أخبار السودان

ستون قصرتِ الخُطى ..!

الحرية كقيمة وحق هي التي يلتقي عندها توق الانسان وبقية المخلوقات الأخرى ، فمثلما يتمنى أن يتنفس هواها السجين ولو حبسه كان داخل قصر منيف ،يهفو لها بالمثل العصفور قلقا يتقافز للانعتاق من قفصه وان كان مرصعا بالدر والألماس !
بيد أنها في المفهوم الانساني لا سيما المعاصر منه أصبحت مرتبطة بحق اختيار الفرد لنمط حياته الاجتماعية والسياسية والدينية وهو ما يتلخص في الديمقراطية التي باتت مرادفة للحرية ، ولكي لا تتفلت المجتمعات دون حدود في فضاءات الحرية والديمقراطية أو يستغلها ألو الأمر بالمقابل من موقع قوتهم بالسلطان ضد الآخرين من المحكومين فقد أحتكم الجميع لسلطة تعلوهم بكلياتهم وهي القانون الذي ينظم علاقة الكل ببعضهم وهم يتشاركون الوطن سياسيا واجتماعيا ، كل يسبح في فضاء حريته التي تنتهي عند ملامسة حرية الآخر تجنبا للصدام !
اذن الأمر هنا يتصل ضمنا بوجوب توفر العقلية الموائمة للحرية وعيا وممارسة بقناعة وفهم و التي تدير كل المنظومة المتداخلة في مساحة الوطن الواحد ، وهذه تقع في اطار مسئؤلية الجميع دون استثناء!
هذا من حيث عمومية المبدأ في أهمية مكونات مجتمع اية دولة بالمفهوم الحضاري لها كوطن
حينما دب النبض في أوساط الحركة الوطنية السودانية سعيا لتحقيق الاستقلال ، كان الشعار الأبرز هو..
( أرفع رأسك حرر نفسك )
فلا جدال بالطبع حول مشروعية مطالبة صاحب
الأرض للدخيل أن ينجلي عن دياره ، وقد دخلها غازيا طامعا ويبتدع ضد أهلها اقسى أساليب الاستعباد اللا انساني بغرض كسر نفوسهم واخضاعهم لوصايته باعتبارهم قصرا في الفهم والادراك ولا يقوون على حكم ذاتهم أو ادارة ثرواتهم !
لذا فانه يجرد قاموسهم من مفردتي الحرية والديمقراطية ، والتي يؤمن بها كحق حصري على من يراهم فقط في مستوى عقليته فحسب من بني بشرته !
ذلك كان المستعمر وقد أنجلى بكل شروره وان ترك لنا شيئا فهو من خير البلاد وليس منة أو هدية منه !
الان الانقاذ تعود بنا الى مرحلة ماقبل الاستعمار ولكن في نسخة نربأ ان نطلق عليها وطنية و نسمو فوق تسميتها بالاسلامية ، فرفعت شعار..
( أخفض رأسك تكسب نفسك )
والحرية في نظرها هي بمقدار ما يحتمل المواطن من كبت وهو تحت أحذية أهل النظام دون أن يقول أخ يا رأسي !
والديمقراطية في فهمها أن يختار الناس ما بين طي مرحلة أكثرمن ربع قرن من فشل حكمها وبين الاستمرار في فتح صفحة جديدة لتسجيل المزيد من التجريب المحكوم عليه بالفشل دون ريب !
فكل المؤشرات تؤكد أن احكام قبضة أمنها ستعود بنا مجددا لتضغط أكثر على رقبة الحريا ت الهزيلة أصلا وتتحطم تحتها رقائق الترياق الديمقراطي الخادع التي نثرته في أفواه المرحلة الماضية بعد أن ضاقت ذرعا بململة الناس تحت جمر انفرادها ، فقصدت الهائهم في حيز حددته وربطتهم فيه بقيد مزاجها الذاتي ، تطلق حبل الحركة في محيطه بمقدار تحملها لتلك الحرية وتطويه متى ما التف حول عنقها.. وتخمد بسمة التعبير في أفواه الأقلام أو حتى الأغنية ..متى ما تسربت أضواء الديمقراطية والحرية الى مكامن العقلية المظلمة في دهاليز أدمغة أهل حكمها المنغلقة على ذاتها ، دون تفكير في حق الآخر!
