر سنوات إضافية، بلا وجه حق، وبإجراءات مخالفة للقانون) تم كشفه بأمر المراجع في عهد تولي مأمون حميدة للوزارة، لأن المراجع أفتى بما يلي: ?وعليه عدم مشروعية وجود أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا في إدارة المستشفى، من تاريخ عقد التعديل ويستوجب فسخ العقد في ذات التاريخ والمساءلة القانونية للمتسببين?، وبدورنا نسأل: هل انتهى وجود أكاديمية العلوم الطبية في المستشفى؟ وهل تم فسخ العقد؟ وهل تمت مساءلة المتسببين في كل هذه المخالفات قانونياً؟ هل حولوا إلى المحاكمة؟ هل اتخذ الوزير حيالهم أي إجراء لتصحيح الوضع غير المشروع؟
* والسؤال الأخير، هل نحن بحاجة إلى أن نذكر بتضارب المصالح الذي أشرنا إليه مسبقاً!؟ والمراجع بعدها، يعمد إلى نتائج وخلاصات وقبل أن ينتقل إلى مخالفات أخرى كتب في تقريره ما يلي: ?وأن ما ترتب عليه من تبعات وتصرفات بموجب هذا التعديل لا تعطي المشروعية لأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا، في إدارة المستشفى، وتعتبر باطلة، وأي منفعة تحصلت عليها الأكاديمية تعتبر دون وجه حق?، ويجمع كل من اطلع على هذا الخطاب، أن التهمة الأخيرة التي ختم بها المراجع تهمة تستوجب أن يخضع المتهم بها إلى مساءلة من جهات عدة، غير أن المخالفات التي ضبطها المراجع لم تنته عند هذا الحد وهنالك المزيد، وهو لا يقل خطورة عن ما ذكرنا وربما أخطر.
7
* تضارب المصالح أو تغليبها
ما كشفه المراجع العام، هذه المرة، يتجاوز تضارب المصالح إلى تغليب المصلحة الخاصة بسهولة، وهو ما قال إنه يمثل ?اعتداءً على الحق العام? من قبل الجامعة المملوكة للوزير، وهي أولى المخالفات التي برزت للمراجع على أساس عدم مشروعية إدارة أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا للمستشفى، وتتلخص في تغيير مأمون حميدة لغرض أحد أقسام المستشفى، وإن شئت الدقة، وفقا للمستندات المتوفرة فإن المسألة يمكن الحكم عليها بأنها أكثر من تغيير غرض، وإليكم الوقائع:
خاطبت أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا وزارة الصحة ولاية الخرطوم ? أي جامعة مأمون حميدة ? عبر مدير المستشفى، للحصول على موافقة لإنشاء مبنى لطب وجراحة الأسنان، الوزارة كطرف أول في العقد الأساس، وافقت على بناء قسم لعلاج مرضى الأسنان، بمرجعية العقد فقرة التزامات الطرف الثاني، وافق الطرف الثاني (أكاديمية العلوم الطبية)، والتزم أن يكون من حيث المواصفات والعمل بنفس نظام وزارة الصحة، ولكن ماذا حدث؟.. عند الزيارة الميدانية لفريق المراجعة فوجئ بأن المبنى الذي تم تصديقه كقسم أسنان أصبح (كلية لطب وجراحة أسنان)، تتبع للأكاديمية، وهي خارج المنظومة الإدارية للمستشفى، أي أنه نكوص عن الشروط التي تم بموجبها بناء القسم، وتحويل غرضه من علاج المرضى إلى تعليم طلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا وأكد خطاب المراجع أن مدير المستشفى اعترف لهم بذلك شفاهة، ثم أورد الخطاب المخالفات التي ترتبت على ذلك التصرف، وأشار أولاً إلى مخالفة العقد، الذي ينص على عدم تحويل العقد أو نقله أو التصرف فيه أو التنازل عن التزاماته لأي طرف إلا بموافقة مكتوبة من الطرف الأول، ولم تتحصل الأكاديمية على موافقة الوزارة على إنشاء الكلية، وإنما مبنى يضم قسم طب وجراحة الأسنان، والمخالفة الثانية كانت للمادة (2) التي تنص على استخدام إيرادات المشروع في تسيير العمل بالمستشفى، وهذا ما لم يحدث، ويخالف أيضا المادة (13) الإحالة من مرشد إبرام العقود الحكومية لوزارة العدل بالرقم 1/2008، المهم في ضبط المراجع العام لهذه المخالفة حكمه الذي أصدره عليها إذ ورد نصاً: ?وبالتالي فإن هذا التصرف، يعد تغييراً للغرض، واعتداءً على الحق العام، وتحويل ريعه إلى المنفعة الخاصة?، وقطعا أي واحدة من هذا التهم سترسل أعظم المحتالين إلى غياهب السجون ولو كان خلفه جيش من المحامين.
