لماذا أستقال رئيس المحكمة الدستورية

تجربة المحكمة الدستورية في السودان تجربة حديثة بدأت بعد إقرار دستور1998م وقد مرت مياه كثيرة تحت جسر هذه المحكمة ففي عهد مولانا جلال علي لطفي تعرضت هذه المحكمة لتجربة قاسية نالت من سمعتها حين أقدمت المحكمة الموقرة علي إصباغ شرعية دستورية في حل المجلس الوطني مع أن نصوص الدستور من الوضوح بحيث لا تحتاج الي علم وخبرة قضاة المحكمة الدستورية ورغما عن ذلك ذهبت المحكمة الموقرة الي صحة حل المجلس الوطني , واحكام أخري متعلقة بالاعتقال السياسي فشلت المحكمة في انزال احكام الدستور في حماية الحقوق الدستورية و رغما عن كل ذلك سبق ان كتبنا مشيدين بالمحكمة وضرورة انجاح التجربة…….
ولكن سارت الامور بغير ما يشتهيه الكثيرون من القانونيين والمدافعين عن حقوق الانسان اصدرت المحكمة احكاما اتسمت بالانحياز التام للحكومة خاصة ايقاف ومصادرة الصحف مما دفع الكثيرين الي المطالبة بؤأد هذه التجربة في مهدها ، ثم انتقلت قيادة المحكمة الدستورية في عام 2013م الي مولانا عبد الله احمد عبد الله الذي كان عضواً بالمحكمة ويومها كتبنا مستبشرين بعهد جديد للمحكمة وذلك من واقع معرفتنا بالرجل وبالفعل لم يخيب ظننا تحركت المحكمة الدستورية واثبتت اكثر من مرة أنها تلتزم بالدستور والقانون ولا تخضع لارادة السلطة التنفيذية المهيمنة علي مفاصل البلاد اصدرت المحكمة احكاما غاية في الاهمية بخصوص حرية الصحافة والرأي ففي الدعوي المرفوعة من الكاتب الصحفي اسحق احمد فضل الله ضد جهاز الامن الوطني اصدرت المحكمة قرارها ضد الجهاز والزمته بنشر المقالات المحجوبة في ذات المكان في الجريدة ، ولاحقاً اصدرت حكمها لصالح جريدة التيار التي اوقفتها السلطة وأمرت باعادة اصدارها واحكام أخري لم تجد طريقها الي الصحافة هذه الاحكام لم ترضي السلطة بطبيعة الحال وبالمقابل اعادت الثقة لقطاع كبير من المهتمين بالشأن العام بسلامة الاجهزة العدلية وقدرتها علي مواجهة السلطة التنفيذية ولكن فجأة وبدون مقدمات موضوعية تقدم سعادة رئيس المحكمة الدستورية بالاستقالة والتي قبلت علي الفور ولم توضح الاستقالة الاسباب الداعية لتلك الخطوة ولكن البعض ربط الاستقالة بمسألة التحكيم بين شركة متكوت للتجارة العالمية وشركة السودان للاقطان وقد تراس رئيس المحكمة الدستورية هيئة التحكيم ليس بصفته رئيساً للمحكمة الدستورية بل كانت المسألة شخصية وبغض النظر عن معقولية رئاسته للهيئة من عدمها فأن الاراء قد تباينت فمن يري ان اقحام اسم رئيس المحكمة الدستورية في هذا التحكيم يتعارض مع مسئوليته باعتبار أن المحكمة الدستورية اعلي سلطه قضائية في البلاد ينتهي عندها أي نزاع ،وفيمن يري ان الامر لا علاقة له بعمل المحكمة الدستورية ولا باستقلالية المحكمة وبغض النظر عن أي الرايين مع الصواب الآ اننا نري ان ذلك كله ليس مبرراً قوياً للاستقالة فالرجل لم يرتكب ما يستدعي إستقالته خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد ولكن من حيث المبدأ فأن الرجل سجل اسمه في سجل الافذاذ فأدب الاستقالة عندنا من الندور فكم من مسئول يرتكب