مدينة ودمدني السودانية تشهد أول عرض سينمائي بعد ربع قرن

صلاح الدين مصطفى

الخرطوم : شهدت مدينة ودمدني السودانية ،التي تبعد عن الخرطوم 186 كيلومترا،حدثا فريدا وهو تشغيل دار للسينما بعد أكثر من (20)عاما من توقف كل الدور، وذلك ضمن مهرجان محلي للسياحة والتسوق، وتم هذا الحدث بجهود شباب يعملون في مجال السينما على سبيل الهواية.
وبعد أقل من قرن بقليل من تاريخ بداية السينما في السودان توقفت دور السينما في كل مدن السودان، وذلك لأسباب عديدة (اقتصادية، فنية، سياسية)، وتم تحويل معظم هذه الدور إلى بنايات تجارية وأغراض أخرى.
ويقول المدوّن والناشط عبد السلام الحاج :»مدني كسبت الرهان، فمنذ المساء الباكر تجملت المدينة، الكل تأنق لتدوين بصمته في تلك الأمسية المميزة بطريقته الخاصة، توافد الحضور، أرادوا أن يكونوا صنّاع تاريخ جديد لفن مهمل، جاءوا لمصافحة أول أفلام سودانية تعرض من داخل سينما منذ أكثر من ثلاثة عقود، رأيت أم بصحبة بناتها، وكان هنالك والد يمسك بيد ابنه الصغير، ضجت طرقات «سينما الزمالك» بخطوات الشباب وهمسات الشابات،، فمتعة الفرجة داخل «السينما» لا يضاهيها بهاء».
وليد الحنّاوي ،أحد صنّاع هذه المناسبة ،يقول إنهم شباب حملوا هم السينما واشتركوا في العديد من الورش في هذا المجال وأنتجوا أفلاما سودانية بإمكانات بسيطة، ويضيف: «طلبت منّا وزيرة الثقافة في ولاية الجزيرة أن نشارك في مهرجان السياحة والتسوّق، وكان شرطنا الوحيد أن نعرض في دار للسينما وليس مجرد قاعة عرض فقبلوا وقبلنا التحدي).
ويضيف الحناوي أن دور السينما في مدينة مدني لم تفتح أبوابها قرابة الثلاثة عقود ،لذلك فقد كانت محتاجة لصيانة وتأهيل من جديد، ويقول: «طفنا على الدور ووجدنا سينما الزمالك هي الأقلّ تأثرا بالأضرار، ورصدنا ميزانية وقمنا جميعا بالعمل في طلاء الجدران وإصلاح المقاعد وتوصيل الكهرباء والقيام بالجوانب الفنية من إضاءة وصوت وغير ذلك وأصبحت السينما جاهزة للعرض في وقت قليل».
ويقول الحنّاوي إنهم عرضوا في اليوم الموعود (15) فيلما سودانيا يتراوح زمنها بين (5) دقائق و(40) دقيقة، وهي من إنتاج شباب السينما السودانية، ويضيف أن العروض شاهدها جمهور كبير، يتكون من فئات المجتمع المختلفة، الأمر الذي أكد أن الفُرجة على السينما لم تمت بسبب القنوات الفضائية المتخصصة في عرض الأفلام كما كان يدّعي الكثيرون.
ويقول وليد الحنّاوي إنّ هذا النجاح يدفعهم في اتجاه إعادة فتح كل دور السينما، إضافة لإنتاج أفلام سودانية لتعرض، مشيرا إلى دخولهم في خطط عملية وورش عمل في هذا المجال مع اتحاد عام السينمائيين السودانين.
ورغم الظهور المبكر للسينما السودانية لكنها لم تنتج سوى خمسة أفلام روائية فقط، كما يقول هشام محمد عباس وهي: «آمال وأحلام للرشيد مهدي، وتاجوج لجاد الله جبارة ويبقى الأمل لشركة عليوة ورحلة عيون لأنور هاشم وبركة الشيخ لمصطفى إبراهيم وكان يمكن لعرس الزين أن يكون الفيلم السادس لولا الإنتاج غير السوداني».
لكن يبدو أن الشباب يعملون على أن يكون مستقبل السينما مشرقا في السودان، فقد وثّق الناشط وصاحب مدونة (الزيت) عبد السلام الحاج، للإنتاج السينمائي في السودان في العام الماضي وقال: «شهد العام 2015 حراكا سينمائيا ضخما في السودان، وكان نتاج هذا الحراك إنتاج حوالي 47 فيلم، وتراوحت الأفلام مابين (روائي قصير، روائي طويل، وثائقي، تسجيلي)، وأضاف الحاج قائلا: «أقوم بالتوثيق إلتزاما مني كمدون متابع للحراك السينمائي في السودان في السنوات الأخيرة، إذ كنت جزءا من عدد من المبادرات السينمائية منها (مهرجان السودان للسينما المستقلة- مبادرة تدريب الاطفال لصناعة الفيلم- سينما الشباب- جائزة تهارقا الدولية للسينما والفنون).
ويقول وليد الحناوي إن جماعة (ايريس) في ودمدني ظلّت تشارك في الفعاليات والمسابقات الخاصة بالسينما على مستوى السودان، وسبق لهم أن فازوا بجائزة (فرسان سينما الشباب) ونال هو جائزة أفضل ممثل ويضيف أن ولاية الجزيرة التي شهدت أول عرض سينمائي بعد قرابة الثلاثين عام، مؤهلة تماما لإعادة فن السينما في السودان.
صلاح الدين مصطفى