الرد على من انكر الاحتفال بالمولد الشريف

في الرَّدِ عَلَى مَن أنكَرَ الاحْتِفالَ
بِذِكْرى مَوْلِدِ الحبيب
محمد باشا ياسين
[email][email protected][/email]
بِسْمِ اللهِ الَّذي أرسَلَ لَنا مَن بِالْحَقِّ سَنَّ، والْحَمْدُ للهِ الَّذي جَعَلَ لَنا مِنَ البِدَعِ ما هُوَ حَسَنٌ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على صاحِبِ الصَّوْتِ والوَجْهِ الْحَسَنِ، أَبي القاسِمِ جَدِّ الْحُسينِ والْحَسَنِ.
أمَّا بَعْدُ فَهَذَا بيانُ جَوازِ الاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ وَأَنَّ فيهِ أَجْرًا وَثَوابًا. نَقولُ مُتَوَكِّلينَ على اللهِ:
1- البِدعَةُ: لُغَةً هيَ مَا أُحْدِثَ على غَيْرِ مِثالٍ سابِقٍ وشَرْعًا الْمُحْدَثُ الَّذي لَمْ يَنُصَّ عليهِ القُرءانُ ولا الْحَديثُ.
2- الدَّليلُ مِنَ القُرءانِ الكَريمِ على البِدْعَةِ الْحَسَنَةِ: قَوْلُهُ تعالى في مَدْحِ الْمُؤمنينَ مِنْ أمَّةِ سَيِّدِنا عيسى:
﴿ قَالَ تعالى وَجَعَلْنَا في قُلُوب الَّذينَ اتَّبَعُوهُ رَأفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاها عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ الله﴾
[سورة الحديد، 27]، فاللهُ امتَدَحَ الْمُسْلِمِينَ الَّذينَ كانُوا على شَريعَةِ عيسى لأنَّهُمْ كانُوا أَهْلَ رَحْمَةٍ ورأفَةٍ ولأنَّهُمْ
ابْتَدَعُوا الرَّهْبانيةَ وَهِيَ الانْقِطاعُ عنِ الشَّهواتِ الْمُباحَةِ زيادَةً على تَجَنُّبِ الْمُحرَّماتِ، حَتَّى إنَّهُمْ انَقطَعُوا عنِ الزِّواجِ
وتَرَكُوا الَّلذائِذَ مِنَ الْمَطْعُومَاتِ والثِّيابِ الفاخِرَةِ وأقْبَلُوا على الآخِرَةِ اقْبالاً تامًّا، فاللهُ امْتَدَحَهُمْ عَلَى هَذِهِ الرَّهْبانِيَّةِ
مَعَ أنَّ عيسى لَمْ يَنُصَّ لَهُم عَلَيْهَا. أمَّا قوْلُهُ تعالى في بَقِيَّةِ الآيةِ:
﴿ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ [سورة الحديد، 27] َفلَيْسَ فيها ذَمٌّ لَهُمْ وَلا لِلرَّهبانِيَّةِ الَّتي ابتَدَعَهَا أولَئِكَ الصَّادِقُونَ الْمُؤمِنُونَ
بَلْ ذَمٌ لِمَنْ جاءَ بَعْدَهُم مِمَّنْ قَلَّدَهُم في الانْقِطاعِ عَنِ الشَّهواتِ مَعَ الشِّرْكِ أي مَعَ عِبادَةِ عيسى وأُمِّهِ.
3- الدَّليلُ مِنَ السُّنةِ الْمُطَهَّرَةِ على البِدْعَةِ الْحَسَنَةِ: قَوْلُهُ : “مَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِها بَعْدَهُ
مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنقُصَ مِنْ أُجورِهِم شىْءٌ، وَمَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً سَيِّئةً كانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِن بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِم شىْءٌ”، رواهُ مُسْلِمٌ في صَحيحِهِ مِنْ حَديثِ جَريرِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ رَضيَ اللهُ عَنْهُ. فأفْهَمَ هَذا الْحَديثُ أنَّ الرَّسُولَ هُوَ الَّذي عَلَّمَ أُمَّتَهُ أنَّ البِدْعَةَ على ضَرْبَيْنِ: بدعَةُ ضَلالةٍ: وَهِيَ الْمُحْدَثَةُ الْمُخَالِفَةُ لِلْقُرءانِ والسُّنَّةِ. وَبِدْعَةُ هُدًى: وَهِيَ الْمُحْدَثَةُ الْمُوافِقَةُ لِلْقُرءانِ والسُّنَّةِ. فإنْ قيلَ: هَذا مَعْناهُ مَنْ سَنَّ في حياةِ رَسُولِ اللهِ أمَّا بَعْدَ وَفاتِهِ فلا، فالْجوابُ أنْ يُقالَ: “لا تَثْبُتُ الْخُصُوصِيَّةُ إلا بِدَلِيلٍ” وَهُنا الدَّليلُ يُعْطِي خِلافَ ما يَدَّعونَ حَيْثُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ قال: “مَنْ سَنَّ في الإسلام” وَلَمْ يَقُلْ مَنْ سَنَّ في حياتِي ولا قالَ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أنا عَمِلْتُهُ فأحْياهُ، وَلَمْ يَكُنِْ الإسلامُ مَقْصورًا على الزَّمَنِ الَّذي كانَ فيهِ رسولُ الله، فَبَطَلَ زَعْمُهُم. فإِنْ قالُوا: الْحَديثُ سَبَبُهُ أنَّ أُناسًا فُقَراءَ شديدي الفَقْرِ يَلْبَسُونَ النِّمارَ جاؤوا فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رسولِ اللهِ لِما رأى مِنْ بُؤسِهِم فَتَصَدَّق النَّاسُ حَتَّى جَمَعُوا لَهُم شيئًا كثيرًا فَتَهَلَّلَ وَجْهُ رسولِ اللهِ فقالَ: “مَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِها”، فالْجَوَابُ أَنْ يُقالَ: العِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ كَمَا ذَكَرَ عُلَمَاءُ الأُصُولِ.
