أهم الأخبار والمقالات

آليات ومعدات متهالكة.. وعمالة سائبة.. وأساليب إدارية متخلفة في نظافة الخرطوم

د/ فراج الشيخ الفزاري

كل تلك المفردات الطويلة السالبة وغيرها من المتشابهات في كتابة هذا العنوان، لن تشفي غليلنا ولا تطفئ نار حرقتنا ، تعبيرًا لما وصل له الحال من سؤ في نظافة الخرطوم… ولم يعد السكوت ممكنا وعاصمة البلاد تغرق في مرادم القاذورات حتى تكاد تختفي معالمها الحيوية..

لقد حزّ في نفسي ، وأصابتني الحسرة وأنا أشاهد ومعي غيري عبر وسائط التواصل الاجتماعي المصورة ، عن سوق امدرمان العتيق، وقد تكدست فيه المخلفات المنزلية والتجارية بشكل عشوائي في كل مكان تقريبا بما في ذلك الطرق والممرات وبين الازقة.. وأكاد أجزم ، رغم الحاجز الافتراضي لبعد المكان، أن أشتم الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف وكذلك الأبخرة المتصاعدة الفاسدة تنبعث من كل مكان… وتختلط بالمياه الآسنة لتخلق بيئة فاسدة لتوالد الذباب والحشرات الناقلة للأمراض مع انعدام المعالجة.

الخرطوم …لا تستحق هذه الإهانة …ولا الإهمال والعمالة السائبة علي مستوي الادارة والعمل الميداني.
لقد كانت الخرطوم، في ستينات وسبيعنات القرن الماضي، من أجمل وأنظف مدن المنطقة العربية والافريقية ولم تكن أبدًا طاردة للحياة في اي وجه من وجوه خدمات المدن العريقة…

لقد كتبنا كثيرا ،حتي جفت أقلامنا ، عن فشل مشروع نظافة الخرطوم، وأشرنا الي اماكن الخلل واقترحنا البدائل ، المنقذة علي المدي القصير السريع، والطويلة المستقرة علي المدي البعيد.. ولكن من يقرأ؟ ومن يهتم لما نكتب، وكأننا غرباء علي هذا الوطن؟.فقد ظل القوم علي( تجاهلهم) وعلي إصرار بما ورثوه عن سابقيهم في إدارة عمليات النظافة وطريقتهم البالية ، وكأنما نظافة المدن والعواصم الكبيرة لا زالت متوقفة عند ( المكنسة والكناس)، ولم تعد ادارة عمليات النظافة العامة علما يدرس في الجامعات وتعقد له المنتديات والمؤتمرات العلمية فضلا عن ميئات البحوث واوراق العمل العلمية التي تغطي الجديد في هذا المجال وسوق العمل..

وبالطبع توجد بدائل لانقاذ الموقف الحالي كما فعل جعفر نميري في السبعينات من القرن الماضي عندما واجهت العاصمة والاقاليم المتاخمة لها موجة من الوبائيات البيئبة… وكان النقص في آليات ومعدات العمل احد تلك المعوقات… فاصدر قرارا جمهوريا منح بموجبه (إدارة النقل الميكانيكي) سلطة الاستيلاء علي الفائض من سيارات الدولة في الوزارات والإدارات المختلفة وتحويلها للعمل بمخصصاتها البترولية مع وزارة الصحة خلال فترة وجود المرض الوبائي… فحصلت وزارة الصحة في الخرطوم على اكثر من خمسمائة سيارة جاهزة للعمل … وقد ساعد ذلك كثيرا علي السيطرة على المرض بتوفر وسائل المراقبة والمتابعة وتوصيل الاجهزة والمعدات وا الادوية داخل وخارج ولاية الخرطوم.

