خمسة سنين غسيل .. وخمسة سنين مكوة

بسم الله الرحمن الرحيم

من أكثر غرائب ذوي الألقاب العلمية ..والمقامات الدعوية التابعين للنظام ..من أتى بالانقلاب ومعه ..أو من ركب في قطار النظام في أي مرحلة من مراحله..هو ذلك التعامي أو قل العجز البين عن استكناه طبيعة النظم الشمولية..من حيث إفضائها إلى تكريس حكم الفرد الأوحد ..فالترابي مثلاً إذ ظن في رمزيته وقيادته لحركته وقيم الدين ضامناً لقدرته على الإمساك بمقود السلطة بتحريك الرئيس بأزرار في يديه..أو غازي صلاح الدين قبيل مغاضبته المتأخرة للنظام..أو أمين حسن عمر في مسعاه لعدم التجديد للرئيس..أو حتى وسبحان الله ..ربيع عبد العاطي باعترافه أن النظام قد عجز عن تجهيز بديل للرئيس..بالتأكيد صدقوا كذبتهم التي أطلقوها من أن تسلم الاسلامويين للسلطة ..سيفتح أبواب البركات ..ليغير السودان..وما فتئوا كلما تجاوز النظام محنة ..يرجعونها للبركة كما قال نافع عن خريف العام بركة للحكومة وخبالاً على المعارضة..أما عدم اختلاف البشير عن بورقيبة المقعد والعاجز عن رفع فنجان قهوة ..وكليهما عن فرانكو الذي وصل إلى درجة أن يسهل في ملابسه أثناء اجتماع..فهو شأن لا حاجة لهم بالتفكير فيه . وبالنتيجة صار الحزب الذي نشأ في دور العلم ودور العبادة..وبكل كوادره.. لا يختلف عن الطائفة التي ردت على مرشح يدعو لحرب الطائفية ( والله السيد لو رشح لينا جوز موية بنفوزو).
لذلك ليس غريباً أن يظل رئيس الطائفة نفسها حليفاً دائما للنظام رغم رفض متعلميه..بل حتي خليفته خريج أرقى التخصصات.. لم يختلف في شئ..وهكذا علينا في حال استمرار الوضع على حاله والتجديد للرئيس بالانتخاب..ان نتحمل الكي خمس سنوات أخرى إن مد الله في آجالنا..
ويبدو أن الشاعر الحلمنتيشي الذي خاطب محبوبته يوماً بقوله..يا الغسلتنا ولاويتنا..ما اتكرفسنا ليه ما كويتنا..قد حرض النظام علينا من حيث لا يحتسب..فوقع فينا غسيلاً وملاواة وكياً..
ولأن الشئ من معدنه ليس بمستغرب ..ها هي قيادة اتحاد العمال بمن فيها من مؤهلين أكاديمياً..تحاول تزيين رشوة النظام للعاملين..لتقابل الرئيس ..لتؤيد ترشيحه ليتكرم عليهم بالتوجيه بمد سني الخدمة خمسة سنوات أخري..وياله من لؤم باسم الكرم..فاتحاد العمال الراضي بما يقرره لهم الرئيس..منزوع الأسنان والأظافر.. يصور سنوات العمل الإضافية ..تكريماً للعاملين..في حين أنه وقبل نحو عقد من الزمان ..تظاهر الفرنسيون الكفرة في وجه قرار مد سني الخدمة لعامين..لكن الفارق هنا أن من يحال للمعاش هناك..سيأخذ حقه بالكامل ..بما يكفيه حتى بالتجول سائحاً في البلدان..ولا يهم بحجم مال الاستبدال..أما حيث المشروع الحضاري ..فلا يغطي المعاش ايجار منزل..لا يتمكن العامل من بنائه طوال سني خدمته..وينتظر الاستبدال المطفف للكيل بين أقل العسكريين..وارفع حملة الدكتوراه..لذلك سيجد العاملين أنفسهم بين خيارين أحلاهما مر..التقاعد بكل ظلمه حتى في نيل الحقوق الضعيفة..التي تجعل العامل لعام كامل بلا راتب معاشي..وبدل ترحيل يقسم إلى أربعة أعوام..أو مواصلة العمل في الدولة ..دون البحث عن بديل أفضل وامتع..يكفله راتبه المعاشي الوافي والبديل زيادة خير ..أما كرسي القماش..فتلك حضارة سادت ثم بادت..وعلى العامل..البحث عن كيفية غسيل هموم وأحزان سنوات كهولته وشيخوخته..يترأسه بفعل التمكين بدسوره..من هم دونه.

معمر حسن محمد نور
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..