يا ناعقي الإعلام (السجمان) .. سوف تقتلعون عن تلفزيون السودان اقتلاعا

حسن عبد الرضي
(قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين)
صدق الله العظيم
سورة التوبة ، الآية (١٤)
(ومن الأفضل للشعب السودانى أن يمرّ بتجربة حكم الهوس الديني .. وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية ، إذ إنها بلا شك ستبيّن لأبناء هذا الشعب زيف شعارات هذه الجماعة.. وسوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسياً واقتصادياً حتى ولو بالوسائل العسكرية .. وسوف يذيقون الشعب الأمرّين .. وسوف يدخلون البلاد في فتنة تحيل نهارها إلى ليل .. وسوف تنتهي فيما بينهم .. وسوف يقتلعون من أرض السودان اقتلاعاً..)، ذلك حديث مشهور للأستاذ محمود محمد طه ، عُرِفٓ بـ(حديث السوفات) .. وللأستاذ حديث آخر يصف فيه سوء جماعة الهوس الديني ، بقوله :
(كلما أسأتٓ الظن بجماعة الهوس الديني ، تلقى سوء ظنك في محله!!) ، وجاء برواية أخرى : (كلما أسأتٓ الظن بجماعة الهوس الديني تجد نفسك أحسنت فيهم الظن لأنهم أسوأ من سوء الظن العريض).
نعم إنهم يفوقون سوء الظن العريض ، وتلفزيون السودان المنكوب ، ومعظم العاملين فيه يجسّدون هذا السوء ، ويجعلونه يمشي ، مختالاً ، بين الناس ، إذ يفتقر (كيزان التلفزيون) ، وصانعو محتواه لأبسط ملكات الذكاء الفطري والحس السليم . وأرجو أن أستهل مقالي هذا ، بالبشارة بقرب ذهاب هذه الطغمة وهؤلاء الفلول إلى مذبلة التاريخ ، وأنهم لا يعدون شيئاً غير تجسيد (حكاية ديك المسلمية ، يحمروا في بصلته ، وهو يعوعي) ، ولا يغرنكم زعيق (ناس زعيط ومعيط) هؤلاء في نشراتهم الإخبارية الغريبة والعجيبة ، التي يتجاوزون فيها الأخبار الهامة ، ويلوثون أسماعَنا بحواراتهم العقيمة البايخة ، و(يسدون النفس) باستضافة أناس غريبي الأطوار ، لا تدري من أين أتوا بهم ، (يهرجون في ورجغات) مسيخة مكرورة ، تنبئ بأنهم ، لا محالة ، مغادرو (المشهد) ، غير مأسوف عليهم. وأنهم ذاهبون ، لأن العملية السياسية ، قد أصبحت في خواتيمها ، وأنهم ذاهبون حتى وإن لم تنجح العملية السياسية حتى ولو ظلّ (كيزانهم) ، معاذ الله، يتشبثون بتلابيب السلطة؛ لأن (الكيزان) سوف يستبدلونهم بأبالسة آخرين أقل منهم قتامة ، لأنهم ، آنذاك ، سوف يحتاجون لبيادق أنظف قليلاً (غسالين) لا إعلاميين ، يشتغلون في أعمال تبييض الوجوه كالحة السواد ، (وفي الحالتين أنا ، ضايع) كما تقول كلمات الأغنية التافهة التى تشبه ما يقدمه تلفزيونهم . سوف يرحلون بلا بواكي ، ويومها ، ستعم الفرحة كلّ بيت بـ(قطع وجوههم عنا).
إن من لطف الله بعباده أن سخّر لهم إعلاماً بديلاً (وسائط التواصل الاجتماعي) المتعددة و(فكانا من كضب الجماعة) ، وتزويرهم المكشوف للحقائق ، ومن عجب أنهم لم يكتفوا من التزوير حتى أصبح بعض منسوبيهم يزوّرون البطاقات العسكرية في حادثة ، لا أظن أن السودانيين قد اندهشوا لها، لأنها (ياها المحرية فيهم). يستخدمون ماكينة البطاقات داخل مباني الإذاعة والتلفزيون المخصصة لبطاقات العاملين بالهيئة لاستخراج بطاقات ضباط مزورة للإعلاميين المؤيدين لهم ، مستغلين ستار الليل وتراخي الرقابة ، فأصبحوا هم (خفافيش الظلام)!! .
والشواهد على الخراب المتعمد الذي طال التلفزيون ، لا تعدّ ولا تحصى. وحكاويه المخزية (على قفا من يشيل) ، إذ ظل تلفزيون السودان جهازاً (للكيزان وسخان) طيلة ثلاثين عاماً ، وخاصة أيام ثورة ديسمبر المجيدة ، فظلت تسيّره سلطة الإنقاذ الغاشمة أينما أرادت ، تشويهاً لثورة عظيمة شهد العالم بعظمتها ، وتعمد تشويه صورة شاباتها وشبابها الشجعان في وقاحة و(قوة عين غريبة) نادرة ، إذ سولت لهم أنفسهم المريضة (فبركة) فلم سمّوه (خفافيش الظلام).