8
حوادث التميز.. مخالفة جديدة
المستند الذي بطرفنا يشير إلى أن هذه المخالفة حديثة نسبياً، أو على الأقل ضبطها، وهو خطاب جديد، موجه أيضا لمدير عام وزارة الصحة، من مساعد مدير المراجعة بالولاية شروق حسن عثمان، وتاريخه 5/8/2015، أي قبل أقل من عام، ويتعلق بإنشاء قسم حوادث بالمستشفى الأكاديمي محل الجدل، وتعود القصة إلى أن وزير الصحة مأمون حميدة اهتم بتأسيس قسم طوارئ في مستشفى الأكاديمية، الذي يتدرب فيه طلاب الطب بالجامعة المملوكة له، ولا شك أن تدريب طالب الطب على الحوادث أمر لا غنى عنه، وبالفعل تم بناء قسم حوادث بمواصفات حديثة لا تتوفر في معظم مستشفيات الولاية، حتى أنهم أطلقوا على القسم (حوادث التميز) وللأمانة هي حوادث متميزة في مستشفى تتبع إدارته لمؤسسات وزير الصحة. المهم بمجرد افتتاح حوادث التميز انخرط طلاب الأكاديمية فيها، ووضعت الجامعة يدها عليها، ولما أرسلت (شروق حسن) فريقا من المراجعة لوزارة الصحة، اكتشف أن هنالك ما يقارب الـ(3) ملايين جنيه، أو تحديداً مبلغ (2.775.567.70) تم صرفه (من مال الوزارة) على إنشاء مبنى حوادث بالأكاديمي، وعلق فريق المراجعة بأن هذه الأموال التي صرفت هي من مال التنمية، والمبنى الذي أنشئ غير مدرج ضمن المباني التي سلمت لجامعة العلوم الطبية بموجب العقد المبرم في 2007، وعلى ذلك طالب المراجع بنزع الحوادث من المستشفى الأكاديمي التابع لجامعة مأمون حميدة فوراً، وأن يعاد مبنى الحوادث الجديد للوزارة، ولم يكتف بذلك بل طالب بإفادته بما تم من إجراء هو والجهات التي أرسل لها الخطاب وهي مدير جهاز المراجعة بالولاية ووزير المالية وشؤون المستهلك.
9
التمسك بمساءلة المتسببين
ضمن المراجع القومي في خطابه لوزارة الصحة، عددا من التوصيات واجبة التنفيذ، وهي توصيات واضحة وجلية لا يشوبها لبس، ومن بين هذه التوصيات، التحقيق في إجراءات عقد التعديل (عقد تعديل مستشفى الأكاديمي الخيري التعليمي، الذي وقع فيه التمديد) ومساءلة المتسببين فيه، وكذلك أوصى على إعادة المستشفى إلى المنظومة الإدارية للوزارة، وحصر جميع ما تحصلت عليه الأكاديمية من مبنى طب وجراحة الأسنان والتي حولت إلى كلية طب أسنان تابعة للأكاديمية دون وجه حق، وإعادته للوزارة، وأوصى أيضا بتطبيق لائحة التدريب بمستشفيات الولاية على طلاب الأكاديمية من تاريخ توقيعها، وحصر التكلفة وتحصيلها لصالح الوزارة، وذلك لبطلان العقد، ثم أوصى المراجع باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة لتنفيذ توصياته، ثم أرسل الخطاب للجهات المعنية بتنفيذه وهي المراجع العام، ومكتب وزير الصحة (مأمون حميدة نفسه) وأمين عام مجلس الولاية (لجنة الصحة) ووزير المالية، وأمين عام الحكومة ورئيس الإدارة القانونية بالولاية وأخيرا نيابة الأموال العامة، الجدير بالذكر أن خطاب المراجع وتوصياته هذه مضى عليها أكثر من عامين.
10
مسلسل تضارب المصالح مستمر
تضارب المصالح، الذي نتحدث عنه يبلغ عمره خمس سنوات.. غدا وفي الحلقة الثانية من هذا التحقيق، سنكشف عن عينات ونماذج جديدة لتضارب المصالح، كلها تعضدها مستندات رسمية لا يتطرق إليها الشك، ولا يمكن نقضها مطلقاً.
كونوا معنا.. وتحملوا تبعات (الزلزال)!
**
* ما بين عامي 1996 و2007 جاءت تجربة بناء شراكات بين وزارة الصحة والمؤسسات التعليمية بالولاية.
* في يونيو 1997 تم توقيع عقد (إدارة مستشفى حاج المرضي محيي الدين) طرفاه (وزارة الصحة ولاية الخرطوم) و(أكاديمية العلوم الطبية). وفترة سريان العقد (10) سنوات.
* في 19/11/2000 تم إبرام عقد ثانٍ اسمه (عقد تعديل مستشفى الأكاديمي الخيري التعليمي)، حسب ما لاحظ ديوان المراجع العام ? ولاية الخرطوم، أثناء مراجعته للأداء المالي لوزارة الصحة في 2014.
* في 2014 أولى المخالفات التي أشار إليها المراجع القومي (لم يتم تسمية الأطراف في هذا التعديل وأُشير فقط بعبارة اتفق الطرفان (ونبه مباشرة إلى أن الإجراءات الأصولية في العقود تسمية الأطراف في مقدمة العقد).
* المخالفة الثانية تتعلق بعقد تعديل، ومددت فيه فترة سريان العقد من (10) سنوات إلى (20) سنة.
* الشيء الذي لم يجد له تفسيرا المراجع القومي أنه عند تمديد فترة العقد تمت الإشارة في العقد الجديد إلى تعديل العقد المبرم في 13 ديسمبر1996، وفي الحقيقة هذا العقد لا وجود له.
* بحسب المراجع القومي فقد: ?لوحظ أن تاريخ إبرام التعديل هو 19/11/2000، تم توثيقه بذات التاريخ، إلا أن تاريخ خاتم التوثيق أتى بتاريخ 5/مايو/1999?.. أي أن تاريخ الختم يسبق توقيع العقد..!!