4-الدَّليلُ مِنْ أَقوالِ وأفعالِ الْخُلَفاءِ الرَّاشدينَ على البِدْعَةِ الْحَسَنَةِ: فَقَدْ أَحْدَثَ الخُلَفاءُ الرَّاشدُونَ الْمَرْضِيُّونَ أَشْياءَ لَمْ يَفْعَلْها الرَّسولُ ولا أمَرَ بِها مِمَّا يُوافِقُ الْكِتابَ والسُّنَّةَ فكانوا قُدْوَةً لنا فيها، فَهَذا أبو بَكْرٍ الصِّديقُ يَجْمَعُ القُرءانَ ويُسَمِّيهِ بِالْمُصْحَفِ، وهَذا عُمَرُ بنُ الْخطَّابِ يَجْمَعُ النَّاسَ في صلاةِ التَّراويحِ على إمامٍ واحِدٍ وَيَقولُ عَنْها: “نِعْمَتِ البِدْعَةُ هَذِهِ”، وهَذا عُثمانُ بنُ عَفَّانَ يأمُرُ بِالأَذانِ الأوَّلِ لِصَلاةِ الْجُمَعَةِ، وهَذا الإمامُ عليٌّ يُنْقَطُ الْمُصْحَفُ وَيُشَكَّلُ في زمانِهِ على يَدِ يَحْيى بنِ يَعْمَرَ، وهَذا عُمَرُ بنُ عَبِدِ العزيزِ يعْمَلُ الْمَحارِيبَ والْمآذِنَ لِلْمَساجِدِ. كُلُّ هَذِهِ لَمْ تَكُنْ في زَمانِ رَسُولِ اللهِ فَهَلْ سَيَمْنَعُها الْمانِعُونَ لِلْمَوْلِدِ في أيَّامِنا هَذِهِ أوْ أَنَّهُم سَيَتَحَكَّمُونَ فَيَسْتَبِيحُونَ أَشياءَ وَيُحَرِّمُونَ أَشياءَ؟! وَقَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ فإِنَّهُم حَرَّمُوا الْمَوْلِدَ وأباحُوا نَقْطَ الْمُصْحَفِ وتَشْكيلَهُ وأباحُوا أشياءَ كثيرَةً مِمَّا لَم يَفْعَلْهَا الرَّسولُ كَالرُّزْناماتِ -مواقيتِ الصَّلواتِ- الَّتي لَمْ تَظْهَرْ إلا قَبْلَ نَحْوِ ثلاثِمِائَةِ عامٍ وَهُم يَشْتَغِلُونَ بِهَا وَيَنْشُرونَها بينَ النَّاسِ.
5- الدَّليلُ مِنَ أقْوالِ عُلَمَاءِ السَّلَف على البِدْعَةِ الْحَسَنَةِ: قالَ الإمامُ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: “الْمُحْدَثَاتُ مِنَ الأُمورِ ضَرْبَانِ أَحَدُهُما ما أُحْدِثَ مِمَّا يُخالِفُ كِتابًا أو سُنَّةً أو إِجْماعًا أوْ أَثَرًا فَهَذِهِ البِدْعَةُ الضَّلالةُ والثَّانِيَةُ ما أُحْدِثَ مِنَ الْخَيْرِ ولا يُخالِفُ كِتابًا أوْ سُنَّةً أَو إِجْماعًا وهَذِهِ مُحْدَثَةٌ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ” رواهُ البَيْهَقِيُّ بالإسْنادِ الصَّحيحِ في كِتابِهِ مَناقِبُ الشَّافِعِيِّ. وَمَعْلومٌ أنَّ الْمُحَدِّثينَ أَجْمَعُوا على أنَّ الشَّافِعِيَّ رَضيَ اللهُ عنهُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِقوْلِهِ: “عالِمُ قُرَيْشٍ يَمْلأُ طِباقَ الأَرْضِ عِلْمَا” رَواهُ التِّرْمِذِيُّ. أَمَّا البَيْهَقِيُّ فَهُوَ مِنَ الْحُفَّاظِ السَّبْعَةِ الَّذينَ اتُّفِقَ على عَدَالَتِهِم.
6-الْموْلدُ هُوَ شُكْرٌ للهِ تعالى عَلَى أنَّهُ أَظْهَرَ مُحَمَّدًا في مِثْلِ هَذا الشَّهر، لَيْسَ عِبَادَةً لِمُحَمَّدٍ، نَحْنُ لا نَعْبُدُ مُحَمَّدًا وَلا نَعْبُدُ شَيْئًا سِوى اللهِ، لَكِنْ نُعَظِّمُ تَعْظيمًا فَقَط، نُعَظِّمُ مُحَمَّدًا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الأَنبياءِ والْمَلائِكَةِ، ثُمَّ نُعَظِّمُ كُلَّ الأَنْبياءِ ولا نَعْبُدُ واحِدًا مِنْهُم، لا نَعْبُدُ مُحَمَّدًا ولا أَيَّ مَلَكٍ وَلا أَيَّ نَجْمٍ ولا الشَّمْسَ ولا القَمَرَ، نِهَايَةُ التَّذَلُّلِ عِنْدَنا لله، نَضَعُ جِباهَنا بِالأرْضِ وَنُقَدِّسُهُ، نِهايةُ التَّذَلُّلِ هِيَ العِبادَةُ، هَذِهِ نَحْنُ لا نَفْعَلُها لِسَيِّدِنا مُحَمَّدٍ، إِنَّما نَحْنُ عِبادَتُنا للهِ، نَحْنُ لا نَعْبُدُ مُحمَّدًا بَلْ نَعْتَبِرُ مُحَمَّدًا دَاعِيًا إلى اللهِ، هَدَى النَّاسَ وَيَسْتَحِقُّ التَّعْظيمَ، أَقَلَّ مِنَ العِبادَةِ، أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُعْبَدَ، واللهُ تعالى امْتَدَحَ الَّذينَ ءامنُوا بِهِ r وَعَزَّرُوهُ أي عظَّمُوهُ فَقالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ فَالَّذِينَ ءامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾[سورة الأعراف، 157]. الْمَوْلِدُ فيهِ اجْتِمَاعٌ على طاعَةِ اللهِ، اجْتِمَاعٌ على حُبِّ اللهِ وحُبِّ رسُولِ اللهِ ، اجْتِمَاعٌ على ذِكْرِ اللهِ وَذِكْرِ شَىْءٍ مِنْ سيرَةِ رَسولِ اللهِ ونَسَبِهِ الشَّريفِ، وشَىْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ الْخَلْقِيَّةِ والْخُلُقِيَّةِ، وَفيهِ إِطْعامُ الطَّعامِ لِوجْهِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى واللهُ تعالى يَقول: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [سورة الإنسان، 8]، بَعْدَ هذا كَيْفَ يُحَرِّمُ شَخْصٌ يَدَّعي العِلْمَ عَمَلَ الْمَوْلِدِ فَرَحًا بِوِلادَةِ رَسُولِ اللهِ ؟!
7- الأصْلُ الذي اسْتَخْرَجَهُ الْحافِظُ ابنُ حَجَرٍ مِنَ السُّنةِ على جَوازِ عَمَلِ الْمَوْلِدِ في كِتَابِهِ الْحَاوِي لِلْفَتَاوَي (1/189-197): مَا رَوَاهُ ابنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ الْمَدينةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عاشُوراءَ، فَسُئلوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالوا: “هُوَ الْيَومُ الَّذي أَظْهَرَ اللهُ مُوسى وَبَني إسْرائيلَ على فِرْعَوْنَ وَنَحْنُ نصُومُهُ تَعْظيمًا لَهُ”، فقالَ رسولُ اللهِ : “نَحْنُ أوْلى بِموسى” وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ أَمْرَ اسْتِحْبابٍ. فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَديثِ فِعْلُ الشُّكْرِ للهِ تعالى على ما تفَضَّلَ بِهِ في يَوْمٍ مُعَيَّنٍ مِن حُصُولِ نِعْمَةٍ أَو رَفْعِ نِقْمَةٍ، ويُعادُ ذَلِكَ في نَظيرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ، والشُّكرُ للهِ يَحْصُلُ بِأَنْواعِ العِبادَةِ كالسُّجودِ والصِّيامِ والصَّدَقَةِ والتِّلاوَةِ، وأَيُّ نِعْمَةٍ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ بُرُوزِ النَّبيِ.
