جلد المسلمة… بعد اغتصابها.. حكومة الخرطوم لا تبدو منزعجة بدرجة كبيرة لاقتراب البلاد من الانقسام؛ إذ تجد في هذا الأمر ذريعة مقنعة لتطبيق الشريعة : ‘لا حديث عن تنوع عرقي أو ثقافي

جلد المسلمة… بعد اغتصابها.. حكومة الخرطوم لا تبدو منزعجة بدرجة كبيرة لاقتراب البلاد من الانقسام؛ إذ تجد في هذا الأمر ذريعة مقنعة لتطبيق الشريعة : ‘لا حديث عن تنوع عرقي أو ثقافي.

في يونيو من عام 2005، قالت سيدة مسلمة من إقليم البنجاب في باكستان لصحيفة ‘كريستيان ساينس مونيتور’ ما نصه: ‘أمامي ثلاثة خيارات: الانتحار بالقفز في بئر، أو البكاء طوال حياتي، أو تحدي النظام القبلي الإقطاعي القاسي والتوجهات العنيفة في المجتمع الذي أعيش فيه’.

المرأة كانت ‘مختار ماي’، التي نشرت كبريات وسائل الإعلام الغربية قصتها وتداعياتها المريعة بإطناب وتركيز شديدين؛ فالقصة بالفعل كانت غاية في الإثارة؛ إذ تتحدث عن إصدار محكمة عرفية قبلية حكماً بإتاحة ماي للاغتصاب من نحو 14 فرداً من إحدى القبائل، أمام أكثر من 150 رجلاً من رجال المنطقة، ثم الانصراف عارية إلى منزلها، بدعوى أن شقيقاً لها أقام علاقة مع فتاة من قبيلة أرقى في عرف المنطقة وشيوخها.

وقع الاغتصاب الجماعي بحق ماي في فبراير من عام 2002، لكنها انتظرت نحو ثلاث سنوات قبل أن يشرع القضاء الباكستاني في محاكمة مغتصبيها وعرابيهم، وبعدما وجدت منفذاً لبعض الحكومات ومنظمات المجتمع والميديا الغربية. لقد تحولت ماي أيقونة ورمزاً معمداً بالقهر لبعض الأوضاع التي تحكم عدداً من بلداننا الإسلامية، والتي هي، من دون أي شك، لا تمت بأي صلة للإسلام، الذي أتى ليحمي المرأة ويحفظ لها حقوقها ويضمن لها العيش بكرامة.

تبقى تلك القصة لتدمي القلب وتحرك الأوجاع على أوضاع المرأة في بلادنا، ولتنضم إلى قصص أخرى متلاحقة؛ بعضها يتعلق بالوصاية على المرأة، وانتهاك حقوقها، وحرمانها غير المبرر من الزواج، أو التمييز ضدها بمنع توليها الوظائف والتمتع بالحقوق المدنية المشروعة.

لم يشأ العام 2010 أن يمر قبل أن يدمي قلوبنا مجدداً على فتاة مسلمة تخضع لانتهاك لم يجد تبريراً واضحاً، فثمة الملايين من مستخدمي الإنترنت ومشاهدي التلفزيون حول العالم تمكنوا من مشاهدة مقطع مصور لفتاة سودانية تتعرض للجلد بيد أحد رجال الشرطة، فيما تصرخ يأساً وتوجعاً وتوسلاً طالبة الرحمة بلا مجيب.

لا يبدو أن أقسى ما تعرضت له ‘فتاة اليوتيوب’ السودانية في ذلك اليوم المشمس من أيام الخرطوم كان وقع لسعات الكرباج؛ إذ كان مارة ورجال شرطة آخرون ينكلون بها تنكيلاً أقسى وأبشع عبر التشفي والضحك وإبداء الارتياح.

لم يحصل أحد على تبرير واضح لجلد الفتاة السودانية، باستثناء ظهور أحد مسؤولي الأمن في الخرطوم متسائلاً: ‘من الذي صور واقعة الجلد، ولماذا صور، وكيف تم تسريب الشريط؟’.

يقول البعض إن جلد النساء في السودان يتم تحت ‘قانون النظام العام’ سيئ السمعة، وهو قانون يتيح توقيع تلك العقوبة على ‘من يأتي فعلاً فاضحاً أو يرتدي زياً فاضحاً في الأماكن العامة’. لكن الصحفية السودانية لبنى الحسين كانت على وشك أن تجلد أيضاً وفقا للمادة 152 من القانون الجنائي، بسبب ارتدائها ‘بنطالاً’، لكنها نجت بعدما نجحت في تسليط الأضواء على قضيتها.