* من الملاحظات أيضاً أنه لم يقدم للمراجعة العقد الذي بني عليه عقد التعديل، تحت مسمى عقد تعديل المستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي لسنة 1996م.
* أكد المراجع أن العقد الذي استند عليه التعديل (لا وجود له)، وخلص إلى أن الإجراءات التي اتبعت (تمت بصورة غير سليمة وأوجدت واقعاً باطلاً):
? أولا فرض اسم مستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي، بدلا عن الاسم الصحيح.
? ثانيا التحايل على مدة سريان العقد من (10) سنوات إلى (20) سنة، (أي أن الأكاديمية ? الجامعة لاحقاً ? نالت ميزة إدارة المستشفى لمدة عشر سنوات إضافية، بلا وجه حق، وبإجراءات مخالفة للقانون) ? أفتى المراجع بـ: ?عدم مشروعية وجود أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا في إدارة المستشفى، من تاريخ عقد التعديل ويستوجب فسخ العقد في ذات التاريخ والمساءلة القانونية للمتسببين?.
? بحسب المراجع فإن ما ترتب عليه من تبعات وتصرفات بموجب التعديل ?لا تعطي المشروعية لأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا، في إدارة المستشفى، وتعتبر باطلة، وأي منفعة تحصلت عليها الأكاديمية تعتبر دون وجه حق?.
2
* بتاريخ 5/8/2015 خطاب من مساعد مدير المراجعة بالولاية موجه لمدير عام وزارة الصحة يتعلق بإنشاء قسم حوادث بالمستشفى الأكاديمي.
* مبلغ (2.775.567.70) تم صرفه (من مال الوزارة) على إنشاء مبنى حوادث بالأكاديمي، حسبما اكتشفه فريق من المراجعة لوزارة الصحة.
* يعلق فريق المراجعة بأن هذه الأموال التي صرفت هي من مال التنمية، والمبنى الذي أنشئ غير مدرج ضمن المباني التي سلمت لجامعة العلوم الطبية بموجب العقد المبرم في 2007.
* يطالب المراجع بنزع الحوادث من المستشفى الأكاديمي التابع لجامعة مأمون حميدة فوراً، وأن يعاد مبنى الحوادث الجديد للوزارة.
* يطالب المراجع بإفادته بما تم من إجراء هو والجهات التي أرسل لها الخطاب وهي مدير جهاز المراجعة بالولاية ووزير المالية وشؤون المستهلك.
* ضمن المراجع القومي في خطابه لوزارة الصحة، عددا من التوصيات واجبة التنفيذ، منها التحقيق في إجراءات عقد التعديل، ومساءلة المتسببين فيه.
* أوصى على إعادة المستشفى إلى المنظومة الإدارية للوزارة، وحصر جميع ما تحصلت عليه الأكاديمية من مبنى طب وجراحة الأسنان والتي حولت إلى كلية طب أسنان تابعة للأكاديمية دون وجه حق، وإعادته للوزارة.
* أوصى بتطبيق لائحة التدريب بمستشفيات الولاية على طلاب الأكاديمية من تاريخ توقيعها، وحصر التكلفة وتحصيلها لصالح الوزارة، وذلك لبطلان العقد.
* أوصى باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة لتنفيذ توصياته.
* خطاب المراجع وتوصياته مضى عليها أكثر من عامين..!!
?????????..
الزلزال (2)
مالك الامتياز الاحتكاري بالمستشفى الأكاديمي هو ابن الوزير..
?اليوم التالي? تطلع على عقودات باسم محمد علي مأمون للكافتريا والبقالة
?الزلزال? ?2? اجتهدنا في العثور على مالك الامتياز الاحتكاري بالمستشفى الأكاديمي لنجده شخصاً قريب الصلة بالوزير.. وبعيداً عن التشويق هو ابن الوزير.. ?اليوم التالي? تطلع على عقودات باسم محمد علي مأمون للكافتريا والبقالة الأول أ
الخرطوم ? شوقي عبد العظيم
في الحلقة الأولى، من هذا التحقيق، أوردنا أمس عدداً من المخالفات والتجاوزارت التي كشفها المراجع القومي بولاية الخرطوم، في مؤسسات تتبع لوزير الصحة مأمون حميدة؛ وهي مخالفات نجمت عن عقد اشتمل على تجاوزات ومخالفات قانونية، للدرجة التي وصفه فيها المراجع بـ(الباطل)، والعقد المشار إليه بين أكاديمية العلوم الطبية والتكنلوجيا التي تتبع لمأمون حميدة ووزارة الصحة، في الشراكة الشهيرة بين مستشفى الأكاديمي (حاج المرضي محيي الدين) سابقاً، وجامعة العلوم والتكنلوجيا، ومن بين المخالفات التي عرضناها في الحلقة الأولى أيضاً، تغول أكاديمية العلوم الطبية على قسم الأسنان بالمستشفى الذي شيد من الأموال العامة وتم تحويله إلى كلية خاصة تتبع لجامعة مأمون حميدة وطالب المراجع القومي بإعادتها فوراً للمستشفى وإخلاء الكلية، مشيراً إلى تعدٍّ على مال عام، وكل ذلك اتخذناه دليلاً على تضارب المصالح والتي ستتجلى وتبلغ ذراها في هذه الحلقة، من إجارة محلات ?بغير وجه حق? لأقاربه، ومنع أهالي الحي من استثمار المحال في منازلهم، ومنع صيدليات من العمل، كما أننا سنستمر في عرض خطاب من المراجعة القومية وما به من تجاوزات وتضارب مصالح، ومخالفات صريحة في الصيدلية والمعمل والكافتريا والسوبر ماركت، وفي تدريب طلاب جامعة العلوم الطبية، وفي منعه لأهل حي الامتداد مربع (9) المجاورين للمستشفى من مزاولة أي نشاط تجاري، لأسباب ستتكشف خلال هذه الحلقة.
