أخبار السودان

القمة الأمريكية الأفريقية.. انقلاب البرهان يبعد السودان

الخرطوم: الخواض عبد الفضيل
استبعد الرئيس الأميركي، جو بايدن، السودان وثلاث دول أفريقية من قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا المقرر عقدها في الفترة من 13 – 15 ديسمبر 2022 والتي تعقد بالأراضي الأمريكية، واعتبر مراقبون أن الخطوة ترجع العلاقات الأمريكية السودانية التي شهدت في السنوات الأخيرة تطوراً كبيراً خاصة بعد أن أكملت الولايات المتحدة الأمريكية تمثيلها الدبلوماسي  بالخرطوم إلى درجة سفير، مؤكدين استغلال روسيا لهذا الخطأ وستلعب دوراً كبيراً بعدم دعوة السودان إلى القمة الأمريكية الأفريقية في إطار التنافس والتسابق على السودان وأفريقيا خاصة أن أمريكا تواجه دولتي روسيا والصين في التسابق على السودان، بهذه الخطوة قد تقلل فرص واشنطن على السودان.
أجندة القمة
وطبقاً لدانا بانكس، المساعد الخاص للرئيس الأمريكي، كبير مستشاري مجلس الأمن القومي لقمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا التي تحدثت إلى مجموعة من الصحفيين الأفارقة خلال مؤتمر عبر الهاتف يوم الثلاثاء الماضي فإن أجندة القمة تستهدف دفع الأولويات المشتركة وتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا، كما سيوفر التجمع فرصة لتعزيز تركيز إدارة بايدن على التجارة والاستثمار في أفريقيا، وتسليط الضوء على التزام أمريكا بأمن أفريقيا وتطورها الديمقراطي وكذلك التأكيد على التزام الولايات المتحدة تجاه القارة السمراء. وبحسب بانكس فإن بايدن دعا 49 زعيماً أفريقياً، من جميع حكومات شمال أفريقيا وجنوب الصحراء و”استثنى أربع دول، هي السودان، بوركينا فاسو، غينيا ومالي”. وقالت مسؤولة البيت الأبيض إن بايدن استخدم ثلاثة معايير لدعوة الحكومات الأفريقية إلى القمة، حيث دعا جميع حكومات جنوب الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا التي لم يعلقها الاتحاد الأفريقي، والدول التي تعترف بها حكومة الولايات المتحدة، والدول التي نتبادل معها السفراء”.
زيادة الشقة
يقول الباحث والمحلل السياسي محمد محي الدين: من الواضح إن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش تناقضات من جهة تصف ما حصل في السودان بأنه استيلاء على السلطة ولا تصفه بانقلاب، ولكنها تدرج السودان مع ثلاث دول هي ممنوعة من المشاركة في هذه القمة وتابع: وهذا ما يجعل أن هنالك حالة من الشد والجذب داخل الإدارة الأمريكية خاصة بعد انتخابات التجدبد النصفي للكونغرس ومجموعات الضغط المختلفة التي تنشط للتحريض على الأوضاع في السودان وزاد: إن الولايات المتحدة ترتكب خطأً في هذا الأمر خاصة وأن استبعاد السودان من هذه القمة سيزيد الشقة مستقبلاً مع الإدارة الأمريكية في ظل وجود مؤشرات  تقارب كبير بين السودان وروسيا والصين، وهذان العدوان التاريخيان للولايات المتحدة الأمريكية.
وأردف محي الدين: بالتالي أمريكا ستخسر بهذا التصرف الذي ينم عن أن السياسات الخارجية لأمريكا بها شيء من التخبط الأمر الذي يجعلها لا تستطيع أن تدرك للمتغيرات الكبيرة التي تحصل في القارة الأفريقية والتقارب الكبير بين روسيا والدول الأفريقية والانقلابات التي حدثت في القارة الأفريقية جعلت النفوذ الروسي أكبر تأثيراً من أمريكا ونوه إلى الحديث عن عقد قمة أفريقية روسية هذا الأمر ستكون له تداعيات كبيرة على مستقبل العلاقات الروسية الأمريكية مشيراً الى أن هذه القمة الثانية التي تجمع قادة الدول الأفريقية مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكن لم تمن لهذه القمم ثمرة واضحة معتقداً أن هذه القمم أمر للعلاقات العامة أكثر من أن يكون فيه جديد للدول الأفريقية تشجعها على أن تغير توجهاتها في البحث عن مصالحها مع دول أخرى مثل روسيا والصين.