لا تزال المرأة في بلادنا تتعرض لأبشع الانتهاكات على مختلف المستويات، وتبذل قوى محافظة نافذة ومتغلغلة جهوداً كبيرة لإقصائها وحرمانها من المشاركة العامة مهما كانت إيجابية ومسؤولة ومتسقة مع المقاصد الشرعية للدين الإسلامي الحنيف.

قبل يومين تظاهرت شابات مصريات في وسط العاصمة القاهرة احتجاجاً على تفاقم ظاهرة التحرش الجنسي بالنساء في الشوارع والأماكن العامة، وعدم اتخاذ إجراءات مقنعة لإيقاف هذه الممارسة البشعة، وقد كانت التظاهرة تقام أمام مدخل دار سينما تعرض فيلماً يناقش ظاهرة التحرش انطلاقاً من وقائع حقيقية وصلت إلى الشرطة والقضاء.

وفي شتاء هذا العام، رفضت الجمعية العمومية الطارئة فى «مجلس الدولة»، وهو إحدى الهيئات القضائية الرفيعة في البلاد، تعيين المرأة قاضية فى المجلس، إثر قرار حظى بأغلبية ساحقة، وهو القرار الذي برره بعض أصحابه ومؤيديه بالقول إن «ظروف عمل القاضى لا تناسب المرأة وتتعارض مع مسؤولياتها تجاه أولادها وزوجها».

وفي السعودية ثمة مواجهة عنيفة بين قوى رجعية متزمتة وبعض الخلايا الحية التي تجاهد لتعزيز مكانة المرأة ودمجها فى الحياة العامة، بوصفها «نوعاً اجتماعياً» ومواطناً كامل المواطنة يمكنه البرهنة على الكفاءة والمقدرة، وليست مجرد «موضوع للإغراء» أو كائن عاجز ضعيف.

ومازالت الفتاوى المتشددة تصدر محرضة على «قتل كل من يسمح بالاختلاط بين الرجال والنساء فى ميادين العمل والتعليم بالبلاد». وقبل أيام قليلة شن بعض المحافظين هجمة على مؤسسة تعليمية سمحت للفتيات بممارسة بعض أنواع الرياضة، بدعوى أن ‘ممارسة المرأة للرياضة أمر مخالف للشرع’.

الكويت أيضاً تشهد ممارسات مشابهة؛ يحاول البعض من خلالها التضييق على التطور الحاصل في مشاركة المرأة السياسية، ومحاصرة الوجود النسوي في التعليم وميادين العمل. وكما يحدث في السعودية، فإن قوى محافظة أيضاً ضغطت على الحكومة لحملها على «إيقاف النشاط النسائي في كرة القدم»، بذريعة أن المرأة التي تلعب الكرة وترتدي الملابس الرياضية الملائمة لهذه اللعبة ترتكب عملاً «يتعارض مع أحكام الشريعة».

ليت الأمر اقتصر على بعض المجتمعات العربية المعروفة بطبيعتها المحافظة، أو تلك التي تمتلك ترف مقاربة مثل تلك القضايا، لكنه امتد، للأسف الشديد، لمعظم مجتمعاتنا، بما فيها أكثرها حاجة لحشد الطاقة والجهد والتركيز لتحقيق أهداف وطنية عليا ملحة.

في التاسع من يناير المقبل سيشهد جنوب السودان استفتاء على تقرير المصير، وهو الاستفتاء الذي يعرف الجميع أنه سيؤدي للأسف الشديد إلى انقسام هذا البلد إلى دولتين، وهو أمر لا يبدو أنه يقلق حكومة الخرطوم كثيراً.

كانت الأنباء عن الاستفتاء المنتظر تنضم إلى تلك المتعلقة بالاضطرابات في دارفور، وقرارات المحكمة الجنائية الدولية، وتفاقم الجوع، وتشرد السكان، واضطهاد المعارضين، وتبديد الثروة الوطنية عبر الهدر والفساد، لتشكل صورة قاتمة للسودان، لكن نبأ الجلد وصورة الفتاة السودانية تصرخ متوسلة الرحمة أعطت للصورة بعداً آخر.

لا تبدو حكومة الخرطوم منزعجة بدرجة كبيرة لاقتراب البلاد من الانقسام؛ إذ تجد في هذا الأمر ذريعة مقنعة لتطبيق الشريعة: ‘لا حديث عن تنوع عرقي أو ثقافي… والإسلام سيكون المصدر الرئيس للتشريع’، كما تبدو أيضاً واثقة وفخورة بجلد ‘فتاة اليوتيوب’؛ إذ تطلب من النقاد أن: ‘يغتسلوا ويصلوا ركعتين ويعودوا للإسلام، لأن الشريعة تأمر بالجلد والقتل والقطع من خلاف، ولن نجامل في حدود الله’.

