
قابلني قبل يومين أحد الشباب من أهلنا في الشرق الحبيب، الشاب صاحب الشعر المنفوش كان ينقصه الخلال والسديري لتكتمل في ذهني صورة بورتسودان .
ولكن الشاب كان بعيداً عن ألفة الشرق مسكوناً بالتضاريس الخرطومية اللعينة، التي أضفت على ملامحه شيئاً من الصرامة والقسوة، جعلته قلقاً مهجساً في رحلة البحث عن (السلاح) .
الحماس وعنفوان الشاب اللذان بديا عليه، لم يخفيا نبرة من الحزن تتخلل حديثه عن فايروس العنف الجديد كلياً والذي انتقل الى الشرق النابض بالهدوء والمسكون بالمحبة والتسامح .
الشاب كان يتحدث بمرارة عن مآلات العنف في مجتمع جُبل على التعاضد ودعم الآخر و وحدة النقاش والفكر والقضية والقهوة .
أصدقكم القول، لقد انقبض قلبي وأنا أستمع لحديثه عن عزمه شراء الكثير من السلاح لتسليح قبيلته في وجه الاعتداءات من القبائل الأخرى، وهي لعمري بداية لحرب لن تبقي ولن تذر .
إن خروج رصاصة واحدة من مخدعها او سيف من غمده، كافٍ لإشعال فتنة لن تنطفئ إلا ويزيد أوراها، خاصة اذا استصحبنا معنا مؤججي الصراعات والفتن وأصحاب الأجندة السوداء والنفوس اللزجة .
أهلنا في الشرق….والله إن العنف لا يليق بكم، والدماء لا تشبهكم، والتقتيل والتشريد لا يألفكم، وأصوات الرصاص لا تناسبكم، والحقد والغل والنفس الأمارة بالسوء أبعد ما تكون عن مضاربكم .
أنتم رئة السودان التي نتنفس عبرها للعالم، وأنتم بوابتنا المترعة بالخير والحب والجمال .
وأنتم كلمة السر في وحدة الوطن وعمق جذوره وحضارته، وأنتم جبين السودان الوضيء جمالاً وفناً وأبداعاً .
أنتم من علمتونا كيف نحتسي القهوة بطعم القرنفل والجنزبيل والهبهان معاً، و وهبتمونا صك غفران عند الوقوف ببوابة سواكن، وغسل خواطرنا من الأحمر النعسان. وجعلتم للشواء رسالة، وللأسماك عنواناً وللشُّعب المرجانية هوية .
إياكم أن يخدعكم حاملو الحقائب السوداء أصحاب الإطلالة الأنيقة والنفوس الخربة، إنهم تجار الحرب وملوك موائد المفاوضات، هم أنفسهم الذين سيجلسون بعد قليل في الفنادق البريطانية ويتسكعون في شارع الشانزلزيه وهم يحتسون الفودكا، هم أنفسهم الذين ستطول وتمتد متعتهم وتنتفخ جيوبهم وتمتلئ أرصدتهم كلما أزهقت المزيد من الأرواح .
دعوة نطلقها للفنانين والمسرحيين والشعراء ولجان المقاومة وكافة المبدعين في أرجاء الوطن، أطلقوا مبادرة (دعوة لحب الشرق) عوضاً عن دعوات التسليح هناك.. وغادروا الى الشرق لأقامة أسبوع للحب ونبذ الحرب والتقتيل ..
خارج السور:
أهلنا في الشرق يستحقون المبادرة ويستحقون الحب.
سهير عبدالرحيم
[email protected]
نقلاً عن الانتباهة
حد يكره ناس الشرق وخاصة التفة الكبيرة المنفوشة بالخلال بنكره المشاط بس والدوشكا!