وكيف لا يجوز وصف التلفزيون بالوقاحة إذا كان المهرج ناجي مصطفى يتسيد أرض التلفزيون ويحتل كل شبر منه ، وتراه كل ساعة في مسخ مختلف ، فتجده تارة ضيوفاً ، وفي ظهيرة اليوم مقدماً لبرامج ، وحيناً آخر يلبس لبوس الثائر عند (الكتمة) ، وحينما تدلهم أمامه الأمور؟! ويشاء الله أن يفضح هذا الدعي ، فيقع في قبضة السلطة التي كان يتملقها ، وتبدأ ، هذه الأيام ، محاكمته. إذ ورد في الأخبار : (عقدت المحكمة أمس ، أولى جلساتها في محاكمة الناشط السياسي المثير للجدل د. ناجي مصطفى ، بتهمة إثارة الحرب ضد الدولة والإرهاب ، وذلك إبان ظهوره في مقطع فيديو متداول بوسائل التواصل الاجتماعي ، توعد فيه البرهان والحكومة السودانية في حال أقدموا على التطبيع مع الكيان الصهيوني) (صحيفة الصيحة ١ مارس ٢٠٢٣م) .
ولم تطل فرحتنا بتحرير تلفزيوننا وعودة الروح إليه بعد الثورة العظيمة ، إذ تم تغيير تلفزيون الثورة شكلاً ومضموناً، وأصبح السودانيون يتحلقون حول برامجه ، وخاصة برنامج (في بيوت الأشباح) ، الذي فضح الطغمة البائدة ، كما كنا ننتظر برنامج الأستاذ لقمان (حوار البناء) بفارغ الصبر ، برنامج أعاد الروح وأعاد المشاهد السوداني الحصيف لجهازه الذي كان قبل الثورة يمتهن الكذب ، ويرتهن كامل إمكاناته إلى الجماعة إياها . ثم ويا للأسف ، تعود نفس هيمنة الفاشلين عليه بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر المشؤوم ، حيث عادوا إلى تزوير الحقائق وتطفيفها ، والاستخفاف بعقل المشاهد السوداني اللماح ، حيث نلاحظ تعمد التلفزيون تجاهل أخبار العملية السياسية ولو بالنزر اليسير من الاهتمام ، في وقت تتصدر فيه أتفه أخبار اجتماعات الكتلة الديمقراطية وخزعبلات (الحرية والتغيير الضرار) نشرات الأخبار. ويكفينا مهانة ، أن تتصدر أخبار التوم هجو نشرات الأخبار ، ويعود التوم هجو مجدداً ، متربعاً على الشاشة البلورية يهرف بما لا يعرف ، يدق طبول الحرب ، ساخراً بالاتفاق الإطاري ، وساعياً حثيثاً مع زمرته الخائبة لإفشال العملية السياسية برمتها ، مهدداً بأنهم لن يتركوا الاتفاق الإطاري يمضي للأمام . هذا في وقت يتجاوز فيه التلفزيون أخباراً تهم كل الشعب السوداني ، المعلمين والآباء والأمهات وجموع التلاميذ والطلاب ، وكل أفراد الشعب السوداني ، يتجاوز أخبار إضراب العزة الذي عمّ جميع ولايات السودان ، وفاقت نسبة نجاحه الـ٩٠٪. لكن تلفزيون الجماعة (أعمى البصيرة) يظل (يفتل) الأوهام أخباراً ، ويتغاضون عن أخبار إستشهاد أكثر من مئة وثلاثين شاباً قدموا أرواحهم فداء لهذا الشعب ، ومهروا ثورتهم بدمائهم يترك تلفزيون الكيزان كل هذه الأخبار ويتجاهلها عمداً لحاجة في أنفس زبانيته ولغرض يخصهم ، والغرض ، كما يقولون ، مرض..
بالله عليكم ، كيف يحرمنا التلفزيون من الحوارات والتحليلات الذكية ، التي كان يجريها الصحفيان النابهان ماهر أبو الجوخ ، وشوقي
عبد العظيم.
رأيت أن أختم مقالي هذا، بسرد ما ألمحت إليه عن التزوير الذي أصبح سائداً في ردهات التلفزيون ، فقد ورد في الأخبار : (تمكّنت شعبة المباحث الفيدرالية في أمدرمان وسط من القبض على مذيع معروف ومسؤول بالهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون انتحلا صفة ضباط شرطة ، واستغلا بطاقات مزوّرة تمّ تزويرها بمباني الهيئة. وقالت صحيفة الانتباهة الصادرة ، الأربعاء ، إنّ الشرطة ضبطت مسؤولاً بقسم التكافل الاجتماعي بالهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون ، وبحوزته بطاقة شرطية برتبة ملازم أول وفور اقتياده للقسم وبالتحري معه ، أفاد بأن مذيعاً معروفاً أحضرها.
وأشارت إلى أنّه تمّ القبض على المذيع وضبط بمنزله لابتوب يحتوي نماذج لاستمارة شرطة برتبة ضابط ، وبالتحري معه أقرّ بأنّ عملية التزوير كانت تتمّ بأجهزة تخصّ الهيئة ، وعثر بحوزته على بطاقتين برتب ضباط شرطة..) (وكالات الأنباء) .. ومهما مرت الأيام ، فلن ننسى (حجوة أم ضبيبينة) : (شالوا مدير الهيأة القومية للإذاعة والتلفزيون وجابوا غيره ، ثم تاني جابوه ، تاني شالوه ، وتاني جابوه ، ليه؟ أصلو هو مدير الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون أم “لستك أسبير”؟).
ولا حاجة لإثبات أن الأعلام والأقلام عند غير أهلها ، ولكن ، من المؤكد ، أن مقالي هذا ، المتواضع ، قد (فشّ غباين) أناس كثر!! .
والله فشيت بعض غبينتنا ، و طرقت باب من الاهمية بمكان، حيث يواجه الشعب بفنون الهوان و الاستحقار ممن تنقصه المهنية و الوطنية و الرجولة كمان و طبعاً قبل ذلك ينقصه الوازع الديني. قدام يا وطني