و ها نحن نعبر من بوابة التاسع عشر من ديسمبر يوم إعلان الإستقلال من داخل قبة البرلمان ونستشرف الذكرى الثانية والستون ليوم الجلاء في فاتح يناير المقبل الذي نهضنا فيه على مبدأ و..شعار..
( أرفع رأسك حرر نفسك )
أوليس من المؤسف أن نظل خافضين ذلك الرأس ، دون أن نرفعه لنرى ما يدور حولنا ، دعك عن تحرير ذاتنا التي ملكها الكيزان الذين يطلقون على أنفسهم زيفا..
وهم من بني جلدتنا كسودانيين) الأخوان المسلمون )
وهم لازالوا يصرون على تطبيق قوانين الإذلال بحق المرأة من منظور ظلامية العيون التي ترى مقاييس الزي الفاضح وفقا لمعايير المزاج المتنطع .. استغلالا لسلطة غضت الطرف عن جبال الفساد المخالف لمبادي الدين في كل شي وتفرغت لمعايرة الذي يمكن تجنبه بزيادة الوعي الديني النصوح وتأثير القدوة الحسنةالتي لا تنهى عن فعل وتأتي بما هوأقبح منه وأكثر ضرراً !
وكنا قبلاً نزعم أننا تحررنا ممن كنا نسميهم..
( ( الأعداء الكفار
الذين كثيرا ما كانوا يحسبون حساباً للإنسان السوداني وينأون بانفسهم عن استفزازه ولو بكلمة جارحة..لعلمهم أنه قد يخوض النار ثأرا لكرامته أو دفاعا عن عرضه وشرفه .. وليس أدل على ذلك من أنهم قد جعلوا السودان دون غيره من مستعمرات افريقيا تابعا لوزراة الخارجية البريطانية وخارج منظومة..مايسمى ..
( بالكمونولث )
وها نحن اليوم نجد أنفسنا بعد كل تلك السنوات وقد قصُرت خُطانا عن بلوغ عُشر المساحة من أفق أحلامنا التي إنداحت في يقظة نضالنا ..بأن نصبح في مقدمة البلاد الأفريقية فأصبحنا نسير دون الكثيرمن دولها التي تحررت من بعدنا فحققت في سنوات قليلة ما عجزنا عنه .. بل ولم نستطع الحفاظ على ما تركه لنا المستعمرمن بنىً ومشاريع ..وباتت كلمة تلك الأقطار هي العليا في المحافل على مختلف مستوياتها.. !
وكم سعينا لنكون قادة في ركب البلاد العربية و قطعنا شوطاً في ذلك الدرب..ولكننا .. تراجعنا في نكوص مخجل جعلنا منقادين ..لبعضٍ منهاً ومنكسرين أمام احتلال بعضها لجزء من ترابنا الذي ذهب بعضه في غمرة تفريطنا في الحفاظ عليه موحداً تحت راية من تركوه أمانة في عنق حاضرنا ومنظورمستقبلنا !

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. سبعون قصرن الخطى وليس (ستون)
    أما إذا كان عنوان المقال من عند الكاتب تمشيا مع النص الشعرى المعروف فعليه أن يضع ذلك بين القوسين للتمييز ..والله أعلم..

  2. حاشية / بسبب ضيق الوقت وعدم إجادة فن الطباعة على الحاسوب وقع منى خطأ غير مقصود في تعليقى على مقال الأستاذ برقاوى ولهذا وجب التنويه والإعتذار /
    تقول قصيدة الشاعر محمد سعيد العباسى والتي جعلها الفنان الطيب عبدالله مدخلا لإغنيته المشهورة (يا فتاتى) التي من شعر الطيب سعيد العباسى .. تقول /
    فارقتها والشعر في لون الدجى واليوم عدت
    به صباحا مسفرا
    سبعون قصرت الخطا فتركننى أمشى
    الهوينا ظالعا متعثرا
    من بعد أن كنت الذى يطأ الثرى زهوا
    ويستهوى الحسان تبخترا..
    وأترك للقارىء الحصيف تصحيح الخطأ… مع الشكر والتقدير ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..