مقالات وآراء

نصيحة من شيخ عرب إذا جاءك المنافقون

عثمان يس ود السيمت 

صفات المنافقين كلنا نعرفها (إذا حدَّث كذب وإذا عاهد غدر وإذا أُتمن خان وإذا خاصم فجر) وكلنا نعرف أن القرآن بين صفاتهم للنبي صلي الله عليه وسلم وأنه أخبر حذيفة بن اليمان بهم فرداً فرداً . لكن في زماننا هذا صار العامة والغالبية من البشرية من المنافقين والقلة ممن عصمهم الله. صارت للنفاق دول ومنظمات وهيئات وأحزاب وتحالفات . صار النفاق مهارة سياسية من يتقنها تدبج له الشهادات والخبرات ويصبح من علية القوم وربما من التكنوقراط . صار لدينا منافذ إعلامية يبرز منها المنافقون في أبهى حللهم كما برز الثعلب يوماً في ثياب الوعظينا وكما برز (فرعون وقلة عقله) يوماً عارياً يتمخطر أمام شعبه بخدعة من منافق في حاشيته تفوق عليه قليلاً في النفاق ثم ما لبث أن تفوق شعبه على الكل في النفاق فراح يمدح ثيابه البديعة.
تكالبت على بلادنا في هذه الأيام جمهرة من المنافقين ينتمون لجهات محلية وإقليمية ودولية ومنظماتية إقليمية ودولية كلهم يريدون (مساعدتنا في حل حالة الاختناق السياسي) ، مع العلم أن شعبنا الطيب الكريم لم يختنق بالسياسة وإنما بالغاز المسيل للدموع الفاتك بالأرواح . تقاطروا علينا من كل حدب وصوب يعرضون علينا وساطتهم. وأنا كشيخ عرب عوده في السياسة كما يقول شيخ العرب هذا عود مرة مع كامل احترامي لكل النساء وعليهن أن يعذرن شيخ العرب هذا فهو كما يبدو آت من حقبة ما قبل الكنداكات ، لكن ما علينا . فأنا أسأل (وساطة بين من ومن؟). وهذا السؤال البسيط تتلعثم ألسنة الوسطاء دون أن تعطيك إجابة شافية له . هل الثوار يريدون وساطة مع العسكر أو بقايا الإنقاذ .
الوسطاء المحليون خرج كل واحد منهم بمبادرة للحل وهكذا حال السودانيين كانوا مقلين في الكتابة لدرجة مخجلة ثم ما لبثوا أن أسهلوا في كتاباتهم هذه الأيام لدرجة لوثت الوسط السياسي بإفرازات يصعب ملاحقتها بالقراءة فقط ، دع عنك تحليلها . وحيث أن عدوى الإسهال هذه أصابت نفراً من مرافيد أو معاشيي أو ساقطي (المكونات العسكرية الإنقاذية) فقد انبهلوا فينا إسهالاً كلامياً يجعلك تتأمل من أي المخارج يخرج من فرط نتانته . هؤلاء قوم عز عليهم أن تتجاوزهم الأحداث بعد أن سقطت الانقاذ فتنفضوا من سقطتهم ليملأوا حياتنا جحيماً من أشد ما أنزل من سافه القول . هؤلاء أمرهم هين إن سلمت طبلة الأذن منهم ولم نصب بالجنون من ترهاتهم . لأننا أولاً وأخيراً نعلم علم اليقين أنهم يروجون بضاعة خاسرة بائرة من مطامير لم تترك (الفئران) فيها ما يصلح (للإستهلاك الآدمي) .
أما الوسطاء الأقليميون وكلنا نعرفهم  ولسان حالهم يقول (أستر عليَّ) لكن حالهم لخصها المثل السوداني (نبيح الكلب خوفاً علي ضنبو) . كل منهم يريد أن تكون له يد في تكوين القادم من السلطة ليضمن (إستمرار) مصالحه ، لا يهم إن كانت هذه المصالح ذهباً أو بضاعةً أو (مواقف) أو دماً يبذل لقاء ريالات تدخل جيب أمير الحرب المتربع على الكرسي الأول والثاني بالدولة ليفكها بالسوداني ليوزعها على من أهدر دمهم وكرامتهم . هؤلاء الوسطاء الإقليميون لا يعرفون ما هي مصالحنا نحن وما هي مطالبنا كشعب ولا يفهمون لماذا نخرج ونموت في الشوارع ويصفون ذلك (بالمشهد العبثي) ، حتى عبد الباري عطوان لم يتعظ بما يحدث لشعبه إن كان ما يزال منتمياً لذاك الشعب ويتهم الثوار بالخيانة والعمالة والمثل العربي يقول (رمتني بدائها وانسلت). ماذا نفعل كسودانيين إن كانت إرادة الله أن نوضع في إقليم (أشد كفراً ونفاقاً) ، والبتجي من السما بتحملا الواطة . وعلى كل هؤلاء الوسطاء الإقليميون قولوا لهم (ربنا يسهل عليكم) .