استثناءات مأمون
قديماً قالوا: ?الماسك القلم ما بكتب رقبتو شقي?، وهذا الكلام يتوافق مع مأمون حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم، للحد البعيد، وحتى لا نتهم الرجل جزافاً -وحاشا لله أن نفعل- سنقدم عدداً من الأمثلة، بينما واحد منها كفيل ليؤكد تضارب المصالح ومن هذه الأمثلة؛ استثناؤه صيدلية المستشفى الأكاديمي من التبعية لإدارة صندوق الدواء الدوار. ويشير الخطاب الصادر عن المراجع العام بالولاية إلى أنهم أثناء مراجعتهم لوزارة الصحة ولاية الخرطوم، عثروا على قرار وزاري بالرقم 43/2012، صادرفي مطلع 2012، ويقضي بإيلولة جميع الصيدليات بمستشفيات الولاية الحكومية إلى صندوق الدواء الدوار، إلا أنهم وجدوا استثناء حدث لصيدلية في أحد المستشفيات الحكومية، ولم يطبق القرار عليها فوراً، وهي صيدلية المستشفى الأكاديمي، الذي يتبع لوزير الصحة. مراجع سأل لماذا؟ حجة المستشفى الأكاديمي في عدم تنفيذ القرار أن الصيدلية بها خلافات ومشاكل بين إدارة المستشفى ومستأجر الصيدلية، وعدم تضمين الصيدلية في صندوق الدواء الدوار صرح به مدير إدارة الصيدلة. وهل يحق للأكاديمي تأجير الصيدلية لمشغل من الخارج؟ ولكن إجابة مدير المستشفى نبهت لمشكلة جديدة ومخالفة لم تكن في الحسبان، وهي إجارة الصيدلية بالباطن ودون وجه حق..!!
إجارة الصيدلية
دون أن تكلف إدارة المستشفى الأكاديمي التي تتبع في ملكيتها لمأمون حميدة نفسها الالتزام بالقوانين واللوائح عمدت إلى استثمار الصيدلية والانتفاع منها مباشرة، وبالفعل عثرت إدارة المستشفى على مستأجر ووقعت عقداً مع (ع.م.ن)، وتحصلت مقابل ذلك على (60) ألف جنيه في السنة، أي بعقد شهري قيمته (5000) جنيه. المراجع في خطابه المعنون لمدير عام وزارة الصحة وضح التجاوز، بأن المستشفى وقعت العقد مع الصيدلي على أساس أنها طرف أول والمستأجر طرف ثاني، ولكن بحسب العقد الأساسي، والذي هو بين الأكاديمي والوزارة وهو عقد معيب في حد ذاته، الوزارة هي الطرف الأول، وأشار إلى أن إدارة المستشفى فعلت ذلك دون الحصول على موافقة الطرف الأول، وربما تعجب أحدكم للطريقة التي حقّرت بها إدارة المستشفى القانون، واستخفت فيها باللوائح، ولكن لا عجب حينما تعلم أن العقد جرى توقيعه في 15/ 6/ 2012، أي وقع ومأمون وزير للصحة، وهذه الصيدلية كما أسلفنا لم تؤل إلى الدواء الدوار، وكما قال مدير المستشفى بها إشكالات إدارية، ولكن هنالك صيدلية أخرى، وهي من تقول المصادر إنها تم تتبيعها للدواء الدوار، وإن كان ذلك كذلك فهذا يعني أن إعادة الصيدلية المستأجرة للصيدلي (ع.م.ن) سيطول أمده، كما أن وجود صيدلية تجارية بالقرب من صيدلية الدواء الدوار أو كلاهما داخل حرم المستشفى، أمر ربما يتنافى مع قرار وقع عليه مأمون نفسه يتعلق بمسافات الصيدليات من بعضها البعض، وبهذه المناسبة سنذكر حادثة قريبة من هذا الجدل.