الخطايا والاثام وتنشرها الصحف وتلوكها الالسن ولكن يظل المسئول يتشبث بالكرسي لا يتزحزح عنه فالمسئول عندنا لا يترك الكرسي الآ بالوفاة او الاقالة ، فاستشعار رئيس المحكمة للمسئولية وحفاظاً علي سمعة المحكمة الدستورية وابعادها عن التناول الاعلامي السلبي آثر الاستقالة وهذه محمدة وسنة ابتدعها الرجل في هذا الزمن العجيب ، نخشي ان يكون الرجل قد تعرض للضغوط من قبل النافذين في السلطة لدفعه للاستقالة اثر الاحكام الأخيرة، لم يفصح الرجل عن شي بل ذهب الي حال سبيله بوقار القاضي الذي عركته التجارب المتراكمة ,لا يبالي بالسهام التي انهالت عليه بالباطل ، كان يمكن ان يدافع عن نفسه بقوة وهو القانوني الضليع ويضع النقاط علي الحروف ولكن كمعظم القضاة العظام لايسره المدحة ولا يغمه المذمة.
الادهي والامر هو تدخل السلطة التشريعية في هذا الامر ومطالبتها بالغاء التحكيم هذه العنترية غابت عن مسائل كثيرة كانت جديرة بالسلطة التشريعية ان تشهر سيفها في مقاتلة ناهبي اموال الشعب بل قاتلي الشعب ولكنها اثرت الصمت المريب وهاهي اليوم تحشر نفسها في امر لا ناقة لها فيها ولا جمل ما علاقة المجلس الوطني بهذا التحكيم فالتحكيم عمل قضائي صرف وهنالك طرق حددها القانون للطعن في قرارت التحكيم كما وان التحكيم يتم برضا الاطراف ،فالاطراف هم الذين يلزمون انفسهم باللجوء الي التحكيم وهم الذين يختارون المحكمين فمن لم يرض من الاطراف بقرار التحكيم فعليه اللجوء الي القضاء العادي والذي يكون قراره نهائياً ونافذا ،فمن الجهل المطبق ان يحشر المجلس الوطني نفسه في هذا الأمر القضائي اليس فيكم رجل رشيد.
اما قضية التحكيم نفسها فمن الناحية الاجرائية سليمة ،الطرفان وافقا علي حل النزاع عن طريق التحكيم وقام كل طرف بتسمية محكمه ، واتفق الطرفان علي رئيس هيئة التحكيم وسارت الاجراءات بعد ذلك بطريقة قضائية محكمة ،ان كان هنالك خطأ جسيم فيتحمله الطرف المحتكم ضده (شركة السودان للاقطان) فهذه الشركة وفقاً للمستندات المشار اليها في قرار التحكيم قد وافقت علي التحكيم وانتدبت من يمثلها في التحكيم وتقدمت بمذكرات للهيئة وتم الرد عليها ثم التعقيب من جانبها ومن ثم اصدرت الهيئة قرارها في النقاط التي اثارتها الشركة. والغريب ان شركة الاقطان سجلت غيابا بعد ذلك بصوره تنم عن عدم المسئولية فبالرغم من الاعلانات المتكررة من هيئة التحكيم إلآ انها قد غضت الطرف تماماً عن الحضور فما كان من هيئة التحكيم إلآ الاستمرار في سماع الدعوي ……السؤل الذي يتبادر الي الذهن لماذا توقفت شركة الاقطان ومستشارها القانوني عن موالاة السير في دعوي التحكيم؟الم يعد هذا اهداراً للمال العام بتعمد عجيب :المبالغ المذكورة في الخلاف بين الطرفين مبالغ كبيرة وهي مال عام…. فمن المسئول عن هذا التقصير؟من الاحق بالاستقالة مسئولي هذه الشركة والمستشار القانوني التابع لوزارة العدل ام رئيس هيئة التحكيم وباي وجه تود الشركة ووزارة العدل الطعن في قرار التحكيم؟؟