حال الكيزان مع شيخهم !!

كانوا يرون في شيخهم ممن أوفى العبادة حقها والآن يريدونه أن يدفن كُتبه إلى غير رجعة ..
كانوا يرونه كـ نور في القلم أو أنيسِ في وحدة لا وأكثر من ذلك كانوا يرونه كما الوزير عند حدوث النوازل …
فأصبح القوم يمرقون من عباءة شيخهم كما يمرق السهم من الرمية فلا يعود أبداً ..
فارتفع الهرج ودلفوا إلى أرضِ سهلها جبل وماؤها وشل وثمرها دقل القليل فيها ضائع وكثيرها غير نافع ..
وبعد أن كانت صلاتهم مظنة الجميع أنها زهادة في الدنيا وشوق إلى دولة الخلافة إنقلب الأمر إدباراً وإعراضاً عن الصوم في جماعات والصلاة تحت الرايات فتباينوا وتراوضوا فيما بينهم فأصبحوا كما ذي الثدية ( الخوارج ) في نظره ولم يجدوا له إلا القليل ممن يحاجف عنه ..
وقد أكثر القوم مُداجات شيخهم ومنازعته بعد أن ولغوا في خُضرته الحرام ومياهه الآسنة وكانوا إذ ذاك يمشون مع العادة في كل شئ في الحسد والغيبة والشتيمة والإقصاء كانو في قمة البله وهم يُطيعون تلك الأشواق الزائفة إلى الحور والجِنان . لا يلتفت لهن نضي ولا يرف لهم جفن يحملون سفطانهم ليل نهار يملؤنها من الفئ الحرام وقد أسعرت قلوبهم هياماً في الربا والُسحت وأحدقوا بالباطل أو أحدق بهم يلبسون قمصاناً كرابيس كالبرد المحبر وتركوا بيوتاً خصاص من قصب وسكنوا العمارات الشواهق والقصور المنيفة فانكشف كل ذلك في ضُحى وقد أعرست الشمس في كبد السماء وحينها إختمرتهم المنية وغنموا أكثر مما غنم المسلمون من المدائن .. ولم يتركوا ثلمة ليدخل منها من أراد الدفاع والصد دونهم بل دخلوا إلى الحرام ودروبه مشاة ورُكباناًَ .. ولم يخافوا يوماً قادم ريحه شديدة الهبوب .. غائظ حره .. تتذامر القوم وتُهلمج يمنة ويسرة ..
وحين يُغطش الليل وتظهر النجوم مُسفرةً وتُسجر النيران وتهلمج البغال وتُعطل النوق الحوامل يومها تُزلف لهم الشمس بنارها وحرها ويتسق القمر ويكتمل نوره .. حينها يُنادي في كل ذي مالاً لُبدا .. من أين لك هذا يا هذا ؟؟
كل ذلك لم يكن فكراً ناسلاً ولا أناجيل مرسومة على لوح الزمان .. إنما طمع النفس وعدم وجود وازع ديني يكبت الرغبات ويُلجم الشهوات .. فانطلق القوم لا يلوون على شئ ولا يبالون ما بين ربا وحلال .. ما بين زواج ومُتعة .. نسوا التاريخ والأزمنة والمُدن والأناسي والدواب .. وأن كل أولئك عند ربك مسئولاً ..
فضُرب عليهم في دوامةِ من التيه فتهافتوا على نقض ما فقهوه وجعلوه ( أنكاثاً ) ..كل ذلك وكأن الجميع في نومة طويلة وبعد نيف وعشرون عاماً يأتينا من يطلب المحاسبة والمسائلة !! وحين أصبح القوم مُبلسون من كبت شيطان الإغواء على الحرام .. ماذا بقي أصلاً للمحاسبة ؟؟ لم يتركوا شيئاً إلا أخذوه ولم يتركوا ذمةً إلا ورطوها .. من أين أتى هؤلاء ؟؟
ألم يتذكروا الموت .. أو المرض .. أو يوم يرجع الإنسان إلى حافرته !!
لقد تركوا الوطن (هملاً )
وتركوا الضمائر ( خربة)
وتركوا الأخضر يابساً
وتركوا الإنثى ( ذئباً )
وتركوا الذكر ( حملاً )
وتركونا في بلاد الله شذر مذر

أبو أروى – الرياض

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..