صيدلية درويش
في نهاية العام المنصرم، تقدم شاب صيدلاني، اسمه معتز معاذ درويش بطلب للمجلس القومي للأدوية والسموم، لفتح صيدلية قبالة مستشفى الأكاديمية، وفي 12/11/2015 حصل معتز على تصديق مبدئي للصيدلية، وموافقة من المجلس، وطلب منه أن يكمل الشروط والمواصفات المطلوبة في مدة أقصاها (45) يوماً، ودرويش بحسب ما ذكر لـ(اليوم التالي) انفق كل ما لديه لتكملة المواصفات استعداد للزيارة النهائية، وفي غضون أسابيع وقبل انقضاء المهلة خاطب درويش المجلس واللجنة، وطلب منهم الزيارة مؤكداً أنه أكمل المواصفات والشروط، غير أن هذه الزيارة لم تتم، ولما تأخرت الزيارة ذهب درويش للمجلس مستفسراً.. أبلغوه أنهم في شهر ديسمبر مشغولون بتجديد التصاديق القديمة في نهاية العام، ولكن مؤكد ستتم زيارة صيدليته في يوم 3 يناير 2016. ولما لم يحضروا ذهب مرة أخرى ليجد أن هنالك صراعاً بين إدارة الصيدلة بالوزارة والمجلس القومي للأدوية والسموم ويقول درويش: ?فرق إدارة الصيدلة كانت تطوف الصيدليات تتحصل رسوم التجديد وكذلك فرق المجلس القومي للصيدلة?.. الصراع احتد، وقالوا إن هنالك لجنة وفاق أو حل للمشكلة.. المفارقة التي ذكرها درويش أن مجموعة من أفراد المحلية جاؤوا لنزع لافتة صيدليته، ولما اعترضهم أكدوا له أن شخصية نافذة في وزارة الصحة أخطرت المعتمد بأن صيدلية درويش غير مصدقة، ومن الضرورة نزع لافتتها. ولما أكد لهم أنه حصل على تصديق مبدئي، تركوه في حاله، ولكنه مازال ضحية لصراع إدارة الصيدلة ومجلس الصيدلة على حد تعبيره، ولكن هل مشكلة درويش في صراع المجلس والإدارة فقط، أم أن مشكلته الحقيقة أن الصيدلية تقع أمام مستشفى الأكاديمي؟ الإجابة على هذا السؤال سنجدها في الفقرة التالية.
?لا دكان ولا كافتريا ولا كشك?
في بادرة غريبة، خاطب مأمون حميدة معتمد محلية الخرطوم، بصفته وزيراً للصحة، طالباً من المحلية عدم التصديق لأي محال تجارية، لا دكان ولا كافتيريا ولا كشك، في الشارع المؤدي للمستشفى، وبالذات الشارع الذي يمر على الحوادث، وفي خطاب محشو بالشكر والثناء على المعتمد، حصلت اليوم التالي على نسخة منه، أشار مامون على أن ذلك تطبيقاً للقرار الذي يقضي بأن تكون المحال التجارية على بعد (500) متر من المستشفى، وقال إن القرار جاء منعًا للزحام أمام المستشفيات. القرار والخطاب يبدوان جيدين في ظاهرهما، ولكن أهالي المنطقة وأصحاب الكافتيريات القديمة الموجودة أصلاً لهم تفسير آخر لخطاب مأمون، ولكن من المهم إلى أن نشير هنا إلى أنه كانت هنالك كافتيريا تعمل منذ وقت طويل، في حرم المسجد، وتقع مباشرة أمام مستشفى الأكاديمي، ولم يجدد لها التصديق، وقال صاحبها ?ذهبنا لنجدد التصاديق قالوا التصديقات موقوفة، ولا نملك حتى كروتاً صحية?. قلنا له إن هنالك قانوناً يحظر تصديق الدكاكين والأكشاك إلا على بعد (500) متر قال: ?لم يأت أحد لقياس المسافة، والتصديق الذي نعمل به قديم?، ثم قال رأيه في حقيقة الأمر: ?المستشفى بداخلها كافتيريا وبقالة ضخمة تفتح أبوابها على الشارع والمريض والمرافق لا حيلة له غير أن يشتري منهما?. ولكن لمن هذه الكافتيريا ولمن البقالة الضخمة التي تفتح منافذها على الشارع العام لخدمة نزلاء المستشفى من الداخل والسابلة في الطريق العام من الخارج؟ الإجابة تمثل مفاجأة، ولكن سنؤجلها قليلاً من باب التشويق أولان ولأن هنالك مخالفات مرتبطة يجب أن نذكرها.
من خطاب المراجع: المعمل
بالعودة لخطاب المراجع القومي ? التاريخي ? سنجد مخالفة جسيمة أخرى شبيهة بمخالفة الصيدلية وتتفوق عليها قليلاً، وهي عقد تشغيل معمل المستشفى ليصبح معملاً تجارياً بإمتياز، وأيضاً هذه المرة دون الرجوع للوزارة مالكة المستشفى، ونجد أن المراجع قال الآتي:
في هذا العقد تظهر مستشفى الأكاديمية طرفاً أول وطرفاً ثانياً (ع.ع)، العقد تاريخه 1/1/2010، العقد المشار إليه هو عقد شراكة، يحصل فيه الطرف الثاني (ع.ع) على 50% ومستشفى الأكاديمية 50%، أي شراكة أرباح، وبالفعل اشتغل المعمل بهذه الصيغة، دون علم الوزارة كما أسلفنا، أي لا يعلم أحد من الوزارة أين ذهبت الـ50% ولا كم هي، ولكن هل استمر هذا العقد بهذه الصيغة أم تحول إلى صيغة أخرى. مؤكد لا أحد يعلم لأن العقد المشار إليه لم يغيب الوزارة وحدها، بل حتى إدارتها القانونية، وانظر ماذا وجد فريق جهاز المراجعة القومية؟ وجد أن العقد الذي أبرمه المستشفى الأكاديمي مع مستثمر المعمل غير موثق أصلاً أمام أي موثق عقود في تحقير أمضى وأشد للقانون، وقال: ?تم هذا الإجراء دون الحصول على موافقة الوزارة (الطرف الأول) في العقد الأساسي، ولم يتم توثيق العقد?، ثم ذكر المراجع صراحة أن في العقدين ?الصيدلية والمعمل- إجارة بالباطن، لأنك لم تحصل على موافقة المالك والذي هو الوزارة التي وزيرها مامون حميدة، بل هنالك سؤال أكبر الإجابة عليه ستدخل الجميع في تعقيدات عظيمة، تستوجب أن يحال الملف فوراً إلى نيابة المال العام؛ وهو هل كانت الوزارة تعين فنيي معامل للمستشفى الأكاديمي؟ وهل كان هؤلاء يعملون في المعمل الذي يتناصف ريعه مستثمر مع الوزارة؟ هذا ما سنجيب عليه لاحقاً.