من اغتصاب ‘مختار ماي’ إلى جلد ‘فتاة اليوتيوب’ تبدو المرأة المسلمة قد وقفت وحدها تدفع أثمان عجز الرجال وضيق أفقهم، ويُضحى بها للتغطية على خيباتهم، وتستخدم وسيلة للابتزاز وتبييض الوجه وتحقيق الانتصارات الكرتونية.

ياسر عبد العزيز/* كاتب مصري
[email protected]

الجريدة

تعليق واحد

  1. لتعرف حضارة امة اعرف طريقة معاملتها للنساء.كلما اذداد الانحطاط تضهد النساء هذا هو المعروف ,,

  2. ماهو عندكم يا ( بيه ) نساء ماشاء الله مشرفات النساء في المنطقة عامة وهن يمارسن اعمالهن بكل حرية من امثال فيفي عبده وايناس الدغيدي ودينا وروبي ، ياعم ما تختشي على حالك دا حتى رئيس الوزراء الايطالي عندما الشرطة أمسكت بفتاة مغربية في قضية سرقة هاتف الشرطة وذكر لهم بانها احدى قريبات الرئيس مبارك ، هل سألت نفسك في يوم ما لماذا اختار الرئيس مبارك من دون الرؤساء العرب وبعدين منو القال ليك بان تطبيق الشريعة الاسلامية يجحف حقوق المرأة ويسلبها حريتها ، بل الدين الاسلامي اكثر ديانة كفلت للمرأة وحفظت لها حقوقها واننا برسلونا صلى الله عليه وسلم لمقتدون وهو الذي كان يستوصي بالنساء خيراً وهو الذي ذكر بانه " لايكرمهن الا كريم ولا يهينهن الا لئيم " ولكن لا يجامل في تطبيق شرع الله ويكفي بانه ضرب مثلاً لحبه ( بكسر جميع الاحرف ) اسامة بن زيد عندما اتاه شفيعاً في المرأة المخزومية واقسم له " والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها " وبعدين خليك في حالك لان السودانيين لم يتعودوا على الذل والمهانة والنظرة الدونية ولو كان يرتضون ذلك لكان رضوا بان تكون السودان ومصر دولة واحدة عندما نال السودان استقلاله وعندما عرض عليه المصريين ذلك والآن اخوانا في الجنوب روأ بأنهم ( من نفسهم ) مواطنيين درجة ثالثة في السودان وارتضوا بان لا يعيشوا هذه العيشة وهذا من حقهم وربنا يوفقهم ويعينهم في دولتهم الجديدة .

  3. التيحة للاخ الكاتب وليس لدي شك في أن هؤلاء الكيزان يريدون أن يستنسخوا لنا النظام الطلباني المطبق فيما يسمى بالمملكة السعودية ولا ادري ان كانوا ذهبوا الي هنالك أم لم يذهبوا حيث لا وجود للمرأة الا داخل البيت وبالتحديد علي السرير فهي ممنوع عليها حتي مجرد ذكر اسمها وطبعا عدم قيادتها للسيارة مما اشتهرت به تلك البلاد وهؤلاء ان طال بهم الحكم فسيوصلونا لا شك الي ذلك العالم المظلم المسمى بالسعودية .

  4. يا خالد إدريس
    شنو قايم سدارى كده فى الراجل ؟ الراجل قال كلام متوازى وكلام كله حقائق ,, كان للفنانات العندهم انتوا عندكم ( أظرط ) منهم وكفاية الشريف مبسوط منهن ,, وبدون نفاق عليك الله جلد البنت الحصل ده وبالطريقة دى جبتوهو من ياتو شريعة ؟;) :crazy: :crazy: ;)

  5. لن نقبل بشريعة يعدم فيها شخص بتهمة المتاجرة بالعملة ..وتصير التجارة بالعملة علي عينك ياتاجر
    لن نقبل بشريعة يجلد فيها بعض المخطئين وينجو منها المقربون
    لن نقبل بشريعة يصنف فيها الناس بين نبلاء ووضعاء
    لن نقبل بشريعة يصعد البعض على كتوف البعض

    لن نرفض الشريعة اللتي تحكم بمبدا لاضرر ولاضرار

  6. what kind of mentality these people and how they think , see how the west think and how our people and rulers and shaikh teaches and order us to let us live in dark ages

  7. بالواضح كده لو قالو مبرر غير البنطلون طيب الطرف الثانى وينو عشان يقيمو الحد فيها و لا برضو شريعه من طرف واحد مشتبهه به

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..