يجب علي الحكومة أن تقيم الدنيا ولا تقعدها في وجه وزارة العدل فهذا الاهمال الشنيع لا يمكن أن يمر هكذا ،ابتداء فمثل هذه القضايا الكبيرة لا يمكن ان يترك الامر للمستشار القانوني وحده لا سيما ان شركة الاقطان ظلت محل اتهام منذ مدة ولديها دعوي جنائية امام محكمه مختصة كان لا بد ان يكون الامر بين يدي الوزير منذ البداية قبل الموافقة علي التحكيم ،ففي راينا المتواضع ان الامر يعود للخلل في الشركة المحتكمة ضدها ومن وراءها وزارة العدل ممثلة في الادارة المدنية ،فعلي المجلس الوطني محاسبة الوزارة بدلا من توجيه الاتهام لرئيس المحكمة الدستورية
ونحن لا نملك الآ ان نتحسر علي ذهاب مولانا عبد الله احمد عبد الله وتقاعده المبكر وهو في اوج عطاءه ،فالدولة قد خسرت علماً من اعلامها القانونية …..ولا بواكي علي المحكمة الدستورية ،،اما وزارة العدل فتقع علي عاتقها محاسبة قوية لاجهزتها ولمستشاريها في هذا الاهمال المنكر .
بارود صندل رجب -المحامي.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الاستاذ بارود صندل ،، كأن مقالك هذا جاء متطابقا مع اسمك وليس فى ذلك ما يسىء لكم ،، اذ حمل مقالك كمية من البارود مع قليل من الصندل ،، لقد اسهبت فى مدح السيد رئيس المحكمة الدستوريةو تباكيت على ذهابه وشهدت له بالنزاهة فى نفس الوقت الذى صببت فيه بارودك على شركة الاقطان وعلى النائب العام لاهمالهما المتعمد فى ضياع اموال الشركة والتى هى بالتالى اموال الشعب باعتبارها شركة عامة ،،كيف لك ان تشيد بنزاهة رجل كانت اخر اعماله القضائية هى ترؤسه لهيئة تحكيم فى قضية ازكمت رائحتها النتنة انوف كل المهتمين بالشأن العام ،، ولم يقتصر الامر على ترؤسه لهذه الهيئة بل الادهى والامر انه حكم لشركة متكوت الشركة الخاصة ضد شركة الاقطان التى يملكها الشعب المغلوب – حكم لها ب مائة مليار جنيه ( ولم ينس ان يحدد اتعابه هو والعضوان الاخران بمليار لكل واحد منهم،، ولا يكفى بل ولا يليق ان يكون دفاعك عن رئيس المحكمة الدستورية مبنيا فقط على اتباع رئيس المحكمة المستقيل لكل الاجراءات القانونيةالسليمة فالقضية التى ختم بها حياته العملية ليست قضية حيازة لارض فى الصالحة مثلا ولم تكن نزاع حول مراح ابقار يعود لاحمد او حاج احمد ،، القضية قضية مال عام تائه بين شركتين الاولى مملوكة للشعب والاخرى مملوكة لاكبر ناهب لاموال الشعب ،، كيف رضى سعادة القاضى المبجل بان يزج بأسمه وبأسم المحكمة فى هذا الصراع الذى تدور الشبهات حول اطرافه كلها ابتداء من سبدرات ومرورا بعابدين وليس انتهاء بمحى الدين ،، كيف لنا ان نقبل – نحن الشعب السودانى صاحب المال المنهوب – سلامة الحكم الكارثة لمجرد ان ممثل شركة الاقطان او محاميها تغيب عن جلسات المحكمة ؟؟ ارجو ان لا تكون مهنتك كمحامى قد حجبت عنك انوار الحقيقة وجعلتك تنظر فقط للقضية من ناحية شكلية واجراءية فالقضية هنا قضية اخلاق ومواقف وليست قضية مواد واجراءات واهتبال فرصة تغيب المدعى عليه كما يحدث فى قضايا الايجار او النفقة او الحضانة ،،
    مهما كان اعجابك بالسيد رئيس المحكمة الدستورية المستقيل وتباكيك على ذهابه فاننا نقول لك بان المذكور قد انهى حياته العملية على سؤ الخاتمة المهنية والاخلاقية بل والدينية ،،

