
————————————————
ينادي الكثيرون بعقد مائدة مستديرة لتوحيد احزابنا علي برنامج للانتقال الديمقراطي. وبالطبع ليس لدي مشكلة مع الشكل الهندسي للمائدة ولا مع استخدام شكلها كمجاز يعني المساواة في الادوار وليس هناك من يجلس علي طرفها ليؤكد حقه الخاص بين المجتمعين او اية دلالات اخري قد تعنيها الاستدارة.
واود ان اركز علي نقطة واحدة في استدارة هذه المائدة وهي ان مشاكل سوداننا وعلي رأسها الانتقال من دولة مشروع الهراء الحضاري والجنجويد كاخطر منتجاتها والاستهبال السياسي والخبراء الامميين وإعلاء شأن السلاح علي المنطق وكمية القادة الاستراتيجيين والقبليين هي مشاكل تعبر عنها الدوائر في تعقيدها وتداخل الاسباب والنتائج ومعادلات الدرجة الثانية لا الخطوط المستقيمة ولا التبسيط المخل الذي يركز علي معالجة الاعراض دون الغوص في الاسباب.
ان يتفق المختلفون من أحزابنا بجلسة اسبوع او شهر حول مائدة مستديرة او مربعة هو احد المستحيلات واضاعة للوقت وتعويل علي ما لا يعول عليه. والدليل علي ما اقول كمية الموائد المستديرة التي جلسنا حولها وانتهت بفصل جنوب السودان ولم تحل المشاكل التي جلسنا لحلها . يجب ان نعمل بطريقة مختلفة. للاسف تمنع اوهام المعرفة الكثير من ساستنا ومثقفينا وحملة الدرجات العلمية من التعلم من شباب الثورة ومن طريقة عملهم. وهي طريقة عمل فيها الكثير من الامل لحل مشاكل الثورة والانتقال الديمقراطي، ليس لان هولاء الشباب اكثر ذكاء ولا اشد عبقرية من اغلب ساستنا ولكن لان طرق عملهم هي وليدة واقع معقد يفرضها تعقيده وتنبع كالصبار وازهار الخلاء من بين انهر السراب.
انهم يتفقون حول هدف واحد، ويقيمون المائدة تلو الاخري دون مائدة طبعا، قبل كل تمرد وخروج للشارع علي الطغيان ويعدلون المائدة غير مبالين بشكلها الهندسي ولكن يركزون علي الاتفاق علي افضل الحلول وانجع الطرق لاسقاط الظلم والانتصار عليه.
بذل الجهد وتحضير الوثائق والكل قابع في كهفه ينظر الي نفسه في مرآة افكاره وتصوره لحل مشاكل الثورة والانتقال هو اضاعة لوقت بلادنا وشعبنا وهو كمن يشاهد من اصابته عربة مسرعة فبدلا من الشروع في اسعافه، ينظر في افضل الطرق التي تتناسب مع ايديولوجيته لانقاذ المصاب.
متي يفيق قادة احزابنا وساستنا ويخرجون من توابيت افكار الماضي، يشمون رائحة نتانتهم وتعفن افكارهم التي تخنق رائحتها ثورة شبابنا وترمينا في احضان البرهان والجنجويد والانتهازيين
تعالوا وتفاكروا يوميا وقبل وبعد كل مظاهرة ومليونية واتفقوا علي كيف تقودون بلادنا الي الامام
لا تنتظروا المائدة المستديرة ولا المربعة او المثلثة فهي تذكرني بمصفوفات الحكومة الانتقالية والرقص في حلقات الزار.
[email protected]
30/12/2021
الطاولة المستديرة.
ما يوصع على الطاولة من مأكولات نسميها مائدة.
يذكرني مقالك هذا بقوله تعالي.. (لا خير في كثير من نجواهم الا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس.)