تعليق عضوية السودان
ومن جانبه يعتقد المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي، أن عدم دعوة بايدن للسودان لمؤتمر القمة الأمريكية الأفريقية بسبب تعليق الاتحاد الأفريقي لعضوية السودان ويضيف: يقرأ ذلك مع عدم دعوة مالي وبوركينا فاسو وغينيا.
ويشرح أن تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي هو المعيار الذي اتخذته الولايات المتحدة تجاه استبعاد السودان من المشاركة بالإضافة لذلك فإن الدول التي لم تتم دعوتها متوقع أن تحضر القمة الروسية الأفريقية ويمكن ربط ذلك بالصراع الأمريكي الروسي في القارة الأفريقية.
روسيا في الخط
وفي السياق ذاته قال الخبير الاستراتيجي د. أمين مجذوب، إن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت شروطاً للقمة الأمريكية الأفريقية، أولاً أن لا تكون عضوية الدولة المعنية معلقة في أي من المنظمات الإقليمية والدول التي تم تبادل السفراء مع أمريكا وتابع: في تفديري السودان يقع في التصنيف الأول الدول التي تم تعليق عضويتها باعتبار أن عضوية السودان معلقة في الاتحاد الأفريقي لجهة أن القمة خاصة بالاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة الأمريكية.
من هذا المنطلق لم يتم تقديم الدعوة إلى السودان، وأوضحت ذلك الخارجية الأمريكية وأردف أن هذا دخل في الضغوط التي تمارس على بعض الدول الأفريقية منها السودان وبوركينا فاسو ومالي التي قد تكون للولايات المتحدة رؤية بأن الانتقال الديمقراطي تعذر بسبب مباشر من الحكومة الحالية وتابع: من ناحية أخرى القمة الروسية الأفريقية هي قمة معروفة تعقد سنوياً والسودان عضواً أساسياً في هذه القمة وليست هناك تحفظات من الجانب الروسي على السودان والعلاقات متوازية بين الدولتين، لذلك من الممكن دعوة السودان وتلبيته لهذه الدعوة، خاصة وأن التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ربما تستغله روسيا في عدم دعوة أمريكا للسودان لتدعو السودان وتجعله نجماً لهذه القمة “مكايدة” في الولايات المتحدة الأمريكية، وفق تعبيره.
عصا تحتها جزرة
ويقول الباحث والمحلل السياسي أحمد عابدين، إن أمريكا تحاول دائماً أن تضع حملاً ثقيلاً على ظهر من تود أو ترى أنهم يجب أن يسعوا في فلكها، فالمؤسسة العسكرية يبدو أنها حتى اللحظة فشلت في تطمين الولايات المتحدة الأمريكية علاوة على أن إدارة بايدن نفسها متهمة من جماعات ضغط داخلية لا تريد أي مستقبل لعسكر السودان في السلطة هؤلاء يتهمون الإدارة الحالية بالتهاون وأنها لا تعمل على نقل السلطة للمدنيين، وكذلك حلفاء الداخل من القوى السياسية تضغط على الإدارة الأمريكية عبر السفير الأمريكي بضرورة ممارسة حسم فوري على المكون العسكري ليرضخ لتصوراتها ومقترحاتها وإنجاز تسوية تعيدهم للسلطة وتابع: لكن في ذات الوقت فإن للعسكر طريق آخر يمدون أيديهم له فيتنفسون عبره يتمثل في روسيا التي تنمو بسرعة في أفريقيا وصارت مفضلة للكثير من حكومات الدول الأفريقية وهذا يضع مزيداً من الأحمال الثقيلة على أمريكا ويجعلها تحاول بكل السبل الفوز بكعكة السودان وزاد: العسكر يبدو أنهم وجدوا ضالتهم وصاروا “أماً لعروس” متنافس عليها.
وبحسب عابدين أن المكون العسكري سيكسب القوى في حال حسب الموقف صحيحاً ومن بعد يتفاوض بارتياح مع خصومه خاصة وأن هنالك قوى تقليدية ضخمة تسندهم تحت كل الظروف.
وأعتقد أن قرار الإدارة الأمريكية محض عصا تحتها جزرة تريد به أن تضغط على المكون العسكري لمبارحة السلطة.
صحيفة اليوم التالي
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..