  2. ان تتغيب شركة الاقطان عن الحضور فهذا اتفاق لاهدار المال العام وتبرئة المفسدين وتعويضهم كمان !!! وهذا واضح منذ ان اخذت ملفات القضية من امام القاضي المختص بالنظر فيها وتأليف هذه المسرحية البايخة المسماة بالتحكيم

  3. يا رلااجل معقول كلامك ده؟ تضارب في المصالح و شبهة فساد و الشركتين لديهما شراكة؟ ده شغل يودي السجن و جريمة مكتملة الأركان

  4. 1/ بارود صندل كان قاضيا جيدا(ليس بفاسد) ولكنه ترك القضاء وقد تزامن ذلك مع مفاصلة الترابى البشير واتضح بعد ذلك انهقاضى مسيس ومن المقربين لشيخ الترابى (مؤتمر شعبى)
    2/ شهد شيخك الترابى يا بارود في افتتاح دار الحزب الشيوعى بانه لا يوجد قضاء مستقل في بلادناالحبيبه وان القضاء يدار عسكريا(عبر مجموعه جلال الرطانى وجنود)(بارود كان مهمشا)
    3/ عبد الله احمد عبد الله كان رئيسا ضعيفا للجهاز القضائى الخرطوم وكان مطيعاجدا لجلال وجنوده المخلصين عندما كان بارود قاضياجزئيابمحكمة الخرطوم الجزئية ولعل القاض السابق بارود يعلم ذلك جيدا.
    4/ قال عبد الوهاب بوب المحامى فى تعليق على المحكمة الدستورية بمناسبة فسادها في بعض القضايا التى تضرر منها بعض ورثة الشيخ مصطفى الامين(يطول شرحها) بانها نبت شيطانى .
    5/ اتق الله يا بارود ولا تحاول طمس الحقائق بعد عودة شيخك الشيطان الذى دمر السودان وقتل اهلنا في دارفور فقد كانت كتاباتك جيدة قبل ذلك.

  5. المحكمة الدستورية تشطب الطعن ضد الرقابة القبلية على الصحف

    الخرطوم (smc)
    قررت المحكمة الدستورية برئاسة مولانا عبدالله الأمين البشير شطب الطعن المقدم ضد جهاز الأمن والمخابرات الوطني حول فرض الرقابة المسبقة على النشر في مواد مختلفة بالصحف.

    وذكرت المحكمة في حيثيات القرار ان السوابق أثبتت أنه بمقدور الحكومة ان تضع قيوداً على حرية التعبير إذا اقتضت الظروف ذلك .مشيرةً إلى أنه لا يتصور أحد ان يسمح بنشر مادة تدعو إلى عدم احترام المعتقدات الدينية أو الإساءة للمقدسات دون عقاب.

    وأوضح قرار المحكمة ان الفصل في التظلم من القرارات يكون في إطار تطبيق القانون من اختصاص القضاء القومي على ان الشفافية والدقة في قضية ممارسة الحريات مسؤولية مشتركة بين الاستحقاق وضبط ممارسة الاستحقاق.

    ** ثلاثة (3) مليارات أتعاب العصابة.. ( عبدالله أحمد عبدالله ـ سبدرات ـ وزمراوي ).. نالك منهم رزاز ولا شنو يا بارود ..!!؟؟… ياتوا يوم المحكمة الدستورية ما كانت تحت أمر السلطة التنفيذية .. وكل قضاتها كانوا تحت أمرك يا فندم .. وتحت أرجل السفاح .. بطل كسير تلج ..

  6. يا اخ صندل نحت ليس قانونيين لكن من البديهيات ان لا يقوم قاضي في هذا الوضع الحساس يهذا التصرف المشين من وجهة نظري وبعدين زولك دا جاء للمحكمة كما قراءنا في مقال القاضي حمدنالله في كوتت الشرق وخلفيته الدستورية ضعيفة وان كانت قوية لما قام بهذا السلوك

  7. مولانا بارود تشوف الفيل وتطعن فى ظله .. ونتمني أن تسمي الاشياء بأسمائها .. يجب أن يستقيل المسئول الاول عن العدل فى هذا البلادوهو السيد محمد بشاره دوسه .. هذا الرجل الذي يقول فى صحف اليوم أنه مورس عليه ضغوط لذلك ترك الامر علي ما هو عليه الان.. طيب أين الامانه ,وأين المصحف الذي قام بقسمه المغلظ امام ولي نعمته البشير .. ألا يتذكر الله يوم المحشر .. ولماذا لم يتقدم بأستقالته حتي يحلل نفسه يوم السؤال الاكبر.. هذه وغيرها يجب أن توجه للسيد محمد بشاره .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..