مقالات وآراء

تمويل المشاريع الزراعية، وتخريب الاقتصاد القومي..!

يوسف آدم

فيما لا يضع شك للظن أن التمويل أهم ركيزة من ركائز الإنتاج وأهم أداة لتطوير الأفراد أوالجماعات وخروجهم من دائرة الفقر، وعبرها يمكن للشعوب أن ترسم نهاية خاتمة للفقر المدقع، وذلك بتوفير إحتياجات المشروع المنتج من قبل مؤسسة مالية قادرة على ذلك. ولكن التمويل في السودان تختلف تمامًا عن ما هو متعارف عليها، فأنصار النظام البائد إستغلوا أذرعهم المزروعين في مؤسسات التمويل “التمويل العقاري، التمويل التجاري، التمويل الزراعي وتمويل السيارات” والموجودون في شركات التأمين لتمرير أجندة من شأنها أنهكت مؤسسات الدولة المالية والاقتصادية وأفقر بنك السودان المركزي من العملات الصعبة والذهب بسبب فسادهم الذي أوصل بلادنا لهذا الدرك.
ومايؤسفني جميعنا نجمع بأن التمويل للمشاريع هي المخرج من الضائقة الإقتصادية التي تمر بها بلادنا، والمؤسف حقًا أننا لم ولن نراجع أخطاءنا الماضية، فالقطط السمان الذين يتبعون للدولة العميقة افسدوا كل شيء ولازل أذرعهم موجودة وفي مقدمة مؤسسات الدولة الإدارية والمالية. فإذا حدثتك عن طريقة منحهم للتمويل والقروض وطريقة تبديدها وعدم إرجاعها لخزينة الدولة لتستغرب أكثر، فمعظم قروض التمويل لم ترجع وهروب المدانين إلى خارج البلاد والآخرين نزلاء بسجن الهدى “السجن الأفضل من بيت المسكين” وفي آخر المكاف تعافوا من الديون.
فإذا بالقطط السمان إلى آخر عهدهم كانوا يتقدمون بطلب التمويل للمشاريع الزراعة المطرية مثلًا وبالمقابل يحصل على تصديق التمويل في أسرع وقت ممكن، ويبدأ في إكمان إجراءات التأمين وهي الآخر تتم بالوجه الأسرع نسبًة لتنسيق الأمر مسبقًا، ويرجع للمصرف ويستلم المبالغ والمعدات وحتى الوقود. وبعدها يذهب إلى المشروع وينصب خيمه ويجهز مساكن العمال، ويبدأ بحرث الأرض المرة الأولى ولم يحرثها بطريقة جيدة فحتى خطوط المحراث تكون متباعدة لكي لاتصرف من الوقت والوقود أكثر، وبعد الإنتهاء من أعمال الزراعة الأولى يتفرغ لأعماله الخاصة وينسى الزراعة على حالها وفي نفس الوقت يبيع حصص الوقود والتقاوي وما لازمها من ملحقات التمويل الاخرى، وعند منتصف الخريف مع بداية ملئ البرك، الخيران والحفائر ماء المطر يقومون بفتح جداول الماء لإغراق المشروع المجهز بالحراثة الاولى الذي لم يكلفهم شيء من حصص التمويل، ويتركوها ليغرق تمامًا ويذهب في الأسبوع التالي إلى شركات التامين ويخبرها بالغرق، وجميعكم بتعرفوا المماطلة ورداءة الإجراءات التي تحصل عند التأمين، والأغرب من كل هذا التنسيق موجود مع موظفي التأمين. وجهات التأمين لم ترسل فريق طورئ أو لجنة التقصي الحقلي لمعرفة الوضع وتقييم الأضرار ولكنها تشرع فقط في طريقة التعويض، وهنا القطط السمان يعملون بكل جهد لإنجاح مرحلة التعويض فبدلًا من يطارد يجتهد لإنجاح مشروعه ويكمل حراثة الأرض وزراعة البذور لا يعود إلى العاصمة ويسكسك في التعويض ويتحدث عن غرق مشروعه. وبكل أسف الدولة خسرت ملايين الجنيهات في تمويله ولكنه أهلكه بقصد وأدخل الدولة في خسارة وأموله أدخلهم في تجارة خاصة بعيدة عن إستفادة الجهة التي مولتها وبهذه الطريقة وأخرى يتعامل القطط السمان مع التمويل الزراعي.