8- الأصْلُ الذي اسْتَخْرَجَهُ الْحَافِظُ السِّيوطِيُّ مِنَ السُّنةِ على جَوازِ عَمَلِ الْمَوْلِدِ في رِسَالَتِهِ”حُسْنُ الْمَقْصِدِ في عَمَلِ الْمَوْلِدِ”: قَولُهُ : “ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فيهِ وفيهِ أُنْزِلَ عَلَيّ”، لَمَّا سُئِلَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَنْ سَبَبِ صِيامِهِ لِيوْمِ الاثنينِ. وفي هَذَا الْحديثِ إِشارَةٌ إِلى اسْتِحْبابِ صِيامِ الأيَّامِ الَّتي تَتَجَدَّدُ فِيها نِعَمُ اللهِ تعالى على عِبادِهِ، وإنَّ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ الَّتي أَنْعَمَ اللهُ بِهَا عَلَيْنا إِظْهَارَهُ وَبِعْثَتَهُ وإرسالَهُ إِلَيْنَا، وَدَليلُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِم ﴾ [سورة ءال عمران، 164]. قالَ الْحافِظُ السِّيوطيُّ في رِسَالَتِهِ “وقَدِ اسْتَخْرَجَ لَهُ – أي الْمَوْلِدِ – إِمامُ الْحُفَّاظِ أبو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ حَجَرٍ أَصْلاً مِنَ السُّنَّةِ واسْتَخْرَجْتُ لَهُ أَنا أَصْلاً ثانيًا ….” اهـ.
9- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَأَوَّلُ مَنْ عَمِلَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ وَلَيْسَ كَمَا قيلَ إِنَّ أصلَهُ هُوَ أنَّ أُناسًا كانُوا يَحْتَفِلُونَ بِوفاتِهِ : فَقَدْ ذَكَرَ الْحُفَّاظُ والعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحابِ التَّوارِيخِ وغَيْرِهِم أنَّ أَوَّلَ مَنِ اسْتَحْدَثَ عَمَلَ الْمَوْلِدِ هُوَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ الَّذي كانَ يَحْكُمُ إِرْبِلَ، وَهُوَ وَرِعٌ، صالِحٌ، عالِمٌ، شُجَاعٌ، ذُو عِنَايَةٍ بِالْجِهَادِ، كانَ من الأَبْطالِ، مَاتَ وَهُوَ يُحَاصِرُ الفِرِنْجَ بِعَكَّا، هُوَ أَوَّلُ مَنْ اسْتَحْدَثَ هَذَا الأَمْرَ، ثُمَّ وافَقَهُ العُلَماءُ والفُقَهاءُ، حَتَّى عُلَمَاءُ غَيْرِ بَلَدِهِ الَّذينَ لا يَحْكُمُهُ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْحافِظُ السِّيوطِيُّ في كِتابِهِ الأوائِلِ، ولا زالَ الْمُسْلِمونَ على ذَلِكَ مُنْذُ ثَمانِمِائةِ سَنَةٍ حَتَّى الآنَ. فأيُّ أَمرٍ اسْتَحْسَنَهُ عُلَمَاءُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وأَجْمَعوا عَلَيْهِ فَهُوَ حَسَنٌ وَأَيُّ شىءٍ اسْتَقْبَحَهُ عُلَمَاءُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَهُوَ قَبيحٌ، ومَعْلومٌ أنَّ عُلَمَاءَ الأُمَّةِ لا يَجْتَمِعُونَ على ضَلالَةٍ لِحديثِ: “إِنَّ أُمَّتي لا تَجْتَمِعُ على ضَلالةٍ” رَواهُ ابنُ ماجَه في سُنَنِهِ.
10- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ ولا يُقالُ عَنْهُ لوْ كانَ خَيْرًا لَدَلَّ الرَّسُولُ أُمَّتَهُ عليهِ: فَجَمْعُ الْمُصْحَفِ وَنَقْطُهُ وتَشْكيلُهُ عَمَلُ خَيرٍ مَعَ أنَّهُ ما نَصَّ عليهِ ولا عَمِلَهُ. فَهُؤلاءِ الَّذينَ يَمْنَعُونَ عَمَلَ الْمَوْلِدِ بِدَعوى أنَّهُ لَوْ كانَ خَيْرًا لَدَلَّنا الرَّسولُ عليهِ وَهُم أَنْفُسُهُم يَشْتَغِلُونَ في تَشْكيلِ الْمُصْحَفِ وَتَنْقيطِهِ يَقَعونَ في أَحَدِ أمْرَيْنِ: فَإِمَّا أنْ يَقولُوا إِنَّ نَقْطَ الْمُصْحَفِ وتَشْكيلَهُ لَيْسَ عَمَلَ خَيْرٍ لأنَّ الرَّسولَ ما فَعَلَهُ وَلَمْ يَدُلَّ الأُمَّةَ عليهِ وَمَعَ ذَلِكَ نَحْنُ نَعْمَلُهُ، وإِمَّا أنْ يَقولُوا إنَّ نَقْطَ الْمُصْحَفِ وتَشْكيلَهُ عَمَلُ خيرٍ لَو لَمْ يَفْعَلْهُ الرَّسولُ وَلَمْ يَدُلَّ الأُمَّةَ عليهِ لِذَلِكَ نَحْنُ نَعْمَلُهُ. وَفي كِلا الْحالَيْنِ نَاقَضُوا أَنْفُسَهُم.
11- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ ولا يُقالُ الرَّسُولُ لَمْ يأتِ بِه فَلا نَعْمَلُهُ احْتِجَاجًا بِقولِهِ تعالى: “وَما ءاتَاكُمُ الرَّسولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم عَنْهُ فانْتَهوا”: فَلَيْسَ كُلُّ أمْرٍ لَمْ يأمُرْنا بِهِ الرَّسُولُ ولا نَهانا عَنْهُ فَهُوَ حَرامٌ، فالرَّسُولُ لَمْ يأمُرْنا بِنَقْطِ الْمُصْحَفِ ولا نَهانا عَنْهُ فلَيْسَ حَرامًا عَلَيْنَا عَمَلُهُ لأنَّهُ مُوافِقٌ لِدينِهِ ، كَذَلِكَ عَمَلُ الْمَوْلِدِ الرَّسُولُ لَمْ يأمُرْنا بِهِ ولا نَهانا عَنْهُ فَلَيْسَ حَرامًا عَلَيْنا عَمَلُهُ لأَنَّهُ مُوافِقٌ لِدِينِهِ . الْحاصِلُ لَيْسَتْ كُلُّ أُمُورِ الدِّينِ جَاءَتْ نَصًّا صَريحًا في القُرءانِ أوْ في الْحديثِ، فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فيهِما فَلِعُلَمَاءِ الأُمَّةِ الْمُجْتَهِدينَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَديثِ أنْ يَسْتَنبِطُوا أَشْياءَ تُوافِقُ دينَهُ ، وَيُؤيِّدُ ذَلِكَ قَولُهُ : “مَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا…”، فيُسْتفَادُ مِنْ هَذَا الْحَديثِ أنَّ اللهَ تباركَ وتعالى أَذِنَ للمُسلمينَ أَنْ يُحدِثُوا في دينِهِ ما لا يُخالِفُ القُرءانَ والْحديثَ فيُقالُ لذلكَ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ.
12- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ دَاخِلاً تَحْتَ نَهْيٍ مِنْهُ بِقَوْلِهِ: “مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هَذَا ما لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌ”: لأنَّهُ r أَفْهَمَ بِقَوْلِهِ: “ما لَيْسَ مِنْهُ” أَنَّ الْمُحْدَثَ إِنَّما يَكُونُ ردًّا أيْ مَرْدُودًا إِذا كانَ على خِلافِ الشَّريعَةِ، وأَنَّ الْمُحْدَثَ الْمُوافِقَ لِلشَّريعَةِ لَيْسَ مَرْدُودًا. فالرَّسُولُلَمْ يَقُلْ مَنْ أَحْدَثَ في أمْرِنا هَذا فَهُوَ رَدٌّ بَلْ قَيَّدَهَا بِقَولِهِ: “ما لَيْسَ مِنْهُ” لِيُبَيِّنَ لَنَا أنَّ الْمُحْدَثَ إِنْ كانَ مِنْهُ (أي مُوافِقًا لِلشَّرْعِ) فَهُوَ مَشْرُوعٌ وإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ (أي لَمْ يَكُنْ موافِقًا لِلشَّرْعِ) فَهُوَ مَمْنوعٌ. وَلَمَّا كانَ عَمَلُ الْمَوْلِدِ أمْرًا مَشروعًا بِالدَّليلِ النَّقْلِيِّ مِنْ قُرْءانٍ وَسُنَّةٍ ثَبَتَ أنَّهُ لَيْسَ بِمَرْدُودٍ.
13- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ فيهِ إشارَةٌ إلى أنَّ الدِّينَ لَمْ يَكْتَمِلْ وَلا تَكذيبًا لِقَولِهِ تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [سورة المائدة، 2]: لأنَّ مَعْناها أنَّ قواعِدَ الدِّينِ تَمَّت، قالَ القُرطُبِيُّ في تَفْسيرِهِ: “وَقالَ الْجُمْهُورُ: الْمُرادُ مُعْظَمُ الفَرَائِضِ والتَّحليلِ والتَّحْريمِ، قالوا: وقَد نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ قُرءانٌ كثيرٌ، ونَزَلَتْ ءايةُ الرِّبا وَنَزَلَت ءايةُ الكَلالَةِ إلى غَيْرِ ذَلِكَ”. ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ لَيْسَتْ هِيَ ءاخِرَ ءايَةٍ نَزَلَت مِنَ القُرءانِ بَلْ ءاخِرُ ءايَةٍ نَزَلَتْ هِيَ قولُهُ تعالى: ﴿ وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فيهِ إِلى اللهِ ثُمَّ تُوفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُون ﴾ [سورة البقرة، 285] ذَكَرَ ذَلِكَ القُرطُبِيُّ في تَفْسيرِهِ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما.
14- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ فيهِ اتَّهامٌ لِرَسُولِ اللهِ بِالْخِيانَةِ بِدَعْوى أنَّهُ لَمْ يُعَرِّفْ أُمَّتَهُ بِهِ كَمَا زَعَمَ الْمانعُونَ لِلمَوْلِدِ: فإِنْ كانَ كُلُّ فِعْلٍ أُحْدِثَ بَعْدَ الرَّسُولِ لَمْ يُعَرِّفِ النَّبِيُّ أُمَّتَهُ بِهِ مِمَّا هُوَ موافِقٌ لِلقُرءانِ والسُّنةِ يَكونُ فيه اتَّهامٌ لِلرَّسولِ بِالْخِيانَةِ فَعلى قَوْلِكُمْ أبو بَكرٍ وعُمَرُ وعُثْمانُ وَعَلِيٌّ وعُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ وصَفوةٌ مِنْ عُلَماءِ الأُمَّةِ اتَّهَمُوا الرَّسُولَ بِالْخِيانَةِ لأنَّهُم أَحْدَثُوا أشياءَ موافِقَةً للقُرءانِ والسُّنةِ مِمَّا لَمْ يُعَرِّفِ الرَّسولُ أُمَّتَهُ بِها. أمَّا استِشهادُكُم بِما تَنْسُبُونَهُ للإمامِ مالِكٍ مِنْ أنهُ قالَ: “مَنِ ابْتَدَعَ في الإسْلامِ بِدْعَةً يَراهَا حَسَنَةً فَقَد زَعَمَ أنَّ مُحَمَّدًا خانَ الرِّسالةَ”فَمَعْناهُ البِدْعَةُ الْمُحَرَّمَةُ كَعقيدَةِ التَّشبيهِ والتَّجسيم ولَيْسَ في الْمَوْلِدِ وما أَشْبَه. ثُمَّ أَنْتُمْ تَسْتَشْهِدُونَ بِقَوْلِ الإمامِ مالِكٍ وأَنْتُم تُكَفِّرونَهُ مَعْنًى وإنْ لَمْ تُكَفِّروهُ لَفْظًا، لأنَّ الْخَليفةَ الْمَنْصورَ لَمَّا جاءَ الْمَدينةَ سَأَلَهُ: “يا أَبا عبدِ الله أسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ وأدْعو أم أسْتَقبِلُ رَسُولَ الله ؟ قالَ: وَلِمَ تَصْرِفُ وَجْهَكَ عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُكَ وَوَسيلَةُ أبيكَ ءادَمَ إلى اللهِ تعالى؟ بَلِ اسْتَقْبِلْهُ واسْتَشْفِع بِهِ فَيُشَفِّعَهُ اللهُ”، وهَذا عِنْدَكُم شِرْكٌ وضلالٌ مُبين. رَمَيْتُم عُلَماءَ الأمَّةِ بالشِّركِ ثُمَّ اسْتَشْهَدْتُم بِأقْوالِهِم.
15- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلا يُمْنَعُ بِدَعْوى أنَّ فيهِ مُشابَهَةً لِلنَّصارَى في احْتِفالِهِم بِمَوْلِدِ عيسى : لأنَّ ما يُوافِقُ دِينَ اللهِ مِمَّا عَمِلَهُ أولئكَ اليهودُ أوِ النَّصارى إِنْ نَحْنُ عَمِلْناهُ فَهُوَ مُرَخَّصٌ لَنا بِخِلافِ ما فَعَلُوهُ مِمَّا لا يُوافِقُ دِينَ اللهِ، أليْسَ الرَّسولُ لَمَّا رأى اليَهودَ تَصومُ يَوْمَ عاشُوراءَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدينةَ وقالُوا: “هَذا يومٌ أَغْرَقَ اللهُ فِرْعَونَ وَنَصَرَ مُوسى” قال : “نَحْنُ أولى بِموسى مِنْكُم” وأمَرَ بِصَوْمِهِ، ما قالَ لا تَصُومُوا عاشُوراءَ اليهودُ تَصُومُهُ هَذا تَشَبُّهٌ بِهِم، بَلْ أَمَرَ أُمَّتَهُ بِصوْمِهِ، نُعَظِّمُ هَذا اليومَ كَمَا أتْباعُ موسى عَظَّمُوا ذَلِكَ اليومَ، يومَ عَاشُورَاء.
16- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَمَنِ اشْتَرَطَ لِجَوازِهِ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ عَمِلَهُ فَشَرْطُهُ باطِلٌ: كَمَا أنَّ نَقْطَ الْمُصْحَفِ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَمَنِ اشْتَرَطَ لِجَوازِهِ أنْ يَكُونَ الرَّسُولُ عَمِلَهُ فَشَرْطُهُ باطِلٌ لأنَّ هَذَينِ الشَّرْطَيْنِ لا أصْلَ لَهُمَا في دينِ اللهِ تعالى والرَّسُولُ يقُولُ: “كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ في كِتابِ اللهِ تعالى فَهُوَ باطِلٌ وإِنْ كانَ مِائَةَ شَرْطٍ”، رَواهُ البَزَّارُ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُمَا.
17- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ داخِلاً في البِدَعِ الَّتي نَهَى عَنْها رَسولُ اللهِ بِقَوْلِهِ: “وكُلُّ بِدْعَةٍ ضلالَةٌ”: قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ في أَلْفِيَّتِهِ “وَخَيْرُ مَا فَسَّرْتَهُ بِالْوَارِدِ” مَعْنَاهُ أَحْسَنُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ الْوَارِدُ الْوَارِدُ، وَقَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّ أَحْسَنَ تَفْسيرٍ مَا وَافَقَ السِّيَاقَ، وَسِيَاقُ الْحَديثِ ابْتَدَأهُ الرَّسُولُ بِقَوْلِهِ “فَإِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ” مَعْنَاهُ أَحْسَنُ الْكَلامِ كَلامُ اللهِ، “وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ” مَعْنَاهُ أَحْسَنُ السِّيَرِ سِيرَةُ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ قَالَ “وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا” الْحَدِيثَ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى إِنَّ شَرَّ الأُمُورِ الْمُحْدَثَاتُ الَّتي خَالَفَتْ أَحْسَنَ الْحَديثِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ وَهِيَ بِدْعَةُ الضَّلالَة، فَلا دَخَلَ لِلْبِدْعَةِ الْحَسَنَةِ في ذَلِكَ الذَّمِّ الْمَذْكُورِ. قالَ النَّوَوَيُّ في شَرحِ صَحيحِ مُسْلِمٍ (الْمُجَلَّدِ السَّادِسِ في صَحيفَةِ مِائَةٍ وأَرْبَعَةٍ وخَمْسينَ) ما نَصُّهُ:
“قَوْلُهُ : “وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ” هَذا عامٌّ مَخْصُوصٌ (أي لَفْظُهُ عامٌّ وَمَعناهُ مَخْصوصٌ)، والْمُرادُ بِهِ غالِبُ البِدَعِ” وقالَ أيْضًا: “ولا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِ الْحَديثِ عامًّا مَخْصُوصًا قَوْلُهُ: “كُلُّ بِدْعَةٍ” مُؤَكِّدًا بِكُلُّ، بَلْ يَدْخُلُهُ التَّخْصيصُ مَعَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَىْء ﴾ [سورة الأحقاف، 25]” ا.هـ. فَهَذِهِ الآيةُ لَفْظُها عامٌّ وَمَعْناهَا مَخْصُوصٌ لأنَّ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتي وَرَدَ أنَّها تُدَمِّرُ كُلَّ شىءٍ سَخَّرَهَا اللهُ على الكافِرينَ مِنْ قَوْمِ عادٍ فأهْلَكَتْهُم وَلَمْ تُدَمِّرْ كُلَّ مَن على وَجْهِ الأَرْضِ لأنَّ اللهَ تعالى أَخْبَرَنا أنَّهُ نَجَّى هُودًا وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤمِنينَ، قَالَ تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ [سورة هود، 58]. وَمِنَ الأَمْثِلَةِ على العامِّ الْمَخْصوصِ قَوْلُ الرَّسُولِ :”كُلُّ عَيْنٍ زانيةٌ” وَمْعلومٌ شَرْعًا أنَّ هذا الْحديثَ لا يَشْمَلُ أَعْيُنَ الأنبياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ لأنَّ اللهَ تعالى عَصَمَهُم مِنْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعالى:﴿ وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلى الْعَالَمين ﴾ [سورة الأنعام، 86]. وَقَدْ وَرَدَ في الْحَديثِ الصَّحيحِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوودَ في سُنَنِهِ في بَابِ ذِكْرِ الصُّورِ وَالْبَعْثِ أَنَّهُ : “كُلُّ ابْنِ ءادَمَ تأكُلُ الأَرْضُ إلا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ” وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَنَّ كَلِمَةَ كُلّ لا تَأتي دَائِمًا لِلشُّمُولِ الْكُلِّيِّ بِدَلِيلِ أَنَّ الرَّسُولَ قَالَ: “إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاء”. فَيَكُونُ مَعْنَى “كُلُّ ابْنِ ءادَمَ تأكُلُ الأَرْضُ” الأغْلَبَ لأَنَّ الرَّسُولَ اسْتَثْنَى في الْحَديثِ الآخَرِ الأَنْبِيَاءَ.
19- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ ولَيْسَ دَاخِلاً في قَوْلِهِ : “لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذينَ قَبْلَكُم”: لأنَّ مَعْنى الْحديثِ مِمَّا حَصَلَ مِنْ أُمورٍ دُنْيَوِيَّةٍ، أليْسَ الآنَ النَّاسُ في أثاثِ الْمنازِلِ والأزياءِ وأُمورٍ كثيرَةٍ قِسْمٌ مِنْهُ مُباحٌ لَيْسَ مُحَرَّمًا وقِسْمٌ مُحَرَّمٌ اتَّبَعَت هؤلاءِ، اليَوْمَ الأُمَّةُ اتَّبَعَتْ هَؤلاءِ في أشياءَ مُحَرَّمةٍ وفي أشياءَ غيرِ مُحَرَّمَةٍ إنَّما هِيَ تَوَسُّعٌ في الدُّنيا.
20- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ دَاخِلاً في الإطْراءِ الَّذي نَهانا عَنهُ الرَّسُولُ بِقَوْلِهِ: “لا تُطْروني كما أطْرَتِ النَّصارى الْمَسيحَ ابنَ مَرْيَمَ”: لأنَّ مَعْناهُ لا تَرْفَعُوني فَوْقَ مَنْزِلَتي كَمَا رَفَعَتِ النَّصارى عيسى فَوْقَ مَنْزِلَتِهِ، جَعَلُوهُ إلـهًا خالِقًا. أمَّا عَمَلُنَا لِلْمَوْلِدِ لَيْسَ رَفْعًا لِلرَّسُولِ فَوْقَ مَنْزِلَتِهِ بَلْ هُوَ شُكْرٌ لله تعالى على وَلادَتِهِ . فَإِذًا قَوْلُهُ : “لا تُطْرُوني” لَيْسَ مَعْناهُ لا تَمْدَحُوني على الإطلاقِ، بَلِ الْحَقُّ أنْ يُقالَ ما كانَ غُلُوًّا فَهُوَ مَمنوعٌ وَما لَمْ يَكُن كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ، وإلا كَيْفَ أَذِنَ الرَّسُولُ لِعَمِّهِ العَبَّاسِ رضيَ اللهُ عَنْهُ أنْ يَمْدَحَهُ بَلْ وَدَعى لَهُ، فَقَد ثَبَتَ بِالإسْنادِ الْحَسَنِ فِيما رواهُ ابنُ حَجَرٍ في الأماليِّ أنَّ الرَّسولَ قالَ لَهُ عَمُّهُ العباسُ رضيَ اللهُ عنهُ: “يا رَسولَ الله إِنِّي امْتَدَحْتُكَ بِأبْياتٍ”، فقال رَسُولُ اللهِ : “قُلْهَا لا يَفْضُضِ اللهُ فاكَ” فَكانَ مِمَّا قَالَهُ العبَّاسُ رَضيَ اللهُ عَنْهُ في مَدْحِ النَّبِيِّ : “وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أشْرَقَتِ الأَرْضُ وَضاءتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ”.
21- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ فيهِ اخْتِزَالٌ لِمَحَبَّتِهِ في يَوْمٍ واحِدٍ: ألَيْسَ الرَّسُولُ قال لِليهُودِ: “نَحْنُ أوْلى بِمُوسَى مِنْكُم” وَأَمَرَ بِصَوْمِ عاشُورَاءَ، فَهَلْ يَكُونُ الرَّسولُ بِذَلِكَ اخْتَزَلَ مَحَبَّةَ مُوسَى في يومٍ واحِدٍ فَقَط؟!
22- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ فيهِ قَدْحٌ لِصَحابَتِهِ بِزَعْمِ أنَّ فيهِ إِشارَةً إلى أنَّنا نُحِبُّهُ أَكْثَرَ مِنْهُم: فالرَّسولُ ما جَمَعَ القُرءانَ في كتابٍ واحِدٍ بل أبو بَكْرٍ الصِّديقُ هُوَ الَّذي جَمَعَهُ وَسَمَّاهُ الْمُصْحَفَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أحَدٌ مِنَ الصَّحابَةِ بِحُجَّةِ أنَّ فِعْلَهُ هَذَا يُشيرُ إلى أنَّهُ يُحِبُّ القُرءانَ أَكْثَرَ مِنَ رَسُولِ اللهِ . ثُمَّ أليْسَ الْعُلَمَاءُ قالُوا: “الْمَزِيَّةُ لا تَقْتَضي التَّفْضيلَ”، فإنْ كانَ أبو بكْرٍ الصِّديقُ جَمَعَ القُرءانَ والرَّسولُ لَمْ يَجْمَعْهُ في كِتابٍ واحِدٍ على هَيْئَتِهِ اليوْمَ فهَذا لا يَعني أنَّهُ أفْضَلُ مِنْ رَسولِ الله ، وإنْ كانَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ جَمَعَ النَّاسَ في صلاةِ التَّراويحِ على إمامٍ واحِدٍ وأبو بكْرٍ لَمْ يَفْعَلْهُ فهَذا لا يَعني أنَّهُ أفْضَلُ مِنْ أبي بَكْرٍ، وإنْ كانَ عُثْمانُ بنُ عَفَّانَ أمَرَ بالأذانِ الأوَّلِ لِصَلاةِ الْجُمُعَةِ وَعُمَرُ لَمْ يَفْعَلْهُ فَهذا لا يَعني أنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ عُمَرَ، كَذَلِكَ عَمَلُ الْمَوْلِدِ إِنْ نَحْنُ عَمِلْناهُ لَكِنَّ الصَّحابَةَ ما عَمِلُوهُ فَمُجَرَّدُ هَذا لا يَعْني أنَّنا أَفْضلُ مِنْهُم ولا أنَّنا نُحِبُّهُ أَكْثَرَ مِنْهُم.
23- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وإِظْهارُنَا لِلفَرَحِ والسُّرورِ في مِثْلِ هَذا اليوم بِوِلادَتِهِ وَبِعْثَتِهِ لَيْسَ قَدْحًا في مَحَبَّتِنا لَهُ لِمُجَرَّدِ أنَّ يَوْمَ وَفاتِهِ كانَ في نَظيرِ يَوْمِ وِلادَتِهِ كَما زَعَمَ الْمانِعونَ لِلْمَوْلِدِ: فَمَا اسْتَنَدُوا عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُمْ فيهِ مُتَمَسَّكٌ لأنَّ أيامَ الأُسبوعِ على مَرِّ العُصُورِ لا يَخْلُو مِنها يَوْمٌ إِلا وَحَصَلَ فيهِ حادِثٌ أو مُصيبَةٌ ألَمَّتْ بِالْمُسلمينَ وأحْزَنَتْهُم، فَعَلَى قَوْلِكُم الْمُسْلِمونَ لا يَحْتَفِلُونَ بِعُرْسٍ ولا بِعيدٍ لأنَّهُ قَد يَكُونُ في مِثْلِ اليوْمِ الَّذي ماتَ فيهِ الرَّسُولُ أو في مِثْلِ اليَومِ الَّذي كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَشُقَّتْ شَفَتُهُ الشَّريفَةُ كَمَا حَصَلَ في غَزْوَةِ أُحُدٍ. الْحاصِلُ أنَّ ما ادَّعَيْتُمُوهُ لا يَقْبَلُهُ العَقْلُ ولا النَّقْلُ. ثُمَّ ألَيْسَ الرَّسُولُ قال: “خَيرُ يوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فيهِ خُلِقَ ءادَمُ وفيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وفيه أُخْرِجَ مِنْهَا” رَواهُ مُسْلِمٌ في الصَّحيحِ، فَتَفْضيلُ الرَّسُولِ لِيوْمِ الْجُمُعَةِ وَتَفْضيلُنا لِهَذا اليوْمِ لَيْسَ فيهِ قَدْحٌ في مَحَبَّتِنا لآدَمَ مَعَ أنَّهُ نَظيرُ اليَومِ الَّذي أُخْرِجَ فيهِ مِنَ الْجَنَّةِ، كَذَلِكَ تَعْظيمُنا لِيومِ عاشُوراءَ لِقَوْلِهِ : “نَحْنُ أوْلى بِمُوسى مِنْكُم” وأمَرَ بِصَوْمِهِ لَيْسَ فيهِ قَدْحٌ في مَحَبَّتِنا لِسَيِّدِ شبابِ أهلِ الجنَّةِ الْحَسَيْنِ بنِ عليٍّ رَضيَ اللهُ عَنْهُما مَعَ أنَّهُ نَظيرُ اليَومِ الَّذي قُتِلَ فيهِ، كَذَلِكَ إِظْهارُنا لِلْفَرَحِ في مِثْلِ يَوْمِ مَولِدِهِ ما فيهِ قَدْحٌ لِمَحَبَّتِنا لَهُ مَعَ أنَّ وَفاتَهُ كَانَت في مِثْلِ هَذا اليومِ.
24- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلا نُحَرِّمُهُ بِسَبَبِ ما يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ فيهِ: فَمَعْلومٌ أنَّ الحَجَّ في أيَّامِنا هذِهِ وَمِنْ قَبْلُ يَحْصُلُ فيهِ مُنْكَراتٌ مِنْ بَعْضِ الْجَهَلَةِ حَتَّى إِنَّهُ ومُنْذُ زَمَنٍ قال بَعْضُ العُلماءِ: “ما أكْثَرَ الضَّجيجَ وأقَلَّ الْحَجيجَ”، كُلُّ هَذا لَمْ يَكُنْ سَبَبًا لِتَحْرِيمِ الْحَجِّ أوْ مَنْعِ النَّاسِ مِنْهُ، كَذَلِكَ سائِرُ العِبادَاتِ، كَذَلِكَ الْمولِدُ إنْ حَصَلَ فيهِ مُنكراتٌ مِنْ بَعْضِ الْجَهَلَةِ فلا نُحَرِّمُهُ على الإطْلاقِ بَلْ نُحَرِّمُ ما يَفْعَلُهُ الْجَهَلَةُ فيهِ مِمَّا يُخالِفُ دينَ الله. ثُمَّ إِنْ حَصَلَ فَسادٌ في مَسْجِدٍ أيُغْلَقُ الْمَسْجِدُ أمْ يُنْهَى عَنِ الفَسَادِ الّذي فُعِلَ فيهِ؟
25- الْحاصِلُ أنَّ عَمَلَ الْمَوْلِدِ خَيْرٌ وبَرَكَةٌ، هَذَا لَيْسَ شَيْئًا يَرُدُّ الأُمَّةَ إِلى الورَاءِ، لَيْسَ شَيئًا يُؤخِّرُ، هَذَا يُجَدِّدُ حُبَّ النَّبِيِّ في الْمُسْلِمِ، يَبُثُّ فيهِ الشُّعُورَ بِالْحُبِّ للنَّبِيِّ والْمَيْلِ إِلَيْهِ.
فَمَا لِهَؤُلاءِ الَّذينَ يُحَارِبُونَ الْمَوْلِدَ وَالْمُحْتَفِلينَ بِهِ وَيُبَدِّعُونَهُمْ وَيُفَسِّقُونَهُمْ بَلْ وَيُكَفِّرُونَهُمْ أَحْيَانًا تَرَكُوا إِنْكَارَ الْمُنْكَرَاتِ الَّتي هِيَ مُنْكَرَاتٌ حَقًّا بِحَسَبِ الشَّرِيعَةِ كَالْكُفْرِ اللَّفْظِيِّ الْمُنْتَشِرِ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ الْعَوَامِّ مِنْ سَبِّ اللهِ وَغَيْرِهِ وَكَتَكْفيرِ الْمُسْلِمينَ بِلا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ لِمُجَرَّدِ أَنَّهُمْ تَوَسَّلُوا بِالنَّبِيِّ أَوِ الصَّالِحِينَ أَوْ تَبَرَّكُوا بِالنَّبِيِّ أَوْ ءاثَارِهِ أَوْ قَرَءوا الْفَاتِحَةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْقُرْءَانِ على الْمَيِّتِ، لِمَ لَمْ يُنْكِرُوا هَذَا وَأَنْكَرُوا الاحْتِفَالَ بِمَوْلِدِ الْنَّبِيِّ الَّذي اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ حِينِ ظُهُورِهِ إِلى يَوْمِنَا هَذَا عَلَى اسْتِحْسَانِهِ إِنْ خَلا عَنِ الْمُنْكَرَاتِ كَتَحْرِيفِ اسْمِ اللهِ أَوِ الْكَذِبِ عَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليهِ وسلَّم، فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ بِسَبَبِ ضَغِينَةٍ في قُلُوبِهِم تُجَاهَ أَفْضَلِ الْخَلْقِ أَوْ لِمُجَرَّدِ أَنَّهُمْ حُبِّبَ إِلَيْهِمُ الشَّذُوذُ وَمُخَالَفَةُ الْمُؤمِنينَ فِيمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِمَّا لا تَهْواهُ نُفُوسُهُم الْمِعْوَجَّةُ، أَوْ يَكُونُ لِكَلا الأَمْرَيْنِ، وَاللهُ حَسِيبُهُمْ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآلُ.
علي الله إقرأ لكي تعرف دينك وما لك وما عليك لا من أجل الرد على الآخرين وأسأل نفسك هذا السؤال ماذا أقول أذا سألني الله ورسوله يوم القيامة على الكلام الذي قلته هل ستقول سمعة أحد العلماء او المشايخ يقول ذلك جهز إجابة لنفسك ٠ يقول تعالي:{يوم أكملة لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ٠٠٠٠}٠ ويقول صلى الله عليه وسلم:{اتبعوا ولاتبتدعوا} فكر ثم فكر جيدا هذا دين يا أخي
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله … وكفى ..
أولا وقبل كل شئ أثبت أنا الرسول عليه الصلاة والسلام ولد يوم (12 ريبع الاول) ولكن مثبت انه صلي الله عليه وسلم توفي يوم (12 ربيع الأول) ومما يثبت أن الأحتفال هذا بموته صلي الله عليه وسلم وليس ولادته كما أثبت الكثير من أصحاب العلم مأجورين .
بعد هذا تعال وتكلم عن ماأنكر أو أيد الأحتفال بالمولد !!!
وراجع الرابط الآتي للفائدة ونفعنا الله وأياكم لما فيه الخير والرشاد …
http://www.noor-alyaqeen.com/up/uploads/files/domain-d567e32637.pdf
1.اذا اعتبرنا ان الاحتفاء بمولد النبي يوما كل عام ليس ببدعة فأنه عليكم أن تعلموا أن كل الاحتفاءات التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم شكرا لله على نعمة من النعم كانت صياما و لم تكن في ساحات تقام بعد العشاء الى منتصف الليل و يحدث فيها الكثير من التهريج, فلماذا لا تصومون اذا كان هدفكم التقوى؟
2.هل تعتقدون ان من يشارك في احتفالات ” و ليست احتفاءات” يثاب من الله سبحانه وتعالى على ذلك؟
3. الحج ركن من اركان الاسلام لو كنت تفقه و لا يقارن ما فرضه الله في كتابه باجتهاد سلطان ليس من اهل العلم و اتى بعد الهجرة بعدة قرون
4. ما فعله ابوبكر رضي الله عنه من جمع القرءان و ما فعله عمر ابن الخطاب من جمع الناس في التراويح كان له اسباب
فابوبكر خاف من ضياع بعض الايات لاسباب كثيرة منه موت الحفاظ فكان الجمع ضروريا
و عمر جمع الناس لانه ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم خاف ان صلى الناس وراءه التراويح ان تفرض عليهم
الاستاذ محمد باشا ياسين / المحترم
سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته
اولا تحية واحتراما
ثانيا احييك لاسترسالك في موضوع كثر فيه الخلاف والاراء من مختلف المشارب.
ولكنني أعيب عليك ? و مع فائق احترامي – افتتاحه بان “هذا بيان جواز الاحتفال … ” . انت كاتب وصحافي شاب دورك أن تدلُ بدلوك وتقول وجهة نظرك وبحياد لا أن تجوز أو تحرٍم. إما هذا أو تنسب هذه الإجازة لشخص أو لجهة ما ليتحمل مسؤليتها فيحسب لك ثواب النقل أو وزره إذا فسد.
