نظام الإنقاذ والحركات المسلحة كلها أدوات في خدمة المخططات الأجنبية

يواجه السودان مخاطر كبيرة لاسيما على الصعيد السياسي، الذي ألقى بمضاعفاته الخطيرة على أصعدة الحياة الأخرى. فبرغم إنشطاره الى دولتين، مازال الفشل هو سيد الموقف، في البلدين، خاصة في الجزء الشمالي، الذي تتهيأ بعض أطراف المعارضة الخاضعة لمشيئة المجتمع الدولي، للجلوس والتحاور معه وهي تعرف أكثر من غيرها إن المجتمع الدولي الذي تتحدث بإسمه هذا، لا تعنيه كثيراً المصالح الوطنية للشعب السوداني، وإنما تعنيه وتهمه مصالحه، بالدرجة الاساس، لذا لم يحرك ساكناً تجاه إنتهاكات النظام لحقوق الإنسان في السودان، سواء كان ذلك في الجنوب، أو دارفور أو جبال النوبة أو الخرطوم أو غيرها من مدن وقرى السودان الأخرى، منذ مجيئه للسلطة، كونه نظام غارق في وحل التخلف والرجعية،أتخذته القوى المعادية لتطلعات الشعب السوداني، اداة لتعطيل مسيرة بناء دولة تتوازى مع خيراته الوفيرة، يعول عليها أن تكفي حاجته، ماءاً، غذءاً، ودواءاً، وكساءاً، من خلال تعجليها بؤد الديمقراطية في 30/6/1989، بتسهيل مهمة وصوله للسلطة عبر الإنقلاب على المؤسسات الشرعية التي إختارها الشعب السوداني بمحض إرادته. كما فعلت خلال عام 2003 بتخلصها من نظام صدام حسين، تحت ذرائع اثبتت الايام كلها ذرائع واهية ومخادغة هدفت من وراءها، وضع حد لطموحات صدام حسين في الخروج من نفق التخلف والرجعية، ثم واصلت في خطتها الجهنمية بتخلصها من الأنظمة الجمهورية في كل من تونس ومصر وليبيا،واليمن والآن في سوريا، فرغم الانتهاكات المروعة لحقوق الانسان في سوريا سواء من قبل النظام او المعارضة ما زال المجتمع الدولي يتقدم خطوة اليوم ويتراجع خطوتين اليوم التالي، والسبب هو ان استمرار الوضع كما هو ينسجم مع اجندته ويخدم مصالحه، وهذه الحقائق اذ لم نتمكن من الوقوف عليها من خلال قراءة الكتب والمقالات التي تفضح خداع المجتمع الدولي لدول العالم الثالث، بخاصة في مناطق إحتياجاته الإستراتيجية الحيوية الاقتصادية مثل النفط وحركة التجارة الدولية والتي تمثلها المنطقة العربية كافضل تمثيل. فلعل الأحداث والوقائع على الأرض تساعدنا على الفهم ان وصول النظام المتخلف للسلطة، قبل اربع وعشرين عاماً لم يأتي من فراغ، وإنما جاء ضمن مخطط مرسوم من القوى المعادية للمنطقة العربية والإفريقية، والسودان واحد منها، بقطع الطريق على الديمقراطية الناشئة، وما كان ينتظر ان يرافقها من نهضة وتطور وإستنارة في العقول والنفوس. مما أدخل البلاد في صراع وحرب مفتوحة تحت شعارات الدين، هذه الشعارات لم تخدم الشعب السوداني بشيء، بل خدمت المخططات الأجنبية، حيث عطلت مسيرة البلاد السياسية، إذ أدت الى إنفصال الجنوب، وفاقمت الأزمات الاقتصادية والإنسانية المزمنة والمولدة للضغينة، بغرض إيصال أبناء الشعب الواحد الى مستوى من فقدان الثقة بل والشعور بالكراهية لبعضهم البعض، كما تم مع العراق الذي فرضت عليه القوى المعادية،الحصار ثلاثة عشر عاماً كأداة من أدوات الحرب النفسية لتفتيت المشتركات الوطنية بين أبناء الوطن الواحد، فنظام الإنقاذ كان واحداً من تلك الأدوات التي إستخدمتها بعض الأطراف المكونة لمنظومة المجتمع الدولي، فمنذ أن جاء رفع شعار الجهاد ضد الأخوة في الجنوب حتى أوصلهم حداً فضلوا فيه الإنفصال خياراً، وها هو يواصل مهمته التخريبية وتساعده في ذلك الحركات التي حملت السلاح لأن هذا الأسلوب، يخدم المصالح الأجنبية، بخاصة الدول التي تعتمد في إقتصادها على تسويق السلاح بدلاً من تسويق آليات التنمية للدول النامية، لأنه أسلوب لا يستطيع أن يسقط النظام في الخرطوم، كما أنه لا يترك الشعب يعول على نفسه في نضاله اليومي، بل يجعله يتوهم أن الحركات الحاملة للسلاح سوف تتولى هذه المهمة، مع أن هذه الحركات تخضع لإرادة المجتمع الدولي بخاصة الدول المؤثرة فيه، بجانب أن الحرب تعطل التنمية، وتضيع الفرص، وتهدر الوقت، وتخلق المآسي والأزمات في حياة الشعوب التي تقاتل بعضها البعض، ولعل ما إنتهت اليه الحرب الأهلية في جنوب السودان خير شاهد على أن الحرب تزيد الضغينة وتأجج مشاعر الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، ولا يعول عليها في تغيير النظام، بل في أفضل الأحيان تنتهي إلى محادثات بين حملة السلاح والنظام القائم، لا تغير النظام تغييراً جذرياً، بل تحدث إصلاحات شكلية تعزز من قوة النظام وتطيل من عمره، وربما تنتهي الى الإنفصال كما حدث مع الجنوب، وإذا ما أستمر الوضع كما هو قائم ستموت مشاعر الوحدة الوطنية في نفوس وضمائر الناس مع مرور الزمن، لذلك أقول أن لا سبيل للشعب السوداني للتخلص من النظام القائم، الذي ما هو إلا أداة في خدمة المخططات الأجنبية، سوى أن تتفق قواه السياسية الوطنية الحريصة على الوحدة الوطنية وترسيخ الديمقراطية وإحداث تحول حقيقي يضع حداً للمظالم الإجتماعية، وظروف عدم الإستقرار السياسي في السودان، سوى تصعيد النضال الجماهيري اليومي، آلية لتوحيد المشاعر الوطنية، ومن ثم تحريك الجماهير في كل مدن السودان عبر التظاهرات والإضراب والعصيان المدني، برغم التضحيات التي سوف يتحملها الشعب إلا إنها تبقى أقل كلفة من الحرب التي تأجج مشاعر الكراهية بين أبناء الوطن الواحد ، وغالباً ما تنتهي إلى أنصاف الحلول التي تخدم الأجندة الأجنبية أكثر من خدمة الأجندة الوطنية.

