أخبار السودان

الأوضاع الاقتصادية.. غياب المعالجات

لا أحد يستطيع أن ينكر وجود (أزمة اقتصادية) خانقة في السودان والانعكاسات التي خلفتها على حياة الناس، بسبب الزيادات المتوالية في أسعار السلع الضرورية، حتى بات الحصول على (لقمة العيش) أمراً مستعصياً على الكثير من العائلات، في المقابل تجتهد الجهات الحكومية المعنية على أعلى مستوياتها، للجم (غول) السوق باستصدار قرارات على مدار الأسبوع تقريباً، لكن الخطوات التي اتخذت بنظر من يعارضونها لم تنتج حلاً، حتى طفح إلى السطح إلى أين تتجه مآلات ما يحدث. في هذا الاستطلاع طرحت (آخر لحظة) حزمة من الأسئلة على مهتمين واقتصاديين وسياسيين شرح ما وراء (الأزمة) وكيفية الخروج منها، علها تعين في تجاوز الواقع برؤية جماعية. استطلاع: ناهد عباس – عماد النظيف وقفة حاسمة جملة من الحلول والمعالجات قامت بها الحكومة ولكنها لم تكبح جماح الدولار الذي ظل متصاعداً بنسب عالية، الأمر الذي انعكس على كثير من السلع وفاتت أسعارها الحد المعقول.
المحلل السياسي محمد الشقيلة أوضح أن الظروف الاقتصادية والسياسية الحرجة التي تمر بها البلاد ناتجة عن التردي المريع للاقتصاد ووصفه بأنه في المرحلة قبل الأخيرة من الانهيار، وقال إن الحلول المتوفرة لمعالجة هذه الأزمة والمتفق عليها من بين العارفين في الشأن الاقتصادي هي حلول سياسية في المقام الأول، وليس بمقدور الحكومة أن تنفذ جزءاً منها، وترتبط تلك الحلول بتقليل الإنفاق الحكومي بشكل عام ومكافحة الفساد بشكل جاد، وأضاف الشقيلة أن هناك مشكلات تدور داخل الحزب الحاكم فاقمت من تعقيد الأمر. وأوضح أن الوضع يزداد تأزماً وأن المواطنين يتأثرون كثيراً ولكن بالمقابل سوف تتأثر الحكومة أكثر وستجد نفسها إذا استمر الحال على ما هو عليه، غير قادرة على تسيير أمورها وتصريف أعمالها، وأضاف قائلاً: (ما أقوله ليس من باب التشاؤم ولكن من باب الواقعية).

وقال القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي إن الوضع الراهن يحتاج إلى وقفة حاسمة ومواجهة ومراجعة دقيقة وما يحدث الآن ليس بالأمر السهل ويتطلب إجراءات عاجلة، وأضاف أن تلك الإجراءات سوف تكشف عنها نتائج الدراسات التي تدرس الأوضاع الحاصلة. وضع مأزوم أما القيادي بالمؤتمر الوطني قطبي المهدي فلم يتوقع تغييراً يحدث، حيث قال ستظل الأوضاع كما هي، والوضع السياسي يعيش في أزمة كبيرة، وهناك مشكلة في الإدارة العامة وإن العلاج لن يكون بين يوم وليلة، فأمام السودانيين مشوار طويل جداً، وأضاف لا أرى إرادة قوية لا سياسية ولا شعبية، وأوضح أن الحلول تكمن في حدوث تغييرات في الثقافة السودانية وطريقة التفكير وفي أسلوب الإدارة التي تحتاج إلى قيادة تساهم فيها خبرات، ولكن لا توجد إرادة لتوظيف الخبرات السودانية لمعالجة الأزمة الحاصلة، وأشار إلى أن الحكومة تلجأ إلى إجراءات إسعافية في الجانب الاقتصادي، وفي السياسي تسعى للترضيات.

