مقالات سياسية

أكاد لا أصدق

لم اصدق عينى وانا ارى فعلا البيان القوى ، محدد الكلمات والمعانى ، التى لاتقبل تأويلا أو تفاسير مختلفة . بيان حول وحدة قوى المعارضة جميعها ، مدنية ومسلحة بدون فرز . تأكدت من ان ذلك قد حدث عندما نظرت الى الموقعين فوجدت توقيع الصادق المهدى الى جانب فاروق ابوعيسى ?مع حفظ الالقاب- ومناوى الى جانب عقار وعلى محمود حسنين الى جانب د.جبريل ..و… وكلهم مناضلون من اجل نفس الهدف وان اختلفوا فى مرحلة ما على الوسائل ، بالرغم من ان الوسائل يمكن ان تتكامل اذا لم يكن هناك اهداف أخرى . وقد اتضح من البيان انه ليس من اهداف اخرى غير ازالة النظام ، بعدما اتضح للجميع انه لايمكن ازالته الابنفس الطريقة التى جاء بها وظل يمارسها . وفى الحقيقة لولا ضعف ذاكرتنا السياسية ، فان النظام قال عديدا من المرات وكذلك يمارس ما يدل على ان ما أخذ بالقوة لايسترد الابها . وقبل ان ندخل غريق مايحافظ على هذه الوحدة التى تحققت اخيرا ، وندفع بها الى الامام حتى تحقيق اسقاط النظام ومابعده ، اذ ان الهدف ليس هو الاسقاط فحسب ، وانما ضمان الوحدة حتى كنس كل الآثار ، بل وبدء تحقيق دولة الديموقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية ، قبل ان نلج الى ذلك دعونا نسترجع القضايا الرئيسة التى اشار اليها البيان ، والتى يجب ان تكون امامنا دائما اثناء المسيرة ، حتى لايتحقق ماتمناه المتحدث باسم النظام : بان مثل هذا الحديث عن الوحدة والانتفاضة قد حدث عديد المرات من نفس هذه الجماعات ولكن : أبشر بطول سلامة يامربع !
اولا : استلهام روح اكتوبر . وهل افضل من ذلك مايستلهم منه الشعب السودانى ذخيرة لما هو آت ، بأذن الله ؟
ثانيا : الحديث بشكل واضح عن دكتاتورية النظام وماقام به من جرائم مست كل فرد من الشعب السودانى بشكل مباشر أو غير مباشر ، حيث قال : ( .. وفاءً لتضحيات شهدائنا وابطالنا فى مواجهة كل الديكتاتوريات ، وآخرها الدكتاتورية الراهنة ، التى يعيش الوطن الآن تحت نيرها وقهرها وممارستها اسوا انواع الظلم والفساد بواسطة قوى الهوس الدينى المغتصبة لحكم البلاد ..)
وفى مكان آخر (.. لذلك قررت اخلاء الوطن المغتصب من اهله ليحل محله تيار الهوس الاسلاموى العالمى ، والذى سيطر بالفعل على كل مفاصل وثروات الوطن السودانى ، بعد ان مكنهم من ذلك أخوتهم رفاق الفكرة الشريرة فى سدة الحكم المغتصب ، حتى أصبح السودان وطنا محتكرا لهؤلاء الاغراب وطاردا لاهله ، بل مهددا بالتلاشى والزوال اذا استمر تحت سيطرة هؤلاء الاوباش ..)
وبعد هذا الحديث القاطع عن طبيعة النظام وممارساته ، التى تدل على انه لاخير يرجى من الحوار معه والتفاوض – وخير دليل أخير على هذا ،الاتفاق الذى تم مع الاطباء لرفع الاضراب ، ثم النكوص عن تنفيذه ? كان لابد من الوصول الى النتيجة المنطقية ..( .. قررنا نحن ابناء وبنات الوطن بمختلف فصائلنا النضالية ، وبعد ان جربنا كل الطرق الممكنة لانهاء الازمة عبر حلول تفاوضية ، وقد انجزت اتفاقات مشهودة شعبيا ودوليا واقليميا ، ولكن العصبة اثبتت ، بعد ان مزقت تلك المواثيق وتهربت من استحقاقاتها ، انها غير راغبة فى السلام ، بل تأكد انها ظلت تستخدم تلكم المواثيق مؤقتا كى تبقى اطول فترة فى الحكم المغتصب )
وهكذا توصلت مختلف فصائل المعارضة ، ومن خلال تجربة كل فصيل على حدة ، الى انه لايفل الحديد غير الوحدة والخروج الى الشارع . وهكذا لاول مرة يعرف الشعب السودانى الطريق الذى قررت كل القوى السير فيه . وهذه بالطبع تعتبر البيان رقم واحد فى انجاز الثورة . ولكن لتستمر الوحدة برغم الاساس المتين الذى وضع بهذا البيان ، فلابد من استدعاء كل تجارب الماضى للاستفادة منها :
اولا : عدم النكوص عما اتفق عليه ، خصوصا ان العدو المتربص سيفعل كل مايلزم لهزيمة هذه الوحدة كما ظل يفعل . وكالعادة سيبدأ باضعف الحلقات . من الامثلة قول الرئيس فى لقاء حسين خوجلى الشهير : الصادق المهدى رقم كبير فى السياسة السودانية ، ولكنى آخذ عليه تحالفه مع الذين يحملون السلاح ضد الوطن ، هم يستفيدون من تحالفه ولكنه يخسر . والرد سهل : اين هو الوطن الذى يحملون السلاح ضده ؟!