الطيب الزين
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بالنسبة لنظام الإنقاذ لا يخفى على أحد أنه صار مطية يحافظ عليها أمريكا عن طريق إعطائه الحقن الإسعافية والمنعشة ليظل عايش لتأخذ منها ما شاءت .. هذا يعرفه كل الناس سودانيين وغير سودانيين .. والنظام راض بذلك أملاً في إطالة عمرها متشبثة بالحكم ..

    أما الحركات المسلحة إن كنت تقصد بها حركات الهامش فهي لها حقوق مشروعة غمطها النظام وأنكرها عليها وضربتها بالسلاح .. لذا تريد تلك الحركات نزع تلك الحقوق عن طريق الكفاح المسلح .. فإن كان هناك مستفيد من كفاحها فماذا تفعل .. هل ترمي السلاح وتدخل في عباءة النظام الظام العنصري الذي أنكر عليها حقوقها؟؟

  2. فى تقديرى ان تشخيصكم للاوضاع يحمل نصف الحقيقة الا ترون بأن التغيير لن يأتى يالمقاومة السلبيةوالوصول الى حالة الثورة الشاملة يمر يعدة مراحل لابد من بينها التمرد ورفع السلاح ثم العصيان والتظاهروفى النهاية يكون الانهيار الشسامل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..