الكافتيريا والبقالة: ابن الوزير
في بداية هذا التحقيق أو في حلقته الأولى قلنا إن تضارب المصالح هو مرتكزه الأساسي، في مقدمة الحلقة الثانية من التحقيق قلنا إن تضارب المصالح سيبلغ ذراه، وهو ما سنورده هنا عن حكاية منع الكافتيريات والبقالات والمحال التجارية، ولو تذكرون كلام صاحب الكافتيريا أن كافتيريا وبقالة المستشفى لهما منافذ على الشارع وتحتكر الزبائن بالداخل والخارج، اجتهدنا في العثور على مالك هذا الامتياز الاحتكاري لنجده شخصاً قريب الصلة بالوزير.. وبعيداً عن التشويق؛ هو ابنه مباشرة.. أي لا كافتيريات لا أكشاك لا معامل لا بقالات، وابن الوزير هو صاحب امتياز الاحتكار..!!
?تغيير المنفعة?
كون أنها تتبع لمامون حميدة، كلام يتردد بقوة في أوساط المستشفى الأكاديمي وما جاوره، لم نصدق ذلك، ثم نجد من يملكنا المعلومات الحقيقة، ويقول: ?هي قانونياً باسم ابن الوزير?، ثم أرشدنا إلى مكان العقد.. المفاجأة كانت العقودات باسم محمد علي مأمون محمد علي، لكليهما، الكافتريا والبقالة، العقد الأول أبرم في مطلع أبريل والثاني في مايو وكلاهما في العام 2015، لا أحد يعلم إن كانت الوزارة المالك الأصلي يعلم بذلك أم لا؟ ولكن المؤكد أن المراجع لا يعلم شيئاً عن هذه الإجارة لكون أنها لم ترد في خطابه.
حسناً؛ المعلومة المهمة التي أفادت بها المصادر أن ابن الوزير أو مستشاريه وفي أعقاب الحملة الإعلامية على وزير الصحة نصحوه بتغيير عقد المنفعة، باسم شخص آخر، وفعلاً استمع مأمون للنصيحة، ودفع بالعقودات إلى محلية الخرطوم، لتكملة الإجراء، وربما اكتمل وربما غير ذلك، ولكن المؤكد أن أهالي المنطقة بصدد تصريح عريضة يضمنونها ما لحق بهم من ضرار جراء كل ذلك، وهذا أحد أحداث الأيام المقبلة.
ونواصل
* ما بين عامي 1996 و2007 جاءت تجربة بناء شراكات بين وزارة الصحة والمؤسسات التعليمية بالولاية.
* في يونيو 1997 تم توقيع عقد (إدارة مستشفى حاج المرضي محيي الدين) طرفاه (وزارة الصحة ولاية الخرطوم) و(أكاديمية العلوم الطبية). وفترة سريان العقد (10) سنوات.
* في 19/11/2000 تم إبرام عقد ثانٍ اسمه (عقد تعديل مستشفى الأكاديمي الخيري التعليمي)، حسب ما لاحظ ديوان المراجع العام ? ولاية الخرطوم، أثناء مراجعته للأداء المالي لوزارة الصحة في 2014.
* في 2014 أولى المخالفات التي أشار إليها المراجع القومي (لم يتم تسمية الأطراف في هذا التعديل وأُشير فقط بعبارة اتفق الطرفان (ونبه مباشرة إلى أن الإجراءات الأصولية في العقود تسمية الأطراف في مقدمة العقد).
* المخالفة الثانية تتعلق بعقد تعديل، ومددت فيه فترة سريان العقد من (10) سنوات إلى (20) سنة.
* الشيء الذي لم يجد له تفسيرا المراجع القومي أنه عند تمديد فترة العقد تمت الإشارة في العقد الجديد إلى تعديل العقد المبرم في 13 ديسمبر1996، وفي الحقيقة هذا العقد لا وجود له.
* بحسب المراجع القومي فقد: ?لوحظ أن تاريخ إبرام التعديل هو 19/11/2000، تم توثيقه بذات التاريخ، إلا أن تاريخ خاتم التوثيق أتى بتاريخ 5/مايو/1999?.. أي أن تاريخ الختم يسبق توقيع العقد..!!
* من الملاحظات أيضاً أنه لم يقدم للمراجعة العقد الذي بني عليه عقد التعديل، تحت مسمى عقد تعديل المستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي لسنة 1996م.
* أكد المراجع أن العقد الذي استند عليه التعديل (لا وجود له)، وخلص إلى أن الإجراءات التي اتبعت (تمت بصورة غير سليمة وأوجدت واقعاً باطلاً):
* أولا فرض اسم مستشفى الأكاديمية الخيري التعليمي، بدلا عن الاسم الصحيح.