ويستطيع مجلس السيادة او مجلس الوزراء( حسب السلطة المخولة له) أن يصدر قرارا مشابها بتحويل كل الفائض من سيارات الدولة والقوات المسلحة وكذلك سيارات الحركات المسلحة الموجدة الان بالعاصمة، للعمل بافرادها في نظافة العاصمة لمدة شهر واحد…وهي فترة كافية لتحقيق الهدف اذا حسن ادارة ورقابة تلك المركبات بما فيها الاليات الثقيلة كالبلدوزرات والشيولات والرافعات الموجودة في مستودعات الجيش بدون عمل.

أما المعالجة المستدامة، فهي استقدام شركة عالمية متخصصة في ادارة عمليات النظافة العامة من خلال طرح منافصة عالمية مفتوحة تتيح المنافسة الشريفة بين الشركات ذوات الخبرة والامكانيات الفنية والتغنيه والتجارب والعمل في المناطق المشابهة للبيئة السودانية… ويستطيع السودان من خلال قرض مالي لا يزيد عن المائة وعشرين مليون دولار امريكي ان يحصل علي تمويل يكفية باستمرار الخدمة لمدة ثلاثة سنوات علي أقل تقدير ييستطيع السودان خلاله اكتساب الخبرة والمعرفة لاستلام زمام الامور وادارة شئون نظافة العاصمة بكفاءة واقتدار.

 

‫20 تعليقات

  1. (أما المعالجة المستدامة، فهي استقدام شركة عالمية متخصصة في ادارة عمليات النظافة العامة)…. أؤيد هذا الاقتراح لأنه هو المجدى و يمكنه ان يصنع الفرق و الله يا دكتور فزارى و ساخة مدن السودان عامة و العاصمة خاصة فضحتنا على مستوى العالم…..متعك الله بالصحة و العافية.

  2. جزاك الله خيرًا دكتور الفزاري، كما قلت لقد شكي الكثيرون وقدم مثلهم المقترحات ولكن لا حياة لمن تنادي…نحن لا نعرف ما هي أولويات ولاية الخرطوم او لا يستحي والي الخرطوم من هذه المناظر المقذذة ليل نهار وآثارها علي البيئة وصحة المواطن؟ الله غالب. اتمني ان نستفيد من تجربة رواندا في النهوض ببلدهم بعد الحرب كذلك يمكن ان يتم الدعوة لمؤتمر او ملتقي لاهل السودان من الخبرات العاملة في الخارج او في الداخل ورجال الاعمال للاستفادة من تجاربهم ومقترحاتهم للنهوض بهذا البلد. هذا البلد مليان بالخيرات وكلنا نحمل كل الحب لهذا البلد ويجب ان عمل سويًا للنهوض به بدل مضيعة الوقت والجهود في الاقتتال والانتقام.

  3. النظافة ثقافة وفهم.
    هل يعقل لناس تسكن بيوت الروث ان تفهم وتحافظ على نظافة ما حولها!!!
    عندما لا تعمل حاستي الشم والنظر بالإضافة للعقل والمنطق، يجب ان يتدخل القانون…
    عندما تزحف القرى داخل المدينة، يصير الحال كما هو الآن…!!!

  4. هذا الانحاط في البنية التحتية والتصريف والنظافة هي من مخلفات النظام البائد الذي تكابل علي السلطة والشعب بالقوة بحجة ادخالهم للاسلام أهم من النظافة والتطور لن الدنيا فانية ولا تستحق هذا العناء

  5. اذا كان في بعض المسؤولين جلاليبهم وعممهم شربانة يا كافي البله ظهره ما في٠ النظافة من الايمان والنظافة طبع وتربية وبكل اسف فقدنا مادة التربية الوطنية وحقيقة الخرطوم وسخانة ومعفنة وذباب اشكال من ضمنهم الاخضر اصحوا يا مسؤولين