الوسطاء الدوليون متمرسون في الصنعة ومهرة و(متودكين أوي) ولهم تاريخ وسوابق وأرشيفات يتناولون منها ما يناسب رؤوسنا من طواقي ومن ثم يثبتونها بقرارات من المنظمات الدولية. (وبرضو كل ده مصالح) . وجيبوا لي المصحف خليني أثبت ليكم بالقسم أنهم لا يريدون مصلحتكم. الأمريكان ومن تجمع معهم في مبادرتهم يقولون نريد إنتقالاً سلساً للديموقراطية من خلال حكومة (بقيادة مدنية) يعني أنا كشيخ عرب فهمتها حكومة رئيسها مدني وفيها جوقة عساكر (ناس مجلس عسكري معدل ووزير دفاع عسكري ووزير داخلية عسكري ووزراء آخرين عسكريين بس مليشيات ساكت) ولو فيه مناوي ما مشكلة ولو فيها جبريل مش مشكلة ولو فيها المؤتمر الوطني والشعبي برضو مالو فنحن لا نقصي أحداً. مطلوب من الحكومة دي تعمل انتخابات ، في نكتة لا تصلح للنشر لكن قربت أكتبها . طيب وماذا عن لاءات الشارع الثلاثة. ماهم الآن قعدوا مع اللجان والحرية والتغيير وتجمع المهنيين وأحزاب ما قبل التاريخ وبعض الفكة ليسوقوا أن (القبول بالآخر هو من أساسيات الديموقراطية) . طيب وانتو عندكم في بلدكم هل قبلتم بالآخر (شي إبادة جماعية وتطهير عرقي وتمييز عنصري وشي اسلاموفوبيا وأشياء أخرى ولكل شئ منها حربه حتى أصبح لكل شئ حرب). هؤلاء يريدون تسويق قبولكم بالمؤتمر الوطني والشعبي والعساكر والوثيقة الدستورية ووثيقة جوبا وبالمرة التطبيع. برضو قوقو ليهم (يفتح الله).
الإسرائيليون أنا لم أنساهم ولكن لوضاعتهم وخستهم يستحقون سطرين في الآخر ، فهم يعرفون ويعلنون أنهم يريدون العساكر (لأنهم الديموقراطية الوحيدة في الميديل إيست ويريدون ألا ينافسهم أحد في ذلك) ولأنهم يعلمون أن لا أحد سيطبع معهم إلا عسكري غباؤه يكاد يقتله . ديل تقوقوا ليهم (ربنا يسهل عليك يا ولية).
أخيراً مجرد خطرفة من شيخ العرب : كيف جاء الأمريكيون والإسرائيليون (سوياً) وأحدهم يريد تثبيت الديموقراطية والآخر يريد تثبيت العساكر . يعني شكلها زي مباريات السوبر التي تستضيفها الدول العربية الغنية للشهرة ، ماذا قالوا للجان المقاومة أو لمن التقوا بهم من (أهل الشأن) فأنا أشك في أن لجان المقاومة جلست مع الاسرائيليين إلا أن يكونو شبهوا لهم . لقد تسارع الترحيب بالمبادرة من الحرية والتغيير وأحزاب الحرس القديم وبعض الجديد أيضاً لكن ذلك لا يغري بأن في المبادرة (دهنة) يمكن خضها ، حتى لو كان فيها شئ من ذلك فدعوا من تلوث طوال تاريخه يتلوث ولن يضيره ذلك كثيراً وليمسك بتلابيب البخسة أو السعن وليخض (لا الحول) إن كان سيخرج منها شيئاً ، عليكم في لجان المقاومة أن تستمعوا لما يقال لكم وأن تطرحوا بكل ثقة برنامجكم وهو اللاءات الثلاثة وصولاً للدولة المدنية كاملة التكوين . وفي المبادرات التي يتشاركها معكم الحادبون على الثورة برامج كافية للفترة الانتقالية وعليكم التفكير فقط في إزالة هذه الطغمة الغاشمة تمهيداً لمحاكمتهم على جرائمهم ، فلا مهرب ولا نجاة ولا خروج آمن لأحد مهما تكالبت علينا الأمم . ونصيحة لكم (من يوقف الحرب قبل النصر يستحيل عليه العودة إليها أو أن ينال النصر) أنا ما بفسر وإنتو ما بتقصروا .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..