* ثانيا التحايل على مدة سريان العقد من (10) سنوات إلى (20) سنة. أفتى المراجع بـ: ?عدم مشروعية وجود أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا في إدارة المستشفى، من تاريخ عقد التعديل ويستوجب فسخ العقد في ذات التاريخ والمساءلة القانونية للمتسببين?.
* بحسب المراجع فإن ما ترتب عليه من تبعات وتصرفات بموجب التعديل ?لا تعطي المشروعية لأكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا، في إدارة المستشفى، وتعتبر باطلة، وأي منفعة تحصلت عليها الأكاديمية تعتبر دون وجه حق?.
2
* بتاريخ 5/8/2015 خطاب من مساعد مدير المراجعة بالولاية موجه لمدير عام وزارة الصحة يتعلق بإنشاء قسم حوادث بالمستشفى الأكاديمي.
* مبلغ (2.775.567.70) تم صرفه (من مال الوزارة) على إنشاء مبنى حوادث بالأكاديمي، حسبما اكتشفه فريق من المراجعة لوزارة الصحة.
* يعلق فريق المراجعة بأن هذه الأموال التي صرفت هي من مال التنمية، والمبنى الذي أنشئ غير مدرج ضمن المباني التي سلمت لجامعة العلوم الطبية بموجب العقد المبرم في 2007.
* يطالب المراجع بنزع الحوادث من المستشفى الأكاديمي التابع لجامعة مأمون حميدة فوراً، وأن يعاد مبنى الحوادث الجديد للوزارة.
* يطالب المراجع بإفادته بما تم من إجراء هو والجهات التي أرسل لها الخطاب وهي مدير جهاز المراجعة بالولاية ووزير المالية وشؤون المستهلك.
* ضمن المراجع القومي في خطابه لوزارة الصحة، عددا من التوصيات واجبة التنفيذ، منها التحقيق في إجراءات عقد التعديل، ومساءلة المتسببين فيه.
* أوصى على إعادة المستشفى إلى المنظومة الإدارية للوزارة، وحصر جميع ما تحصلت عليه الأكاديمية من مبنى طب وجراحة الأسنان والتي حولت إلى كلية طب أسنان تابعة للأكاديمية دون وجه حق، وإعادته للوزارة.
* أوصى بتطبيق لائحة التدريب بمستشفيات الولاية على طلاب الأكاديمية من تاريخ توقيعها، وحصر التكلفة وتحصيلها لصالح الوزارة، وذلك لبطلان العقد.
* أوصى باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة لتنفيذ توصياته.
3
* خاطبت أكاديمية العلوم الطبية والتكنولوجيا وزارة الصحة ولاية الخرطوم، للحصول على موافقة لإنشاء مبنى لطب وجراحة الأسنان.
* عند الزيارة الميدانية لفريق المراجعة فوجئ بأن المبنى الذي تم تصديقه كقسم أسنان أصبح (كلية لطب وجراحة أسنان)، تتبع للأكاديمية، وهي خارج المنظومة الإدارية للمستشفى.
* أكد خطاب المراجع أن مدير المستشفى اعترف لهم بذلك شفاهة، ثم أورد الخطاب المخالفات التي ترتبت على ذلك التصرف.
* أشار إلى مخالفة العقد، الذي ينص على عدم تحويل العقد أو نقله أو التصرف فيه أو التنازل عن التزاماته لأي طرف إلا بموافقة مكتوبة من الطرف الأول.
* المراجع العام جاء حكمه: ?هذا التصرف يعد تغييراً للغرض، واعتداءً على الحق العام، وتحويل ريعه إلى المنفعة الخاصة.
?????????..
الزلزال (3)
من أهم حسنات رد ?الصحة? الولائية أنها لم تشكك في مستندات حصلت عليها ?اليوم التالي? واستعرضتها في الحلقات السابقة.. بل دفعت بمعلومات جديدة سنتناولها لمن فاته الاطلاع على إعلان دفعت به الوزارة لعدد من الصحف
الزلزال ?3? من أهم حسنات رد ?الصحة? الولائية أنها لم تشكك في مستندات حصلت عليها ?اليوم التالي? واستعرضتها في الحلقات السابقة.. بل دفعت بمعلومات جديدة سنتناولها لمن فاته الاطلاع على إعلان دفعت به الوزارة لعدد من الصحف
الخرطوم ? شوقي عبد العظيم.
في الحلقة الثانية من (الزلزال)، كشفنا عن الاستثمارات في مستشفى الأكاديمية، وأشرنا إلى أن هناك استثمارات في قلب المستشفى كانت لابن الوزير، وأنه بصدد تحويل منفعتها باسم شخص آخر حتى قبل أن تنتهي مدة العقد، وأظنه قد فعل، وهي كافتيريا وبقالة في الوقت الذي تحارب فيه المحلات التجارية والكافتيريات حول المستشفى، ومخالفات أخرى عديدة مجتزأة من تقرير المراجع العام، وهذه الحلقة كانت معدة منذ أيام، غير أن مكوناتها خضعت لتعديل، بسبب ما نشرته وزارة الصحة أمس الأول، كتوضيح أو بيان مدفوع القيمة في عدد من الصحف، وفي الحقيقة يمكن أن تقول إنها فقدت شيئا من سبقها الصحفي لجهة أن ما نشرته الوزارة كان هو مرتكز حلقة اليوم، بعد أن حصلنا على ردها للمراجع العام بمشقة شديدة، ولو أن الوزارة صبرت حتى نفرغ من حلقات هذا الزلزال، أو من هذه الحلقة على الأقل لكفيناها إعلانا مدفوع القيمة ولوفرت الكثير من أموال الدولة، ولكن للأمانة يجب أن نقول إنها حسناً فعلت ? إذا استثنينا مسألة هدر الأموال في إعلان ? وذلك لعدد من الأسباب، سنفصلها لاحقاً، ولكن من أهم حسنات رد الوزارة أنها لم تشكك في المستندات التي حصلنا عليها واستعرضناها في الحلقات السابقة، بل دفعت بمعلومات جديدة سنتناولها هنا لمن فاته الاطلاع على الإعلان الذي دفعت به وزارة الصحة لعدد من الصحف.