ثانيا : لنخطو الى الامام ، بعد ضمان عدم التراجع ، وحتى لانعطى مجالا للخلا ف ، لابد من برنامج تفصيلى للعمل المشترك حتى اسقاط النظام ، ابتداء من قضية الهيكلة – وما أدراك ماهى ? وحتى واجبات كل فصيل حسب امكانياته وخبراته ، الاتصال بالجماهير بكل الوسائل الشخصية والكتابية والاعلامية باشكالها ، وضع الخطط للعمل المعارض بشكل يومى فى اماكن العمل والاحياء ، ومااكثر القضايا التى يمكن توحيد الناس حولها …ألخ
ثالثا : القناة الفضائية . الآن وبعد وحدة القوى لا أظن ان هناك عائق يقف ضد انشاء القناة. فمن الناحية المالية ارى ان تكلفة الانشاء والتسيير لن تكون مشكلة ، فلو دفع كل عضو من اعضاء هذه الوحدة خمسة دولارات لكفى وزاد ، كذلك لا ارى مجالا للخلاف على سياسة التحرير ، خصوصا وانه تم الاتفاق على هدف الوحدة ، الذى هو ايضا التحرير ! ولكسب الوقت ارى ان يتم الاتفاق مع راديو دبنقا ، وهو بالفعل ينحو نحوا قوميا ، ان يوسع مواعينه وعلى فصائل الوحدة ان تمده بالمواد وخصوصا مايتعلق بالتحركات الجماهرية والعلاقة بين قيادة التحالف والناس .
رابعا :العلاقة مع السودانيين بالشتات . وهذا مجال مهمل بالكامل ، وليس ادل على ذلك ماحدث بعد انتقال قوى التجمع للداخل والاهمال الذى تم لبعض النشطاء حتى فى المقر الرئيس ، مصر . ولا اظن احدا يشك فى اهمية هذا الامر فى النواحى السياسية والتنظيمية والمالية .
خامسا : العلاقات الخارجية للتحالف : فى هذا المجال لابد اولا من توحيد الرؤى حول الموقف من المجتمعين الدولى والاقليمى ، الذين يمكن ان يصبحا عاملا مساعدا أو معاكسا ولكنهما فى الحالتين ليسا رئيسيين فى حسم الامور ، فالحسم يبقى فى توازن القوى الداخلى وبيد الشعب السودانى . لابد من الاتصال باسم التحالف لوضع الامور فى نصابها وتوضيح ماخفى على الاتحاد الافريقى والجامعة العربية والاتحاد الاوروبى والولايات المتحدة والصين وروسيا . وسيجد التحالف موقفا آخر من هذه القوى ، فمجرد الاعلان عن وحدة فصائل المقاومة سيعطى هذه القوى اشارات مختلفة. وهناك قضايا كثيرة يمكن مناقشتها مع هذه القوى الخرجية : مثل كذب النظام بالمشاركة فى القضاء على الارهاب ومحاربة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ، وموضوع المحكمة الجنائية وغير ذلك الكثير مما يمكن فضح النظام فيه .
واكرر مرة أخرى ، وانتم المجربون ، احذروا الاعيب السلطة ، فهى مثلا قد تتراجع تحت الضغط وتقبل بالاجتماع التحضيرى مثلا ، أو بادخال الاعانة من منطقة أصوصا ..الخ ولكن مثل هذا لن يكون الا لكسب الزمن عسى ان يجدوا مخرجا ، فلا تسمحوا بمثل هذا المخرج المتكرر !
الجانب الاخر المهم جدا للاتفاق هو اجراءات ما بعد السقوط المحتم ، استفادة مماحدث من اجهاض للانتفاضات السابقة . لهذا جانب يرتبط بالاعداد للانتفاضة واجراءات مابعد الانتفاضة مباشرة : الاوهو برنامج العمل فى جميع المجالات على المدى القصير والمتوسط والطويل :
– تحديد مدة الفترة الانتقالية ، التى أظن انه لاخلاف فى ضرورة ان تكون طويلة بقدر الامكان ، فترة يكون فيها التوافق مستمرا بين قوى التحالف ، لاصلاح الخراب الذى طال كل مناحى الحياة وربما الممات ايضا !
– تكوين السلطة فى الفترة الانتقالية التى لابد ان تشمل كل من ناضل لبلوغ غاية اسقاط النظام ، بالطبع اعنى الفصائل وليس الافراد . بالضرورة ، حسب التجارب الماضية ، الاتفاق على هذا الآن وقبل ان توضع الكيكة ، على ضعفها ، على المائدة .
– الاجراءات العاجلة تجاه المشردين من كل حدب ونوع بسبب الحرب والعوامل الطاردة الاخرى .
– العدالة الانتقالية واجراءاتها .
– اعادة تكوين المؤسسات القومية الكبرى : الجيش والشرطة والقضاء والخدمة المدنية … والقائمة تطول .
– الاجراءات الاقتصادية : العاجلة ثم المتوسطة المدى ثم طويلة المدى.
بعد ان خلصت من الكتابة تذكرت ان البيان الذى هو موضوع هذا المقال لاوجود له الآن فى اعداد الراكوبة ولاذكر له فى دبنقا ولا فى تعليقات الصحف والقنوات ..الخ مما كنت اعتقد انه يستحقه كحدث لم يحدث مثله منذ قيام الانقاذ وحتى اول امس ، فخشيت ان يكون المقال خارج الموضوع off point- – أخشى الايكون كذلك ، وحتى اذا كان فهذا هو البيان الذى اتمنى صدوره ، والذى بغيره ستظل المعارضة فى خطوات تنظيم مكانك سر !

تعليق واحد

  1. فعلا كان بيان غريب .. وكلنا انتظرنا تفسير أو متابعة أو أو .. ولكن لا شئ … يبدو أنها كذبة أكتوبر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..