إما التمويل العقاري في المدن وخاصة العاصمة الخرطوم فالقطط السمان عندهم له عدة حيل يتخذونها، فالكثير منكم قد مر بحي راقي أو درجة أولى ووقع بصره في بدايات لتأسيس إنشاءات جديدة كعمارة أو برج كبير وغيره ولكن توقف بعد صب الاعمدة الخرسانية، ولكن لاتعرفوا السبب أو الأسباب. ممكن أذكركم ولو تتذكروا مثل هذه الأمور لم تكم موجودة من قبل ولكن كلها بعد 2007 وإلى 2016 وهذه هي الفترة التي نهب قطط الإنقاذ السمان البلاد بحجج تمويل المشاريع وغيرها، لذا نجد زروة وقت الفساد في بلادنا في هذه الفترة؛ لأنها هي الوقت التي أعلن فيها بنك السودان المركزي فتح فرص للتمويل لكل المشاريع بما فيها التمويل الأصغر الذي أستفاد منها بعض الفقراء.
فمعظم القطط السمان الذين أعتدوا على المال العام بغرض التمويل وتركوا مشارعهم حتى فشل وعجزوا عن السداد هربوا إلى دول أخرى وهم كانوا واجهات لشخصيات نافذة في الدولة فبمساعدتهم تم تمويلهم وبواسطتهم أيضًا إستطاعوا الإفلات من السداد والحساب وحتى بعضهم لم يشرفوا نزلاء سجن الهدى، فقط بسبب أنهم لديهم دهر “واسطة” تقيهم من العقاب ومكنهم من التعدي لأموال الدولة.
فالوقود الزراعي كانت وللآن تباع في السوق الموازي ومع سقوط نظامهم لم يترك القطط السمان أصحاب المشاريع الوهمية عملهم في التخريب الممنهج للاقتصاد القومي، بل يتوصلون في نفس نهجهم السابق ويسلكون طريق آباءهم الاولين، فاليوم مع ندرة الوقود وإرتفاع أسعارها تجد الواحد مصدق ليه مئات البراميل من الجازولين يستلمهم بالسعر المدعوم ويبيعهم في السوق الموازي والجهات الرسمية والشعبية تدرك ذلك ولكن ليست للحكومة جهاز رقابي أو إرادة لمحاسبة هؤلاء، فسنتحدث في مقال قادم بإذن الله عن الأسعار التي تباع بها الوقود التجاري في السوق الموازي وطريقة تصديقها والحصول عليها.
فإذا الدولة الآن تتجه إلى خطة تمويل المشاريع الإنتاجية نتمنى أن تنظر إلى مثل هذه الثغرات حتى لاتقع فيها مرة أخرى وتبقى كمن جرب المجرب، وأبضًا أو أذكركم بأن القطط السمان الآن هم موجودون في كل مؤسسات الدولة، فالصف الأول من القطط السمان ممكن نقول في السجن والصف الثاني منهم معروفين ومطاردين ومرصودين من قبل الثوار، فإما قطط الصف الثالث والرابع تنكروا ولبسوا شعار الثورة وأصبحوا غير معروفين لديكم فأحذروهم فهم الآن موجودين في كل دواوين الدولة ويسعون بكل جهد لعرقلة الفترة الإنتقالية وإفشال تنفيذ سياسات الحكومة، ويعاكسون من يريد أن يخدم خدمة للبلاد. فليست بالبعيد فالامس القريب عندما إتخذت الحكومة سياسة توحيد سعر الصرف للجنيه السودان والتي بدوره أدى إلى إقبال المواطنون بالقرار وإتجهوا إلى المصارف والبنوك الحكومية لإستبدال مدخراتهم من العملة الصعبة بالعملة المحلية لإنعاش الاقتصاد، ظهرت المعاكسات والمماطلات من قبل موظفي عدة بنوك للمواطنيين حتى لايفكروا في إيداع أموالهم للحكومة، وبعض الصرافين في البنوك بدلًا عن يستبدلوا هذه العملات لصالح بنك السودان ودعوها لصالح حسابات تجار يعملون معهم في تجارة العملة وهذه يدل على وجود الدولة العميقة وقططها السمان في مؤسسات الدولة. لذا ننبه إلى ضرورة التبليغ الفوري لأي مخالفة قد تحدث أو أي ملاحظة مريبة حتى نقطع أوصال المفسدين.
وأكرر القول بأن حكومة الثورة الإنتقالية في بلادنا الآن تواجهها تحديات صعبة للغالية فالنقف جميعنا من أجل مصلحة الوطن أولًا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..