وبدأ القيادي بالمؤتمر الشعبي أبوبكر عبدالرازق حديثه متفائلاً بما تؤول إليه الأوضاع، حيث قال ينبغي على السياسي والمفكر أن يكون متفائلاً وأن يؤمن بحظوظه ويجتهد في أن يقول مقاله الرأي الصواب، وأضاف في تقديري أن قيادة السلطة قدمت كل ما تستطيع تقديمه، والوضع مأزوم سياسياً قبل أن يكون اقتصادياً، وأوضح أن أس البلاء في القرارات الاقتصادية المتمثلة في ميزانية العام 2018م، إضافة إلى انتهاج الحكومة سياسات قاسية فاقمت من زيادة الأسعار، وقال الصرف الزائد على الحرب كان على حساب معاناة الشعب، وانضم لهذا الوضع أدوات الإشاعة والجشع والهلع مما زادت من تعقيد الأمر أكثر. وعدد عبد الرازق الحلول للخروج من تلك الأزمة في تقليل الدستوريين والصرف على العمل السياسي والدستوري ومنع كثير من الواردات التي قللت العملة الصعبة.

معالجات أمنية:
ووضع الخبراء الاقتصاديون جملة من الحلول والمعالجات، حيث طالب الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي بحزمة من الإجراءات الاقتصادية للحد من تهريب الذهب والضرب بيد من حديد على المضاربين، بجانب المحافظ على حصيلة الصادر وترشيد الإنفاق الحكومي، وقال الرمادي السودان يفقد سنوياً جراء تهريب الذهب ما يصل إلى (8،6) مليار دولار إذا أدخلت المصارف لقل الطلب على الدولار، وأوضح أن فقدان حصيلة الصادر جعل البنك المركزي غير قادر على السيطرة على النقد الأجنبي وأن تلك التراكمات في الاقتصاد زادت الأسعار بصورة جنونية وتجاوزت معدلات التضخم إلى مرحلة التضخم الجامح، حيث وصل لـ(125%) ووصف ذلك بأنه جموح الجموح. أما الخبير الاقتصادي محمد الناير فقال إن التحدي الحقيقي الذي يواجه الاقتصاد السوداني سعر الصرف ومعدل التضخم، وإن العلاج الناجع يكمن في زيادة الإنتاج والإنتاجية بغرض الصادر، وأضاف أن تلك الإجراءات غير متاحة في الوضع الراهن وتحتاج لبعض الوقت، وبالتالي على الدولة وضع حلول قصيرة المدى ومتوسطة وطويلة المدى، وتتمثل الحلول القصيرة المدى في استقرار سعر الصرف وضبط الصرف الحكومي، واعتبر الناير الإجراءات الاقتصادية الأخيرة بشأن سعر الصرف، بأنها معالجات أمنية أكثر من كونها اقتصادية، أدت للارتفاع في سعر الصرف، وأضاف أنه يجب على بنك السودان المركزي ضخ أموال في المصارف وأن يتخذ إجراءات اقتصادية توحد بين سعر الصرف في السوق الموازي والمصارف، بجانب تهيئة المناخ وجذب الاستثمارات الأجنبية .

نفق مظلم :
ووصف الخبير الاقتصادي عبد العظيم المهل اقتصاد البلاد بأنه دخل نفقاً مظلماً بسبب تخبط السياسات الاقتصادية، بجانب موازنة العام (2018م)، وأوضح المهل في حديثه لـ(آخر لحظة) أن هنالك سوء إدارة اقتصادية بسبب النظرة المحدودة لإدارة الاقتصاد، وقطع بأن لا أحد يستطيع التنبؤ بمستقبل البلاد والخروج من الحالة الراهنة، وقال المشهد الاقتصادي في ارتباك ومحتاج لإدارة مهنية عالية بعيداً عن السياسة والأحزاب، ولفت المهل إلى الحال التي يعشها المواطن، حيث وصل إلى حالة نفسية سيئة وانخفض مستوى المعيشة وفاقم من الأمر انتشار الشائعات بخصوص الاقتصاد، مما زاد هلع وقلق المواطن حتى وصل لمرحلة إصابته بالأمراض.

آخر لحظة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..