  6. لابد من اشراك القطاع الخاص فى هذه المهمه كما هو الحال بالمملكه ودول الخليج …وعلى الدوله الالتزام بدفع حق الشركات الموكله بالنظافه فى وقتها لا نجاح هكذا خدمه . وما هى هذه الرواندا التى يتباهى بها الكل؟بلد افنت شعب كامل بتطهير عرقى ولم يحاسب المسؤولين فيها بمحكمة الجنايات .فى الثمانتيات من القرن الماضى..كان المصريين يوكلون مقاولين صغار يستعملوا كاروهات صغيره يجرما حمار …تأخذ القمامه يوميا من كل بيت بواقع القرش صاغ يومى …وفى ذات الوقت كان المقاول يدور تلكم القمامه ويببيعها بالطن .الان ونحن فى العام ال21 من القرن العشرين ما عارفين حتى نعمل شىء مثل هذا !!!!لماذا شركات عالميه والشباب كل عاطل عن العمل .؟

    1. فى الحقيقه انا بري ان الآليات والقرارات التى تنقل فئتها القمامه طريقه النقل متخلفه فى عليه التخلف من المفترض أن تكون فى حاويات كبيره وبها عجلات وعربات النقل والجرارات بها تدوير القمامه فما على العمال إلا بس يعملو على ربط الحاويه وتحطيها إلى عربه الحراره وبالتالى تقوم الغربه بتطوير القمامه بالداخل كما فى فى المملكه العربيه انا ملاحظ انو لسه مازال العمال يرفعون القمامه بالايادي ويلقونها داخل صندوق الجرار ودا من الأسباب التى سببها العاصمه وسخانه لابد من وضح حاويات كبيره وجلب اليات١حديثه اليات تدوير وليس رفع بالأيدي

    2. ما الشركات العالمية ممكن تشغل هؤلاء الشباب كعمال وسواقين وفنيين وكدا
      المشكلة الكبري في السودان هي في الإدارة
      إذ لم تترك الإنقاذ زول بيعرف إدارة في إدارة إي مرفق في السودان
      الإنقاذ كانت بتسلم الإدارة لحرامية ليسرقوا ويدعموها من سرقتهم (التمكين)
      الشركات عنده خبرة وخبراء من إداريين ومهندسين وغيره
      والنظافة عمل صعب ومعقد لكن مقدور عليه
      نظافة الضباط الإداريين خبرناها فبالله احرمونا منها

  7. كل البنعرفو أن النظافة من الإيمان, علل, سوف نكتب ونكتب صحف ومجلات ومجلدات, أعمل, صفر صفر ومليار صفر, دا حال السودان ودول العالم الثالث.

  8. الناظر لشوارع الخرطوم يجدها تشبه مدن الأشباح وعصور الظلام ، فعلا لا قولا هي اقذر عاصمة في المجرة وفوق ذلك كله يتصارع حولها الرجال البلهاء ( السياسيين)!.

  9. أما المعالجة المستدامة، فهي استقدام شركة عالمية متخصصة؟؟؟
    منتهى العجز والكسل والبلادة، عاوز العالم ينظف ليك شوارعك كمعالجة مستدامة، طيب ليه شعبك ما يتعلم النظافة في نفسه بدل ما تجيب خبرات عالمية لتقيم معه وتنظف له؟ انت حكومتك ما قادرة على توزيع الخبز عاوز تدفع لشركات عالمية تنظف ليك؟ ومالها المكانس وبراميل الوساخة ؟ عمل مشترك بين المواطن والحكومة، أقول عمل صرف لا دفع فلوس فيه ولا جبايات كما كانت تفعل حكومات اللصوص البائدة – على المواطن اخراج الأوساخ من منزله وجمع ما حوله ووضعها في برميل الزبالة التي توفره الحكومة في الشارع وتأتي يومياً عربة البلدية لتفريغه وأخذ محتوياته! دي عاوزة ليها خبرات وشركات أجنبية؟؟؟

  10. Atef
    هل تعلم أن سكان بيوت الجالوص يهتمون بالنظافة أكثر من غالبية سكان الأحياء المسماة درجة أولى
    و كفى سخرية من خلق الله
    هؤلاء الفقراء لم تمتد أياديهم الى سرقة الموارد
    هل من واجبات المواطن توفير الآليات والمكبات و العمال؟!!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..