أمر آخر حدث أمس الأول يمكن أن نظن أنه شديد الصلة بما نشر في حلقات الزلزال السابقة، وهو البلاغ الذي حركه المراجع العام في مواجهة المدير العام لوزارة الصحة السابق د. صلاح عبد الرازق الذي كان خبراً في عدد من الصحف، ولكن ظنونها هذه لها مؤيدها فقط قليلا من الروية ونفصح عن ما اعتور..
الوزارة ترد
خيرا فعلت الوزارة عندما ضمنت إعلانها المدفوع، ردها على المراجع العام في وقت سابق، بجانب توطئة لردها على ما نشر في حلقات التحقيق الماضية، استعرضت فيه تاريخ علاقة حميدة بالمستشفى، وقالت إنه من قام بتكملة المستشفى الخيري، الذي شرع في تأسيسه رجل البر والإحسان حاج المرضي محيي الدين، وفي رأي الوزارة أن مأمون حميدة الذي بناه كان يجب أن يحصل على ميزات خلاف الآخرين، ثم تطرقت للقانون وما جاء في خطاب المراجع واستعرضته الصحيفة، لكن هذا الجانب سنتركه لردها الذي دفعت به للمراجع القومي رسميا، وسنهتم بالجديد في ردها الحديث على ما نشر ممهورا بتوقيع د. بابكر محمد علي، غير أن المطلع الجيد على الرد سيتكشف أنه مليئ بالثغرات والثقوب التي من اليسير أن تسقط من خلالها الحقيقة، وسيلاحظ كذلك أن الرد حرص على أن يظهر الامتيازات والحظوظ التي حصل عليها مأمون، حصل عليها وهو رجل من غمار الناس ? وما هو بكذلك -، يستثمر في العلاج، ولم يكن نافذا وقتها ولا يحزنون، ومن بين الثغرات التي أشرنا إليها، عندما تطرقت لقسم الأسنان الذي وضعت عليه لافتة كبيرة كتب عليها (جامعة العلوم والتكنلوجيا ? كلية الأسنان)، قالت إن من حق مأمون أن يفعل ذلك وفق العقد، ولكنها كشفت عن نقطة تستحق الانتباه، وهي أنه يدرب الطلاب ويعالج المرضى بالرسوم المجازة من المجلس التشريعي، أي أن إدارة المستشفى الأكاديمي تتحصل أموالاً، لذا يستوجب أن نناقش فكرة المستشفيات الجامعية في حد ذاتها ومن ثمة جائحة المستثمرين التي اجتاحتها والدولة غافلة..
الفكرة والاستهبال
فكرة أن يكون هنالك مستشفى جامعي قديم، أو سمه مستشفى تعليميا، ومن وقت يعرف الناس مستشفى سوبا الجامعي، ومستشفى الخرطوم التعليمي، غير أن هذه المستشفيات تقوم على ضوابط، أهم ضوابطها أن المرضى في هذه المستشفيات ظلوا يتلقوا العلاج مجانا، ولماذا مجانا؟ لسبب بسيط وهو أن المريض يتنازل ويتحول بمحض إرادته إلى عينة للدراسة، ومن العدل أن لا يدفع فلسا واحدا، ولكن هل المشافي التي يتعلم فيها طلاب الجامعات الخاصة الذين يدفعون لأصحاب الجامعات بالدولار يتلقى فيها المرضى العلاج مجانا؟ الأجابة أول الأمر سنقتبسها من رد وزارة الصحة نفسه، وجاء فيه: (مبنى الأسنان المشار إليه ? هو ما تحول إلى كلية جامعية ? قامت ببنائه الجامعة إشراف الوزارة وزودته ب75 ماكينة أسنان ويقدم خدماته للمرضى بالأسعار المجازة من المجلس التشريعي) أي أن هنالك أموالا تُحصل، ولكن بواقع الحال ومن يرى اللافتة الموضوعة في المستشفى، يمكن أن يصوغ هذه الفقرة في رد الوزارة بالطريقة التالية: كلية الأسنان المشار إليها قامت ببنائها الجامعة لتعليم طلابها ولا ضير من أن تتحصل أموالا من المرضى الذين يتعلم فيهم الطلاب مهنة علاج الأسنان، ولا يكون قد فارق الحقيقة شبرا.
وبالعودة إلى ما سبق، وعلينا أن نضع في الاعتبار أن جامعة العلوم والتكنولوجيا سبق وأن تحصلت من الطالب رسوما طائلة ضمنها تكاليف التدريب، وهي بذلك اصطادت عصفورين أو أكثر، أولا وفرت لطلابها قاعة درس ومرضى للتعليم، ثانياً عظمت موارد المستشفى والذي كان عليها أن تو