وبعد
انا أتفهم تماما أنا الصوفية وباختلاف طرقهم يتفقون على جواز الاحتفال بمولد النبي (ص) ، بل وحتى السلفيين أو من يسميهم الصوفية ب(الوهابيين) تجد لهم خياما بساحات الاحتفال وهذه لم تكن يوما نقطة الخلاف. بل هي كيفية الاحتفال وطريقته والممارسات التي يقوم بها الكثير والكثير من الشباب والشابات حتى اصبح مفهوما للجميع ان ساحة الاحتفال بالمولد هي مكان للقاءات العشاق ومرضى النفوس الذين يجدون في التزاحم فرصة للالتصاق بالنساء و حتى الرجال. أما خيام كثير من الطرق الصوفية فهي احتفال بمولد أشخاص أخر غير النبي (ص) ، واعتقد أنك تتفق معي أن الاناشيد أو (المديح) ليس كله مدحا للنبي (ص) بل لاناس آخرين. وانا هنا لا أريد أن أتطرق لجواز ذلك من عدمه ، بل أقصد أن المراد هو الاحتفال بميلاده (ص) فلماذا إذاَ ينادي ويناجى آخرون مثل : “شئ لله يا حسن يا سلطان الزمان يا حسن ..” والامثلة كثيرة لمناجاة أناس (موتى) هم بين يدي الله الان وفي أمس الحاجة ان ندعو لهم الله ليقبلهم ويكفر عنهم سيئاتهم لا أن نطلب منهم ما ليس في مقدورهم بل هو شئ خاص بالله سبحانه وتعالى.
إذا كان الاحتفال بمولد سيد البشر (ص) يعني كل هذا ، فالاولى عدم الاحتفال به. يوم أن ولد النبي (ص) هو يوم فرحة لكل البشر والاولى ان يكون ذكرى لنا وفرصة لتذكير انفسنا وابناءنا بمآثر السيرة النبوية العطرة وسيرة صحابته رضوان الله عليهم في نشر الاسلام وكيف وصل الى بلادنا وشرفها به ، لا أن يقتصر على مجرد ضرب للدفوف واهازيج والحان لا نكاد نسمع مفرداتها جيدا بعد ان اختلطت بالحان واهازيج وتمايل رجال ونساء آخرين.
وجود العنصر النسائي بهذا الشكل المسيئ حتى للصوفية او السلفية أو حتى عاداتنا وتقاليدنا الاصيلة و اختلاط النساء وتمايلهم بحركات مدروسة ومرتبة مع الرجال هو ما يجب لفت النظر اليه وجعل مناسبة الاحتفال بالمولد فرصة لتذكير هؤلاء النسوة بان هذا لا يرضي الله سبحانه وتعالى ولا نبيه (المحتفى بميلاده). وانا لا أتحدث من فراغ ففي مدينتي (بحري / شمبات) يجري الاحتفال سنويا بمناسبات عدة تبعا لواحدة من أشهر الطرق الصوفية في السودان رجالا ونساء و في مكان واحد وبتمايل وحركات جسمانية تظهر جميع مفاتن المرأة وكلها تحت مسمى (الذكر).
وفي الختام ، إذا كان هذا هو المعنى والمراد الحقيقي للاحتفال بمولد النبي (ص)، فكيف يكون جائزا. واستند إلى قول الإمامُ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ والذي استندت انت عليه في معرض حديثك عن تعريف البدعة : “الْمُحْدَثَاتُ مِنَ الأُمورِ ضَرْبَانِ أَحَدُهُما ما أُحْدِثَ مِمَّا يُخالِفُ كِتابًا أو سُنَّةً أو إِجْماعًا أوْ أَثَرًا فَهَذِهِ البِدْعَةُ الضَّلالةُ والثَّانِيَةُ ما أُحْدِثَ مِنَ الْخَيْرِ ولا يُخالِفُ كِتابًا أوْ سُنَّةً أَو إِجْماعًا وهَذِهِ مُحْدَثَةٌ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ”
ألا ترى يا أخي محمد كل ذلك ؟ ألا تخالف هذه الاقوال الكتاب والسنه؟ فانا أدعوك الان لتواصل الكتابة في هذا الموضوع الشيق وتخصص جزءً من قلمك بتقديم النصح لمن يسيئون لمولد النبي (ص) وان تدعوهم للتوقف عن ذلك لما فيه من اساءة لنبينا الحبيب (ص).
وفقنا الله وإياك
أخوك محمد يوسف الخانجي / أكاديمي
“ق ول النبي صلى اﷲ علﯿھ و سلم ( من ّسن في اﻹس ﻼم س ّنة ح سنة ..الح دﯾث )
سبب ورود ھذا الحدﯾث وھو ّ أن قوم ا م ن م ضر ج اءوا إل ى
النبي صلى اﷲ علﯿھ و س لم مجت ابي الّنم ار- ﯾعن ي عل ﯿھم ثﯿاب ا غلﯿظ ة وھ ي ال شمﻼت
التي تعرفونھا شبكوھا ثم لبسوھا ھكذا ? لفقرھم وش ّدة ف اقتھم فل ّم ا رآھ م النب ي ص لى
اﷲ علﯿھ وسلم ر ّق لحالھم فأمر بﻼﻻ فأ ّذن فأقﯿمت الصﻼة وصّلى ثم قام خطﯿب ا وح ّث
الناس على الصدقة وق ال: ( ت صدق رج ل بدرھم ھ و ت صدق رج ل ب دﯾناره و ت صدق
رجل بب ّر شعﯿره) ..الخ فتأخروا قلﯿﻼ فجاء رجل من اﻷن صار بك ﯿس كبﯿ ر م ن الم ال
فتسارع الن اس و ت سابقوا حت ى جمع وا كوم ا كبﯿ را م ن ال صدقة فق ال النب ي ص لى اﷲ
علﯿھ و -سلم عند ذلك : (من سن سنة حسنة ف إن ل ھ أجرھ ا وأج ر م ن عم ل بھ ا م ن
غﯿر أن ﯾنقص من أجورھم شيء ومن سن سنة سﯿئة كان علﯿھ وزرھا ومثل وزر من
عمل بھا من غﯿ ر أن ﯾ نقص م ن أوزارھ م ش يء ) ف النبي ص لى اﷲ علﯿ ھ وس لم ح ّث
على الصدقة والصدقة مشروعة .
ھذا الرجل ّسن لھم السبق في ھذه اللحظة الحرجة ،فأنت إذا سبقت إلى عمل قد غفل
عنھ الناس تكون قد سننت لھم ّسنة حسنة ّ أما أن تخترع في دﯾن اﷲ شﯿئا ﻻ ﯾوجد فھذا
ھو الضﻼل وھذه ھي البدع التي قال فﯿھا النبي ص لى اﷲ علﯿ ھ و س لم : ( م ن أح دث
في أمرنا ھذا ما لﯿس فﯿھ فھو رد ) و قال اﷲ ع ّز و ج ّل ف ي ذل ك : ( أم لھ م ش ركاء
شرعوا لھم من الدﯾن ما لم ﯾأذن بھ اﷲ ) لو كان ھذا خﯿرا لسبقنا إلﯿھ رسول اﷲ صلىالله عيه وسلم”
الشﯿخ عبد العزﯾز بن باز ? رحمه اﷲ –